لا يمكن لأي سيناريو أن يُقسِّم الصين: قصة التِبْت ليست لهم ليروُها
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
ليانغا جون يان **
منذ العام الماضي، عُرض عددٌ من الأفلام الداعمة لما يُسمى "استقلال التِبْت" بشكل مُتتالٍ، ومن المُقرر عرض فيلمين منها خلال فترة مهرجان (كان) السينمائي لهذا العام في فرنسا، على الرغم من أنهما ليسا جزءًا من المهرجان نفسه.
يحاول الفيلمان تلميع صورة الدالاي لاما الرابع عشر، وتصوير ما يُسمى بـ"التِبْتيين في المنفى" بصورة مُتعاطفة.
لقد أظهرت الأدلة الأثرية والوثائقية منذ زمن طويل أنَّ التِبْت كانت جزءًا لا يتجزأ من الصين؛ ففي 23 مايو 1951، وقّعت الحكومة الشعبية المركزية والحكومة المحلية في التِبْت على "اتفاقية الإجراءات لتحرير التِبْت سلميًا". عُرفت الاتفاقية بـ"اتفاقية 17 بندًا"، وقد شكّلت علامة على التحرير السلمي للتِبْت. وفي 24 أكتوبر، أرسل الدالاي لاما الرابع عشر برقية إلى ماو تسي تونغ، رئيس الحكومة الشعبية المركزية وقتها، أعلن فيها علنًا أنه سيدعم ويُنفذ الاتفاقية.
لكن بعد عام 1957، تآمر الدالاي لاما الرابع عشر مع القوى الانفصالية في الطبقة العليا بالتِبْت لدعم توسيع التمرد من المناطق المحلية إلى تمرُّد مسلح شامل، ومزّق علنًا "اتفاقية 17 بندًا". وفي مارس 1959، وفي محاولة للحفاظ على نظام القنانة الإقطاعي في التِبْت، أطلقت القوى الرجعية في الطبقة العليا بالتِبْت تمردًا مسلحًا. فرّ الدالاي لاما الرابع عشر إلى الهند وأسس ما يسمى بـ"حكومة التِبْت في المنفى" غير القانونية، بهدف تقسيم الصين وتحقيق "استقلال التِبْت".
ومُنذ نفيه في عام 1959، تم تمويل جماعة الدالاي من قبل القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة للانخراط في قضية "استقلال التِبْت" لتقسيم البلاد. وعلى سبيل المثال، قدَّم صندوق التِبْت ومقره الولايات المتحدة، والذي يتم تمويله بشكل رئيسي من الحكومة الأمريكية، ملايين الدولارات سنويًا لجماعة الدالاي. وفي السنوات الأخيرة، أنفقت الحكومة الأمريكية عشرات الملايين من الدولارات سنويًا لدعم جماعة الدالاي.
وترتبط الأنشطة الانفصالية لجماعة الدالاي ارتباطًا وثيقًا باحتياجات الولايات المتحدة والغرب المعادية للصين. فقد أصبحت جماعة الدالاي أداة للولايات المتحدة والغرب لاحتواء الصين. إن دعم الولايات المتحدة والغرب لجماعة الدالاي وتركيزهما على ما يسمى بـ"قضية التِبْت" ليس بدافع القلق على ثقافة التِبْت أو دينها أو حقوق الإنسان فيها؛ بل لأغراض سياسية معادية للصين تمامًا. لم يؤدِ دعم الولايات المتحدة للدالاي لاما إلى خلق انقسام بين الصين وما يسمى بـ"التِبْتيين في المنفى" فحسب؛ بل أيضًا إلى تقويض تحسين وتطوير العلاقات الصينية-الأمريكية.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح المزيد والمزيد من أبناء التِبْت في الخارج يكرهون الأنشطة الانفصالية. إما أنهم ينأون بأنفسهم عن المجموعات الانفصالية أو يعودون إلى الصين لبذل قصارى جهدهم في بناء وطنهم. وفي الوقت نفسه، أصبح أولئك الذين يركزون فقط على الانفصالية كالفئران التي تطاردها الناس، محتقرين من قبل الشعب الصيني.
وفي 28 مارس 2025، أصدرت إدارة الإعلام بمجلس الدولة الصيني الورقة البيضاء بعنوان "حقوق الإنسان في التِبْت في العصر الجديد". وكما جاء فيها، فإن التِبْت اليوم تتمتع بالاستقرار السياسي، والوحدة العرقية، والتنمية الاقتصادية، والوئام الاجتماعي، والوئام بين الأديان المختلفة. بيئتها سليمة وشعبها يعيش حياة آمنة وسعيدة. يمثل هذا التقدم إنجازًا ملحوظًا في حماية حقوق الإنسان على الهضبة الثلجية.
حقوق الإنسان ليست مجرد مبادئ مجردة؛ بل تستند إلى التجارب الحياتية والعواطف الحقيقية للأفراد. في جوهرها، أعظم حقوق الإنسان هو القدرة على العيش بسعادة، وهو ما يتمتع به سكان التِبْت بوضوح. ترتسم ابتسامات الرضا اليوم على مُحيا أبناء جميع المجموعات العرقية في التِبْت، مثل أزهار الجالسانغ التي تُزهر على الهضبة. وتعكس هذه الابتسامات بشكل حقيقي شعورهم بالرفاهية والرضا والأمان، مما يبرز الحماية الواسعة لحقوق الإنسان التي يتمتعون بها.
