القدس المحتلة - رنا شمعة - صفا

منذ اليوم الأول لاحتلال مدينة القدس عام 1967، وضع الكيان الإسرائيلي قضية تهويدها على سلّم أولوياته، فعمل على مصادرة مساحات شاسعة من أراضيها، لبناء المستوطنات، وخلق واقع جيوسياسي، تمهيدًا لفرض سيطرته الكاملة عليها.

ويُركز الاحتلال في خططه على إيجاد أغلبية يهودية مطلقة في المدينة المحتلة، بحيث تكون العامل الحاسم في أي اتفاق مستقبلي، فضلًا عن عزلها جغرافيًا عن باقي الضفة الغربية المحتلة بتجمعات يهودية ضخمة، وتهجير المقدسيين ودفعهم إلى الإقامة خارج "حدود بلدية القدس".

وكثيرًا ما كانت القدس محور قرارات عديدة صدرت عن الأمم المتحدة بدءًا من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 لسنة 1947، وما تبعه من قرارات ذات صلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي كمنطقة محتلة، تخضع للقانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، اللذين يجرّمان الإجراءات الإسرائيلية.

ويرفض القانون العُرفي الدولي، كما ورد نصّه في ميثاق الأمم المتحدة (المادة 2، الفقرة 4)، جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وبناءً عليه، فإن ضم "إسرائيل" شرقي القدس وسيطرتها عليها غير قانوني.

أرقام ومعطيات

ومنذ عام 1967، صادرت سلطات الاحتلال 25 كم2 من أراضي شرقي القدس، أي 35% من مساحتها البالغة 70 كم2، بحجة "المصلحة العامة"، وفق الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب.

ويوضح في حديث لوكالة "صفا"، أن مساحة القدس بشطريها الشرقي والغربي تبلغ 125 ألفًا و400 دونم، تقع ضمن ما يسمى "بلدية القدس"، وتعتبر أكبر مدينة في فلسطين التاريخية، ويبلغ عدد سكانها 900 ألف نسمة، بينهم 39% من الفلسطينيين، و61% من اليهود المُحتَلين.

ويضيف أن عدد الفلسطينيين في شرقي القدس يبلغ 340 ألفًا، والمستوطنين 220 ألفًا، لافتًا إلى أن الاحتلال أقام 10 مستوطنات كبيرة في المدينة المقدسة تضم 55 ألف وحدة استيطانية.

ويبين أن سلطات الاحتلال استولت منذ عام 1967، على 3004 من ممتلكات المقدسيين شرقي المدينة، وطردت أهلها منها، وأسكنت مستوطنين بدلًا عنهم، خاصة في البلدة القديمة، وحارة الشرف، وبلدة سلوان، وحي الشيخ جراح.

ومنذ العام الجاري 2023، وافقت حكومة الاحتلال وبلديتها والجمعيات الاستيطانية على بناء 13 ألف وحدة استيطانية شرقي القدس، وما زال العمل فيها مستمرًا.

وبحسب أبو دياب، فإن سلطات الاحتلال سحبت منذ العام 1967، هويات نحو 20 ألفًا و115 مقدسيًا، كما هدمت 3124 منزلًا شرقي المدينة، بالإضافة إلى 615 منزلًا هدمها أصحابها قسرًا، بعدما أجبرتهم البلدية على ذلك، تجنبًا لدفع تكاليف الهدم الباهظة لآلياتها، ما أدى لتهجير 16 ألفًا و200 مقدسي.

ويتهدد خطر الهدم 22 ألفًا و416 منزلًا، بحجة البناء دون ترخيص، وتُعد المناطق المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك، والواقعة ضمن ما يسمى بـ"الحوض المقدس" التاريخي، البالغ مساحتها 27 ألفًا و500 دونم، الأكثر تهديدًا.

ويشير الباحث المقدسي إلى أن هذه المناطق تشمل حي الشيخ جراح وبلدة سلوان وجبل المشارف وجبل الزيتون وجبل المكبر.

