وزيرة البيئة تطلق الحوار المجتمعي الوطني حول تغير المناخ
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
أطلقت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، الحوار المجتمعي الوطني حول تغير المناخ، والذي تنظمه وزارة البيئة بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة، في اطار تطوير خطتها الوطنية للتكيف (NAP)، بالتعاون مع شركاء التنمية، لتحديد ومعالجة مواطن الضعف المناخية بشكل منهجي في مختلف القطاعات والمناطق، وضمان أن يكون تخطيط التكيف شاملًا وتشاركيًا ومتعمقا في التجارب المعيشية للمجتمعات الأكثر تضررًا من تغير المناخ، وذلك بحضور السيدة إيلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة فى مصر، والدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد، الممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال إفريقيا، منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، والدكتور جان بيير دي مارجري، ممثل برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة ومديره القطري في مصر، والدكتور بشر إمام، رئيس وحدة العلوم الطبيعية والهيدرولوجيا الإقليمية، المكتب الإقليمي لليونسكو للعلوم في الدول العربية، والدكتور أحمد رزق، المدير القطري لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) في مصر، والدكتورة مروة علم الدين، مسؤولة، هيئة الأمم المتحدة للمرأة في مصر، والدكتورة ناتاليا ويندر روسي، ممثلة اليونيسف في مصر، والدكتور محمد بيومي، مساعد الممثل المقيم المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيس فريق تغير المناخ، الدكتور ماجد عثمان، المؤسس والرئيس التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة".
وقد أعربت د. ياسمين فؤاد عن شكرها العميق للأمم المتحدة بوكالاتها المختلفة والتي كانت شريك أساسي لمصر لعقود، لتحقيق تحول اخضر ناجح في مصر، واشارت ان من خلال مشاركتها الأخيرة كوزيرة للبيئة في الاحتفال بيوم البيئة العالمي وليس كمواطنة وخبيرة بيئية، إلى اهمية الرحلة التي مرت بها مصر في العمل البيئي بدعم حثيث من منظمات الأمم المتحدة والخبراء من الوزارات المعنية وفرق وزارة البيئة المدربة والمميزة، لدولة تواجه تحديات اجتماعية واقتصادية، وتحت قيادة فخامة رئيس الجمهورية المؤمن بأن البيئة والاستدامة في قلب عملية التنمية لتحقيق حياة كريمة ومستدامة للمواطنين، مثمنة دور كل شريك في رحلة ملهمة وناجحة، اجتمعت فيها مختلف الجهود على اختلاف المواقع والمسئوليات.
واكدت الدكتورة ياسمين فؤاد ان إطلاق الحوار المجتمعي لتغير المناخ جاء ضمن اهداف برنامج الحكومي الحالي لمدة ٣ سنوات، ايمانًا بأهمية دمج المجتمع في حوار يتسم بالشفافية والتشاركية والمصداقية لسماع آراء أصحاب المصلحة ورفع الوعي فيما يخص تغير المناخ، في ظل اختلاف طبيعة كل محافظة سواء ساحلية أو زراعية أو سياحية والتكدس السكاني حول الدلتا، حيث تم البدء من خلال ندوات تعريفية لملف تغير المناخ، من مختلف الشركاء والحديث مع الجمعيات الأهلية وصغار المزارعين في منظومة قش الأرز، والصيادين، وغيرهم.
واشارت وزيرة البيئة إلى الاستفادة من اختلاف تخصصات أسرة الأمم المتحدة داخل جمهورية مصر العربية، فلكل منهم ميزة نسبية يستطيع المشاركة بها، سواء من خلال مشروع أو قصة نجاح بتكرارها والبناء عليها أو من خلال تقديم الخبرات، لذا مشاركة منظمات الأمم المتحدة في الحوار المجتمعي والحلقات النقاشية يقدم المشاركة الفعلية بالجهود والخبرة على مستوى المحافظات.
