حذّر "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" من خطورة ما وصفه بـ"المشروع الأمني السياسي المغلّف بالعمل الإنساني"، والذي بدأ تنفيذه مؤخرًا في قطاع غزة تحت مسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، وسط دعم أمريكي وإسرائيلي مباشر.

وفي بيان شديد اللهجة، قال المؤتمر إن المشروع يمثل سابقة خطيرة في عسكرة المساعدات واستخدام المعاناة الإنسانية كورقة ضغط لإعادة تشكيل الواقع السكاني والسياسي في القطاع.

وأوضح أن هذه المؤسسة، التي لا تتبع أي منظومة إغاثية دولية معترف بها، تسعى إلى تصنيف سكان غزة بناء على معايير سياسية وأمنية، وهو ما يكرّس مفهوم "المواطن الصالح" الموالي، في مقابل تجويع ومحاصرة من يرفض الانخراط في مسارات التطويع.

خطة تهجير ناعمة؟

المؤتمر، اعتبر أن الهدف النهائي من هذا المشروع هو دفع الأهالي، وتحديدًا في شمال القطاع، نحو الهجرة القسرية إلى الجنوب، تمهيدًا لمرحلة جديدة من التهجير المنظّم، أشار إليها مرارًا قادة الاحتلال ضمن خطط "إعادة التموضع" في غزة.

وفي هذا السياق، حذر المؤتمر من خطورة هذا النوع من المشاريع التي تبدو إنسانية الشكل لكنها تحمل أبعادًا أمنية واستخباراتية واضحة، معتبرًا أن إدخال المساعدات بشكل انتقائي ومشروط، وتحويلها إلى أداة ابتزاز سياسي، يقوّض أسس العمل الإنساني المتعارف عليها عالميًا.




دعوات للحذر والتعبئة

ودعا المؤتمر في بيانه كافة المؤسسات والجهات الفاعلة في القطاع وخارجه إلى التعامل بحذر بالغ مع مشروع "مؤسسة غزة الإنسانية"، والتنبّه إلى أهدافه العميقة التي تتجاوز توزيع المساعدات، مطالبًا بتفعيل القنوات الإنسانية الدولية المحايدة، ورفض أي صيغة إغاثية تقوم على التمييز والولاء السياسي.

كما دعا إلى دعم صمود المجتمع الفلسطيني في غزة، وإفشال محاولات فرض وقائع قسرية تحت ضغط المجاعة والانهيار الإنساني، مؤكدًا أن الوعي الشعبي، في هذا المفصل الحرج، هو خط الدفاع الأول في مواجهة مشاريع إعادة تشكيل الواقع الفلسطيني.

يتزامن هذا التحذير مع تسارع الأحداث الميدانية في قطاع غزة، واستمرار العدوان الإسرائيلي للعام الثاني، وتراجع فاعلية المنظومة الإنسانية الأممية بفعل التدخلات السياسية. وفي هذا السياق، يُنظر إلى مشروع "مؤسسة غزة الإنسانية" بوصفه مؤشرًا على بداية مرحلة جديدة من "الهندسة الديمغرافية والسياسية" في القطاع، تستغل الانهيار الإنساني لفرض معادلات جديدة على السكان.

ويبقى السؤال المطروح: إلى أي مدى يمكن للوعي الشعبي والتحرك السياسي الفلسطيني أن ينجح في كشف وتفكيك مثل هذه المشاريع، قبل أن تتحول إلى وقائع يصعب التراجع عنها؟

خارج إطار المنظمات الدولية

"مؤسسة غزة الإنسانية" هي كيان إغاثي جديد ظهر مؤخرًا ويزعم تقديم مساعدات إنسانية لسكان قطاع غزة، بدعم مباشر من جهات أمريكية وإسرائيلية، خارج إطار المنظمات الدولية المعروفة. ووفق جهات فلسيطينية فإن المؤسسة تعمل بشكل انتقائي، وتقوم بتوزيع المساعدات على أسس سياسية وأمنية، ما يثير الشكوك حول دورها الحقيقي في استغلال الوضع الإنساني لتحقيق أهداف استراتيجية تتماشى مع خطط الاحتلال، خصوصًا فيما يتعلق بإعادة توزيع السكان وفرض واقع جديد على الأرض.

من هو المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج؟

تأسس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج عام 2017 في مدينة إسطنبول، بهدف توحيد جهود الفلسطينيين المنتشرين خارج فلسطين، خاصة مع تهميش دورهم في العملية السياسية منذ توقيع اتفاق أوسلو. ويضم المؤتمر شخصيات سياسية وأكاديمية وإعلامية ومجتمعية من مختلف دول الشتات، ويسعى إلى تعزيز دور فلسطينيي الخارج في الدفاع عن الحقوق الوطنية، ورفض مشاريع التصفية والتطبيع، وتثبيت حق العودة بوصفه غير قابل للتفريط.

ويمثل المؤتمر اليوم منصة مقاومة شعبية سياسية في وجه ما يسميه "مسارات التهميش والتطويع"، لا سيما في ظل اتساع رقعة التطبيع العربي مع الاحتلال، ومحاولات إحداث وقائع بديلة على الأرض تغلّف بالجانب الإنساني والإغاثي.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية غزة المساعدات الاحتلال الفلسطيني احتلال فلسطين غزة مساعدات تشكيك المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مؤسسة غزة الإنسانیة

إقرأ أيضاً:

استقالة مفاجئة لمدير «مؤسسة غزة الإنسانية».. وبرنامج الأغذية العالمي: 500 ألف فلسطيني على شفا المجاعة

في تطور دراماتيكي يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، أعلن المدير التنفيذي لمؤسسة غزة الإنسانية، جيك وود، استقالته المفاجئة والفورية، وذلك قبل ساعات قليلة من بدء المؤسسة في توزيع المساعدات داخل القطاع المحاصر. 