ويفيد بأن 46% من أوامر الهدم تكون من نصيب سلوان وجبل المكبر، لافتًا إلى أن الاحتلال أقام 87 بؤرة استيطانية في أحياء سلوان، وصادر 27% من أراضيها لأغراض التهويد والاستيطان.

ويبلغ عدد المستوطنين في سلوان 3150 مستوطنًا، والبلدة القديمة نحو 4 آلاف مستوطن، وتحديدًا في حي المغاربة وحارة الشرف اللذين تم الاستيلاء عليهما وطرد أهلهما.

حرمان من البناء

ويوضح أن سلطات الاحتلال صنفت 87% من أراضي القدس كـ" أراضٍ خضراء" يُمنع البناء عليها، لصالح الاستيطان والطرق والشوارع الالتفافية، وسمحت للمقدسيين بالبناء على 13% فقط من أراضيهم.

ويلفت إلى الـ13% أصبحت مناطق مكتظة بالسكان، نتيجة التكاثر الطبيعي، وصعوبة البناء، حيث لم يتبق منها اليوم سوى 2% شمالي القدس يمكن البناء فيها.

ووفقًا لأبو دياب، فإن 97% من الطلبات التي يُقدمها المقدسيون لبلدية الاحتلال للحصول على رخص البناء يتم رفضها، في المقابل، يتم قبول 99% من طلبات المستوطنين.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل تعمد الاحتلال منذ العام الجاري، تقديم 22 مخططًا للتوسع الاستيطاني بإجمالي 16060 وحدة استيطانية في شرقي القدس.

وتعترف الأمم المتحدة بشرقي القدس كأراضي محتلة (تخضع لبنود معاهدة جنيف الرابعة)، وبناءً عليه ترفض ادعاءات "إسرائيل" بالسيادة عليها.

ويعتبر قرار مجلس الأمن رقم 252 لعام 1968 "الأعمال التي تقوم بها إسرائيل، وتهدف إلى تغيير الوضع القانوني للقدس باطلة، ولا يمكن أن تُغيّر ذلك الوضع".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: الشيخ جراح القدس سلوان تهويد القدس سلطات الاحتلال شرقی القدس

إقرأ أيضاً:

إحصائيات صادمة عن سياسة الهدم الإسرائيلية بالضفة منذ طوفان الأقصى

جنين- بكى أمجد خازم بحرقة كبيرة وهو يشاهد جرافات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزله ومحله التجاري الاثنين الماضي، في مخيم جنين شمال الضفة الغربية. وهذا واحد من 11 منزلا تعود لإخوته هدمها الاحتلال مرة واحدة، بالإضافة لأكثر من 10 محال تجارية تعود للعائلة.

بحزن وقهر كبير يصف خازم للجزيرة نت ما يشعر به وهو يشاهد المنزل الذي ولد وعاش فيه يهدم بلحظات، "هذا قهر كبير، لم يتركوا لنا منزلا واحدا ولا محلا، عمري 64 عاما عشتها هنا، وهذا المنزل بني قبل ولادتي بأعوام، لا قهر يعادل هذا القهر".

ولم يخسر خازم وأشقاؤه الـ11 منازلهم فقط، بل خسروا مصدر رزقهم بهدم المحال التي كانت تعيل عائلاتهم.

دخان يتصاعد جراء نسف الاحتلال منازل في مخيم طولكرم شمال الضفة (الجزيرة) هدم ثلث المخيم

وعلى مدار 6 أشهر من العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين هدمت جرافات الاحتلال أكثر من ثلث المخيم، وذلك وفق تقديرات بلدية جنين.

وتقول البلدية إنه بعد إعلان الاحتلال عن مخططه بهدم 95 بناية في المخيم الشهر الماضي، فإنه يكون قد هدم نحو ألف منزل في المخيم، الذي يضم 3200 منزل.

وفي الوقت ذاته، يواصل الاحتلال منذ 5 أشهر هدم منازل المواطنين في مخيمات مدينة طولكرم، فقد أخطر الاثنين الماضي بهدم 104 منازل جديدة في "مخيم طولكرم".

