بعد اندلاع مواجهات مسلحة في طرابلس في الأيام الماضية، عقب مقتل عبد الغني الككلي، المعروف بـ «غنيوة»، قائد جهاز دعم الاستقرار، كانت مصر أولى الدول المعربة عن قلقها البالغ إزاء التطورات الجارية في ليبيا.

وعلى إثر ذلك دعت وزارة الخارجية المصرية كافة المواطنين المصريين المتواجدين في ليبيا إلى توخي أقصى درجات الحذر، والالتزام بمنازلهم لحين استجلاء الأوضاع، وشددت على ضرورة استمرار التواصل مع السفارة المصرية في طرابلس وغرفة العمليات التي شكلتها وزارة الخارجية بالتنسيق مع وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، لتلقي أي استفسارات أو طلبات.

ولكن ذلك لم يكن كافيا بالنسبة للدولة المصرية التي ترفع شعار: «روح واحدة تمثل وطنا كاملا»، فبعد ارتفاع التوقعات من حدوث تصعيد مفتوح يتهدد مقدرات وأرواح الشعب الليبي الشقيق، ومعهم المصريين المقيمين في ليبيا، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بمتابعة أوضاع المصريين في ليبيا، والعمل على ضمان أمنهم وسلامتهم، وإعادة الراغبين منهم إلى البلاد إثر التوترات الأخيرة التي شهدتها طرابلس، ليأتي الخبر السار، وتعلن وزارة الخارجية أنه تم إعادة 71 مصرياً سجلوا بياناتهم مع سفارة بلادهم في العاصمة الليبية طرابلس وغرفة العمليات التي تم تشكيلها في وزارة الخارجية.

استعادة 71 مواطنا مصريا من ليبيا

وحتى مع استعادة مصر لمواطنيها، لم تتخلى عن جارتها الشقيقة، لم تنساها مصر أبدا، أكد الرئيس السيسي في قمة بغداد على أهمية دعم أمنها واستقرارها، وفي كل اجتماع وقمة يؤكد وزراء الخارجية ويؤكد كل مسؤول على أهمية عودة استقرار ليبيا، وكان آخر هذه المناشدات ما قاله الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، خلال لقائه مع ممثلي حلف شمال الأطلسي «الناتو»، الذي أكد في كلمته على ضرورة معالجة القضايا الأساسية التي تزعزع استقرار ليبيا، مثل حلّ الميليشيات وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، مشددا على أهمية دعم المؤسسات الليبية الشرعية وتفعيل دورها في سبيل تحقيق السلام والاستقرار. يعمل الجانب المصري على دعم التوحيد بين المؤسسات التنفيذية والأمنية والاقتصادية لضمان استعادة سيادة الدولة ووقف التدخلات الخارجية غير الشرعية.

أمن المواطن المصري خط أحمر

وتعليقا على ذلك، أكد اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، أن استعادة الدولة المصرية لـ71 مواطنا مصريا من ليبيا، تمثل مشهدا جديدا في سجل النجاحات المتتالية التي تحققها الدولة المصرية في حماية أبنائها ورعاية مواطنيها بالخارج وهو تأكيد واضح على أن كرامة المواطن المصري وسلامته خط أحمر لا يمكن تجاوزه.

وأضاف «فرحات» في تصريح خاص لـ «الأسبوع» أن هذه العملية جرت بالتنسيق بين الأجهزة الأمنية والدبلوماسية في مصر، تعكس يقظة مؤسسات الدولة، وقدرتها على التحرك السريع والفعال لاستعادة الحقوق وحماية المواطنين، مشيرا إلى أن الدولة لم تعد تسمح لأي جهة كانت أن تعبث بأمن وسلامة أبنائها في أي مكان في العالم.

وأشار إلى أن ذلك يؤكد أن مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي أصبحت دولة مؤسسات قوية، ذات حضور إقليمي ودولي يحسب له ألف حساب.

