قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن خسائر الولايات المتحدة في حربها ضد جماعة الحوثي في اليمن بلغت 7 مليار دولار في إطار تأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

 

وأضافت الصحيفة في تقرير ترجمه للعربية "الموقع بوست" أن واشطن أهدرت سبعة مليار دولار في قصف بلد لم نستطع تحديد موقعه على الخريطة، ولم تنل من جماعة الحوثي بل زادتها قوة"، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزز سياسة جو بايدن الفاشلة.

 

وحسب التقرير فإن منظمة "أولويات الدفاع"، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن، بشكل معقول أن الولايات المتحدة أهدرت أكثر من 7 مليارات دولار على قصف اليمن على مدى ما يزيد قليلاً عن عامين، بين بايدن وترامب. ويبدو أن معظم هذا المبلغ قد أُنفق في عهد بايدن.

 

وافقت ليندا بيلمز، الخبيرة في جامعة هارفارد في تكلفة الصراع العسكري، على أن 7 مليارات دولار تقدير معقول عند تضمين تكلفة نشر حاملات الطائرات، وأجور القتال، وعوامل أخرى.

 

وقالت: "إنفاق الولايات المتحدة مقابل الحوثيين غير متكافئ. ننفق مليون دولار على الصواريخ للرد على طائرات الحوثيين المسيرة الإيرانية الصنع التي تتراوح أسعارها بين 200 و500 دولار".

 

وتطرق التقرير إلى فضيحة سيجنال التي أثارت موجة من الغضب بسبب الطريقة التي تبادل بها مسؤولو إدارة ترامب الرسائل النصية بشكل غير آمن حول الضربات العسكرية على اليمن. وقالت "لكن بالتعمق أكثر، نجد فضيحة أكبر".

 

وأضاف "إنها فضيحة تتعلق بسياسة فاشلة تُمكّن عدوًا للولايات المتحدة، وتُضعف أمننا، وستُودي بحياة آلاف الأشخاص. إنها فضيحة تُشوّه سمعة الرئيس جو بايدن أيضًا، لكنها تبلغ ذروتها في عهد الرئيس ترامب.

 

وحسب الصحيفة فإن المشاكل في العلاقات الدولية أكثر من الحلول، وهذا مثال كلاسيكي: نظام متطرف في اليمن كان يعيق التجارة الدولية، ولم يكن هناك حل سهل. ردّ بايدن بعام من الغارات الجوية على اليمن ضد الحوثيين، والتي استنزفت مليارات الدولارات لكنها لم تُحقق أي شيء واضح.

 

أسقط الحوثيون في غضون ستة أسابيع سبع طائرات مسيرة من طراز MQ-9 Reaper، كلفت كل منها حوالي 30 مليون دولار، وخسرت الولايات المتحدة طائرتين مقاتلتين من طراز F/A-18 Super Hornet، كل منهما 67 مليون دولار، وفق التقرير.

 

وتساءلت "نيويورك تايمز" ماذا حقق هذا المبلغ؟ أدى القصف الأمريكي إلى تدهور قدرات الحوثيين إلى حد ما، كما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 206 مدنيين في أبريل وحده، وفقًا لمشروع بيانات اليمن، وهي منظمة غير ربحية. كما أدت حملة القصف إلى تدهور القدرة العسكرية الأمريكية، حيث استنفدت الذخائر النادرة. على مدار أكثر من عامين بقليل، يبدو أن الحوثيين قد أسقطوا حوالي 7% من إجمالي مخزون أمريكا من طائرات MQ-9 Reaper المسيرة.

 

وأعلن ترامب في مارس أن حملة القصف ستؤدي إلى "إبادة كاملة" للحوثيين. لكنه تراجع هذا الشهر، معلنًا "توقفًا مؤقتًا" في العمليات الهجومية. لقد حفظ ماء وجهه بوعدٍ من الحوثيين بعدم استهداف السفن الأمريكية، لكن هذه لم تكن المشكلة الأساسية، فالغالبية العظمى من السفن في البحر الأحمر ليست أمريكية. أما الحوثيون، الذين شعروا بالنصر، وهو أمرٌ مفهوم، فقد أعلنوا النصر عبر وسم "اليمن يهزم أمريكا".

 

بالنظر إلى الماضي، تقول الصحيفة نجد أن ترامب قد عزز سياسة بايدن الفاشلة، لكنه أظهر أيضًا قدرةً أكبر من بايدن على تصحيح نفسه.

 

ونقلت الصحيفة عن غريغوري د. جونسن، الخبير في الشؤون اليمنية بمعهد دول الخليج العربية: قوله "من المرجح أن يُفيد قطع المساعدات الإنسانية عن اليمن الحوثيين أكثر فأكثر". "مع تفاقم الوضع الإنساني المروع أصلاً بسبب هذا الخفض، لن يكون أمام العائلات في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون خيار سوى الانضمام إلى الجماعة في محاولة يائسة للبقاء على قيد الحياة".

 

وأضاف جونسن أن النتيجة هي أن الحوثيين "سيعززون سلطتهم بشكل أكبر، مما سيجعل اقتلاعهم من السلطة أصعب لاحقًا". لم يقدم لنا اليمن خيارات جيدة قط. لكن في خياراتنا السيئة بشكل غير معتاد، أرى قصة تحذيرية عن تكلفة السياسة الخارجية المتعثرة، فقد كانت هذه هي النتيجة: مجاعة، وموت الفتيات والفتيان، وضعف الأمن الأمريكي، وانتصار لخصومنا، كل ذلك بتكلفة 7 مليارات دولار من ضرائبنا. إنها فضيحة بكل معنى الكلمة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أمريكا ترامب الحوثي حرب الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

ترامب و"تروث سوشال".. كيف أصبحت شؤون أمريكا والعالم تُدار عبر منصة خاصة؟

اعتمد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل متزايد على منصته الخاصة "تروث سوشال" لإدارة قرارات حاسمة تتعلق بالحروب والدبلوماسية. من التدخل في التوتر بين الهند وباكستان الى إعلان ضرب منشآت نووية في إيران، ورفع العقوبات عن سوريا وهدنة غزة. اعلان

في سابقة لم يشهدها التاريخ السياسي الحديث، يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد رسّخ أسلوبًا غير تقليدي في إدارة ملفات الحرب والدبلوماسية، مستعيضًا عن القنوات الرسمية والمؤسساتية بمنصته الخاصة للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال"، التي تحوّلت إلى منبر قرارات حاسمة تمس الأمن العالمي وتعيد رسم خرائط النفوذ الجيوسياسي.

بعيدًا عن غرف العمليات، وتقارير البنتاغون، وتحليلات الاستخبارات، يختار ترامب أن يصدر أبرز قراراته بشأن الحروب والعقوبات والتفاهمات الدولية عبر منشورات لا تتجاوز بضع كلمات. هذه الظاهرة الجديدة في الحُكم تعكس تحولًا جذريًا في كيفية قيادة "أقوى دولة في العالم"، حيث المنشور أكثر وقعًا من البيان الرئاسي، وأكثر تأثيرًا من المؤتمرات الصحفية.

هدنة غزة

أعلن ترامب، الأربعاء، عبر "تروث سوشال"، أن إسرائيل وافقت على شروط مقترح أميركي لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يومًا. وأضاف: "نأمل أن تقبل حركة حماس بهذا الاتفاق، لأن البديل سيكون أسوأ بكثير"، في إشارة واضحة إلى احتمال التصعيد إذا فشلت الجهود.

مرة أخرى، لم تصدر المبادرة عبر الخارجية الأميركية أو مبعوثي البيت الأبيض، بل جاءت مباشرة من "حساب الرئيس".

التدخل بين الهند وباكستان: منشور لوقف الحرب

في مايو المنصرم، حين كادت الأزمة بين الهند وباكستان أن تتحول إلى صراع نووي بعد اشتباكات حدودية، كتب ترامب منشورًا مباشرًا يقول فيه: "بعد ليلة طويلة من المحادثات بوساطة الولايات المتحدة، يسرني أن أعلن أن الهند وباكستان اتفقتا على وقف إطلاق نار كامل وفوري. أهنئ كلا البلدين على استخدام المنطق السليم والذكاء العالي. أشكركم على اهتمامكما بهذا الأمر".

منشور يعقب القصف

في 23 يونيو/حزيران الحالي، استخدم ترامب "تروث سوشال" ليعلن تفاصيل عملية عسكرية أميركية استهدفت المنشآت النووية الإيرانية.

رفع العقوبات عن سوريا

في آخر يونيو نفسه، وبينما كان العالم يراقب تطورات الملف السوري، فجّر ترامب مفاجأة حين أعلن عبر منصته رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وكتب: "آن الأوان للشعب السوري أن ينطلق نحو السلام والازدهار".

الإعلان لم يأتِ عبر وزارة الخزانة أو وزارة الخارجية، بل مباشرة من حساب الرئيس.

