رغم مرور نصف المهلة المحددة من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتعليق الرسوم الجمركية “المتبادلة” لمدة 90 يوماً، لا تزال حالة من عدم اليقين تُخيّم على الأسواق والشركات والحكومات المتأثرة بهذه السياسة،. ومع تبقّي 45 يوماً فقط على انتهاء المهلة في يوليو، تبدو فرص تحقيق اختراقات كبيرة محدودة، بحسب مؤشرات رسمية وتصريحات صادرة عن البيت الأبيض.

مفاوضات متعثرة ورسائل حاسمة
ترامب أشار صراحة إلى أن التوصل إلى اتفاقات شاملة مع جميع الدول خلال هذه الفترة غير مرجح، مضيفاً أن “150 دولة ترغب في صفقة”، لكنه أوضح أن بعضها سيتلقى ببساطة نسبة الرسوم الجديدة المقترحة، وزير الخزانة سكوت بيسنت أكد أن الدول التي لا تتفاوض بنية الوصول إلى اتفاق “عادل” ستُخطر برسالة تتضمن نسب الرسوم المفروضة.

المستشارة التجارية السابقة لدى ترامب، كيلي آن شو، توقعت الإعلان عن سلسلة من الاتفاقات مع اقتراب 9 يوليو، مشيرة إلى أن دولاً لم تُبرم اتفاقات بحلول هذا التاريخ ستتلقى وثائق تحدد الرسوم الجديدة المقترحة.

تأثير مباشر على السياسات النقدية
تأثيرات هذه الرسوم لا تقتصر على التجارة فقط، بل تمتد إلى السياسة النقدية. فمحافظو البنوك المركزية، بمن فيهم الاحتياطي الفيدرالي، يعتبرون أن استمرار حالة الغموض بشأن الرسوم يسهم في تقييد النمو الاقتصادي، وزيادة التضخم، مما يدفعهم إلى الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير لفترة أطول.

مواقف الشركاء التجاريين
المملكة المتحدة (10%)
أُبرم اتفاق أولي بين واشنطن ولندن يغطي قطاعات محدودة ويبقي على رسم أساسي بنسبة 10%، ورغم إعفاء صناعة السيارات والصلب من رسوم 25%، لم تُحدد بعد تفاصيل جوهرية مثل الحصص المخصصة لصادرات الصلب أو المتطلبات الأمنية الأميركية.

الصين (34%)
أعلن ترمب خفضاً جزئياً للرسوم إلى 30% ضمن فترة الـ90 يوماً، في مقابل خفض مماثل من الصين، وستُستأنف المحادثات وفق “آلية تفاوض” يُتوقع أن تبني على اتفاق المرحلة الأولى لعام 2020، رغم تغيّر الظروف والمنتجات منذ ذلك الحين.

الاتحاد الأوروبي (20%)
المحادثات مع بروكسل تواجه صعوبات بسبب “مشكلات في اتخاذ القرار الجماعي”، وفق بيسنت، الوثائق المتبادلة بين الجانبين عكست تبايناً كبيراً، وصفه مسؤول أوروبي بأنه “قائمة أمنيات غير واقعية” من واشنطن.

الهند (26%)
تسير المحادثات على ثلاث مراحل، الأولى تشمل المنتجات الصناعية والزراعية، والثانية أكثر شمولاً بين سبتمبر ونوفمبر، بينما يُنتظر أن تُختتم باتفاق شامل بعد موافقة الكونغرس الأميركي العام المقبل.

اليابان (24%)
تُستأنف المفاوضات هذا الأسبوع، وتُركّز على الرسوم الجمركية ورسوم قطاع السيارات البالغة 25%، بالإضافة إلى صفقة استحواذ نيبون ستيل على “يونايتد ستيل”. طوكيو تفضل التريث على تقديم تنازلات سريعة.

كوريا الجنوبية (25%)
عُقدت جولة ثانية من المحادثات التقنية في واشنطن، وشملت مجالات مثل التجارة الرقمية والأمن الاقتصادي وقواعد المنشأ، في إطار سعي الجانبين لإزالة العقبات التجارية.

فيتنام (46%)
حققت الجولة الثانية من المحادثات تقدماً جزئياً، وتم تحديد ملفات تحتاج إلى نقاش إضافي، وستُعقد جولات جديدة في يونيو وسط رغبة مشتركة بالتوصل إلى اتفاق سريع.

تايلندا (36%)
تستعد بانكوك لمحادثات قريبة في واشنطن، مع تعزيز الضوابط على شهادات المنشأ، وتتوقع الحكومة التايلندية تقليص العجز التجاري مع الولايات المتحدة بنحو 15 مليار دولار سنوياً.

