الجزيرة:
2025-06-17@17:27:29 GMT

أوراق إيران الرابحة وحماقة إسرائيل وأميركا

تاريخ النشر: 17th, June 2025 GMT

أوراق إيران الرابحة وحماقة إسرائيل وأميركا

لطالما حاولت إسرائيل وحلفاؤها من المحافظين الجدد في الولايات المتحدة إشعال حرب مع إيران – حرب لا تستطيع إسرائيل ولا الولايات المتحدة الانتصار فيها، وستؤدي إلى ردود فعل انتقامية شرسة.

المحافظون الجدد الذين خططوا للحروب الكارثية في أفغانستان، والعراق، وسوريا، وليبيا – ولم يُحاسبوا قط على إهدار 8 تريليونات دولار من أموال دافعي الضرائب، إضافة إلى 69 مليار دولار أُهدرت في أوكرانيا – يبدو أنهم يستعدون لجرّنا إلى فشل عسكري آخر، هذه المرة مع إيران.

لكن إيران ليست العراق، ولا أفغانستان، ولا لبنان، ولا ليبيا، ولا سوريا، ولا اليمن. إيران هي الدولة السابعة عشرة في العالم من حيث المساحة، وتعادل مساحتها مساحة أوروبا الغربية. عدد سكانها يقارب 90 مليون نسمة – أي عشرة أضعاف سكان إسرائيل – وتملك موارد عسكرية وتحالفات مع الصين وروسيا تجعلها خصمًا مخيفًا.

شنت إيران هجمات انتقامية على إسرائيل ردًا على موجات من الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية وقتلت العديد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين وستة علماء نوويين. سُجلت انفجارات فوق أفق تل أبيب والقدس وغيرهما، وتظهر لقطات مصورة على الأرض في تل أبيب انفجارًا هائلًا يُعتقد أنه ناتج عن صاروخ، مع تقارير عن انفجارات أخرى في نحو نصف دزينة من المواقع في محيط المدينة.

قال مسؤول إيراني كبير لوكالة رويترز: "انتقامنا بدأ للتو، وسيدفعون ثمنًا باهظًا لقتل قادتنا وعلمائنا وشعبنا". وأضاف أن "لا مكان سيكون آمنًا في إسرائيل"، وأن "انتقامنا سيكون مؤلمًا".

قال أليستر كروك، الدبلوماسي البريطاني السابق وعضو الاستخبارات البريطانية  (MI6)، في مقابلة أجريتها معه عن المحافظين الجدد: "يعتقدون أن الحرب ستكون سهلة. يريدون إعادة فرض القوة والقيادة الأميركية. يرون أن تحطيم بلد صغير من حين لآخر مفيد لذلك".

إعلان

وأضاف أن هؤلاء المحافظين الجدد، المتحالفين مع قيادة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، "لا يتسامحون مع أي قوة منافسة، أو أي تحدٍ للقيادة الأميركية وعظمتها". وسيسعون لخلق "حقائق على الأرض" – أي حرب بين إسرائيل وإيران – من شأنها أن "تدفع ترامب نحو الحرب مع إيران".

رغم ضعف سلاح الجو الإيراني، الذي يتألف من مقاتلات قديمة، فإن إيران مزودة جيدًا بأنظمة الدفاع الجوي الروسية، وصواريخ صينية مضادة للسفن، وألغام ومدفعية ساحلية. ويمكنها إغلاق مضيق هرمز، أهم نقطة عبور للنفط في العالم والتي يمر منها 20% من الإمدادات العالمية.

هذا قد يضاعف أو يثلّث أسعار النفط ويشل الاقتصاد العالمي. تمتلك إيران ترسانة كبيرة من الصواريخ الباليستية يمكن أن تطلقها على إسرائيل، وكذلك على قواعد أميركية في المنطقة. ورغم إمكانية اعتراض الموجات الأولى، فإن الهجمات المتكررة ستستنزف سريعًا مخزون الدفاعات الجوية لدى إسرائيل والولايات المتحدة.