Relatedترامب يعلن موافقة إسرائيل على هدنة لمدة 60 يوماً في غزة.. والأنظار تتجه إلى موقف حماسفي ظلّ جدل واسع.. مجلس الشيوخ الأميركي يمرّر مشروع قانون ترامب للضرائبهل يسقط ترامب الجنسية الأمريكية عن زهران ممداني؟إدارة الأزمات من المنصة: ارتجال أم استراتيجية؟

تحوّلت منصة "تروث سوشال"، التي أطلقها ترامب عام 2021 بعد حظره من تويتر، إلى أداة فعل وتأثير سياسي حقيقي، وليس مجرد وسيلة تواصل. فبين إعلان التفاوض والإفصاح عن الضربات العسكرية، تُدار ملفات حساسة من خلال "ما يكتبه الرئيس" أكثر من "ما تُعلنه الإدارة".

لكنّ هذا النمط من القيادة يطرح تساؤلات جدّية حول غياب البنية المؤسساتية في صنع القرار. فالرئيس، في هذه الحالة، لا يكتفي بدور القائد الأعلى، بل يتجاوز المؤسسات، ويجعل من نفسه المتحدث والمنفذ والمُقرِّر.

يقول الخبير في الشؤون الأميركية، البروفيسور ريتشارد هاس، في مقال بصحيفة Foreign Affairs: "حين يُدار الأمن القومي عبر منشورات فورية غير مدققة، تصبح المؤسسات مُجرّد تابع لصوت الرئيس، وتذوب المسافة بين الرأي الشخصي وقرار الدولة".

منصة للرأي العام أم لصنع القرار؟

في الدول الديمقراطية، اعتُبرت وسائل التواصل الاجتماعي امتدادًا لصوت الناخبين والمجتمع المدني، لكن في "الحالة الترامبية"، تحوّلت إلى وسيلة لإدارة الدولة. فقرارات العقوبات، والضربات العسكرية، والوساطات الدبلوماسية، والتوجهات الاقتصادية تُعلَن أولًا عبر "تروث سوشال".

ظاهرة ترامب أم مستقبل الحكم؟

ما يقوم به ترامب قد يبدو للبعض فوضويًا أو غير مألوف، لكنه يفرض واقعًا جديدًا في العلاقة بين وسائل الإعلام وصانع القرار خصوصا في ظل التوجس الذي لطالما أظهره الرئيس الجمهوري تجاه السلطة الرابعة. فبينما يُنظر إلى هذه الظاهرة بوصفها امتدادًا لأسلوبه الشعبوي، فإنها أيضًا تكشف تحوّلاً عميقًا في أدوات ممارسة الحكم، وتعيد تعريف مفهوم "المؤسسة الرئاسية" في الولايات المتحدة.

فهل تصبح منصة "تروث سوشال" نموذجًا جديدًا للحكم الرئاسي في القرن الحالي؟ أم تبقى مجرّد ظاهرة عابرة تنتهي مع عهد ترامب؟ الإجابة ما زالت مفتوحة، لكن المؤكد أن السياسة العالمية في عرف سيد البيت الأبيض لم تعد تُصنع فقط في الغرف المغلقة، بل أيضًا أمام الكاميرات ومنصة تواصل خاصة.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • مجلس الأمن يشدد على حماية الملاحة ويتهم الحوثيين بعرقلة السلام في اليمن
  • ترامب و"تروث سوشال".. كيف أصبحت شؤون أمريكا والعالم تُدار عبر منصة خاصة؟
  • أنور قرقاش يعلق على تقرير نيويورك تايمز حول الحرب في السودان
  • قرقاش يرد على نيويورك تايمز: تدخلنا في السودان بطلب أممي
  • معهد أمريكي: الهدنة بين أمريكا والحوثيين.. منحت الأخيرين القوة وأضعفت الحكومة والانتقالي (ترجمة خاصة)
  • مؤسسة دولية: سقوط أكثر من 1100 ضحية مدنية على الحدود مع اليمن بقصف سعودي (ترجمة خاصة)
  • تقرير: 57 مليار دولار قيمة استثمارات جرى توفيرها في مصر
  • أكثر من مليار دولار قيمة استيرادات العراق من تركيا خلال الشهر الماضي
  • “نيويورك تايمز”: الإمارات ضالعة في حرب السودان وبن زايد سلح “الدعم السريع”
  • انخفاض أسعار الذهب إلى أدنى مستوياتها خلال أكثر من شهر