الجديد برس| في إطار عملية “الوعد الصادق 3” التي أطلقتها إيران ردّاً على العدوان الإسرائيلي، طالت الضربات الإيرانية واحدة من أكثر المنشآت الحيوية حساسية داخل الكيان: مصفاة حيفا، الواقعة ضمن مجمّع “بازان” الصناعي، والذي يضمّ أيضاً مصانع بتروكيميائية رئيسية، ويعدّ من أضخم مجمّعات الطاقة والصناعة الثقيلة في “إسرائيل”، بطاقة إنتاج يومية تناهز 200 ألف برميل.
المصفاة الأكبر.. والخاصرة الأضعف تُعدّ مصفاة
حيفا الشريان الأساسي لإمداد “إسرائيل” بالطاقة، بقدرة تكرير سنوية تصل إلى 10 ملايين طن، ويعود تأسيسها إلى عام 1939 إبان فترة الانتداب البريطاني. وتوفّر هذه المنشأة، وفق التقديرات الإسرائيلية، نحو 60 إلى 70% من مجمل الوقود المستخدم في القطاعات الحيوية داخل الكيان: من الصناعة والزراعة، إلى وسائل النقل المدنية والعسكرية. ويقدَّر أنّ 55% من إجمالي مبيعات المصفاة تذهب إلى السوق الداخلية، وتشمل البنزين، وقود الديزل، وقود الطائرات، والغاز الصناعي. كما تعدّ مصدراً أساسياً لتغذية “الجيش”
الإسرائيلي باحتياجاته من الوقود والمواد الكيميائية المستخدمة في الصناعات العسكرية، فضلاً عن كونها مقراً لمحطات تخزين واستيراد النفط الخام، الذي يصل أحياناً من كردستان العراق أو أذربيجان، مروراً بالبحر المتوسط. طاقة المعالجة اليومية في مصفاة حيفا 000 برميل يومياً طاقة المعالجة السنوية في مصفاة حيفا 10 ملايين طن من النفط الخام معدّل استخدام المصفاة (2023-2024) نحو 90% المنتجات الرئيسية للمصفاة بنزين، نفتا، كيروسين، زيت الوقود، مواد خام
شلل محتمل وتأثيرات متعدّدة الأبعاد وبناء على هذا الدور المفصلي، فإنّ أيّ استهداف مباشر أو تعطيل للمصفاة، حتى ولو كان جزئياً، من شأنه أن يُحدث شللاً في منظومة الطاقة الإسرائيلية، بحسب ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، مع تأثيرات تطال قطاعات النقل والطيران والإنتاج الصناعي، وصولًا إلى الصناعات الكيميائية المرتبطة بها. كذلك، يشكّل هذا النوع من الضربات، بحسب مراقبين، ضغطاً مضاعفاً على الجبهة الداخلية، وخصوصاً في الشمال، حيث تمثّل مصفاة حيفا إحدى الركائز الاقتصادية والمعنوية، ليس فقط في موازين الحرب بل أيضاً في معادلات الردع النفسي والسياسي. فيما تفرض الرقابة العسكرية
الإسرائيلية تعتيماً على نتائج الضربة، أعلنت شركة مصافي النفط الإسرائيلية أنها بصدد “تقييم الأضرار” التي لحقت بالمنشآت الثانوية، و”مراجعة الجدول الزمني” لاستئناف عمل بعض الخطوط المتضرّرة. وفي انعكاس سريع، سجّلت بورصة “تل أبيب” انخفاضاً بأسهم الشركة بنسبة 2.8% عقب الضربات. هذا الاستهداف، الذي لم يكن الأوّل من نوعه، إذ سبقه قصف مماثل نُسب إلى فصائل عراقية مقاومة في كانون الثاني/يناير 2024، يعيد تسليط الضوء على ما يمكن تسميته بـ”خاصرة حيفا الرخوة”، وعلى هشاشة المرافق الاستراتيجية حين تتحوّل من مصادر قوة إلى أهداف مفتوحة.
