في أحد أبراج مجمع "مدينة العواصم" بموسكو، المطلة على مياه نهر موسكوفا المتعرجة والساحة الحمراء، يقيم منذ أشهر بشار الأسد، الرئيس السوري المخلوع.

وبين ناطحات السحاب الفاخرة التي تقطنها النخب الروسية، وجد الأسد ملاذًا لا يخلو من الترف، لكنه أشبه بالإقامة الجبرية منه بالمنفى السياسي.

موقع "فرانس إنفو" الفرنسي٬ تواصل مع أحد مديري المجمع العقاري الذي يُعتقد أن الأسد يقيم فيه، لكنه تهرب من الإجابة قائلًا: "لست مخولًا بالكشف عن هذا النوع من المعلومات".

ومع ذلك، تشير معظم المؤشرات إلى أن البرج الزجاجي الذي يقطنه الأسد يقع في قلب حي تجاري فاخر غرب العاصمة الروسية، يجاور فيه الأوليغارشيون الروس والمؤثرون العالميون.

تتميز شقق المجمع بأثاث راقٍ وتجهيزات حديثة، ويصل سعر إحداها، بمساحة 119 مترًا مربعًا، إلى 1.9 مليون دولار. "الإيجارات هناك لا تُطاق، لا يعيش فيها إلا الصفوة. رغم فرارها، يبدو أن عائلة الأسد لا تزال تملك بعض المال"، تقول صحفية روسية تحدثت إلى الصحيفة الفرنسية بشرط عدم الكشف عن هويتها.

ثروة من الفساد والنقل بالطائرات
وعلى مدى سنوات عملت عائلة الأسد على نقل أصولها إلى روسيا، واستثمرت في العقارات وأسست شركات مختلفة. وفي آذار/مارس 2020، كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" عن جسر جوي استمر 18 شهرًا، بين 2018 و2019، نقل خلاله نحو 250 مليون دولار نقدًا إلى موسكو أي ما يعادل طنين من الأوراق المالية الصغيرة.

ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عام 2022، قُدرت ثروة العائلة بـ"ما لا يقل عن ملياري دولار"، جُمعت من أنشطة غير مشروعة، كتهريب الأسلحة والمخدرات والابتزاز. ثروة تكفي لتغطية تكاليف تعليم الأبناء الثلاثة – حافظ (24 عامًا)، زين (21 عامًا)، كريم (20 عامًا) – بالإضافة إلى علاج الأم أسماء الأسد، المصابة بسرطان الدم.


ورغم ضخامة هذه الثروة، لم يظهر بشار الأسد أو زوجته علنًا منذ سقوطه. وكان آخر خطاب له بُث في 16 كانون الأول/ديسمبر الماضي، أي بعد ثمانية أيام من فراره، وفيه نفى أن يكون قد هرب في اللحظات الأخيرة، مؤكدًا أن موسكو طلبت منه "إخلاءًا فوريًا" مساء 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي.

ويرى فابريس بالانش، الخبير في الجغرافيا السياسية السورية والذي سبق أن التقى الأسد عام 2016 ٬ أن هذا الصمت مردّه إلى رقابة روسية صارمة. ويقول"هو محمي وتحت رقابة الأجهزة الروسية، وتحركاته على الأرجح محدودة جدًا"، مرجحًا أن الكرملين هو من أمره بالتواري عن الأنظار.

ويضيف أن احتمال إقامته في ضاحية "روبلوفكا" الفاخرة قائم، لكن "مدينة العواصم" تبقى الأكثر ترجيحًا. ويُذكر أن الحي تعرض في أكثر من مناسبة لهجمات بطائرات مسيّرة أوكرانية، ما يزيد من تعقيد حياة الأسد اليومية.

المخلوع يتابع بلاده من خلف الزجاج
وتقول الصحيفة الفرنسية٬ من وراء الزجاج، تابع بشار الأسد  بصمت وعجز٬ أولى خطوات الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، ومشاهد اقتحام القصر الرئاسي، وانهيار رموز حكمه، وتدمير ضريح والده حافظ الأسد.

لكن رغم كل ذلك، لا يبدو أنه تخلّى عن أحلام العودة إلى السلطة. يقول إياد حميد، الباحث في "برنامج التنمية القانونية السوري" في لندن: "الأسد مهووس بالسلطة ومغرور. هو يعتقد أنه يُجسد سوريا. لا شك أنه يتابع ما يجري، ولا يزال يعتقد أنه قادر على العودة".

