مسقط تحتضن برنامجًا يعزز الوعي بقضايا كبار السن
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
نظّمت وزارة التنمية الاجتماعية ممثلة بالمديرية العامة للتنمية الاجتماعية بمحافظة مسقط، وبالتعاون مع المتحف الوطني صباح اليوم البرنامج التوعوي حول قضايا كبار السن، بحضور عدد من المعنيين وطلبة المدارس.
ويهدف البرنامج إلى تسليط الضوء على قضايا كبار السن واحتياجاتهم، وترسيخ قيم الاحترام والرعاية في نفوس الطلبة، وتعزيز الوعي المجتمعي وتعميق روح المسؤولية لدى الأجيال الناشئة.
استُهل البرنامج بكلمة افتتاحية ألقاها سالم بن مبارك الهنائي، رئيس قسم الشراكة وتنمية المجتمع بدائرة التنمية الاجتماعية بمسقط، حيث أكد فيها على أهمية الشراكة المجتمعية وتكامل الأدوار للارتقاء بالخدمات المقدمة لكبار السن وتعزيز مكانتهم في المجتمع.
وتضمّن البرنامج تقديم 4 أوراق عمل علمية، تناولت جوانب متعددة تتعلق بقضايا كبار السن. قدّم الورقة الأولى سيف بن عبود الصوافي، المرشد الديني بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، حيث تطرق إلى الجوانب الدينية والاجتماعية في التعامل مع كبار السن، ومكانة كبار السن في الإسلام، والحقوق والواجبات الدينية تجاههم .
أما الورقة الثانية فقد قدّمتها عهود بنت أحمد السعدية، رئيسة قسم البرامج والمعايير بدائرة شؤون كبار السن بوزارة التنمية الاجتماعية، واستعرضت خلالها البرامج والخدمات التي تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية لرعاية كبار السن.
فيما قدّمت عائشة بنت راشد المفرجية، الممرضة المتخصصة بصحة المجتمع بالمديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة مسقط، الورقة العلمية الثالثة التي تناولت الجوانب الصحية والتحديات التي تواجه كبار السن في المجال الصحي، كما عرفت ببرنامج الرعاية التمريضية لصحة المجتمع والخدمات التي يقدمها، وتطرقت إلى الإنجازات التي حققها البرنامج في مجال رعاية كبار السن.
واختُتمت الجلسات العلمية بالورقة الرابعة التي قدّمتها الفاضلة جوخة بنت محمد الفارسية، رئيسة جمعية إحسان، والتي سلطت الضوء على جهود الجمعية ومبادراتها في دعم قضايا كبار السن.
يُذكر أن هذا البرنامج يأتي ضمن جهود وزارة التنمية الاجتماعية لتعزيز الوعي العام وتطوير الخدمات المقدمة لكبار السن، بالتعاون مع مختلف المؤسسات الحكومية والمجتمعية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التنمیة الاجتماعیة کبار السن
إقرأ أيضاً:
الثقافة الاستهلاكية بين الوعي المجتمعي والنمط السلوكي
يعد التوازن في الاستهلاك غاية يسعى الفرد إلى تحقيقه عبر عدة سلوكيات وممارسات يومية منها تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التوازن في الاستهلاك وانتهاج نمط سلوكي استهلاكي كفؤ لتكريس الثقافة الاستهلاكية الفاعلة من خلال التوجه نحو ثقافة الاحتياج في الشراء بدلا من ثقافة الشراهة في إشباع الرغبات أثناء الشراء، وارتياد الأسواق والمحال التجارية لن تتحقق إلا بنية صادقة نابعة من الفرد وتخطيط فاعل وتنفيذ محكم، إلا أن عامل الارتباط الوثيق بين الاستهلاك من جهة ونمط الحياة المتمثل بالعادات والتقاليد من جهة أخرى بات يمثّل تحديا لكثير من الأسر لتبني ثقافة استهلاكية فاعلة، ما أربك المساعي لتحقيق التوازن بين ارتفاع مستوى الإنفاق الاستهلاكي للأفراد كثيرا وبين الاستهلاك المبني على توجهات استثمارية وعوائد اقتصادية على مستوى الفرد والمجتمع والاقتصاد عموما، مما يتطلب جهودا أكبر لتوجيه أفراد المجتمع في غرس ثقافة الإنفاق بهدف الاستثمار من خلال الاشتغال على تفعيل أدوات الاقتصاد السلوكي لتحقيق هيكل اجتماعي مبني على الاستهلاك المستدام.
رغم أن ارتفاع الإنفاق عموما مؤشر إيجابي على مستوى الازدهار الاقتصادي والسعادة والقبول الاجتماعي، إلا أن اختلال التوان بين الاستهلاك والإيفاء بمتطلبات الحياة الاجتماعية اليومية أوجد أنماطا استهلاكية غير صحية أدت إلى التأثير على الهيكل الاجتماعي من حيث التوجه نحو اقتناء الكماليات أكثر مقارنة بالاحتياجات.