كما أكد أستاذ العلوم السياسية أن المشهد يحمل عدة رسائل هامة، أولها أن مصر تتابع عن كثب أحوال أبنائها بالخارج وتتحرك فورا متى استشعرت الخطر عليهم، وثانيها أن التنسيق الكامل بين وزارة الخارجية والجهات السيادية المختصة أثبت أنه نموذج فاعل لإدارة الأزمات الخارجية، وثالثها أن المواطن المصري لم يعد وحيدا أو بلا سند حين يتعرض لأي انتهاك خارج حدود الوطن.

اللواء دكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر خطورة الهجرة غير الشرعية

وأشار إلى أن هذه الحادثة يجب أن تكون دافعا قويا لمزيد من التوعية المجتمعية، بشأن خطورة الهجرة غير الشرعية، خاصة في ظل وجود عصابات الاتجار بالبشر، التي تستغل أحلام الشباب البسيطة في حياة أفضل، وتزج بهم في طرق غير مشروعة تعرضهم للأذى والانتهاك مشددا على ضرورة دعم جهود الدولة في مكافحة الهجرة غير الشرعية، من خلال تنمية المناطق الأكثر تصديرا لهذه الظاهرة، وتوفير البدائل الاقتصادية الكريمة للشباب، واستكمال خطط الدولة الطموحة في التنمية الشاملة، بما يعزز شعور المواطن بأن مستقبله هنا على أرض بلده وليس في المجهول.

ووجه أستاذ العلوم السياسية التحية لكل مؤسسات الدولة التي عملت في صمت لإعادة أبنائنا سالمين، وتحية إجلال للقيادة السياسية التي لا تتوانى لحظة عن حماية كل مواطن مصري، أينما كان.

التحركات العسكرية ستزيد الخراب في ليبيا

وشدد «فرحات»، على أن التحركات العسكرية في ليبيا لن تجلب الاستقرار وإنما ستزيد من تعقيد المشهد الليبي وتهدد وحدة وسلامة أراضيه، مؤكدا على أهمية الدفع نحو تسوية سياسية شاملة ومستدامة في ليبيا.

وأكد أن مصر كانت ولا تزال داعمة لكل المبادرات السياسية التي تستهدف تحقيق التوافق الليبي - الليبي بعيدًا عن التدخلات الخارجية، مشيرا إلى أنه من المهم أن تعمل كافة الأطراف الليبية على تغليب المصلحة الوطنية والعمل وترمي الخلافات وراء ظهورها.

ودعا «فرحات» كافة الأطراف الليبية إلى الجلوس على مائدة الحوار للوصول إلى صيغة تضمن الانتقال السلمي للسلطة وتنظيم الانتخابات في أقرب وقت، ليحقق تطلعات الشعب الليبي في الاستقرار والتنمية، مطالبا المجتمع الدولي بدعم جهود الحل السلمي والعمل على إنهاء حالة الجمود السياسي التي تهيمن على المشهد الليبي منذ سنوات.

اقرأ أيضاً«اللواء رضا فرحات»: قانون الإيجار القديم به عوار.. ويجب إنشاء صندوق لدعم غير القادرين «فيديو»

اللواء رضا فرحات لـ «الأسبوع»: زيارة ترامب للشرق الأوسط نقطة فارقة في العلاقات الأمريكية بدول المنطقة

فرحات: خطاب الرئيس يعكس إيمانا بقدرة المصريين على مواجهة التحديات

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: ليبيا وزير الخارجية الرئيس عبد الفتاح السيسي الأطراف الليبية نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية وزارة الخارجیة غیر الشرعیة على أهمیة رضا فرحات فی لیبیا إلى أن

إقرأ أيضاً:

عقب الهجمات الحوثية الأخيرة.. ارتفاع كبير لتكاليف تأمين السفن التي تمر عبر البحر الأحمر

أدت الهجمات البحرية الأخيرة لجماعة الحوثي، إلى ارتفاع كبير في تكاليف التأمين على سفن الشحن التجارية التي تمر عبر البحر الأحمر الذي يشهد تصعيدا جديدا بعد أشهر من الهدوء.

 

ونقلت وكالة رويترز، عن مصادر في صناعة النقل البحري تأكيدها زيادة تكلفة التأمين على شحن البضائع عبر البحر الأحمر إلى أكثر من المثلين في الأيام الأخيرة بالتزامن مع إغراق الحوثيين لسفينتي شحن ومقتل أربعة بحارة على الأقل وفقدان وخطف آخرين.

 

وأشارت إلى أن أقساط التأمين على مخاطر الحرب ارتفعت إلى نحو 0.7% من قيمة السفينة، مقارنة بنحو 0.3% الأسبوع الماضي قبل وقوع الهجمات الأخيرة، مع توقف بعض شركات التأمين عن تغطية بعض الرحلات.

 

وبحسب وكالة رويترز، فقد تم تحديد أسعار التأمين لفترة رحلة نموذجية مدتها سبعة أيام، والتي يحددها كل مكتب على حدة، ووصلت هذا الأسبوع إلى 1%، وهو ما يُطابق مستوى الذروة في عام 2024 عندما كانت الهجمات يومية، الأمر الذي يُضيف مئات الآلاف من الدولارات كتكاليف إضافية لكل شحنة.

 

وقال نيل روبرتس، رئيس قسم الملاحة البحرية والجوية في رابطة سوق لويدز، التي تمثل مصالح جميع شركات التأمين في لويدز لندن: "لقد سلطت الهجمات الأخيرة في البحر الأحمر الضوء على الحاجة إلى الحذر عند التفكير في العبور".

 

ووفقا لوكالة رويترز، فقد هاجم الحوثيون أكثر من 100 سفينة في الفترة من نوفمبر 2023 إلى ديسمبر/كانون الأول 2024.

 

وقال مونرو أندرسون، رئيس العمليات في شركة "فيسيل بروتكت"، المتخصصة في تأمين مخاطر الحرب البحرية: "يبدو أن ما شهدناه في الأسبوع الماضي هو... عودة إلى معايير الاستهداف المحددة في منتصف عام 2024، والتي تشمل أساسًا أي سفينة لها، حتى لو كانت على صلة بإسرائيل من بعيد". وأضاف: "مع الغموض تأتي المخاطر".

 

وفي مايو/أيار، أعلنت الولايات المتحدة عن اتفاق لوقف قصف الحوثيين مقابل إنهاء الهجمات على السفن، على الرغم من أن الحوثيين قالوا إن الاتفاق لم يتضمن تجنيب إسرائيل.

 

ونشر الحوثيون يوم أمس الأول لقطات مصورة، بعد أن أطلقوا مجموعة من الصواريخ على السفينة "ETERNITY C" مما أدى إلى تضرُّرها حتى غرقت بالكامل، في الوقت الذي قتل عدد من البحارة وتم إنقاذ بعضهم، فيما خطفت جماعة الحوثي بعضا منهم بعد استهداف السفينة.

 

وفي وقت لاحق، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، أن الشركة المالكة للسفينة استأنفت العمل مع ميناء إيلات "أم الرشراش" في انتهاكِ لقرار حظر التعامل مع الميناء.


مقالات مشابهة

  • عقب الهجمات الحوثية الأخيرة.. ارتفاع كبير لتكاليف تأمين السفن التي تمر عبر البحر الأحمر
  • أستاذ نقد سياسي: الحدود المصرية خط أحمر ولا يستطيع أحد المساس بها
  • هل نقترب من هدنة في غزة؟.. أستاذ علوم سياسية يكشف مستجدات المفاوضات
  • فرحات: العلاقات المصرية الصينية نموذج ناجح في التعاون الدولي المتوازن
  • شاهد بالفيديو.. أستاذ سوداني يناقش قضية نجم الإعلانات “بدر خلعة” في محاضرة وسط طلابه ويكشف سر الشهرة التي حققها مؤخراً
  • اتفاقية تعاون عسكري بين ليبيا وتركيا لتأهيل وتطوير الجيش الليبي
  • مصر تشدد على احترام سيادة ليبيا وتوحيد سلطتها التنفيذية ضمن عملية سياسية شاملة
  • الفنيش: رسوم ترامب الجمركية على ليبيا لها أهداف سياسية  
  • وزير الخارجية يؤكد أهمية الملف الليبي للأمن القومي المصري
  • وزير الخارجية: نؤكد دعم مصر للحل الليبي الليبي ونرفض التدخلات الخارجية