وشددت سيادتها على أن الحوار المجتمعي يركز على المرونة والصمود والتكيف باعتباره أولوية لجمهورية مصر العربية، ويعد ملح حاليا أكثر من أي وقت مضى لجمع اصحاب المصلحة على اختلاف أجنداتهم واحتياجاتهم، ليكونوا على معرفة بأبعاد تحدي تغير المناخ والجهود التي تبذلها الدولة لاحتواء أزمات آثاره، فما شهدته الإسكندرية منذ أيام جاء اقل حدة من المتوقع بفضل الاجراءات المتخذة في تعديل نظم صرف الأمطار القدرات البشرية المدربة على ادارة الأزمة والحلول القائمة على الطبيعة المنفذة من سدود ما بين بئر مسعود حتى المحروسة كمرحلة اولى، مما خفف التأثير على الساحل على عكس المتوقع.
واضافت الدكتورة ياسمين فؤاد ان الآثار التي شهدتها مناطق مثل الإسكندرية ورأس غارب والصعيد، تطلب إطلاق حوار مجتمعي للتحاور مع المواطنين باختلاف مواقعهم للاستماع إلى شواغلهم وارائهم والحلول المقترحة، والتماشي والتكامل مع الجهود المبذولة من الدولة، وذلك بحوار منظم يتم فيه تحديد الموضوعات المطروحة والمحافظات التي سيجرى بها والمعلومات المقدمة والنتائج المتوقعة.
ولفتت وزيرة البيئة ايضا ان من اهداف الحوار اشراك المواطنين في الإصلاحات الهيكلية في السياسات في ملف المناخ، التي تنفذها الدولة حاليا، ومنها إنه مخاطر المناخ في القطاع المصرفي، وتعديل السياسات الخاصة بالتوسع في الطاقة الجديدة والمتجددة، والتعاون مع الوزارات المعنية لكفاءة استخدامات المياه، إلى جانب اشراك القطاع الخاص بتوفير حوافز وسياسات خضراء للمضي نحو طرق اكثر استدامة، حتى لا تكون جهود الحكومة في صياغة وتنفيذ وتطبيق السياسات بمعزل عن المجتمع، كما سيساعد على تسليط الضوء على الوظائف الخضراء والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
واكدت وزيرة البيئة ان تحقيق الانتقال الاخضر العادل يتطلب سياسات داعمة من الدولة بالتشاور مع اصحاب المصلحة، وحوار مجتمعي بناء وشفاف وصادق يستمع للأجندات المختلفة لفئات المجتمع، وعرض الجهود التي تبذلها الحكومة، حيث وضعت الدولة العديد من السياسات والاستراتيجيات ومنها استراتيجية التنمية المستدامة ٢٠٣٠ والاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ ٢٠٥٠، وخطة المساهمات الوطنية ٢٠٣٠، وبناء الهياكل المؤسسية داخل الوزارات لدمج تغير المناخ، وبناء نظام التحقق والرصد والإبلاغ لجمع البيانات والمعلومات وتحليلها، والخطة الوطنية للتكيف.
واستعرضت وزيرة البيئة جهود الدولة في التكيف في قطاعات الزراعة والمياه والمناطق الساحلية الأكثر هشاشة لآثار تغير المناخ، ومنها مشروع تبطين الترع بهدف تقليل الهدر في الموارد المائية وتوجيهها للزراعة بما يمثل قيمة مضافة للأراضي الزراعية، وتحسين نوعية المياه، وتحسين جودة حياة المزارع، وايضًا بدأت الدولة منذ ٨ سنوات اجراءات الحماية للسواحل المصرية بالحلول القائمة على الطبيعة، حيث نفذت ٧٠ من من تلك الحلول في ٥ محافظات منها الإسكندرية كإجراءات لمواجهة ارتفاع منسوب سطح البحر، كما عملنا مع برنامج الزراعة والأغذية FAO في مشروعات لصغار المزارعين واستنباط المحاصيل القادرة على مواجهة انحرافات درجات الحرارة، ونظم الري الموفرة للمياه بما يحقق تأثيرا مزدوجا، لذا لا بد من الاستماع للمجتمعات المحلية والحلول المقترحة منهم.
واعربت د. ياسمين فؤاد عن أملها بالخروج بحوار مجتمعي شامل على المستوى المحلي يجمع مختلف الفئات من المرأة والشباب وصغار المزارعين والصيادين مع الخبراء والعلام ومنظمات المجتمع المدني وممثلي المحافظات والوزارات، ليكون حوار ثري يقدم الجميع خلاله ما لديه من خبرات ومعلومات، للوصول لدولة مستدامة تقدم نموذجا للدول الأخرى في مواجهة آثار تغير المناخ.
