إبراهيم الشاذلى يكتب: حين تُقاس المعارك بمدى النَفَس لا بوهج الضربة الأولى
تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT
في ميدان الصراع بين طهران وتل أبيب، تتجلّى معادلة من طراز نادر؛ ليست الغلبة فيها لمن يُشعل السماء أولًا، بل لمن يصمد حتى تخفت ألسنة اللهب.
إيران، التي تُقدَّر ترسانتها الصاروخية الباليستية بما يقارب ألفي صاروخ، قد بددت خلال ثلاثة أيام ما يزيد عن خمس هذا المخزون، في وتيرة نارية تلامس حدود الـ150 صاروخًا يوميًا.
وما يزيد المشهد قتامة في طهران، أن الطاقة الإنتاجية القصوى في زمن السلم – ناهيك عن زمن الحرب – لا تتجاوز خمسين صاروخًا شهريًا، أي أن القدرة على التعويض في خضم المواجهة شبه معدومة.
في المقابل، تتلقى إسرائيل ضربات موجعة – تُقدّر بخمسة مواقع يوميًا – لكن قدرتها على امتصاص الخسائر تتعزز بحبل إمداد لا ينقطع من حليفها الأمريكي، الذي يرفد منظوماتها الدفاعية بما يعوض الفاقد أولًا بأول،
وفوق ذلك، فإن السيطرة الإسرائيلية شبه الكاملة على الأجواء الإيرانية، بعد تحييد أغلب الدفاعات الجوية، توحي بمرحلة ثانية من الحرب… أكثر شراسة، وأكثر أحادية الاتجاه.
الغاية الاستراتيجية واضحة: صمودٌ تكتيكيٌ لإسرائيل حتى تفقد إيران مخزونها الهجومي، ثم انتقال مدروس نحو هجوم شامل في سماء بلا حماية، وربما بتوقيع أمريكي محمّل بقاذفات ثقيلة تُغلق ملف البرنامج النووي الإيراني للأبد.
ذلك هو ميزان القوى كما ترسمه الأرقام والوقائع، لا الأماني ولا الانفعالات.
وفي لغة الحروب الكبرى… لا صوت يعلو فوق منطق الاستنزاف والصبر طويل النَفَس.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: طهران تل أبيب إيران
إقرأ أيضاً:
إيران تنسحب من اتفاق القاهرة النووي: لا اتفاق نووي ولا تفتيش دولي
قررت إيران الانسحاب رسميًا من الاتفاق النووي الذي أبرمته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر الماضي في القاهرة، برعاية مصرية، وذلك على خلفية إعادة تفعيل آلية "سناب باك" وعودة العقوبات الدولية ضد طهران.
وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن الاتفاق الذي وقّعه في 9 سبتمبر مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، لم يعد قائمًا، معتبرًا أنه فقد صلاحيته كأساس للتعاون بعد المتغيرات السياسية الأخيرة، وعلى رأسها تفعيل العقوبات.
وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية عقب لقائه سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية في طهران، أوضح عراقجي أن طهران ستُعلن قريبًا عن رؤيتها الجديدة للتعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيرًا إلى أن المستجدات الإقليمية والدولية "تفرض على إيران اتخاذ قرارات تتناسب مع الوضع الجديد".
واعتبر الوزير الإيراني أن تفعيل آلية "سناب باك" غيّر كل المعطيات، تمامًا كما فعل الهجوم العسكري الأخير، مضيفًا أن "اتفاق القاهرة لم يعد مجديًا أو ذا صلة بالواقع الراهن".
وتتيح آلية "سناب باك" — المندرجة في إطار الاتفاق النووي الإيراني وقرار مجلس الأمن 2231 لعام 2015 — لأي طرف من الأطراف الموقّعة (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران تلقائيًا، دون الحاجة لتصويت جديد في مجلس الأمن، في حال تم التأكد من أن طهران لا تلتزم ببنود الاتفاق.
وكان الاتفاق الذي وُقّع في القاهرة في 9 سبتمبر بوساطة مصرية، من خلال وزير الخارجية بدر عبد العاطي، قد جاء بهدف استئناف التعاون التقني والتفتيش النووي بعد أن علّقت إيران تعاونها مع الوكالة في يوليو، عقب هجوم إسرائيلي–أمريكي مشترك استهدف منشآتها النووية في يونيو، خلال حرب استمرت 12 يومًا.
وتضمّن الاتفاق "آليات عملية" لإعادة تفعيل عمليات التفتيش بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي، مع التركيز على الشفافية وحماية السيادة الإيرانية، كما نُظر إليه كخطوة أولى لإعادة بناء الثقة بين طهران والوكالة الدولية.
ورغم إشادة المدير العام للوكالة رافاييل غروسي بالاتفاق، واعتباره "خطوة في الاتجاه الصحيح"، إلا أن عراقجي كان قد حذّر في وقت سابق من أن تفعيل آلية "سناب باك" سيُسقط الاتفاق تلقائيًا، وهو ما حدث بالفعل مع تصاعد التوترات الأخيرة.
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن