يمانيون|قراءة| محسن الجمال
إثني عشر ساعة فقط.. المدة التي عقدت واختتمت فيها فعاليات قمة جامعة الدول العربية في دورتها الرابعة والثلاثون المنعقدة أمس السبت 17 مايو 2025م في العاصمة العراقية بغداد، بحثت القمة قضايا المنطقة على الإعلام وكتبت مظلومية غزة على الورق حبرا بالأقلام.. وعبر شاشات القنوات الفضائية عرضت كلمات القمة، كان الجميع يشاهد استمرار نزيف حمام الدم في قطاع غزة وتتصاعد فيها ارتكاب الجرائم الوحشية بشكل يومي، حيث وصل عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 53,339 شهيداً جلهم من النساء والأطفال، بحسب آخر إحصائية أعلنها المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع المحاصر بتواطؤ دولي وتخاذل عربي، على خلاف الموقف اليمني الذي أجمع عليه العالم اليوم بأنه في الخط المتقدم لإسناد فلسطين وأن كفة اليمن أرجح.

قمة بغداد.. نكبة جديدة
منذ الساعة الأولى لانطلاقة القمة صباحا وإعلان مخرجات البيان الختامي مساءا وما بينهما لم يتوقف العدو الصهيوني في ارتكاب المجازر بغزة بمختلف أنواع الأسلحة الأمريكية المحرمة دوليا، فقد توجت مخرجاته بـ12 عنواناً كان من أبرز نقاطه “التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية كونها قضية الأمة وعصب الاستقرار في المنطقة، الذي اعتبره محللون حبر على ورق، وإعادة تدوير لكل مخرجات القمم العربية السابقة التي عقدت بشأن هذا الموضوع منذ عام النكبة 77 وحتى اليوم، لتضيف هذه القمة نكبة مشتركة جديدة للأمة العربية من جهة، ونكبة إضافية لمسلسل نكبات الخذلان للشعب الفلسطيني من جهة أخرى.

مخرجات القمة تفتح شهية العدو
ورغم أن هذه القمة العربية تعد هي الثالثة منذ معركة طوفان الأقصى في العام 2023، لكن لم يتجاوز سقفها بعبارات المناشدات والمطالبات، والتنديدات الهزيلة والضعيفة، حيث يرى محللون سياسيون بأن العدو الإسرائيلي والأمريكي يرى في مخرجاتها بمثابة حافزاً جديدا يفتح شهيته لبسط المزيد من السيطرة والاحتلال في المنطقة العربية، وتشجعه على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق أي دولة عربية وإسلامية، وأنها لا تشكل عليه أي مخاوف أو تهديدات حقيقية يحسب لها أي حساب، مقارنة بما هو حال الشعب اليمني قيادة وشعبا وجيشا الذي يقف بثبات وصلابة في إسناد غزة، بلا كلل ولا ملل ولا فتور، وتتعاظم قدراته وعملياته في عمق كيان العدو ملحقا بالعدو خسائر فادحة، منذ دخول اليمن على خط معركة الإسناد في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس.

البيان الختامي للقمة العربية الـ34 في بغداد

ضعف بيان قمة بغداد وقوة بيان صنعاء
مخرجات القمة المعلنة أظهرت من جديد عجز الدول والعربية والإسلامية وضعفها وهوانها في التحرك العملي لنصرة سكان غزة، وأن لا جدوائية وآمال تعلق عليها في تبني قضايا الأمة أيا كانت، مقارنة ببيان مسيرات “مع غزة.. لمواجهة جريمة الإبادة والتجويع” المليونية عصر الجمعة 16 مايو 2025م بالعاصمة صنعاء والمحافظات، اسناداً لغزة وثباتاً مع الشعب الفلسطيني، وكتفاً بكتف وجنبا إلى جنب نصرة للمستضعفين وجهادا في سبيل الله وابتغاء مرضاته، حيث حيا البيان مواقف الشعب الفلسطيني الخالدة في مواجهة غطرسة الكيان المحتل وأنهم بجهادهم وصبرهم يمنعون تكرار النكبة، مذكرا شعوب الأمة بالمسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية، وداعيا لهم إلى التحرك الحقيقي وتفعيل كل الطاقات للدفاع عن إخوانهم ومقدساتهم في فلسطين.