مخاوف إسرائيلية من “كارثة” في ميناء حيفا وتتراكم المخاوف في الداخل الإسرائيلي من سيناريو لطالما حذّر منه خبراء البيئة والأمن الصناعي: “كارثة ميناء حيفا”. فهذا المرفأ، الذي ظلّ لعقود أحد أهم أعمدة الاقتصاد الإسرائيلي ومركزاً للبتروكيميائيات الثقيلة، ما زال يحتوي على كميات كبيرة من المواد القابلة للاشتعال والانفجار، من بينها بقايا خزّانات الأمونيا التي أُفرغ جزء منها سابقاً تحت ضغط الشارع في 2017، من دون أن تُزال مخاطره تماماً. وفي حال تعرّضه لضربة دقيقة، فإنّ الحديث يدور عن تسرّب كيميائي أو حريق هائل قد يفوق قدرات “الدفاع المدني” على احتوائه. لطالما شكّلت حيفا رئة الصناعة والتجارة الخارجية لـ”إسرائيل”، لكنها قد تتحوّل، في سياق تصعيد المواجهة مع إيران، إلى نقطة ضعف قاتلة. فالضربات الصاروخية، إن طالت المصفاة أو المرفأ، لن تتسبّب بخسائر مادية فحسب، بل قد تضع “إسرائيل” أمام كارثة بيئية وصحية لا تقلّ خطورة عن القصف ذاته. وفي السياق ذاته، تصاعدت الهواجس الإسرائيلية خلال الأشهر الأولى من اندلاع عملية “طوفان الأقصى”، حينما بدأ حزب الله بتنفيذ عمليات إسناد ميدانية للمقاومة في غزّة، عبر استهداف قواعد وثكنات في شمال فلسطين المحتلة. واحتل ميناء حيفا صدارة هذه المخاوف، بوصفه بوابة “إسرائيل” البحرية الرئيسية، وعقدة الربط التجارية مع الأسواق العالمية، ما يضعه في مرمى أوّل لأيّ تصعيد متعدّد الجبهات. هذه المخاوف دفعت حكومة الاحتلال إلى وضع خطة طوارئ لتفعيل موانئ بديلة خارجية، وذلك تحسّباً لانقطاع ما يُقدّر بـ70% من حركة الشحن البحري المتّجهة إلى “إسرائيل”، خصوصاً في ظلّ التهديد المتزايد الذي تمثّله عمليات الحصار البحري التي أعلنتها القوات اليمنية في البحر الأحمر، ومنعت بموجبها عبور السفن إلى الموانئ الإسرائيلية.
تهديد مزدوج للاقتصاد والأمن الإسرائيلي لا تقتصر أهمية ميناء حيفا على كونه واحداً من أعمدة الاقتصاد البحري في كيان الاحتلال، بل تتعدّاها لتبلغ مرتبة عالية في سلّم الأمن القومي الإسرائيلي. فإلى الشرق من الميناء، تتمركز قاعدة “بولونيوم” البحرية، وهي من أكثر المنشآت حساسية، وتضمّ غواصات “دولفين” الحربية، المعدّة لحمل صواريخ مزوّدة برؤوس نووية. في هذا الموقع ذاته، تُجرى عمليات تصنيع وتفقّد السفن الحربية، ما يجعل الميناء حلقة حيوية في المنظومة العسكرية الإسرائيلية. لكنّ الأهمية لا تقف عند حدود الجغرافيا العسكرية. فقد بات ميناء حيفا، في ظلّ التحوّلات الجيوسياسية الأخيرة، إحدى النقاط الأساسية في مشروع الممرّ التجاري الذي تعمل عليه الولايات المتحدة، لربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط (IMEC). ووفق المخطّط الأميركي، من المفترض أن تنطلق السفن من الخليج عبر السعودية والإمارات، مروراً بالأردن، لتصل إلى فلسطين المحتلة، ومنها إلى أوروبا عبر ميناء حيفا، في محاولة أميركية لمنافسة مشروع “الحزام والطريق” الصيني. من هنا، فإنّ أيّ استهداف مباشر أو غير مباشر لحيفا، يحمل في طيّاته ما يتجاوز البعد العسكري المباشر. فالضربات التي قد تُوجَّه إلى هذا الميناء، لن تصيب منشآت بحرية فحسب، بل ستقوّض أيضاً رهانات استراتيجية كبرى، وتُربك الحسابات الأميركية في المنطقة، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي ستتكبّدها “إسرائيل” من جرّاء تعطيل أحد أهمّ مرافئها. المصدر: الميادين نت.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية:
میناء حیفا
إقرأ أيضاً:
فايننشال تايمز: هذا هو “الجبل النووي” الذي يؤرق إسرائيل
#سواليف
هي للمخططين العسكريين الإسرائيليين أشبه بجب نار؛ إنها #منشأة #نووية لتخصيب اليورانيوم مطمورة على عمق نصف كيلومتر أسفل #جبل، وتخضع لحراسة مشددة، وتحيط بها #منظومة_دفاعات_جوية، وتقع في قرية جنوب مدينة قم الدينية القديمة.
هكذا استهلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية تقريرها عن #منشأة_فوردو، التي تقف شاهدا على رغبة طهران في حماية برنامجها النووي المصمم ليصمد أمام أي هجوم مباشر شامل أو اختراق، ويحفظ أجهزة الطرد المركزي واليورانيوم عالي التخصيب الموجودة بداخله سليمة بما يكفي لإنتاج #سلاح_نووي.
وتفيد الصحيفة، أن المنشأة مخبأة تحت صخور صلبة ومغطاة بخرسانة مسلحة تجعلها بعيدة عن مرمى نيران أي من الأسلحة الإسرائيلية المعروفة للعامة، وهي أيضا دليل على قلق إيران الإستراتيجي.