ومن جانبها، اكدت السيدة إيلينا بانوفا، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة فى مصر، أن هذه المبادرة تمثل إعلانًا واضحًا بأن المتضررين من تغير المناخ يجب أن يكونوا في صميم صياغة الحلول المناخية، في اطار الدور الريادي لمصر في الاستجابة لأزمة المناخ، من خلال استراتيجيتها الوطنية لتغير المناخ 2050، ورؤيتها الطموحة في إطار رؤية مصر 2030، فضلًا عن استضافتها لمؤتمر الأطراف COP27 في شرم الشيخ، مقدمة التهنئة للدكتورة ياسمين فؤاد على تعيينها كأمينة تنفيذيّة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، بما يعد اعترافًا دوليًا بمساهماتها القيادية وتأثير مصر المتزايد في الحوكمة البيئية العالمية، ومثمنة الجهود الدؤوبة لوزيرة البيئة والحكومة المصرية في تعزيز الأجندة المشتركة بشأن الاستدامة البيئية والقدرة على التكيف مع تغير المناخ. والذى كان له دورًا محوريًا في ضمان أن يظل العمل المناخي ليس مجرد أولوية وطنية، بل ركيزة أساسية في هيكل الحوكمة المصرية.
وأكدت بانوفا أن الحوار الوطني الاجتماعي يأتي نتاجًا لرؤية شاملة تقودها مصر، حيث يشمل مشاركة واسعة من وكالات الأمم المتحدة مثل منظمة الأغذية والزراعة ( الفاو)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واليونيسكو، واليونيسيف، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وغيرها، لافتة إلى استمرار العمل والتعاون مع الشركاء الوطنيين لإشراك المجتمعات المحلية في عدد من الموضوعات ذات الأولوية، كارتفاع مستوى سطح البحر وإدارة المياه، والأمن الغذائي، والتنمية الحضرية، والتنوع البيولوجي، دور المرأة في العمل المناخي، وسبل دمج قضايا تغير المناخ في التعليم، ومن المقرر أن تمتد هذه الحوارات إلى 18 محافظة، بما يضمن إيصال صوت الأولويات المحلية، ويسهم في تشكيل العمل المناخي في مصر من قبل الفئات الأكثر تأثرًا به، مشيرة إلى أن نتائج استطلاعات الرأي التي يجريها الدكتور ماجيت عثمان وفريقه ستكون أساسًا لهذا الحوار،"من التشخيص إلى الحل"، مؤكدة أن العملية ستبنى على الحكمة الجماعية للمجتمع المصري.
في حين، اكد الدكتور محمد بيومي، مساعد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيس فريق تغير المناخ ان الحوار الاجتماعي يركز على التكيف مع تغير المناخ، بما يتماشى مع دعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لوزارة البيئة في وضع الخطة الوطنية للتكيف مع تغير المناخ بتمويل من الصندوق الأخضر للمناخ، من خلال نهج تشاركي مع المشاركة الكاملة للوزارات ذات الصلة، والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، وتتضمن الدراسات الأساسية لخطة العمل الوطنية تقييمات متعمقة لآثار مخاطر المناخ على القطاعات المهددة لتوجيه تصميم إجراءات التكيف مع تغير المناخ.
وأشار إلى أن الحوار الاجتماعي لتغير المناخ يعد جزءا من مشاورات خطة التكيف الوطنية وجهود التوعية، وستكون نواتج المناقشات مدخلا في خطة العمل الوطنية، موضحا أن الحوار الاجتماعي الذي سيبدأ على مستوى المحافظات، سيتم التوسع فيه على المستوى المحلي خلال العامين المقبلين ليصل إلى مستوى القاعدة الشعبية وذلك كان طلبا ملحا لوزيرة البيئة المصرية.
وتعتزم وزارة البيئة وشركاؤها ووكالات الأمم المتحدة تكوين مجموعة من دعاة المناخ، ودمج الاستدامة المناخية والبيئية في التخطيط والعمليات في القطاعات المتأثرة بتغير المناخ، حيث يجمع الحوار المجتمعى حول تغير المناخ، الوزارات المعنية، ووكالات التنمية، والمجتمع المدني، والشباب، وممثلي المحافظات، وأعضاء البرلمان، والمجتمعات المحلية، وغيرهم.