إسرائيل غير قادرة على تحمل حرب استنزاف، مثل الحرب التي استمرت ثماني سنوات بين إيران والعراق والتي انتهت – رغم الدعم الأميركي لنظام صدام حسين – بحالة جمود، أو مثل احتلالها جنوب لبنان لمدة 18 عامًا، والذي انتهى بانسحابها في مايو/ أيار 2000 بعد خسائر متكررة على يد حزب الله.

حين شنت إيران، ضمن عملية "الوعد الصادق"، أكثر من 300 صاروخ باليستي ومجنح على مواقع عسكرية واستخباراتية إسرائيلية في (13 و14 أبريل/ نيسان 2023)، ردًا على قصف إسرائيلي للسفارة الإيرانية في دمشق، اعترضت الولايات المتحدة معظمها.

قال جون ميرشايمر، الأستاذ في قسم العلوم السياسية بجامعة شيكاغو وخريج ويست بوينت: "إسرائيل لا تستطيع صد هجوم صاروخي إيراني".

وأضاف: "نحن أمام وضع مثير للاهتمام، فإسرائيل لا تستطيع الانتصار في هذه الحروب، لكنها تجعلها حروبًا طويلة الأمد تكون فيها معتمدة بشدة على الولايات المتحدة".

وأضاف: "لدينا أصول كثيرة في الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، وكذلك في إسرائيل نفسها والبحر الأحمر. هذه الأصول مصممة لمساعدة إسرائيل في حروبها. لا يقتصر الأمر على إيران فقط، بل يشمل الحوثيين وحزب الله أيضًا. نحن منخرطون بعمق في مساعدتهم في القتال، ولم يكن الأمر كذلك في 1973 أو في أي وقت قبل هذه الحرب".

يعتقد الإسرائيليون وحلفاؤهم من المحافظين الجدد أنهم قادرون على القضاء على برنامج التخصيب النووي الإيراني بالقوة، وقطع رأس الحكومة الإيرانية لتركيب نظام عميل. هذا المنطق، الذي لا يستند إلى الواقع، فشل بالفعل في أفغانستان، والعراق، وسوريا، وليبيا، لكنهم لا يعترفون بذلك.

في الوقت نفسه، تريد إسرائيل صرف أنظار العالم عن الإبادة الجماعية والمجاعة الجماعية التي تنفذها في غزة، والتطهير العرقي المتسارع في الضفة الغربية. وقد قُطع الاتصال بالإنترنت تمامًا في غزة، وباتت الضفة الغربية تحت حصار شامل.

قال ميرشايمر: "يدرك الإسرائيليون أنه إذا حصل تصعيد عام، فلن ينتبه أحد كثيرًا للفلسطينيين".

وأضاف: "سيكون الناس مستعدين لتبرير أكثر لإسرائيل مما لو كانت الأوضاع هادئة. لذا دعونا نصعد الأمور، لنخلق حالة صدام شاملة، والنتيجة أننا سنتمكن من تنفيذ تطهير واسع النطاق في غزة، وربما في الضفة أيضًا".

إعلان

سيؤدي الهجوم الإيراني، في نهاية المطاف، إلى مئات ثم آلاف القتلى. وستلجأ إيران إلى الشيعة في المنطقة في إطار ما ستقدمه كـ"حرب ضد التشيع"، ثاني أكبر طائفة في الإسلام. والتي ينتشر أفرادها في دول الخليج، وباكستان، وتركيا. أما في العراق، فيشكل الشيعة الأغلبية.

سيدعم النظام العراقي ذو الأغلبية الشيعية إيران. وسيتواصل تعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر من اليمن، مع استهداف إسرائيل بهجمات بالطائرات المسيرة. وسيتجدد هجوم حزب الله على شمال إسرائيل، رغم الأضرار التي لحقت به. ومن المتوقع وقوع هجمات إرهابية على القواعد الأميركية في المنطقة، وربما حتى على الأراضي الأميركية، إلى جانب تخريب واسع في إنتاج النفط بالخليج.

ستمتلك إيران قريبًا ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي. وستكون الحرب دافعًا قويًا لصنع قنبلة، خاصة مع امتلاك إسرائيل مئات الأسلحة النووية. وإذا حصلت إيران على قنبلة، فستليها تركيا ودول عربية أخرى. وستنهار الجهود لمنع انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط.