الركيزة الأهم
مقالات ذات صلة نتنياهو يحدد موعدا لنهاية الحرب 2025/06/16
ويقول بهنام بن طالبلو، الباحث البارز في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” الأميركية، إن منشأة فوردو هي “بداية كل شيء ومنتهاه في العملية النووية الإيرانية”، توضح الصحيفة البريطانية.
وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية نقلا عن هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، أن طهران أعلنت يوم السبت أن فوردو تعرضت لهجوم، رغم أن الأضرار كانت محدودة.
إعلان
وفي المقابل، تشير الصحيفة البريطانية إلى أن إسرائيل نجحت في تدمير محطة التخصيب التجريبية الإيرانية الأكبر فوق الأرض في نطنز، حسبما قال رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة رافائيل غروسي لمجلس الأمن يوم الجمعة.
ووفقا لتحليل صور الأقمار الصناعية مفتوحة المصدر التي التقطها معهد العلوم والأمن الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن، فإن قاعات الطرد المركزي تحت الأرض، ربما أصبحت عديمة الجدوى بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بإمدادات الكهرباء في منشأة نطنز وسط إيران.
ونقلت فايننشال تايمز عن داني سيترينوفيتش، الخبير في الشأن الإيراني بمعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، “إن منشأة فوردو ستكون عصية على إسرائيل بدون مساعدة الولايات المتحدة، فهي شديدة التحصين وتقبع في عمق الجبل”، معربا عن عدم يقينه بشأن ما يمكن أن تحدثه الضربات الإسرائيلية من ضرر هناك.
قدرات كبيرة
وأضاف أن إيران لم تصل بعد إلى نقطة الصفر بما يعني مرحلة تعرض برنامجها النووي للتدمير، إذ يعتقد أنه لا يزال لديها قدرات كبيرة، وستكون منشأة فوردو “الهدف الأصعب وربما الأخير” في الحملة العسكرية الإسرائيلية.
ورغم ذلك، فإن سيترينوفيتش يقول، إن منشأة فوردو هي القاعدة العسكرية الرئيسية الوحيدة تحت الأرض التي تعرضت لهجوم مباشر؛ في سابقة تُظهر المخاطر الاستثنائية التي أقدم عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– بالسماح بشن الهجمات على إيران في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ومع أن المسؤولين الإيرانيين، ظلوا ينفون امتلاكهم قنبلة نووية، إلا أن الصحيفة تزعم أن طهران تمضي في سبيل ذلك، استنادا إلى تقديرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تؤكد أن بمقدور إيران تحويل كامل مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب، المقدّر بنحو 408 كيلوغرامات، لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع 9 أسلحة نووية في غضون 3 أسابيع فقط.
إعلان
وعقدت الصحيفة مقارنة بين المنشأتين النوويتين في نطنز وفوردو. فالمجمع الصناعي المترامي الأطراف في مدينة نطنز يحتوي على ما يصل إلى 16 ألف جهاز طرد مركزي، إلا أنه مصمم لإنتاج يورانيوم منخفض التخصيب.
بدائل أقوى
وعلى النقيض من ذلك، فإن ما يميز فوردو، هو المتانة الجيولوجية التي تجعل قاعات الطرد المركزي فيها غير قابلة للاختراق فعليا بواسطة القنابل التقليدية التي يتم إطلاقها من الجو. وقد يستعصي ذلك حتى على القنبلة الأميركية الخارقة للتحصينات من طراز (جي بي يو-57) المصممة لتدمير المخابئ المحصنة بشدة والقادرة على اختراق 60 مترا من الخرسانة تحت الأرض.
وحسب تقرير الصحيفة، يعتقد المحللون أن الهجمات الإسرائيلية إذا لم تنجح في تدمير مفاعل فوردو، فإنه قد يكون سببا في تسريع انسحاب إيران من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ومن ثم في وقف تعاونها مع الوكالة الذرية، وتصنيع قنبلتها النووية.
وما يزيد من المخاطر -من وجهة نظر فايننشال تايمز- هو أن فوردو ليست المنشأة الوحيدة فائقة الأمان التي يمكن لإيران أن تلجأ إليها. فقد عملت طهران أخيرا على بناء منشأة أكثر عمقا وأفضل حماية تحت الجبل المعروف باسم ” بيكآكس”، على بعد بضعة كيلومترات جنوب نطنز.
وفي حين يُعتقد أن فوردو لديها مدخلان إلى الأنفاق، فإن لدى بيكآكس 4 منها على الأقل، مما يجعل من الصعب إغلاق المداخل بالقصف. كما أن مساحة قاعاته تحت الأرض أكبر.
وطبقا لتقرير الصحيفة، يخشى بعضهم من إمكانية استخدام إيران المنشأة لتجميع سلاح نووي أثناء تعرضها لهجوم. ولا تزال طهران تمنع مفتشي الوكالة الذرية من دخولها.