رسالة اليمنيين في ذكرى النكبة
وفي ذكر النكبة أكد بيان صنعاء أن الشعب الفلسطيني بمواقفه الخالدة يقف حجر عثرة أمام العدو الصهيوني ويحمي الأمة من تكرار النكبات بحق بلدان أخرى”، وأضاف: “نحن معكم وإلى جانبكم، لن تتكرر النكبة بل سيتحقق وعد الله المحتوم بزوال الكيان الظالم”.
وأكد البيان الصادر عن المسيرة المليونية بصنعاء، الاستمرار في الخروج الأسبوعي في مسيرات مليونية بلا كلل ولا ملل، نصرة ومساندة للشعب الفلسطيني المسلم المظلوم جهاداً في سبيل الله وابتغاء لمرضاته، واستمرارا في الموقف المحق والمشرف.
وخاطب الشعب الفلسطيني عامة وأهل غزة خاصة في ذكرى النكبة الكبرى بالقول “إنكم بجهادكم في سبيل الله، وصبركم، وثباتكم الذي لا مثيل له، واستمراركم في ذلك، فإنكم بكل ذلك تمنعون تكرار النكبة، وأنتم بهذه المواقف الخالدة تقفون حجر عثرة أمام العدو الصهيوني، وتحمون الأمة العربية والاسلامية من تكرار النكبات بحق بلدان أخرى، ونحن معكم وإلى جانبكم، وبتوكلنا على الله، وجهادنا في سبيله، لن تتكرر النكبة بإذن الله؛ بل سيتحقق وعد الله المحتوم بزوال الكيان الظالم، وظهور دين الله على الدين كله ولو كره الكافرون”.
وأضاف بيان مليونية صنعاء “نتشرف برد التحية والسلام وعهود الوفاء للإخوة في سرايا القدس ولكل المجاهدين الأعزاء الذين أهدوا لنا ولقائدنا التحية في عمليتهم الصاروخية الأخيرة ضد الكيان، وخصوا الحشود المليونية في ميدان السبعين وبقية الساحات، ونقول لكم: إن رسالتكم هذه أغلى ما يصلنا في هذه المعركة المقدسة، ولكم منا العهد والوعد بأننا سنبقى إلى جانبكم أوفياء لخط الجهاد والاستجابة لله، مهما كانت التحديات، متوكلين على الله ومعتمدين عليه وواثقين بنصره، والعاقبة للمتقين”.

بيان مسيرة مع غزة لمواجهة جريمة الإبادة والتجويع

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الشعب الفلسطینی

إقرأ أيضاً:

تفكك مجلس العمالة المعيّن في الرياض.. صراع النفوذ السعودي-الإماراتي يهدد الكيان السياسي للعدوان

يمانيون | تحليل
يشهد ما يُعرف بـ”مجلس القيادة الرئاسي” المعيَّن من قِبل تحالف العدوان على اليمن، تصدعات متسارعة تعكس أزمة داخلية عميقة، تضع مستقبله السياسي على المحك، وتكرس واقعه كأداة خارجية فاقدة للقرار والسيادة، لا كيان سياسي يعبر عن إرادة وطنية مستقلة.

تشكيل هذا المجلس في العاصمة السعودية الرياض في أبريل 2022، جاء تتويجًا لمسار سياسي مفروض من الخارج، هدفه إعادة ترتيب الأدوات المحلية بما يخدم مسار العدوان ويمنح غطاء سياسيًّا لتحالف الاحتلال.. إلا أن التطورات الأخيرة تُظهر أن هذا المجلس يعيش حالة من التشظي الداخلي، تجعله أقرب إلى هيئة صورية منه إلى سلطة فعلية.

من التباين السياسي إلى التراشق العلني
خلال الأيام الماضية، تصاعدت حدة الخلافات داخل المجلس، بعد هجوم علني شنّه المدعو طارق عفاش على رئيس المجلس رشاد العليمي، متهمًا إياه بالإقصاء والتفرد بالقرار.. هذا الهجوم ترافق مع ضجيج إعلامي لافت، يعكس خروج الخلافات من دائرة السر إلى العلن، في وقتٍ يعاني فيه المجلس من شلل مؤسسي نتيجة غياب التنسيق وانعدام الثقة بين أعضائه.

ورغم محاولات العليمي احتواء الأزمة، عبر خطاب أشار فيه إلى أن ما يجري هو “تنافس في إطار إدارة المعركة ضد الحوثيين”، إلا أن مراقبين اعتبروا ذلك محاولة لتجميل واقع مأزوم، لا يعكس سوى عمق الصراع على النفوذ بين المحورين السعودي والإماراتي داخل المجلس.

تدوير الرئاسة.. عنوان خلاف جديد
كشفت مصادر سياسية جنوبية مطلعة أن الخلافات توسعت لتصل إلى مطالبات صريحة بتدوير منصب رئاسة المجلس، بذريعة “إصلاح الاختلالات” و”تعزيز المشاركة”، في حين يرى مراقبون أن هذه الدعوات ما هي إلا انعكاس لمحاولة كل من السعودية والإمارات إعادة تقاسم النفوذ داخل المجلس وفقاً للمعطيات الجديدة، وبما يضمن لكل طرف ترسيخ أدواته المحلية بشكل أكبر.

الخطورة في هذا التوجه لا تكمن فقط في دلالته على عدم الاستقرار، بل في كونه يعيد إنتاج الصراع بين مكونات تابعة بالكامل للخارج، ما يعني أن أي عملية تدوير أو إعادة توزيع للسلطة تتم بإملاءات خارجية لا علاقة لها بالإرادة الوطنية أو المصلحة العامة.

غياب ميداني.. وإدارة عن بُعد
يعاني المجلس مما يصفه بعض أعضائه بـ”الشلل التام”، حيث يقيم ستة من أصل ثمانية أعضاء بشكل دائم في الرياض وأبوظبي، ما يجعل انعقاد الاجتماعات أمرًا نادرًا، ويجعل اتخاذ القرار رهيناً للمراسلات والتعليمات الخارجية.