وحيث إنَّ النشاط الاقتصادي ربما يقود إلى نمو اقتصادي إلا أنه لا يضمن وجود ثقافة استهلاكية صحيحة لدى أفراد المجتمع؛ لأنه يعكس مستوى الازدهار الاقتصادي الناتج عن مستوى الإنتاج والاستهلاك، وأرى أنه من الجيد الاشتغال على دراسة أثر التوجهات الاجتماعية مثل المناسبات الاجتماعية التي تستنزف الأموال وتثقل كاهل الأسر في ديمومة الرفاه الاجتماعي للأفراد رغم المساعي لرفعه عبر استحداث منافع اجتماعية مادية داعمة، مع الوضع في الحسبان بعض العوامل المؤثرة على استقراء الرفاه الاجتماعي مثل مستوى الإنتاج المعرفي غير المادي والحاجة إليه من خلال تأطير العلاقة بين الاستهلاك والرفاه الاجتماعي عبر الاهتمام بوضع آليات متسقة للاستهلاك والإنتاج المادي وغير المادي.
انتشر في الآونة الأخيرة مفهوم الاستهلاك الترفيهي وهو أحد أنواع الإقبال على شراء الكماليات لكنه بشراهة مرتفعة، ويؤدي إلى إنهاك المحفظة المالية للأسرة مما يعرضها للإفلاس أو مواجهة تحديات مالية لسنوات قادمة. وبلا شك سيؤثر على الجيل القادم من ناحية ضعف الأساس المالي لوضع خطط استثمارية وتنمية الأموال، ومن ناحية أخرى أن الجيل القادم ربما ينتهج نفس الأسلوب في الاستهلاك الترفيهي مقتديا بالسلوك المجتمعي للجيل الحالي، وبالتالي ليس غريبا أن تتحوّل ممارسة دائمة ما لم يتم وضع حدٍ للاستهلاك الترفيهي.
في سلطنة عُمان يبدو أن الوعي المجتمعي بأهمية الثقافة الاستهلاكية بدأ يرتفع منذ سنوات مع إدراك المجتمع بالمتغيرات المحيطة به؛ خصوصا مع التحديات المالية التي تفرضها الأزمات العالمية وتحدث صدمة اقتصادية مفاجئة، مما شجّع الأفراد على إعادة النظر في التخطيط المالي من خلال إعطاء أولوية الشراء من المتاجر للمواد الأساسية الضرورية، مع الانتباه لإعلانات المشاهير في وسائل التواصل الاجتماعي من تسببها في إرباك أنماط المستهلكين، فيؤدي ذلك إلى شراء الأفراد لسلع لا يحتاجون إليها رغم ارتفاع أسعارها، وأرى من الجيد الانتباه لهذا السلوك المجتمعي من خلال تكثيف الحملات التوعوية عبر مؤسسات المجتمع المدني وعبر تنظيم حملات توعوية في وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى الاستفادة من الفاعلين والمؤثرين في المنصات الإلكترونية لتوجيه الرأي العام نحو الاعتدال والتوازن في الشراء والتسوق؛ خصوصا في مختلف المناسبات والفعاليات المجتمعية مثل الأعياد والأعراس واللقاءات المجتمعية وغيرها من المناسبات.
في رأيي نحن بحاجة إلى ابتكار طرق وأساليب جديدة للتعامل مع عدم الموازنة بين الاستهلاك والإنفاق مع الإبقاء على الجهود الحالية المتمثلة بتعزيز الوعي المجتمعي بالثقافة الاستهلاكية المؤدية إلى أنماط سلوكية كفؤة تضمن استدامة الاستهلاك والإنفاق، بحيث يتم الاستفادة من مبادرات الاقتصاد السلوكي والجهود الحكومية والمجتمعية التوعوية كمدخلين اثنين في معالجة عدم التوازن بين الإنفاق والاستهلاك، أيضا هناك فهم مغلوط لدى أفراد المجتمع بشأن أهميته وإدارته حيث يعتقد كثير من الأشخاص بأن المال وسيلة للإنفاق فقط، بينما توجد أكثر من جانب للاستفادة من المال مثل الاستثمار، ودعم جهود التنمية بمختلف أنواعها لا سيما الاقتصادية والعمرانية والاجتماعية والثقافية والسياحية؛ لذلك من المهم أن توجّه الجهود نحو التوعية بخطورة الإسراف والبذخ ومآلات ذلك على مستقبل الفرد وأهمية الإنفاق المستدام المبنى على استهلاك وفق الحاجة بعيدا عن الإفراط في التسوق غير المدروس؛ لنصل إلى غرس ثقافة استهلاكية بنمط سلوكي صحيح ووعي مجتمعي راسخ.
راشد بن عبدالله بن محمد الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي