أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان -اليوم الجمعة- تنحيه مؤقتا مع اقتراب انتهاء تحقيق يجريه محققون من الأمم المتحدة في اتهامات بسوء السلوك الجنسي.

ولا توجد سابقة لهذه الخطوة، في وضع يفاقم حالة الغموض التي تعيشها المحكمة الجنائية الدولية التي تواجه بالفعل أزمة وجودية بسبب العقوبات الأميركية بعد مذكرات اعتقال أصدرتها بحق مسؤولين إسرائيليين.

وقال مكتب خان إنه أخذ إجازة حتى انتهاء التحقيق الذي يجريه مكتب خدمات الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة.

ونفى خان مزاعم سوء السلوك التي تم التقدم بها في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي لمكتب جمعية الدول الأطراف، وهي الهيئة الرقابية الإدارية والتشريعية للمحكمة.

وفي رسالة إلى موظفيه، قال المدعي العام إنه يضع منصبه قيد المراجعة المستمرة. وأضاف "في ضوء التقارير الإعلامية المتزايدة، اتخذت قرارا مدروسا بالحصول على إجازة".

وأوضح "قراري مدفوع بالتزام عميق وثابت بمصداقية مكتبنا والمحكمة، ولضمان نزاهة العملية والإنصاف لجميع من يشملهم الأمر".

وكان خان تجاهل في السابق دعوات المنظمات غير الحكومية وموظفي المحكمة الجنائية الدولية للتنحي أثناء سير التحقيق.

إعلان إشادة بالتنحي

وأشادت بعض هذه المنظمات غير الحكومية اليوم الجمعة بقراره التنحي مؤقتا، معتبرة أنه دليل على أنه لا أحد فوق القانون.

وقالت دانيا شايكل من الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان "إن التنحي يسهم في حماية مصداقية المحكمة وثقة الضحايا والموظفين والجمهور. وبالنسبة لمن يعتقد أنهم ضحايا وللمبلغين عن المخالفات، تعد هذه أيضا لحظة تقدير وكرامة".

وقال آخرون إن تعليق عمل خان لن يُعرقل تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية، لأن مكتب المدعي العام ليس عملا فرديا.

وتجري تحقيقات عالية المستوى في احتمال وقوع جرائم حرب في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة وفي الحرب الروسية على أوكرانيا.

وبناء على طلب خان، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للاشتباه في ترحيله أطفالا من أوكرانيا، وبحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للاشتباه في ارتكابه جرائم حرب في غزة. وكلا البلدين ليس عضوا في المحكمة، وينفي كلاهما هذه الاتهامات ويدفعان بعدم اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

ودفع تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في سلوك إسرائيل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى فرض عقوبات على خان، يقول رئيس المحكمة الجنائية الدولية إنها تعرض المحكمة نفسها للخطر.

وقالت مصادر اشترطت عدم ذكرها بالاسم لوكالة رويترز إن خان تحدث إلى محققي الأمم المتحدة الأسبوع الماضي في ما يُعتقد أنها المقابلة الأخيرة من تحقيق خارجي بدأ في ديسمبر/كانون الأول.

ولم يتضح بعد موعد انتهاء التحقيق.

وقال مكتب خان إن نائبي المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية سيتوليان مهامه في هذه الأثناء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المحکمة الجنائیة الدولیة المدعی العام

إقرأ أيضاً:

تهديدات أمريكية تجبر محاميا بريطانيا على الاستقالة من الجنائية الدولية

استقال المسؤول في محكمة الجنائية الدولية أندرو كايلي، بسبب التهديدات الأمريكية بفرض العقوبات عليه، على خلفية التحقيق حول الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، بعد أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وجاء في تقرير نشرته صحيفة "أوبزيرفر" أن كايلي الذي أشرف على التحقيق في "إسرائيل" وحماس، بدأ وهو يجمع الشهادات حول أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بتلقي مكالمات هاتفية تهدده.

وكشفت الصحيفة أنها جلست مع المحامي البريطاني كايلي بعد أسبوع واحد فقط من مغادرته المحكمة الجنائية الدولية، ولم يمضِ على عودته إلى لندن سوى بضعة أيام، ومن الواضح أنه لا يزال يعاني من آثار تجربته.


وأشرف كايلي على التحقيق في جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبتها "إسرائيل" وحماس لصالح المحكمة الجنائية الدولية، وهي قضية شكلت تحديا خطيرا للمحكمة الدائمة الوحيدة لجرائم الحرب في العالم.

وقد جاء ذلك بتكلفة شخصية لكايلي، البالغ من العمر الآن 61 عاما، قائلا: "لقد كانت أسوأ أشهر قليلة في حياتي".