هذا الواقع أنتج مؤسسات غائبة عن الميدان، عاجزة عن تقديم أي خدمات للمواطنين، ولا تملك حضورًا فعليًا في الداخل اليمني، بل باتت تدير نشاطها السياسي والإداري عن بُعد، من فنادق العواصم الخليجية، في مشهد يعكس حالة الانفصام بين ما يُسمى “القيادة” وبين الواقع اليمني بكل تعقيداته.

أزمة ثقة داخلية وشعبية
على المستوى الشعبي، تراجعت ثقة المواطنين في هذا المجلس إلى أدنى مستوياتها، نتيجة فشله في تحسين الأوضاع في المناطق الخاضعة للاحتلال، وتصاعد عمليات النهب والانفلات الأمني، وغياب أي برنامج وطني حقيقي.

تصريحات متكررة لأطراف محسوبة على التحالف تحدثت عن “ملل المجتمع من أداء المجلس”، و”اشمئزاز المواطنين من عبثية الصراعات بين أطرافه”، في حين يصرّ بعض أعضائه على تصوير الأزمة كخلاف بسيط يمكن تجاوزه، رغم اتساع رقعة الاتهامات المتبادلة والانقسامات السياسية.

تحالف الاحتلال في مأزق التوازنات
لا يمكن فصل الصراع داخل مجلس القيادة عن السياق الأوسع المتعلق بالتنافس السعودي الإماراتي في المحافظات الجنوبية، حيث تعمل كل دولة على تثبيت وكلائها المحليين، وتوسيع دائرة سيطرتهم على مفاصل القرار الأمني والعسكري والاقتصادي.

التضارب في المصالح بين الطرفين، وانعدام الرؤية الموحدة، يجعل من “مجلس القيادة” ساحة لتصفية الحسابات بين أدواتهم، الأمر الذي ينعكس سلبًا على الوضع في المحافظات المحتلة، ويعمّق حالة الفوضى وانعدام الاستقرار.

موقف صنعاء.. مشروع بديل يستند للسيادة
في المقابل، تواصل صنعاء تقديم نموذج سياسي مغاير، قائم على السيادة الوطنية والاستقلال في القرار، بعيدًا عن الوصاية الخارجية. فالمشروع الذي تقوده صنعاء، رغم التحديات، حافظ على تماسكه الداخلي، واستطاع إدارة المؤسسات بكفاءة، بل وتوسيع دائرة التأثير الإقليمي من خلال موقف ثابت تجاه قضايا الأمة وعلى رأسها فلسطين.

وتعتبر صنعاء أن ما يسمى “مجلس القيادة” ليس سوى واجهة احتلالية، لا يعبر عن الشعب اليمني، ولا يمكن أن يكون شريكًا في أي تسوية حقيقية، ما دام يعمل كأداة لتنفيذ أجندة قوى العدوان.

خلاصة
تفكك مجلس القيادة المعيَّن، واحتدام صراع الأجنحة بداخله، يسلّطان الضوء على طبيعة هذا الكيان بوصفه جزءاً من مشروع خارجي مفروض، يفتقر للاستقلال، ولا يملك قاعدة وطنية حقيقية.

وبينما ينزلق هذا المجلس نحو مزيد من الانقسام والشلل، تبرز صنعاء كطرف وطني صاعد، يقود مشروعًا مستقلًا متماسكًا، يعبّر عن تطلعات اليمنيين في التحرر والسيادة.

ويبقى السؤال الأهم: إلى متى سيستمر الرهان على أدوات تفتقر للمشروعية والفاعلية؟ وهل يدرك تحالف العدوان أن مشروع الاحتلال بأدواته السياسية والعسكرية بات على وشك الانهيار الكامل؟

مقالات مشابهة

  • قائد الثورة: ثابتون على موقفنا نتصدى للعدو الإسرائيلي في أي عدوان ومواجهة
  • قائد الثورة: مستمرون في موقفنا ثابتون عليه نتصدى للعدو الإسرائيلي في أي عدوان ومواجهة
  • قائد أنصار الله: عنوان تغيير الشرق الأوسط هو لصالح العدو الإسرائيلي لفرض سيطرته على المنطقة واستباحة شعوب الأمة
  • اختتام الاجتماع العربي الإقليمي في تونس.. إعلان الأولويات العربية لمؤتمر القمة العالمي الثاني
  • حماس تدعو المجتمع الدولي لوقف المجازر الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني
  • تفكك مجلس العمالة المعيّن في الرياض.. صراع النفوذ السعودي-الإماراتي يهدد الكيان السياسي للعدوان
  • صنعاء تُحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام في مشهد تعبوي جامع يُجدد العهد ويعزز الارتباط بالمشروع القرآني
  • تدشين المرحلة السادسة من الدورات المفتوحة في الجبين بريمة دعمًا للشعب الفلسطيني
  • فعالية خطابية لعدد من المكاتب التنفيذية في صنعاء بذكرى استشهاد الإمام الحسين
  • الحكيم: الانتخابات محطة مهمة ومفصلية له في ترسيخ الديمقراطية