وشهدت الفعاليات عرض تقديمي للدكتور ماجد عثمان، المؤسس والرئيس التنفيذي للمركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة"، تم خلالها عرض نتائج استطلاع التوعية بتغير المناخ قبل وبعد مؤتمر الأطراف لتغير المناخ (COP27) في مصر. كما تم عرض فيلم قصير عن تأثير تغير المناخ في القطاعات المختلفة في مصر وكيف بدأت اجراءات التكيف على أرض الواقع.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: برنامج الأمم المتحدة الإنمائی الحوار المجتمعی مع تغیر المناخ للأمم المتحدة وزیرة البیئة لتغیر المناخ یاسمین فؤاد أن الحوار من خلال فی مصر
إقرأ أيضاً:
يوم البيئة العالمي بين الرمزية والشعارات وصرخة الفزع
يأتي اليوم العالمي للبيئة هذا العام، بمزيد من الخوف والرجاء والأمل، إذ تزداد التحديات البيئية والمناخية، وترتفع معدلات الحرارة العالمية وتتواتر الكوارث وتزيد الضغوط على النظم البيئية والمناخية وصحة الإنسان والاقتصاد العالمي، مع تعاظم النداءات للحؤول دون دخول الكوكب إلى عتبة اللاعودة.
وتستضيف كوريا الجنوبية فعاليات هذا الحدث العالمي تحت شعار "إنهاء التلوث البلاستيكي"، الذي يرمز للتحرك السريع لمواجهة أحد أخطر الملوثات والعوامل المؤدية للتدهور البيئي المتسارع وتغير المناخ، إضافة إلى مخاطر أخرى كثيرة تهدد فعليا مستقبل الحياة على كوكب الأرض.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على البيئة؟list 2 of 4"التمويه الأخضر".. التزام زائف بالاستدامة البيئيةlist 3 of 4كيف تتعافى النظم البيئية بعد الحرائق؟list 4 of 4فعاليات متنوعة لوزارة البيئة القطرية إحياء لليوم العالمي للبيئةend of listفي ذروة الاتجاه العالمي إلى التصنيع واسع النطاق وتراكم انبعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي والتلوث بأنواعه على الأرض، كان عام 1972 بمثابة نقطة تحول في تطوير السياسات البيئية الدولية، حيث رعت الأمم المتحدة، المؤتمر الرئيسي الأول حول القضايا البيئية، في الفترة من 5 إلى 16 يونيو/حزيران في ستوكهولم بالسويد.
ولم تكن خطوة أزمة البيئة والمناخ بارزة كما هي عليه الآن، لكن المؤتمر المعروف بمؤتمر البيئة البشرية أو مؤتمر ستوكهولم، سعى لصياغة رؤية أساسية مشتركة حول كيفية مواجهة تحدي الحفاظ على البيئة البشرية وتعزيزها.
إعلانوفي 15 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم 5 يونيو/حزيران سنويا كيوم عالمي للبيئة.
ورغم مرور أكثر من نصف قرن تواصل المؤشرات البيئية دق ناقوس الخطر، مع تفاقم التلوث، وذوبان الجليد، وحرائق الغابات، وارتفاع درجات الحرارة لمستويات قياسية، ووصول نقاط التحول المناخي إلى عتبات حرجة.
ليس التلوث البلاستيكي -وهو شعار يوم البيئة العالمي لعام 2025- هو الهاجس البيئي والمناخي للبشرية والكوكب، لكن المنتج الذي كان ثوريا عام 1907 وبات سمة العصر يلف حبائله حول الكوكب.
ينتج العالم نحو 430 مليون طن من البلاستيك سنويا، يُستخدم ثلثاها فقط في منتجات قصيرة العمر تتحول سريعا إلى نفايات لا يعاد تدوير سوى 9% منها فتلوث الأراضي والمحيطات وتدخل السلسلة الغذائية للحيوانات والبشر.
ويتسبب تلوث البلاستيك في كوارث بيئية وصحية ومناخية هائلة، ويدمر التنوع البيولوجي، لكن العالم لم يتوصل إلى اتفاق لوضع قوانين ملزمة للحد من التلوث البلاستيكي.