إنَّ الأفلام الانفصالية، المليئة بالأكاذيب، عاجزةٌ أمام الحقائق الدامغة. ومن المُحتَّم أنه بغض النظر عن مدى تضخيم القوى الانفصالية للأمور، فإنها لن تؤثر على الوضع الاجتماعي المُستقر والمُتناغِم في التِبْت أو حالة السعادة والرفاهية التي يتمتع بها جميع شعوبها العرقية. وأخيرًا.. إنَّ الأنشطة التي تهدف إلى تقسيم الوطن محكومٌ عليها بالفشل.
** كاتبة صينية
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الغارديان: بإمكان ترامب وقف هذا الرعب في غزة وإلا فإن البديل لا يمكن تصوره
شددت صحيفة "الغارديان" البريطانية، على قدرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وقف ما وصفته بـ"الرعب" في قطاع غزة، مشيرة إلى أنه بإمكانه إجبار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إنهاء الحرب.
وقال الصحيفة البريطانية في افتتاحية لها، الأحد، إن "ترامب يرغب في إنجاز مكسب كبير في السياسة الخارجية إذ يتأهب للقيام بجولته في الشرق الأوسط هذا الأسبوع. بالفعل، بإمكانه أن يضمن مكسباً – وينقذ الكثير من الأرواح – من خلال مطالبة إسرائيل بالموافقة على وقف إطلاق نار دائم مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة".
وأضافت الصحيفة أن "ترامب قد يفضل تجنب الموضوع، ولكن لا يوجد زعيم آخر بيده القدرة على إجبار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إنهاء هذه الحرب. أما فيما لو قام السيد ترامب، بدلا من ذلك، بدعم المقترحات الإسرائيلية الحالية، فإنه سوف يضع ختم الولايات المتحدة على ما يبدو أنها خطة للتدمير الشامل".
وأشارت الصحيفة إلى محصلة الضحايا الكبيرة في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي، لافتا إلى أن "المخابز والمستشفيات والمدارس دمرت تماما، وحيل بين المساعدات والدخول إلى غزة لما يقرب من شهرين. والآن تواجه غزة المجاعة".
وقال وزير المالية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، المتطرف بتسلئيل سموتريتش، إن غزة سوف "تدمر عن بكرة أبيه ولسوف يدرك الفلسطينيون الذين تملكهم اليأس تماماً أنه لا يوجد أمل". بل قال إن "تحرير الرهائن ليس هو الشيء الأهم".
من جهته، قال جوزيف بوريل، المسؤول السابق للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي: "يندر أن تسمع زعيم دولة يتحدث بكل وضوح عن تنفيذ خطة ينطبق عليها التعريف القانوني للإبادة الجماعية"
وقالت الصحيفة البريطانية إن الحديث العلني والصريح عن التدمير التام لغزة، والسعي لإخلاء سكانها منها كهدف بدلاً من أن يكون ذلك أحد تداعيات الحرب، وتدمير وسائل الحفاظ على الحياة، لا يبدو أنه مجرد عمل وحشي وإنما مشروع إبادة عن عمد.
وكانت كل من مصر والأردن رفضتا استقبال اللاجئين الفلسطينيين، وقالتا إنهما لو قبلتا بذلك فسوف تكونان متواطئتين في ارتكاب جرائم حرب، وفقا للصحيفة.
وأشارت الافتتاحية إلى أن "الأدلة القانونية تؤكد بشكل لا لبس فيه وقوع عملية إبادة جماعية. كانت واشنطن خلال العقد المنصرم قد أعلنت وقوع إبادة جماعية أربع مرات – في العراق وسوريا، وفي ماينمار، وفي زينجانغ في الصين، وفي السودان – دون انتظار أن يصدر حكم عن القضاة في ذلك".
وأضافت الصحيفة أن "القانون الدولي يتحرك ببطء، والموقعون على المعاهدة، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، مطلوب منهم ليس فقط معاقبة من يرتكب الإبادة الجماعية بل والتدخل لمنعها. أما محكمة الرأي العام فقد أصدرت حكمها".
وأشارت الصحيفة إلى أن "كثيرا ما يزعم أنصار إسرائيل إنه يتم إخضاعها لمعيار غير منصف. ولكن إسرائيل تتمتع بالحماية الدولية ليس فقط بسبب تاريخ المحرقة، وإنما أيضاً لأنها دولة ديمقراطية ولأنها حليف غربي. كما أنها تمكّن من القيام بأفعالها بفضل ما تحصل عليه من مساعدة عسكرية هائلة وغطاء سياسي كبير من الولايات المتحدة. والآن، ها هي تخطط لغزة بدون فلسطينيين".
وتساءلت الصحيفة "ماذا يمكن اعتبار ذلك إن لم يكن إبادة جماعية؟ فمتى تتصرف الولايات المتحدة وحلفاؤها لوقف هذا الرعب، إن لم يكن الآن؟".
وشددت في ختام افتتاحيتها على أن "الذي جرأ الحكومة الإسرائيلية على المضي فيما ترتكبه هو عدم مبالاة السيد ترامب بأرواح الفلسطينيين واهتمامه بنقلهم إلى مكان آخر من أجل تحويل غزة إلى ريفيرا الشرق الأوسط. ومع ذلك لم يزل بإمكانه استخدام القوة التي لا يملكها سواه لوقف الإبادة. إن هذه هي فرصته لصناعة التاريخ في الشرق الأوسط، ولغايات سوية".