من جهته، أصدر عبد الله كميل محافظ طولكرم بيانا طالب فيه المجتمع الدولي الضغط على الاحتلال لوقف عمليات الهدم في المخيمات، مؤكدا أن صمت المجتمع الدولي عن هذه الجرائم يشجع الاحتلال على الاستمرار في اعتداءاته.

وقال إن هذا القرار يعبر عن عمل إجرامي، وهو قرار سياسي يتحمل مسؤوليته رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- وحكومته، "وهو يمثل انتهاكا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، واتفاقيات حقوق الإنسان وخاصة حق الإنسان في السكن والحياة".

جرافات الاحتلال تهدم منازل في محيط مخيم جنين (الجزيرة) ذرائع للهدم

ولا يتوقف هدم المنازل على مخيمات الضفة الغربية، بل اعتمد الاحتلال منذ بدايته سياسة هدم المنازل في عموم الضفة متذرعا بمزاعم واهية لا صحة لها.

إعلان

وهدمت سلطات الاحتلال الثلاثاء منزلا في إحدى قرى مدينة قلقيلية، بحجة وقوعه في منطقة (ج)، كما هدمت جرافات الاحتلال الخميس الماضي مبنى من طابقين في قرية الزاوية جنوب جنين لذات الحجة.

وأخطر الاحتلال عائلة الشهيد رأفت دواسة من سيلة الحارثية غرب جنين بهدم منزلها، بحجة تنفيذ دواسة عدة عملية إطلاق نار على المستوطنين، قبل اغتياله في أغسطس/آب عام 2024.

وعلى مدار الشهور الماضية، هدم الاحتلال عدة منازل ومنشآت فلسطينية في برطعة وقرى طولكرم وسلفيت وأريحا، بالإضافة لهدم منازل شهداء في الخليل ونابلس.

وتهدم إسرائيل المنازل الفلسطينية مستندة إلى 3 ذرائع هي:

الهدم العسكري: ويعد الأكثر خطرا وتدميرا حيث يعمد إليه الاحتلال دون سابق إنذار ويؤدي لدمار واسع في البنية التحتية والمباني، كما كان يحدث عند كل اقتحام لجنين وطولكرم وطوباس. الهدم العقابي: حيث تعاقب إسرائيل منفذي العمليات ضد المستوطنين والجيش الإسرائيلي بهدم منازلهم ومنازل عائلاتهم. الهدم الإداري: وهو الأكثر شيوعا، ويستخدم لتقييد التوسع العمراني الفلسطيني وخاصة في المناطق (ج) التي تمثل 60% من الضفة الغربية.

وتعتمد إسرائيل على القانون البريطاني لعام 1945 الذي صدر ضد الثورة الفلسطينية، وأقر هدم منازل المتهمين بحجة ردعهم. ورغم أنه قانون استعماري قديم فإن الاحتلال لا يزال يعتمده حتى اليوم، حتى بعد اعتبار المحكمة العسكرية الإسرائيلية أنه يستخدم بطريقة تفوق الغرض الأساسي منه، وأنه بات يستهدف عائلات بأكملها.

الاحتلال هدم منزلا تحصن فيه مقاومون في بلدة برقين غرب جنين (الجزيرة) جرائم حرب

وترى منظمات قانونية أن إسرائيل لا تميز بين مناطق المسيطر عليها من قبل السلطة الفلسطينية ومناطق (ج)، حيث عمد الاحتلال على هدم مبان وعمارات سكنية في رام الله ونابلس، دون أي اعتبار لاتفاقيات تقسيم المناطق بينها وبين السلطة.

وتؤكد هذه المنظمات أن الهدم الأمني زاد بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو ما يجري في المخيمات التي تشهد عمليات هدم كامل لها.

ويقول المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك إن مخيمات جنين وطولكرم تشهد أكبر عمليات تطهير عرقي خلال العقد الحالي، وإنه لا يوجد أرقام دقيقة لأعداد المنازل التي جرى هدمها، لأن المخيمات مغلقة بشكل كامل ولا تسمح سلطات الاحتلال لأي جهة أو منظمة حقوقية أو دولية بالدخول إليها.