أما رياض الأسد، ابن عمه المقيم في لندن، فيرفض أي صلة به أو بنظامه. يقول لنا بتأثر: "هربت من سوريا عام 1984 عندما كنت في التاسعة، بسبب خلافات بين والدي ووالد بشار. بعد كل ما فعلوه، ماذا يمكنهم أن يقولوا؟ ’نحن آسفون؟‘ لقد فات الأوان".


صمت الكرملين... ومصافحة لم تأت
منذ وصول الأسد إلى موسكو، لم يصدر عن الكرملين أي بيان رسمي بشأن استضافته. وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي٬ وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "ينوي التحدث" إليه، لكن وبعد مرور ستة أشهر، لم يحصل أي لقاء معلن بين الرجلين. 

ويوضح فابريس بالانش،"بوتين لم يكن متحمسًا لاستقباله"، مضيفًا: "بوتين لا يحتفظ بالخاسرين بدافع الشفقة. لكنه فضل رؤيته في موسكو على أن يُعلق من خطاف في دمشق. إنها رسالة لبقية الحلفاء: إذا اضطررتم للفرار، فروسيا ستكون هنا".

في المقابل، يظهر حافظ، الابن الأكبر للأسد بين الحين والآخر في أماكن عامة. في 12 شباط/فبراير، ظهر في مقطع فيديو وهو يتمشى قرب الكرملين، وبعدها بأيام نشر صورة أمام جامعة لومونوسوف، حيث كان قد دافع عن أطروحة الدكتوراه قبيل سقوط النظام.

العدالة لا تزال تطارده
رغم خروجه من المشهد السياسي، لا يزال الأسد ملاحقًا معنويًا ويقول ناشط سوري فقد أفرادًا من عائلته على يد النظام وقانونيًا. "سنتعقبه حتى النهاية، لن نتركه أبدًا". 

ويؤكد مؤسس منظمة "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" فاضل عبد الغني، لا يزال الأمل قائمًا بمحاسبته. وتابع: "الأمل ليس عاطفيًا فقط، بل قانوني وواقعي. لدينا أدلة واسعة، وهناك مطالبات مستمرة من آلاف الضحايا والناجين بالعدالة".

ومنذ كانون الأول/ديسمبر الماضي٬ دأبت السلطات السورية الجديدة على مطالبة موسكو بتسليم بشار الأسد، وفي آذار/مارس الماضي، قدّم الرئيس أحمد الشرع هذا الطلب مباشرة إلى فلاديمير بوتين، بحسب تقارير. وحتى لحظة كتابة هذه السطور، لم يصل أي رد من الكرملين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الأسد روسيا موسكو سوريا سوريا الأسد روسيا موسكو صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کانون الأول دیسمبر الماضی بشار الأسد

إقرأ أيضاً:

«سي إس جي» الصينية تؤسس مصنعاً ذكياً للزجاج الموفر للطاقة في «كيزاد»


