نيفين عباس

Nevenabbas88@gmail.com
@NevenAbbass

ليس من السهل أبدًا إدارة ملايين البشر في وقتٍ واحد، داخل رقعة جغرافية محدودة، وفي ظروف مناخية شاقة ومع ذلك، تبدو المملكة العربية السعودية كل عام كأنها تتقن المستحيل، وفي موسم حج 2025 تحديدًا، بدا الأمر أكثر من مجرد “تنظيم”؛ كان تجسيدًا حيًا لفكرة الدولة الحديثة التي تحترم الإنسان وتُعلي من قيمة الشعيرة، لقد نجحت السعودية هذا العام في تحويل الحج إلى تجربة متكاملة تجمع بين الروحانية والانسيابية والأمان، لم يكن الحديث عن الذكاء الاصطناعي والطائرات المُسيّرة وتقنيات التبريد الشامل استعراضًا تكنولوجيًا، بل كان وسيلة لحماية الأرواح وتيسير العبادات، ولتقديم خدمة تليق بمكانة الحج كأحد أركان الإسلام، ولأن القِيَم لا تُقاس بالخُطب، بل بالأفعال، فقد كانت طريقة المملكة في التعامل مع الحشود نموذجًا للرؤية التي لا ترى في الحاج “رقمًا”، بل “قيمة”، تسهيل إجراءات الدخول، توفير مراكز طبية متكاملة، استخدام أساور ذكية لسلامة الحجاج، وتوزيع المياه والظلال في صيفٍ حارق، كل ذلك ليس ترفًا إداريًا، بل احترامٌ للإنسان، ووسط هذا النجاح اللافت، لا يمكن إغفال البصمة الواضحة لسيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- الذي نقل ملف الحج من كونه مهمة موسمية إلى كونه مشروعًا استراتيجيًا تتقاطع فيه التقنية مع الإدارة، والبُعد الإنساني مع الرؤية الاقتصادية، إشرافه الدقيق، ودفعه نحو رقمنة الخدمات، وتوجيهه بأن تكون تجربة الحاج “سهلة ومُلهمة”، يعكس فهمًا عميقًا لموقع الحج في قلب كل مسلم، ولدور المملكة كراعية له، ما يلفت النظر في موسم هذا العام ليس فقط التقدّم التقني، بل الانسجام الإداري الواضح بين الوزارات والهيئات المختلفة، لا فوضى في المهام، ولا ارتباك في الطوارئ، بل خطة دقيقة تشي بأن الدولة لم تترك شيئًا للصدفة، وأن إدارة الحشود في أقدس مكان على الأرض، باتت تُدار بعقل مؤسسي يُحتذى، ومع كل ذلك يبقى الأهم من التنظيم هو الرسالة التي تحملها هذه التجربة: أن السعودية لا تنظر للحج بوصفه “موسمًا” فحسب، بل كمناسبة مقدسة، تتعامل معها بما يليق بها من جدّية وهيبة وأنها لا تسعى فقط لتيسير الشعيرة، بل لصياغة مستقبلها على أسس مستدامة تحفظ كرامة الحاج، وتُبرز الوجه الحضاري للإسلام، في موسم حج هذا العام لم تُثبت المملكة قدرتها فقط بل أثبتت نُضجها وهذا هو الفارق الحقيقي بين أن تُدير حشدًا وأن ترعى أمة.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

وزير الداخلية: دعم وتوجيهات القيادة سر نجاح خطط الحج.. منى.. قصة وداع لا تنسى

البلاد – منى
في مشهد مهيب لا يتكرر إلا مرة في العام، ودّعت مشاعر منى أمس (الاثنين)، أفواج الحجيج وهم يرمون الجمرات الثلاث في ثالث أيام التشريق، وسط أجواء مفعمة بالإيمان، وقلوب تخفق بالشكر والرجاء. بدأ الحجاج يومهم برمي الجمرة الصغرى؛ فالوسطى ثم جمرة العقبة، ليختموا بذلك رحلة الطاعة، ويرتحلوا من منى إلى مكة المكرمة؛ لأداء طواف الوداع، في حركة سلسة ومنظمة، وكأنها خطى ملائكية انسيابية.
وأكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، في برقيتي تهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء-حفظهما الله- بمناسبة عيد الأضحى المبارك، ونجاح موسم الحج، أن نجاح موسم حج هذا العام، تحقق- بفضل من الله- ثم باهتمام وتوجيهات القيادة الرشيدة، التي كانت حجر الأساس في تمكين جميع الجهات المشاركة في مهمة الحج من تنفيذ كافة الخطط بكل كفاءة واقتدار، وبما يتوافق مع أعداد الحجاج لهذا العام، التي بلغت 1,673,230 حاجًا، وتقديم الرعاية والخدمات لهم بأعلى المعايير؛ ما مكّنهم من أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة.
وأشار إلى أن موسم الحج لم يشهد هذا العام ما يعكّر صفوه، أو يؤثر على أمن وسلامة الحجاج، ولم تسجل أي حالات وبائية أو محجرية، حيث أثمرت الجهود الوقائية والخدمات الصحية المقدمة لحجاج بيت الله الحرام عن انخفاض في معدلات الحالات المرضية والإجهاد الحراري والوفيات.
وفي المسجد النبوي، حيث تُسكن القلوب بعد أداء المناسك، كانت الهيئة العامة للعناية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي على أتم الجاهزية. سجاد مفروش، وماء زمزم يُسقى بكرم، وأجواء معطرة، وخدمات تنقّل ميسرة لعشرات الآلاف، كل هذا امتزج بحفاوة الضيافة وروعة التنظيم، ليتحوّل المسجد النبوي إلى محطة نقاء روحي لا تُنسى.
وقدّمت الهيئة تجربة فريدة عبر خدمات للأطفال، وذوي الإعاقة، وكبار السن، وضيوف الرحمن كافة، في مشهد يجمع بين العناية الميدانية والبُعد التوعوي، في تناغم عميق مع روح الرسالة الإسلامية.

مقالات مشابهة

  • خلال موسم الحج.. 97.7% نسبة رضا الحجاج عن الخدمات العلاجية بمنشآت تجمع مكة الصحي
  • «الشهري»: خبرات المملكة تترجم على أرض الواقع بموسم الحج  
  • “الإحصاء”: (420,070) مشتغلًا لخدمة (1,673,230) حاجًّا وحاجَّة في موسم الحج
  • "الإحصاء": عدد المشتغلين في موسم الحج بلغ 420,070 مشتغلًا لخدمة 1,673,230 حاجًّا وحاجَّة
  • حجاج سلطنة عمان يشيدون بخدمات المملكة خلال موسم الحج
  • وزير الداخلية: دعم وتوجيهات القيادة سر نجاح خطط الحج.. منى.. قصة وداع لا تنسى
  • «الأرصاد» السعودية: الحج في الصيف لن يعود قبل 25 عاماً
  • وزارة الاعلام السعودية تبرز ريادة المملكة في خدمة ضيوف الرحمن خلال موسم الحج
  • بدء عودة الحجاج العُمانيين بعد أداء مناسك الحج.. وإشادات بمستوى التنظيم والجاهزية