وبحسب المسؤول فإن مبررات الاحتلال بأن هدم المخيمات يأتي لحماية الجيش تعد مخالفة تماما للقانون الدولي الذي ينص على أنه لا يجوز هدم المساكن إلا في حالات استثنائية جدا.

ويقول الدويك في حديثه للجزيرة نت إن "ما يقوم به الاحتلال هو عملية ممنهجة لتفريغ مناطق (ج) وبعض مناطق (ب) من السكان، وكذلك لتفريغ المخيمات وإعادة هندستها ديمغرافيا".

ويضيف أن الفلسطينيين في القدس يحاولون الحصول على تراخيص للبناء من جهات رسمية إسرائيلية وهي ترفض إعطاء هذه التراخيص، ومن ثم تهدم المنازل بحجة عدم الترخيص.

وطالب الدويك بتوثيق هذه الانتهاكات، وقال إن "على الدول وخاصة التي تربطها علاقات مع الاحتلال أن تقوم بخطوات عملية من ضمنها تهديد الاحتلال باتخاذ إجراءات ضده إذا لم يتوقف عن هذه الممارسات".

إعلان

وأكد أن المنظمات الحقوقية خاطبت الجهات الدولية ذات العلاقة وتحديدا المقرر الخاص المعني بالحق بالسكن خاصة، بأن هذه السياسة تمس بشكل مباشر قانون الحق بالسكن، مشددا على أن التدمير الممنهج للمساكن وتشريد السكان وتهجير العائلات تصنف جرائم حرب.

مواطنون يتفقدون منزلا هدمه الاحتلال (الجزيرة) إحصائيات

ووثقت عدة منظمات إنسانية وحقوقية منها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" عمليات الهدم على مدار سنوات الاحتلال، وبينت أن هذه العمليات زادت بشكل كبير منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

ووثق المكتب هدم الاحتلال 1787 منشأة، بينها 800 منزل مأهول، وذلك في الفترة بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و7 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وأدى ذلك إلى تشريد أكثر من 4 آلاف مواطن.

كما سجل هدم 465 منشأة بحجة عدم الترخيص، من بينها 56 منشأة ممولة من قبل المانحين، منذ بداية العام الحالي وحتى أبريل/نيسان الماضي مما أسفر عن تشريد 445 شخصا.

وهدم الاحتلال في الفترة نفسها 11 منزلا كإجراء عقابي ضد عائلات منفذي العمليات والمقاومين أو المشتبه بهم، وفرضت الترحيل على 65 شخصا.

ووثق مكتب أوتشا هدم الاحتلال في يونيو/حزيران الماضي أكثر من 20 مبنى في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، إضافة إلى 120 مبنى في المخيمات نفسها منذ بدء العملية العسكرية.

وقدرت المنظمة الدولية أن مجمل المباني التي هدمها الاحتلال منذ بدء الحرب على غزة يتراوح بين 2400 إلى 2500 منشأة في الضفة الغربية، وتشمل المباني السكنية ومرافق أخرى.

مقالات مشابهة

  • سرايا القدس: استهدفنا 40 جندياً وضابطاً صهيونياً شرقي غزة
  • إحصائيات صادمة عن سياسة الهدم الإسرائيلية بالضفة منذ طوفان الأقصى
  • مسؤول أمني بـحماس يكشف معلومات صادمة عن نقاط المساعدات
  • اعترافات صادمة من جنود الاحتلال: العمليات في غزة بلا نتائج ومجرد دوافع سياسية
  • «يونيسف» تكشف عن أرقام مرعبة لتداعيات العدوان الإسرائيلي على أطفال غزة
  • أفرجت عن بعضهم.. ضياء رشوان: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل مليون فلسطيني منذ عام 1967
  • رصاص الاحتلال يفتك بعمال في الضفة يبحثون عن لقمة العيش
  • المملكة تدين دعوة مسؤول في سلطات الاحتلال لضم الضفة
  • الأردن يرفض دعوات إسرائيلية لضم الضفة الغربية المحتلة
  • مسؤولة أممية لـعربي21: الجوع يفتك بالغزيين.. وندعو العالم للتحرك فورا (فيديو)