كندا
رغم إعفائها من رسوم “متبادلة”، واجهت كندا إجراءات جمركية أخرى، بينها رسوم على الفنتانيل وبعض المنتجات الصناعية، ويسعى رئيس الوزراء مارك كارني لإبرام اتفاق جديد يُبنى على اتفاقية USMCA.

المكسيك
استفادت من رفع الرسوم على غالبية السلع بموجب اتفاقية USMCA، لكن قطاع السيارات لا يزال خاضعاً لرسوم على الأجزاء غير الأميركية، وتسعى مكسيكو إلى معاملة تفضيلية على خلفية تعاونها الأمني مع واشنطن.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: أمريكا الصين وأمريكا دونالد ترامب فرض رسوم جمركية

إقرأ أيضاً:

حرب الرسوم تبدأ بـتحرير ترامب وتنتهي بارتباك العالم

في تطور جديد يعيد إشعال التوترات التجارية عالميًا، صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديداته التجارية، مستهدفًا عملاق التكنولوجيا "أبل" وكامل الواردات الأوروبية، الأمر الذي انعكس بشكل فوري على الأسواق المالية وأشاع قلقًا واسعًا في أوساط المستثمرين وصنّاع القرار حول مستقبل التجارة الدولية.

ترامبترامب يلوّح برسوم على آيفون والسلع الأوروبية

في تصريحات مفاجئة يوم الجمعة، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على هواتف "آيفون" المباعة في السوق الأميركية والمصنّعة خارج البلاد، في خطوة تهدد مباشرة استقرار سلسلة الإمداد الخاصة بالشركة الأشهر عالميًا في صناعة الهواتف الذكية، والتي تبيع سنويًا أكثر من 60 مليون هاتف في الولايات المتحدة حيث لا يتم تصنيع أي من أجهزتها.

وقال ترامب: "أبلغت تيم كوك، رئيس شركة أبل، منذ فترة طويلة أنني أتوقع تصنيع أجهزة آيفون التي ستباع في الولايات المتحدة بداخل الولايات المتحدة، وليس في الهند أو أي مكان آخر... وإذا لم يحدث ذلك، فعلى أبل دفع رسوم جمركية لا تقل عن 25%".

وفي تصعيد أوسع نطاقًا، صرّح الرئيس الأميركي بنيته فرض رسوم بنسبة 50% على السلع الأوروبية بدءًا من 1 يونيو، تشمل المنتجات الفاخرة والأدوية وغيرها من السلع الواردة من دول الاتحاد الأوروبي، وفقًا لما نقلته وكالة "رويترز".

ردود فعل الأسواق

أحدثت تهديدات ترامب هزة عنيفة في الأسواق المالية، إذ هبطت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.5%، وتراجع المؤشر الأوروبي ستوكس 600 بنحو 2%.

كما تراجع سهم "أبل" بنسبة 3.5% في تداولات ما قبل الجلسة، متأثرًا بالتلويح بالرسوم. ولم تكن شركات التكنولوجيا وحدها الضحية، بل تأثرت أيضًا أسهم شركات صناعة السيارات الفاخرة في ألمانيا، إذ هبطت أسهم بورشه ومرسيدس وبي إم دبليو بأكثر من 4%.

وكتب المحلل فؤاد رزاق زاده من "سيتي إندكس" في مذكرة تحليلية: "تبدد التفاؤل بشأن الصفقات التجارية تمامًا في دقائق، بل ثوانٍ".

مفاوضات مضطربة بين واشنطن وبروكسل

في خضم هذا التصعيد، امتنعت المفوضية الأوروبية عن التعليق مباشرة على تهديدات ترامب، مكتفية بالقول إنها ستنتظر نتائج الاتصال المرتقب بين المفوض التجاري الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش وممثل التجارة الأميركي جيميسون جرير.

ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن مصادر مطلعة أن واشنطن تطالب الاتحاد الأوروبي بتخفيضات جمركية أحادية الجانب على السلع الأميركية، محذّرة من فرض رسوم إضافية بنسبة 20% ما لم يتم تقديم تنازلات ملموسة.

وأكدت المصادر أن الإدارة الأميركية غير راضية عن "المذكرة التفسيرية" الأوروبية الأخيرة، التي لم تتضمن التزامات أحادية واضحة، كما لم تُدرج الضريبة الرقمية المقترحة ضمن جدول المفاوضات كما تطالب الولايات المتحدة.

"أبل" في مرمى النار

لم ترد شركة "أبل" على طلب للتعليق من "رويترز"، لكن مصادر كشفت أن الشركة تسعى إلى نقل معظم تصنيع آيفون إلى الهند بحلول نهاية 2026، بهدف تفادي الرسوم الجمركية المحتملة على الصين، والتي لا تزال القاعدة الأساسية لتصنيع هواتفها.