أبوظبي (الاتحاد)
أعلنت مناطق خليفة الاقتصادية أبوظبي - مجموعة «كيزاد»، عن قيام شركة «الصين الجنوبية للزجاج» (سي إس جي)، المتخصصة في مجال تصنيع الزجاج الموفر للطاقة والمواد الحديثة، بتأسيس منشأة تصنيع ذكية هي الأولى من نوعها لها خارج الصين، وذلك في «كيزاد».
وتعتزم الشركة استثمار 300 مليون درهم في إنشاء المصنع بمنطقة مصفح «ايكاد-1»، والذي سيوفر 400 فرصة عمل للكفاءات المتخصِّصة والفنية، دعماً لتوجه إمارة أبوظبي نحو تعزيز نمو القطاع الصناعي وتنويع الاقتصاد.
وسيُقام المصنع على قطعة أرض تبلغ مساحتها 95 ألف متر مربع، وسيكون بمثابة المركز الإقليمي لشركة «سي إس جي» لتصنيع الزجاج عالي الأداء والموفّر للطاقة.
ومن المتوقع أن ينتج المصنع سنوياً أكثر من 5 ملايين متر مربع من الزجاج المطلي والمُصفّح والمعزول، لدعم مشاريع الإنشاءات والبنية التحتية في دولة الإمارات، ودول الخليج العربي، وأوروبا، وأفريقيا، والولايات المتحدة.
وقال عبدالله الهاملي، الرئيس التنفيذي للمدن الاقتصادية والمناطق الحرة في مجموعة موانئ أبوظبي: يُعد استثمار شركة «سي إس جي» مؤشراً واضحاً على الثقة المتزايدة في استراتيجية أبوظبي الصناعية، ويؤكد مكانة مجموعة «كيزاد» كمركز إقليمي للصناعات المتقدمة، موضحاً أن المصنع الجديد سيوفر مئات الوظائف، فضلاً عن توطين صناعة الزجاج عالي الجودة، ما يُسهم في تعزيز منظومة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، بما يرسّخ مكانة الإمارة في سلاسل القيمة العالمية.
وأضاف أن مجموعة «كيزاد» تواصل تعزيز موقعها كوجهة مفضلة للشركات المستدامة الرائدة إقليمياً وعالمياً، والتي تتطلع إلى توسيع نطاق أعمالها في أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، وأن تأسيس مصنع «سي إس جي» في أبوظبي خطوة مهمة نحو تطوير صناعة الزجاج الموفر للطاقة، وتلبية احتياجات قطاع الإنشاءات في المنطقة، بما يتماشى مع توجه دولة الإمارات نحو المباني الخضراء والطاقة النظيفة.
من جانبها، قالت وينشين وانغ، نائب الرئيس والمدير المالي لمجموعة «سي إس جي»: أبوظبي وجهة مثالية لإطلاق أول مشاريع المجموعة الصناعية في منطقة الشرق الأوسط، وتوفر مجموعة «كيزاد» بنية تحتية عالمية المستوى، وخدمات لوجستية متقدمة، وموقعاً استراتيجياً مثالياً على مقرُبة من أهم الأسواق الإقليمية والعالمية.
وأضافت أن زجاج «سي إس جي» الموفر للطاقة أصبح يُستخدم على نطاق واسع في بعضٍ من أبرز المعالم الأيقونية حول العالم، وأن المصنع الجديد سيضم خطوط إنتاج ذكية مؤتمتة بالكامل ومدعومة بتقنيات طلاء متقدمة تُعد من الأفضل عالمياً، ما سيجعله ضمن أفضل مصانع الزجاج على مستوى العالم.
وأوضحت أن المصنع الجديد يستهدف إمداد أسواق دولة الإمارات ومنطقة الخليج بمنتجات عالية الجودة من الزجاج الموفر للطاقة، إلى جانب تعزيز جهود تنمية الصناعة المحلية على المدى الطويل.
وسيضم المصنع الجديد في إمارة أبوظبي خطوط إنتاج مؤتمتة وذكية تعتمد على تقنيات الطلاء الأحدث عالمياً، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيله في نهاية عام 2026، لإمداد المطورين في دولة الإمارات بالزجاج عالي الجودة المُصنّع محلياً، ما سيقلل من اعتماد المنطقة على المنتجات المستوردة.

مقالات مشابهة

  • «دبي للاستثمار» تضاعف طاقتها الإنتاجية من الزجاج المسطح
  • عقوبات مشددة على التعامل غير القانوني بالنقد الأجنبي وتحويل الأموال وفقا للقانون
  • «سي إس جي» الصينية تؤسس مصنعاً ذكياً للزجاج الموفر للطاقة في «كيزاد»
  • لوبوان: كيف أفلتت أحداث 7 أكتوبر من رقابة الاستخبارات الإسرائيلية؟
  • سوهاج: حملات تموينية مشددة وافتتاحات طبية جديدة.. وإنجازات تعليمية لافتة
  •  وزير الرياضة يستقبل لاعبي المنتخب السعودي تحت (19) عامًا وتحت (17) عامًا بمناسبة تحقيقهم لقبَي كأس الخليج العربي لكرة القدم
  • تجديد حبس 3 عاطلين وسيدة بتهمة سرقة السيارات بالمقطم
  • عقوبات مشددة تواجه شبكة لممارسة الرذيلة داخل نادٍ صحي بمدينة نصر
  • الشرع يكشف رد روسيا بشأن تسليم بشار الأسد
  • الكرملين مؤيدا ترامب: أوكرانيا خسرت القرم منذ سنوات