ففي أوائل عام 2024 عندما تلقى مكالمة وعرضا للعمل في المحكمة الجنائية الدولية، كان يعلم أن الأمر سيكون صعبا، لكن فرصة قيادة التحقيق في فلسطين، مع المحامية الأمريكية بريندا هوليس، كانت مغرية بالنسبة له.

ومنذ البداية، كان من الواضح أن القضية القانونية لن تكون سهلة، نظرا لأن "إسرائيل" ليست دولة موقعة على المحكمة ولا تقبل اختصاصها القضائي، في حين أن ساستها معادون للمحكمة الجنائية الدولية علنا. لكن فلسطين عضو، وبالتالي فإن للمحكمة "اختصاصا قضائيا على الجرائم التي يرتكبها مواطنوها وعلى أراضيها".

وذكر كايلي في التقرير: "قالوا إنهم كانوا بحاجة إلى وضع أجهزة إنذار على جميع النوافذ، وأني بحاجة إلى باب مقوى مضاد للرصاص"، مضيفا أن العمل كان "عاطفيا شاقا وتضمن جمع الأدلة وشهادات الناجين من الأسرى الإسرائيليين الذين قضوا شهورا في أنفاق تحت الأرض ومشاهدة مقاطع فيديو عن عملية الهجوم".

وأوضح: "كانت الضغوط هائلة"، وبعض هذه الضغوط كانت داخلية: "السرعة، كان لا بد من إنجاز الأمور بسرعة كبيرة"، لكن معظمها كان خارجيا.

وعندما أصبح من الواضح أن المدعي العام الرئيسي، كريم خان، ينوي المضي قدما في طلبه بإصدار مذكرة توقيف بحق بنيامين نتنياهو، تصاعد هذا الضغط، وفي أيار/ مايو 2024، رتبت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين اجتماعا افتراضيا مع كبار أعضاء المحكمة الجنائية الدولية لمناقشة قضية فلسطين.

وأوضح: "كان السياسيون في الولايات المتحدة يهددون بالفعل بالانتقام من المحكمة إذا مضت قدما في أوامر الاعتقال ضد إسرائيل"، قائلا إن السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، وهو مؤيد قوي لـ"إسرائيل"، "كان يصرخ في وجوهنا".

وأضاف: "أكد لي موظفون آخرون في المحكمة الجنائية الدولية حضروا ذلك الاجتماع أن غراهام كان يهددهم بمواجهة عقوبات وبإغلاق المحكمة"، حيث يقول كايلي: "أجل، كان الأمر سيئا".

وسألت الصحفية المحامي المستقيل عما كان يدور في رأسه؟ وجاء رده: "فكرت، حسنا، علينا أن نفعل الصواب، لكن الولايات المتحدة تمارس هذه السلطة الهائلة. كان الأمر مخيفا، لأكون صريحا، لقد حذرنا مسبقا".

لكن كايلي لم يدرك خطورة الوضع إلا عندما ظهر خان، ظهر على شبكة سي إن إن ذلك الشهر قائلا إنه طلب من قضاة استصدار مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير الحرب السابق يواف غالانت وثلاثة من قادة من حماس.


وبدأ كايلي يتلقى مكالمات هاتفية مجهولة المصدر تحمل تهديدات، تقول: "أنت في وضع خطير للغاية".

وفي الصيف الماضي، حضرت الشرطة وأجهزة الأمن الهولندية إلى المحكمة لتحذيرهم من أنه في خطر كبير. ويتذكر قائلا: "قالوا إننا بحاجة إلى إلقاء نظرة على شقتي، وتركيب أجهزة إنذار على جميع النوافذ وقضبان على النوافذ العلوية وباب معزز مضاد للرصاص. كان الأمر مرعبا للغاية".

وإلى جانب الخطر الجسدي، كانت هناك التهديدات بفرض عقوبات، كان هناك التهديد الدائم بالعقوبات. كانت الولايات المتحدة واضحة منذ البداية بأنه في حال صدور مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، فإن فرض عقوبات على المحكمة سيكون احتمالا جديا.

وكان ذلك ليشكل كارثة بالنسبة لكايلي، فطليقته أمريكية، وجميع أبنائه الأربعة يعيشون في الولايات المتحدة، اثنان منهم لا يزالان يدرسان بدوام كامل ويحتاجان إلى دعمه المالي.

وكانت العقوبات ستمنعه من زيارتهم أو إرسال الأموال، ومن المرجح أن ذلك سيؤثر على قدرته على العمل في بريطانيا أيضا. وأضاف كايلي: "معظم البنوك تلتزم، وأنت تتعامل كثيرا مع الولايات المتحدة ولا تريد أن تخرق القانون الفيدرالي. وعليك حينها تفعيل كل خوارزميات تجميد كل الحسابات، أي معاقبة الأفراد"، وهو تلقى نصائح بتحويل أمواله إلى حسابات شقيقته.