وكانت "رويترز" قد أفادت سابقًا بأن "أبل" تعمل على تحويل الهند إلى قاعدة بديلة للتصنيع، في ظل تصاعد المخاوف بشأن ارتفاع الرسوم على الصين، مما يهدد سلاسل الإمداد ويزيد من أسعار الهواتف.

ورغم إعلان "أبل" عن استثمارات تبلغ 500 مليار دولار خلال أربع سنوات داخل الولايات المتحدة لتوسيع عملياتها وتوظيفها، فإن الشركة لم توضح ما إذا كانت ستنقل تصنيع آيفون إلى داخل الولايات المتحدة.

عودة التشدد التجاري

أعاد هذا التصعيد إلى الأذهان قانون ترامب الشهير الذي وصفه بأنه "ضخم وجميل"، والذي يقضي بتشديد الإجراءات الحمائية لحماية الصناعة الأميركية، لكنه أثار مخاوف واسعة في الأسواق من تداعياته السلبية على التجارة والاستثمار العالميين.

وتزامنت هذه التطورات مع تصاعد التوترات التجارية مع الصين، والتي شهدت في أبريل الماضي فرض رسوم بنسبة 145% على سلع صينية، مما أدخل الأسواق الأميركية في موجة بيع عنيفة وأضرّ بثقة المستهلكين والشركات.

وتصريحات ترامب الأخيرة وضعت الأسواق أمام مرحلة جديدة من الغموض التجاري، حيث يبدو أن الهدنة التجارية المؤقتة التي سادت الأشهر الماضية توشك على الانهيار. وبينما تستعد الولايات المتحدة لخوض مواجهة جديدة مع الاتحاد الأوروبي، يقف المستثمرون والشركات أمام تحديات متزايدة تتطلب إعادة تقييم استراتيجيات التصنيع والتوريد، في عالم لا تهدأ فيه حرب الرسوم الجمركية.

تأثير رسوم ترامب الجمركية

ومن جانبه، قال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد الدولي، إن سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تعتمد على "الحمائية الاقتصادية"، من خلال تقليل الاعتماد على الخارج وتشجيع الإنتاج المحلي، بهدف تقليص العجز التجاري مع الصين.

وأضاف الإدريسي في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن الحرب التجارية التي قادها ترامب تضمنت فرض رسوم جمركية على السلع المستوردة لحماية الشركات الأمريكية، واستعادة الصناعات المنقولة للخارج، وكسب دعم الطبقة العاملة، فضلًا عن الضغط على الصين لتغيير سياساتها الصناعية، مع توظيف الاقتصاد كأداة للنفوذ السياسي العالمي.

وأشار الإدريسي إلى أن الصين لم تتراجع أمام هذه الضغوط، بل ردّت بإجراءات مضادة، منها فرض رسوم جمركية وتقليل الاعتماد على الدولار، ما أدى إلى تصعيد التوتر التجاري بين القوتين. 

وتوقع أن تسفر هذه المواجهة عن اضطرابات في سلاسل الإمداد، وتباطؤ النمو العالمي، وإعادة تشكيل التحالفات التجارية، حيث تقترب الصين من روسيا، بينما تنفتح واشنطن على دول مثل الهند وفيتنام، وبيّن أن دولًا مثل كوريا الجنوبية، اليابان، وألمانيا ستكون الأكثر تضررًا، في حين قد تستفيد فيتنام والمكسيك والهند من تحركات نقل المصانع خارج الصين.

طباعة شارك دونالد ترامب رسوم جمركية أبل ترامب تهديدات ترامب

مقالات مشابهة

  • هدنة تجارية مؤقتة.. ترامب يؤجل الرسوم الجمركية على أوروبا حتى 9 يوليو
  • بزشكيان: لن نموت إذا انتهت المحادثات مع أميركا دون اتفاق
  • حرب الرسوم تبدأ بـتحرير ترامب وتنتهي بارتباك العالم
  • إيران: لن نعلّق تخصيب اليورانيوم لإبرام اتفاق نووي
  • ترامب يعلق الرسوم الجمركية على واردات الاتحاد الأوروبي
  • طهران تدرس مقترحا عمانيا بشأن المحادثات مع واشنطن
  • رئيس وزراء اليابان يهدف إلى دفع المحادثات حول الرسوم الجمركية الأميركية
  • ألمانيا تدعو الولايات المتحدة لإجراء مفاوضات جادة بشأن الرسوم الجمركية
  • واشنطن تدرس تعليق بعض العقوبات على إيران