وكما يشير ميرشايمر، فإن الحرب ستعزز أيضًا التحالف بين إيران، وروسيا، والصين.

قال: "دفعت الولايات المتحدة كلًا من الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية، وإيران إلى التقارب الشديد". وأضاف: "لقد شكلت كتلة مترابطة. وبفعل الحرب في أوكرانيا، تقاربت روسيا والصين، وبفعل ما يجري في الشرق الأوسط، تقاربت إيران وروسيا. الولايات المتحدة تساعد إسرائيل، لكن يجب أن ندرك أن روسيا تساعد إيران. ليس من مصلحة أميركا أن تتقارب الصين وروسيا ضد واشنطن. وليس من مصلحتها أن تتعاون إيران وروسيا ضد إسرائيل والولايات المتحدة".

وتابع: "دائمًا ما توجد إمكانية أن تتورط روسيا في هذه الحرب، إذا تصاعدت بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، لأن روسيا أصبحت الآن تملك مصلحة حقيقية في دعم إيران".

قد تستمر الحرب شهورًا، وربما سنوات. ستكون حربًا جوية في الأساس، بين الطائرات الإسرائيلية والصواريخ الإيرانية. لكن إخضاع إيران سيتطلب ربما نشر مليون جندي أميركي لغزو واحتلال البلاد. وسينتهي مثل هذا الاحتلال بهزيمة مذلة كما حدث في العراق، وأفغانستان.

الوهم الإسرائيلي المتمثل في قدرتهم على تدمير إيران بضربات جوية، نسخة محدّثة من "الصدمة والرعب" في العراق عام 2003. لكن كمية القنابل المطلوبة، خصوصًا لتدمير المنشآت النووية الإيرانية المحصنة تحت الأرض، ستكون هائلة. في عملية تصفية قيادة حزب الله في بيروت، بما في ذلك حسن نصر الله، استخدمت إسرائيل قنابل خارقة للتحصينات تزن 2000 رطل من نوع JDAM.

قال كروك: "إذا كنت ستطلق طائرات "إف-35″ محملة بصواريخ  JDAM، فكل واحدة منها تزن حوالي 14 طنًا".

وأضاف: "المشكلة ليست فقط في الوزن، بل في الوقود الذي تستخدمه. يجب إعادة التزود بالوقود مرة أو مرتين، ثم خوض معركة جوية لقمع الدفاعات. نحن نتحدث عن عملية ضخمة. هل تستطيع أميركا فعل ذلك؟ الإيرانيون يملكون أنظمة دفاع جوي متعددة ورادارات قوية، بما في ذلك رادارات ما وراء الأفق".

فلماذا إذن نذهب إلى الحرب مع إيران؟ لماذا ننسحب من اتفاق نووي لم تخرقه إيران؟ لماذا شيطنة حكومة تعادي طالبان وتنظيمات تكفيرية أخرى، منها القاعدة وتنظيم الدولة؟ لماذا نزعزع الاستقرار في منطقة شديدة الهشاشة أصلًا؟

الجنرالات والساسة وأجهزة الاستخبارات والمحافظون الجدد ومصانع الأسلحة والمحللون المزعومون والنجوم الإعلاميون ولوبي إسرائيل، لن يتحملوا المسؤولية عن عقدين من الفشل العسكري.

إنهم بحاجة إلى كبش فداء. هذا الكبش هو إيران. الهزائم المهينة في أفغانستان والعراق، وانهيار الدولة في سوريا وليبيا، وانتشار الجماعات المتطرفة والمليشيات التي دربناها وسلحناها، واستمرار الهجمات الإرهابية عالميًا – يجب أن يتحملها أحد.

إعلان

الفوضى التي أطلقناها، خصوصًا في العراق وأفغانستان، جعلت من إيران القوة الإقليمية الكبرى. لقد مكّنا خصمنا، ولا نعرف كيف نغير هذا سوى بمهاجمته.