وبحلول الخريف الماضي، كانت الضغوط تتزايد عليه بشكل أثرت على صحته، كاشفا: "لم أكن في وضع صحي جيد".

وفي النهاية، لم يكن أمامه خيار سوى الاستقالة من الوظيفة التي أحبها، ولكنه ترك وراءه زملاء عرضة للمخاطر. وقد امتدت العقوبات التي فرضها دونالد ترامب في الأسابيع القليلة الأولى من توليه منصبه لتشمل ما هو أبعد من خان لتشمل أربعة قضاة.

يقول كايلي إن ذلك يسبب ضغطا نفسيا على العاملين في المحكمة الجنائية الدولية. ويضيف: "أعلم أن عددا كبيرا منهم في إجازة مرضية من المحكمة. يمكنك أن تشعر بالقلق السائد هناك".

وهددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات إضافية إذا صدر أي إعلان مستقبلي عن أوامر اعتقال بحق وزراء إسرائيليين.

وتحقق المحكمة الجنائية الدولية في اتهامات بارتكاب جرائم حرب في الضفة الغربية. ويقول كايلي: "لا يزال هناك خوف من تلك [العقوبات]، وأعتقد أنه خوف حقيقي".

وأضاف كايلي: "أعتقد أن الولايات المتحدة تراقب ما يجري عن كثب". هناك أيضا احتمال حقيقي بأن تمتد تلك العقوبات الأمريكية لتشمل المؤسسة نفسها، مما قد يؤدي إلى تجميد جميع العقود مع الشركات الأمريكية، بما في ذلك البرامج التي تقدمها مايكروسوفت والتي تخزن قاعدة بيانات أدلة المحكمة. وانطلاقا من ذلك، تبحث المحكمة الجنائية الدولية عن مزودي برامج وخدمات مصرفية جدد.

ولم يتطرق كايلي إلى مزاعم الاعتداء الجنسي التي يواجهها خان، الذي يخضع لتحقيق داخلي بعد اتهامه بممارسة الجنس مع امرأة دون رضاها في مكتبه العام الماضي، وهو ما ينفيه.

واكتفى كايلي بالقول: "كل هذه الضغوط تثقل كاهل المحكمة. أعتقد أن المحكمة الجنائية الدولية تمر بفترة عصيبة للغاية، لكنها ستصمد".


ويظل كايلي، الذي عاد للعيش في لندن والعمل في مكتب محاماة تمبل جاردن، ثابتا على موقفه. فقط عندما يتحدث عن رسالته السامية وهي النضال من أجل العدالة الدولية، يشعر بالانفعال، ويحتاج إلى استراحة ليستجمع شتات نفسه.

وأوضح: "لا يزال هناك الكثير مما يجب فعله، وأحيانا أشعر بالإرهاق". ويصف كايلي "شعورا بالقهر يلازم العمل على قضايا جرائم الحرب".

وأكد أن "ما يحركه حقا ليس كل الرعب الذي شهده على مدى عقود.. في الواقع، أستطيع تحمل الدماء والفظاعة، وليس الحزن. لقد رأيت وسمعت الكثير من الحزن على مدار الثلاثين عاما الماضية. لا يمكنك تقبل هذه الأمور إذا كنت فردا من الجنس البشري. عليك أن تقاوم وتفعل الصواب، حتى لو كان ذلك بثمن".

مقالات مشابهة

  • للمرة الثانية.. الجنائية الدولية تتصدى لهجوم سيبراني
  • «الجنائية الدولية» تتعرض لهجوم إلكتروني
  • تجمع الأحزاب الليبية: وثيقة اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية تعد مساساً بالسيادة   
  • «تجمع الأحزاب الليبية» يدعو إلى تحقيق عاجل بشأن تضارب وثيقة المحكمة الجنائية الدولية وبيان السفارة الليبية في لاهاي
  • اعتقال ثلاثة إسرائيليين بتهمة التجسس لصالح إيران
  • استقالة مسؤول في المحكمة الجنائية الدولية تحت ضغوط أمريكية تعوق تحقيقات جرائم حرب غزة
  • تعلن محكمة الحالي الابتدائية م/ الحديده أن المدعي عليه أحمد داعي الحضور الى المحكمة
  • تعلن محكمة فرع العدين الابتدائية بأن على المدعي عليهما ريمان مسعد وأمل مارش الحضور إلى المحكمة
  • تهديدات أمريكية تجبر محاميا بريطانيا على الاستقالة من الجنائية الدولية
  • تعلن محكمة غرب الأمانه الابتدائية أن على المدعي عليهم عبدالله المقبلي واخرين الحضور الى المحكمة