وتعارض دول وشركات كبرى، تسهم بالقدر الأكبر من التلوث البلاستيكي وانبعاثات الوقود الأحفوري إصدار قانون ملزم يمنع إنتاج البلاستيك حفاظا على مصالح اقتصادية تجارية واسعة، تغذيها النزعة الاستهلاكية التي صنعتها وسوقت لها خلال عقود.
وتشير التقديرات إلى أن الانبعاثات الكربونية ارتفعت في عام 2024 بنسبة 1.1% رغم التزامات الدول باتفاق باريس للمناخ لعام 2015.
وكان العام 2024 هو الأكثر حرارة على الإطلاق (تجاوز عام 2023) وفق بيانات منظمة "كوبرنيكوس" الأوروبية، مع تجاوز درجات الحرارة العالمية المعدلات الطبيعية بـ1.48 درجة مئوية.
وبين مايو/أيار 2024 ومايو/أيار 2025، تعرض نحو 4 مليارات شخص لشهر إضافي من الحرارة الشديدة بسبب التغير المناخي، مما أدى إلى زيادة الأمراض والوفيات وتضرر المحاصيل الزراعية، وتشير التوقعات إلى أن درجات الحرارة ستزداد طردا.
إعلانوزادت -تبعا لارتفاع الاحترار العالمي جراء الاحتباس الحراري- معدلات ذوبان الجليد في القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية، وغرينلاند بمعدلات غير مسبوقة ومقلقة، كما يتسارع ذوبان الأنهار الجليدية بشكل كبير مما سيؤدي خلال عقود قليلة إلى كوارث بيئية واقتصادية واجتماعية هائلة.
وتبعا للتغيرات المناخية، الناجمة بالأساس عن الأنشطة البشرية والنمط الاستهلاكي والبحث عن الرفاهية على حساب الطبيعة، بات أكثر من 3.6 مليارات شخص يعيشون في مناطق مهددة بيئيا بشكل مباشر، بحسب تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
كما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو مليون نوع من الكائنات الحية مهدد بالانقراض، وفق الأمم المتحدة، بسبب فقدان المواطن الطبيعية والتلوث وتغير المناخ، كما تموت الشعاب المرجانية نتيجة حرارة المحيطات الزائدة، وهو ما يمثل ضربة قاصمة للتنوع البيولوجي.
وتشير التقديرات أيضا إلى أن 9 من كل 10 أشخاص في العالم يتنفسون هواء ملوثا، ويموت سنويا نحو 7 ملايين شخص حول العالم جراء ذلك، يتباطأ التوجه نحو الطاقة المتجددة، وتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري.
بالمحصلة تزداد المحيطات، التي تعد خزانا رئيسيا للكربون حرارة وحموضة، وتزال آلاف الهكتارات من الغابات الاستوائية والحرجية التي تمتص غازات الدفيئة، وتدهورت التربة وأكثر من 40% من أراضي العالم، مما يؤثر عمليا على حياة 3 مليارات شخص على الأقل ويهدد الأمن الغذائي العالمي.
وفي هذا السياق الذي يؤشر إلى دخول الكوكب إلى العتبات الحرجة للتغير المناخي قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: إن"الإنسانية تحفر قبرها بيديها، لا يمكننا أن نستمر في حرق الوقود الأحفوري كأن لا شيء يحدث.. نحن نطلب الكثير من كوكبنا للحفاظ على أنماط حياة غير مستدامة.. نحن نفشل في حماية صحة الغلاف الجوي وتنوع الحياة على الأرض".
إعلانأما أندريه كوريا دو لاغو، رئيس مؤتمر المناخ (الأطراف) المقبل في البرازيل "كوب 30" (COP30) فقد أكد أننا "نواجه شكلا جديدا من الإنكار الاقتصادي يعيق العمل المناخي، حيث يشكك البعض في جدوى التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون".
وهو يشير بذلك إلى نكوص الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب عن السياسات والالتزامات المناخية الإيجابية وانسحاب بلاده من اتفاق باريس للمناخ وإغلاق الكثير من الهيئات المناخية ببلاده، وتشجيعه على إعادة الطفرة الاقتصادية بالاعتماد على الوقود الأحفوري وفق شعار "احفر يا صغيري احفر".