وجاءت استقالة وود لتثير جدلًا واسعًا حول مصير هذه المبادرة الإغاثية، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة في ظل الأوضاع الكارثية التي يعيشها سكان القطاع.

"القاهرة الإخبارية": أكثر من 60 شهيدا بغارات الاحتلال على غزة (فيديو) صحة فلسطين: استشهاد 30 مدنيًا بينهم أطفال ونساء في قصف مدرسة بقطاع غزة أزمة إنسانية متفاقمة وتحذيرات أممية من المجاعة

تزامنت استقالة وود مع تحذيرات أطلقها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، حيث أكدت المديرة التنفيذية للبرنامج، سيندي ماكين، أن هناك نحو 500 ألف فلسطيني في قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، وهم على شفا المجاعة، مضيفة أن الوضع ينذر بكارثة إنسانية كبرى إذا لم يتم التحرك العاجل لتقديم المساعدات.

وخلال مقابلة مع قناة «سي بي إس» الأمريكية، أوضحت ماكين أن إسرائيل سمحت بدخول القليل جدًا من المساعدات إلى غزة، مشيرة إلى أنه خلال فترة وقف إطلاق النار كان يتم إدخال نحو 600 شاحنة يوميًا، إلا أن هذا العدد انخفض الآن إلى نحو 100 شاحنة فقط، وهو ما لا يلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان في ظل الحصار المستمر والتصعيد العسكري.

أسباب الاستقالة ورسالة المدير التنفيذي

في بيانه الرسمي، أوضح وود أن قراره بالاستقالة جاء بعد قناعة راسخة بأن المنظمة لن تتمكن من تنفيذ مهمتها الإنسانية في غزة مع الحفاظ على المبادئ الأساسية للعمل الإغاثي، مشددًا على ضرورة التمسك بقيم الحياد وعدم التحيز والاستقلالية، وعدم التورط في أي شراكات تفرغ العمل الإنساني من مضمونه.

وأكد وود أن خطط المؤسسة كانت تهدف إلى تقديم مساعدات عاجلة لتخفيف معاناة السكان، والتعامل مع التحديات الأمنية المتعلقة بتوزيع المساعدات، ودعم جهود المنظمات غير الحكومية العاملة ميدانيًا، لكنه أشار إلى أن كل هذه الجهود ستظل بلا جدوى ما لم يتم احترام المبادئ الإنسانية بشكل صارم.

كما دعا وود في بيانه إسرائيل إلى توسيع عمليات إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة بكافة الوسائل الممكنة، مطالبًا المجتمع الدولي والأطراف الفاعلة ببذل جهود حثيثة لإيجاد حلول مبتكرة لتسريع إيصال المساعدات دون تأخير أو تمييز.

ردود فعل متباينة حول «مؤسسة غزة الإنسانية»

وبينما أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية أنها ستبدأ في توزيع المساعدات بالقطاع رغم استقالة مديرها، أكدت أن خطتها تهدف إلى التوسع السريع لخدمة جميع سكان القطاع خلال الأسابيع المقبلة. 

في المقابل، رفضت الأمم المتحدة وعدد من وكالات الإغاثة التقليدية التعاون مع المؤسسة، مشيرة إلى اتهامات بتورطها في شراكة مع إسرائيل، وهو ما أثار مخاوف بشأن استقلالية العمل الإغاثي وحياده.

تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل

يأتي هذا التطور في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على إسرائيل بسبب تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، مع استمرار الهجوم العسكري وتصاعد التحذيرات من تفشي المجاعة، وسط مطالبات متكررة بضرورة فتح المعابر بشكل عاجل وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية بشكل فوري لإنقاذ الأرواح ومنع وقوع كارثة أكبر.

وأكدت ماكين أن المجتمع الدولي لا يمكنه البقاء متفرجًا بينما يموت الناس جوعًا، مشددة على أهمية الضغط على إسرائيل لتسهيل دخول المساعدات بشكل عاجل ومستمر لتخفيف معاناة السكان.

مقالات مشابهة

  • فلسطين.. تحذير من استخدام الاحتلال للمساعدات في إطار عمل أمني واستخباري
  • مؤتمر في الجامعة العربية يحظر 20 شركة تنتهك أحكام المقاطعة العربية للاحتلال
  • مؤسسة غزة الإنسانية تصدر بيانا بشأن تسليم المساعدات
  • مؤسسة غزة الإنسانية شركة أميركية لـضبط القطاع بقفاز إنساني
  • استقالة مفاجئة لمدير «مؤسسة غزة الإنسانية».. وبرنامج الأغذية العالمي: 500 ألف فلسطيني على شفا المجاعة
  • «لن أتخلي عن المبادئ الإنسانية».. استقالة مدير مؤسسة إغاثة غزة
  • استقالة مدير مؤسسة غزة الإنسانية قبل بدء عملها بتوزيع المساعدات في القطاع
  • تصاعد موجة الغضب الشعبي ضد حكومة المرتزقة.. احتجاجات نسائية في تعز وقمع أمني في عدن
  • الآلاف يشاركون فى المؤتمر الشعبي لحزب الجبهة الوطنية بمركز أبوحماد بالشرقية