بعد غياب دام 35 عامًا، عادت بغداد لاحتضان القمة العربية الرابعة والثلاثين في مشهد سياسي مختلف كليًا عن آخر قمة عربية استضافتها العاصمة العراقية في عام 1990. وبين قمة صاخبة انعقدت في ظل صدام حسين عشية الغزو العراقي للكويت، وقمة اليوم التي تتوسط أزمات فلسطين، السودان، وليبيا، تتبدل الوجوه، وتتغير الاصطفافات، فيما تبقى بغداد ساحة اختبار دائم لمدى تماسك النظام العربي.



أولاً ـ السياق الزمني والسياسي

قمة بغداد 1990: جاءت بعد انتهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية (1980-1988)، وفي خضم توترات اقتصادية عراقية وخلافات مع دول الخليج حول أسعار النفط والديون.

الحدث الأبرز لاحقًا، بعد شهرين فقط، اجتاح العراق الكويت، ما أدى إلى واحدة من أخطر الأزمات في تاريخ الجامعة العربية.

قمة بغداد 2025: تنعقد وسط عدوان إسرائيلي غير مسبوق على غزة، وأزمات متصاعدة في السودان وليبيا، وظلال الصراع الإقليمي مع إيران، في ظل متغيرات جيوسياسية عربية ودولية، وتراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية.

ثانيًا ـ الشخوص والقيادات

قمة 1990: الرئيس المضيف: صدام حسين، قائد قوي مثير للجدل، يسعى لقيادة العالم العربي بمزيج من القوة والهيمنة. وشهدت القمة مشاركة كاملة من القادة العرب، بمن فيهم زعماء الخليج. وسادت لغة المواجهة مع إسرائيل والغرب، ومطالبة العرب بموقف موحد في وجه "الهيمنة الدولية".

قمة 2025: رئيس الوزراء المضيف: محمد شياع السوداني، قائد توافقي يسعى لتقديم العراق كوسيط إقليمي، لا كقوة مهيمنة، والحضور العربي متباين، مع تمثيل متفاوت لبعض الدول، وغياب رؤساء عن بعضها، بسبب الانشغال الداخلي أو تحفظات سياسية. أما النبرة السياسية، فقد ساد فيها خطاب دبلوماسي، يدعو للتهدئة والحوار، مع تأكيد على دعم فلسطين دون قرارات حاسمة حتى الآن.

وبين القمتين تحوّل دور العراق من مركز قيادة سياسية صلبة في عهد صدام، إلى دور الوسيط والموازن في عهد السوداني، تغيرت هوية العراق العربي. فاليوم، بغداد تحاول أن تجمع لا أن تقود، أن تُصغي لا أن تملي.

في 1990، انقسم العرب حول غزو العراق للكويت، وفي 2025 ينقسمون حول سبل التعامل مع إيران، إسرائيل، وحتى مع بعضهم البعض. التحديات تتغير، لكن الانقسام يبقى ثابتًا.

فلسطين.. من أولوية إلى أزمة منسية؟

في قمة 1990، حضرت فلسطين بشعارات كبيرة، لكنها ضاعت في دخان حرب الخليج. وفي قمة 2025، ورغم المجازر في غزة، لا يزال الرد العربي دون التوقعات الشعبية، ما يفتح باب الشك في فعالية النظام العربي الرسمي.

من المواجهة إلى التهدئة

النبرة القومية التصادمية التي سادت قمة صدام عام 1990، تراجعت اليوم لصالح دبلوماسية الحوار، وهو ما يعكس تبدل أدوات السياسة، لكنه يكشف أيضًا فقدان المشروع العربي الجامع.

بين بغداد صدام حسين وبغداد محمد شياع السوداني، مرّ أكثر من جيل عربي، تغيّرت فيه التحالفات والأولويات، لكن القضايا الكبرى ـ من فلسطين إلى وحدة الصف العربي ـ لا تزال تبحث عن إجابات. وتبقى بغداد، رغم جراحها، محطة تاريخية تكشف حجم التغير في المشهد العربي، بين زعامة فردية مفرطة بالأمس، ومحاولات دبلوماسية حذرة اليوم.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية العربية العراقية العراق عرب قمم مقارنة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

المياه النيابية: ضعف السوداني وحكومته وراء شحة المياه في العراق

آخر تحديث: 3 يوليوز 2025 - 9:15 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- قال عضو لجنة المياه النيابية، النائب ثائر الجبوري، الخميس، إن “الحديث عن إطلاق أكثر من 400 متر مكعب في الثانية من قبل أنقرة سُمع عبر وسائل الإعلام وبيانات بعض النواب، لكن حتى اللحظة لم تُرصد أي تغييرات فعلية في مناسيب المياه داخل الأراضي العراقية”.وأضاف الجبوري في حديث صحفي، أن “في حال صدقت هذه الزيادة، فإن نتائجها الأولية ستبدأ بالظهور خلال 24 إلى 48 ساعة”، مشيراً إلى أن “الإطلاقات الحالية من تركيا لا تمثل سوى 15% من الكميات المتفق عليها مع العراق خلال فصل الصيف، وهو ما يعكس حجم الكارثة التي تواجهها البلاد، خصوصاً في الجنوب ومناطق الفرات الأوسط”.وبيّن أن “أكثر من 70 منطقة مترامية دخلت فعلياً مرحلة الخطر الأحمر نتيجة شح المياه، وتدهورت الأوضاع في الأنهار الرئيسية والمتفرعة على حد سواء، ما ينذر بموسم زراعي هش ومخاطر بيئية متفاقمة”.وأوضح الجبوري أن “أزمة المياه لا تقتصر على تدفقات الأنهر فحسب، بل تتفاقم بسبب انحسار كبير في قدرات التخزين لدى السدود الرئيسية، والتي وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ عقود، ما يجعل الأمن المائي مهدداً بشكل غير مسبوق”.وختم بالقول: “إذا ما ثبتت نية أنقرة في الالتزام بإطلاقات مائية حقيقية وفق ما تم الإعلان عنه، فقد نكون أمام بداية حل جزئي لأزمة الجفاف، لكنه لن يكون كافياً ما لم ترافقه خطوات تفاوضية استراتيجية وضمانات دائمة لحصة العراق المائية”.ورغم عقد العديد من اللقاءات والمفاوضات الثنائية بين العراق وتركيا، إلا أن نتائجها غالباً ما تكون مؤقتة أو مرتبطة بظروف سياسية، دون التوصل إلى اتفاقية ملزمة بشأن الحصص المائية. وتزداد المشكلة تعقيداً مع غياب سياسة مائية وطنية متكاملة، وتراجع الاستثمارات في تحديث شبكات الري والزراعة، إضافة إلى الهدر الكبير في استخدام المياه.وتُعد مناطق الجنوب والفرات الأوسط الأكثر تضرراً، حيث بدأت تظهر تداعيات الجفاف بشكل واضح من خلال الهجرة القسرية للسكان، وانخفاض الإنتاج الزراعي، وتهديد مصادر مياه الشرب. يذكر ان إيران وتركيا السبب الرئيسي في شحة المياه جراء قطعه من قبل إيران صديقة محمد السوداني ووطن مرجعية السيستاني وحاضنة الحشد الشعبي وتخفيضه من قبل تركيا المستفيدة الأولى من طريق التنمية .ورغم ذلك يذهب السوداني إلى مكافئة إيران وتركيا في زيادة حجم صادراتهما للعراق وكذلك زيادم حجم استثماراتهما في البلاد خلافا للقوانين الدولية وعلاقات دول الجوار ، وكان الأولى بالحكومة رفع شكوى بذلك إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات العلاقة.

مقالات مشابهة

  • جدل بين العراقيين بعد قرار أمانة بغداد وقف أعمال أضخم مول بالبلاد
  • المياه النيابية: ضعف السوداني وحكومته وراء شحة المياه في العراق
  • جبهة تحرير فلسطين: الضربة اليمنية لمطار اللد نموذج للتضامن العربي المقاوم
  • ائتلاف المالكي:كرسي السوداني لا يصمد أمام زعل حزب بارزاني!
  • السوداني: سنواصل دعم النظام الإيراني وعدم إنهياره وإخراج القوات الأمريكية سيكون في 2026!
  • السوداني يعوّل على التجربة التركية في معالجة أزمة المياه المزمنة في العراق
  • السوداني يحذر من “الحسابات المتسرعة” لانهيار النظام الإيراني
  • بغداد في قلب العاصفة: اقتصاد تحت الضغط وأجواء مستباحة
  • تنفيذ غير مرخص.. أمانة بغداد توقف أعمال أضخم مول في العراق
  • امانة بغداد توضح الملابسات الحقيقية بشأن مول العراق