القانون الدولي، وحقوق ما يقرب من 90 مليون إنسان في إيران، يتم تجاهلهما، كما تم تجاهل حقوق شعوب أفغانستان والعراق وليبيا واليمن وسوريا.

الإيرانيون، بغض النظر عن موقفهم من حكومتهم، لا يرون في الولايات المتحدة حليفًا أو محررًا. لا يريدون أن يُهاجَموا أو يُحتلوا. وسيردّون. وسندفع نحن، وإسرائيل، الثمن.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة المحافظین الجدد فی العراق مع إیران

إقرأ أيضاً:

ترامب: الولايات المتحدة ستواصل دعم إسرائيل

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأحد، إن الولايات المتحدة ستواصل دعم إسرائيل في الدفاع عن نفسها، على حد تعبيره، لكنه في المقابل يأمل في أن تتوصل إسرائيل وإيران إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

وأضاف ترامب في حديث للصحفيين خلال توجهه إلى قمة مجموعة السبع في كندا، أنه في بعض الأحيان يتعين على الدول أن تخوض معركة قبل التوصل إلى اتفاق.

كما رفض الرئيس الأميركي -بحسب وكالة رويترز- الكشف عمّا إن كان قد طلب من إسرائيل وقف الضربات على إيران.

وفي تصريحات أخرى لشبكة "إيه بي سي"، أمس الأحد قال ترامب، إن الولايات المتحدة قد تتدخل لدعم إسرائيل في القضاء على البرنامج النووي الإيراني.

وأضاف أن بلاده ليست منخرطة في المواجهة في الوقت الراهن، مشيرا إلى أنه ليس هناك موعد نهائي لإيران من أجل الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة.

وأكد أنه "منفتح" على قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدور الوسيط لإنهاء هذا النزاع، وقال "إنه مستعد. لقد اتصل بي بشأن ذلك. وأجرينا محادثة طويلة".

وفي وقت سابق، قال الرئيس الأميركي، إن هناك اتصالات واجتماعات عديدة تُجرى الآن لوقف التصعيد، مشددا على أن "إيران وإسرائيل عليهما التوصل إلى اتفاق، وسنتوصل إلى سلام بينهما قريبا".

إعلان

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض لولاية رئاسية ثانية، هدد ترامب مرارا بقصف إيران للقضاء على برنامجها النووي ما لم تبرم اتفاقا مع الولايات المتحدة.

لكن الجولة السادسة من المفاوضات غير المباشرة بين واشنطن وطهران، والتي كان من المقرر عقدها أمس الأحد، في سلطنة عمان، أُلغيت بعد أن أطلقت إسرائيل، يوم الجمعة، هجمات غير مسبوقة على إيران استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية وأحياء سكنية، وأدت إلى مقتل العشرات، منهم قادة عسكريون كبار وعلماء نوويون.

وتؤكّد طهران، أن الولايات المتحدة شريكة إسرائيل في هذه الهجمات، وهو ما تنفيه واشنطن، بيد أن تقارير أميركية وإسرائيلية ذكرت، أن هناك تنسيقا أميركيا إسرائيليا، وأن القدرات العسكرية الأميركية تدعم تل أبيب في الدفاع الجوي لاعتراض الصواريخ الإيرانية.

مقالات مشابهة

  • هل يُقحم ترامب الولايات المتحدة في حرب مع إيران؟
  • مسؤول أمريكي : الولايات المتحدة تشارك بدعم إسرائيل في عدوانها على إيران (تفاصيل)
  • يائير لابيد يستجدي مساعدة الولايات المتحدة لإسرائيل في الحرب ضد إيران
  • ترامب: الولايات المتحدة ستواصل دعم إسرائيل
  • هل تدخل الولايات المتحدة الحرب بين إيران وإسرائيل؟ ترامب يجيب
  • خبيرة أميركية: حرب الولايات المتحدة مع إيران ستكون كارثة
  • أبو شامة عن حرب إيران: أهداف الولايات المتحدة تختلف عن إسرائيل
  • هل تنضم الولايات المتحدة إلى مشاركة إسرائيل في هجماتها على إيران؟
  • إيران تتهم إسرائيل بتقويض المباحثات النووية مع الولايات المتحدة