قضاء ألمانيا يحكم بعدم قانونية إعادة طالبي اللجوء عند الحدود
تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT
قضت محكمة الاثنين بأن سياسة الحكومة الألمانية الجديدة القائمة على إعادة طالبي اللجوء عند حدودها مخالفة للقانون، في ضربة لأحد أبرز إجراءات المستشار المحافظ فريدريش ميرتس.
وقالت محكمة برلين الإدارية -في بيان- إنه "لا يمكن إعادة الأشخاص الذين يعربون عن رغبتهم في طلب اللجوء وهم عند نقطة تفتيش حدودية في الأراضي الألمانية" قبل أن يتم تحديد الدولة المسؤولة عن معالجة الطلب بناء على نظام "دبلن".
ويأتي قرار الاثنين بعد طعن تقدّم به 3 صوماليين مروا بتدقيق للهجرة عند محطة قطارات عند الحدود البولندية، وعبّروا عن رغبتهم في طلب اللجوء، لكنهم أُعيدوا إلى بولندا في اليوم ذاته.
وأُدخلت السياسة الجديدة القائمة على إعادة جميع المهاجرين غير الموثّقين تقريبا عند الحدود الألمانية، منهم طالبو اللجوء، بعد مدة قصيرة على تولي حكومة ميرتس السلطة مطلع الشهر الماضي.
وشكّلت مسألة الحد من الهجرة غير النظامية جزءا أساسيا من حملة ميرتس في انتخابات فبراير/شباط العامة.
وشهدت الانتخابات تحقيق حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتشدد أفضل نتيجة له على الإطلاق بلغت أكثر بقليل من 20%، في حين يصر ميرتس على أن التحرّك بشأن الهجرة هو السبيل الوحيد لوضع حد لصعوده.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
نيويورك تايمز: سياسة ميرتس وماكرون وستارمر تخدم أقصى اليمين بأوروبا
تناول مقال بصحيفة نيويورك تايمز الأميركية ظاهرة صعود أقصى اليمين في جميع أنحاء أوروبا، وفشل تيار الوسط في مقارعته.
ويؤكد كاتب المقال ديفيد برودر الخبير في السياسة الأوروبية أن صعود أقصى اليمين نتيجة حتمية للشعبوية، بل هو نتاج الإخفاقات الكارثية للحكومات الوسطية في الاقتصادات الرئيسية للقارة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2رئيس أركان القوات الجوية الإسبانية يحذر من أسلحة موجودة في الفضاءlist 2 of 2كاتب أميركي: الولايات الحمراء تنقلب على نظام ترامب للترحيل الجماعيend of listويسلط برودر الضوء على 3 نماذج لفشل الحكم الوسطي؛ وتحديدا في فرنسا في ظل رئاسة إيمانويل ماكرون، وألمانيا بقيادة المستشار فريدريش ميرتس، وبريطانيا تحت حكم رئيس الوزراء كير ستارمر.
قبل عقد من الزمن، اعتقد كثيرون أن الهياكل الديمقراطية الأوروبية، والذاكرة الجمعية للفاشية، كفيلة بمنع أقصى اليمين من تحقيق اختراقات حاسمة.
فبعد عقد من الأزمة المالية، يقول الكاتب، ترسخ أقصى اليمين مؤسساتيا، وبات يحكم إيطاليا والمجر، ويؤثر على السياسات في أنحاء أوروبا، حيث قام بعكس مسار المبادرات الخضراء وفرض ضوابط أكثر صرامة على الحدود.
وفي سياق فحصه أسباب الأزمة المتسارعة التي تعيشها الحكومات الوسطية في أوروبا، يجادل الكاتب بأن قادة الوسط في فرنسا وألمانيا وبريطانيا يسهّلون، من حيث لا يدرون، صعود أقصى اليمين عبر فشلهم في تقديم بدائل سياسية واقتصادية مقنعة للناخبين.
وأشار إلى أنه قبل عقد من الزمن، اعتقد كثيرون أن الهياكل الديمقراطية الأوروبية، والذاكرة الجمعية للفاشية، والخصائص الاجتماعية الاقتصادية للقارة كفيلة بمنع أقصى اليمين من تحقيق اختراقات حاسمة.
لكن السنوات الأخيرة شهدت -برأيه- ترسخ هذه القوى في المؤسسات الوطنية والأوروبية، وإجهاض أجزاء من خطط التحول الأخضر، وتشديد مراقبة الحدود، والفوز بالسلطة أو النفوذ في بلدان مثل المجر وإيطاليا والسويد وفنلندا.
واليوم يواجه الاتحاد الأوروبي احتمالا غير مسبوق يتمثل في اختراق متزامن لأقصى اليمين في أكبر اقتصادات القارة.
ويؤكد أن الخطأ المشترك بين هذه الحكومات هو محاولتها تحييد خطاب أقصى اليمين عبر استنساخ أجزاء منه -خصوصا في ملف الهجرة- من دون تقديم رؤية سياسية إيجابية.
الخطأ المشترك بين الحكومات الألمانية والبريطانية والفرنسية هو محاولتها تحييد خطاب أقصى اليمين عبر استنساخ أجزاء منه -خصوصا في ملف الهجرة- من دون تقديم رؤية سياسية إيجابية
وبدلا من تجديد العقد الاجتماعي، تلجأ هذه الحكومات إلى التكنوقراطية، أو الإدارة البيروقراطية، أو السياسات القمعية، مما يُنفِّر قواعدها التقليدية ولا يجذب الناخبين الساخطين.
إعلانوأوضح الخبير الأوروبي في مقاله أن ماكرون ظل، منذ عام 2017، يعد شعبه بأنه سيقلص قاعدة أقصى اليمين عبر تحويل فرنسا إلى "أمة الشركات الناشئة"، داعيا الفرنسيين إلى تحمل الأعباء الآن من أجل المكاسب لاحقا.
غير أن أسلوبه الفوقي -يتابع الكاتب- والإصلاحات الضريبية التي أفادت الأغنياء، وتمرير إصلاح التقاعد بالقوة، إلى جانب التعامل الأمني العنيف مع الاحتجاجات، كلها أدت إلى نتائج عكسية.
فقد خسر أغلبيته البرلمانية في 2022، وأدّت الانتخابات المبكرة عام 2024 إلى برلمان مفكك وحكومة مشلولة.
ومع توالي تغيير رؤساء الوزراء وعجز النظام عن الاستقرار، فقد ماكرون رصيده السياسي، في حين تنتظر مارين لوبان زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني اللحظة المناسبة للحكم، يوضح ديفيد برودر.
أما ستارمر في بريطانيا، فبعد فوزه بأغلبية ساحقة، تراجع بسرعة بسبب حذره المفرط وتردده السياسي. وركّز على الانضباط المالي بدلا من تحسين مستويات المعيشة، وتخلى تحت ضغط المعارضة الشعبية عن تخفيضات غير شعبية لمخصصات كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
كما اتسم أداؤه بنزعة قمعية تمثلت في معاقبة نواب من حزب العمال الذي ينتمي إليه، وتشديد الإجراءات ضد التظاهرات المؤيدة لفلسطين، وتصنيف حرركة "فلسطين أكشن" المناصرة للفلسطينيين كجماعة إرهابية، مما أضر بسمعته بشدة.
وفي الوقت نفسه فشل في مواجهة زعيم حزب الإصلاح البريطاني نايجل فاراج، متنقلا بين تبني خطاب مناهض للهجرة واتهام الحزب بالعنصرية. وهكذا تراجع الدعم لحزب العمال إلى 18%، مقابل صعود حزب فاراج إلى 30%.
وفي ألمانيا، أحدث المستشار ميرتس تحولا كبيرا عبر تخفيف قيود الاقتراض لتمويل إعادة التسلح، آملا إحياء الصناعة ودعم الردع ضد روسيا، لكن هذا النهج يتقاطع بوضوح مع برنامج حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، الذي يدعو أيضا إلى زيادة عدد الجيش ويعارض التصنيع الأخضر.
ووفقا للكاتب، فإن ميرتس أخفق في احتواء سردية حزب "البديل من أجل ألمانيا" التي تعززت أكثر؛ فهو يتصدر استطلاعات الرأي، مستفيدا من دعواته لوقف الدعم العسكري لأوكرانيا وقدرته على تبني محاور الأجندة الحكومية نفسها.
ومع ازدياد عمليات ترحيل المهاجرين غير النظاميين وخطاب ميرتس عن "حماية النساء من المهاجرين"، يبدو أن السير وراء أقصى اليمين لم يوقف تمدده بل منحه شرعية إضافية.
ويرى برودر أن هذا التقليد لخطاب أقصى اليمين، بدلا من مواجهة حججه، يخدم خصوم الوسط لا العكس.
ويقارن المقال هذه الإخفاقات بقصتي نجاح أوروبيتين. ففي الدانمارك، نجحت رئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن في صد أقصى اليمين، ليس فقط من خلال نهج صارم تجاه الهجرة، بل بالدرجة الأولى عبر برنامج طموح لإعادة التصنيع الأخضر واستثمار كبير في الطاقة المتجددة.
وقد حول هذا التدخل الاقتصادي التركيز الوطني إلى قضايا المناخ والرعاية الصحية، بعيدا عن الهجرة. وفي إسبانيا، استطاع رئيس الوزراء بيدرو سانشيز -عبر الانحياز لطرف واضح من خلال سياسات جريئة لإعادة التوزيع- تحديد سقف لأسعار الطاقة، واستعادة حماية العمال، ورفع الحد الأدنى للأجور، وفرض ضرائب على الثروات الكبيرة.
إعلانومن خلال حشد الناخبين خلف إنجازات حكومته، أحبط سانشيز صعود حزب "فوكس" القومي المتطرف، مشددا على قيمة الجرأة السياسية بدلا من الحذر.
ما لم تُغيِّر الحكومات الأوروبية الوسطية مسارها، يمكن لأقصى اليمين أن يجعل أوروبا أرضا خالصة له، وبعدها لن يكون بمقدور أحد التنبؤ بما سيحدث
وينصح برودر القادة الوسطيين في بريطانيا وفرنسا وألمانيا بتعلم الدروس من الدانمارك وإسبانيا، مشيرا إلى أن الدول الثلاث لا تزال قادرة على اعتماد نهج مماثل من خلال نبذ التردد، وتبني تدابير ممكنة سياسيا مثل فرض ضريبة على الثروة في فرنسا، وضرائب على شركات الطاقة العملاقة في بريطانيا، وتجديد البنية التحتية على نطاق واسع في ألمانيا.
ويحذر المقال من مغبة وصول أقصى اليمين إلى السلطة، إذ سيؤدي ذلك إلى اختفاء أجندة "الصفقة الخضراء" الأوروبية، وتوجيه الاستثمارات على الأرجح إلى إعادة بناء الجيوش الوطنية، وتوسيع منظومة الترحيل الجماعي، وتشديد الرقابة على الحدود، واستهداف المسلمين واللاجئين الأوكرانيين.
وأكد برودر أن أوروبا لن تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي الكئيبة، الخاضعة لهيمنة أيديولوجيات أقصى اليمين، والمرتهنة لأميركا بنزعتها القومية الانعزالية، قد تحمل مآسيها الخاصة.
وحذر في ختام مقاله من أنه ما لم تُغيِّر الحكومات الأوروبية الوسطية مسارها، يمكن لأقصى اليمين أن يجعل أوروبا أرضا خالصة له، وبعدها لن يكون بمقدور أحد التنبؤ بما سيحدث.