ويشير أيضا إلى أن بلدانا أخرى قد تتخلى عن التزاماتها المناخية أسوة بالولايات المتحدة، وكذلك الشركات الكبرى التي تلعب دورا أساسيا في تلويث الكوكب ودفعه إلى نقطة اللاعودة.
يرى عالم البيئة الأميركي جيمس هانسن- وهو أحد أوائل من دقوا ناقوس خطر التغير المناخي في الثمانينيات- إن الاحتفال هذه السنة يأتي في ظل تناقض صارخ: التزامات دولية كثيرة، وخطابات قوية، لكن التنفيذ على الأرض بطيء، بل أحيانًا منعدم. وهو ما يظهر في المفاوضات الدولية الطويلة والشاقة منذ عام 2022 لإقرار اتفاقية البلاستيك.
ويبرز ذلك أيضا في قضية الحد من الانبعاثات وتعويضات الكربون وديون المناخ واللاعدالة المناخية، فالدول النامية (الجنوب) التي تتحمل تاريخيا أقل من 20% من الانبعاثات تواجه معظم الكوارث المناخية والبيئية، لكن تقاعس الدول الملوثة عن دفع 100 مليار دولار لمواجهة ذلك جعل قدرتها على الصمود محدودة.
وحسب تقرير، لمنظمة "أكشن أيد" (actionaid) بعنوان "من يدين لمن؟" فإن أكثر الدراسات منهجية، تشير إلى أن دين المناخ الذي يتعين على الدول الغنية الملوثة دفعه للدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط الأدنى يقدر107 تريليونات دولار، من بينها 36 تريليون دولار لأفريقيا، وهذا يزيد بأكثر من 70 مرة عن إجمالي الدين الخارجي لهذه الدول مجتمعة، والبالغ 1.45 تريليون دولار.
إعلانوإضافة إلى الدول، تظهر دراسة أن 100 شركة عالمية في مجال النفط والغاز والوقود الأحفوري تتحمل نسبة 70% من الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، فيما تتحمل شركات أخرى متعددة الجنسيات (معظمها في الغرب) مثل شركات المشروبات والألبسة والأغذية والنقل وزر تلويث البيئة وزيادة الاحترار العالمي.
بشكل عام، تبدو صورة البيئة العالمية قاتمة، لكن نقاط ضوء تبرز في شكل مبادرات ملهمة، على صعيد العمل البيئي وتنامي الوعي العالمي الرسمي أو الشعبي بضرورة التحرك العاجل لحماية الكوكب، كما أن التحول إلى الطاقات المتجددة يتسارع عالميا خصوصا في بلدان مثل الصين والهند والبرازيل.
كذلك المبادرات والاتفاقات التي ترعاها الأمم المتحدة، مثل اتفاقية حماية التنوع البيولوجي التي أقرّت عام 2024 لحماية 30% من كوكب الأرض بحلول 2030، أو اتفاقية مكافحة التصحر، أو عقد المحيطات، أواتفاقية الحد من تلوث البلاستيك وغيرها، وخصوصا اتفاق باريس للمناخ رغم تعثرها تعطي مساحة.
ولم يفلح المجتمع الدولي في كبح جماح النزعة الاستهلاكية المفرطة لثروات الأرض، والتدمير الممنهج للنظام البيئي بحثا عن مزيد من الرفاهية غير المتوازنة عالميا، ولم تفرض الحلول اللازمة مبكرا التي تجنب البشرية الدخول إلى نقطة اللاعودة في الحول المناخي.
وبذلك لا يعد اليوم العالمي للبيئة 2025 مجرد يوم رمزي يقف على ذكرى تمتد لـ50 عاما، بل هو تذكير صارخ بأن الكوكب على تحول خطير، ولم تعد خطة الإنقاذ تحتمل التأجيل والخلافات ونزعات تسخير الطبيعة ومواردها للأغراض الاقتصادية والتجارية الصرفة، بل هو إرادة فاعلة وقوانين ملزمة وتغيير جوهري في الوعي وأنماط الإنتاج والاستهلاك، واستثمار هائل في الاقتصاد الأخضر.