يمانيون / تقرير / خاص

شكلت القبيلة اليمنية عبر مراحل التاريخ المتعاقبة إحدى ركائز الهوية الوطنية، ورافعة للاستقرار السياسي والاجتماعي، ومصدرًا للقيم والأعراف النبيلة. وفي ظل “المسيرة القرآنية”، ازدادت أهمية هذا المكون الأصيل من المجتمع اليمني الحضاري ، وبرز كعنصر فاعل في صيانة الهوية الإيمانية، والدفاع عن المبادئ الوطنية، ومواجهة التحديات التي تهدد سيادة اليمن واستقلاله وفي هذه المرحلة الحساسة كانت القبيلة رمانة الميزان وقوة ثابتة أبلت بلاءً حسناً بدور يجسد المعنى الحقيقي للموقف المشرف في كل الأحداث والمتغيرات التي شهدها الوطن ، وأصبحت القبيلة في قلب المشروع القرآني، تشارك في بنائه، وتحميه، وتقدّم له الرجال والمواقف والمبادئ، في امتداد طبيعي لتاريخها المجيد .

 

القبيلة اليمنية… من الجذور التاريخية إلى الحضور الرسالي

عُرفت القبيلة اليمنية منذ آلاف السنين بأنها حاملٌ لهُوية البلاد، وصاحبة الدور الأبرز في نشوء الدول القديمة كمملكة سبأ ومعين وحِمير. وقد ظلت القبائل عبر التاريخ حافظة لسيادة البلاد، مدافعة عن الأرض والعِرض، ورافضة للغزو والوصاية.

في عهد “المسيرة القرآنية”، وجدت القبيلة اليمنية نفسها في مشروع يُجسّد جوهرها القيمي والتاريخي: مشروع يرفع راية الاستقلال، ويعتمد على القرآن منهجًا، ويركز على رفض التبعية والانبطاح السياسي. فكان هذا التلاقي بين قيم القبيلة ومبادئ المسيرة عاملًا رئيسيًا في صمود المجتمع اليمني رغم التحديات الهائلة.

القبيلة في خطاب السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي

من اللافت في مسار المسيرة القرآنية أن السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي لم يتعامل مع القبيلة كعنصر تقليدي، بل كقوة استراتيجية ذات أبعاد دينية ووطنية ومجتمعية. في معظم خطاباته، خاطب القبائل اليمنية بإكبار وتقدير، مؤكدًا على دورها المركزي في دعم الجبهات، وترسيخ القيم القرآنية، ومساندة معركة التحرر من الهيمنة الأجنبية ، ففي إحدى خطاباته عام 2020، قال السيد القائد يحفظه الله : “القبائل اليمنية برجالها الأحرار ومواقفها الأصيلة، كانت السند الأول للجبهات، وقدّمت القوافل والرجال، وصبرت وثبتت، وكانت الحصن المنيع في وجه كل المؤامرات” .

كما شدد حفظه الله في أكثر من مناسبة على أن القبيلة يجب أن تكون في طليعة مشروع بناء الدولة العادلة، وأن تتخلى عن كل موروث سلبي يتعارض مع القيم الإيمانية الحقة، وتتمسك بما يعزز الانتماء لله والوطن.

 القبيلة كقوة دفاع عن الأرض والعقيدة

منذ انطلاق العدوان  الغاشم على اليمن في 2015، وقفت القبائل اليمنية في صدارة المواجهة، ليس فقط بتقديم المقاتلين والعتاد، بل بالموقف الجمعي، الذي رفض الخنوع، وصمد في وجه كل محاولات الاختراق السياسي والقبلي.

تشير تقارير ميدانية لـمركز عين الإنسانية (2022) إلى أن أكثر من 65% من مقاتلي الجبهات ينتمون للقبائل، وأن الدعم الشعبي الذي قدمته القبائل في شكل قوافل وغذاء ووسائل نقل، كان حجر الزاوية في استمرار المعركة والدفاع عن السيادة ، لقد كانت القبيلة حامية للثوابت، ورافضة للفتن، ومُحطمة لمشاريع التجزئة والتمزيق.

 القبيلة والهوية الإيمانية… ارتباط لا ينفصل

تمثل الهوية الإيمانية في المسيرة القرآنية منظومة من القيم المستمدة من القرآن الكريم، كالعزة، والنصرة، والولاء لله، والبراءة من أعداء الله. وهذه القيم ليست غريبة عن القبيلة اليمنية، بل هي جزء من تكوينها، ما جعل التحام القبائل بالمشروع القرآني طبيعيًا وغير مفتعل.

القبيلة ليست فقط رافعة عسكرية أو اجتماعية، بل حاضنة لهُوية متكاملة، وقادرة على حماية القيم الإيمانية من الاختراقات الثقافية والفكرية. وقد كان لهذا التلاحم دور بارز في تعزيز الوحدة الوطنية، وتحصين المجتمع ضد الفتن الطائفية والمذهبية.

وبحسب دراسة لمؤسسة بنيان التنموية (2023)، فإن برامج التعبئة الثقافية داخل القبائل ساعدت على رفع الوعي بأهمية الهوية الإيمانية، وربطت العمل الجهادي بالقيم الدينية والاجتماعية.

 من مواجهة العدوان إلى بناء الدولة

لم تكتفِ القبائل بالمشاركة في الدفاع عن الوطن، بل انخرطت في مؤسسات بناء الدولة، من خلال المشاركة في لجان المصالحة الوطنية، ومجالس الحوكمة المحلية، والمبادرات المجتمعية للتنمية.

السيد القائد أكّد مرارًا في خطاباته أهمية تحول القبيلة من كيان تقليدي إلى شريك واعٍ في مشروع بناء الدولة العادلة، القادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي، وإرساء العدالة الاجتماعية، ومكافحة الفساد.

كما أشاد بتجارب القبائل التي تحوّلت إلى مراكز إنتاج زراعي وتنموي، ووجّه بدعمها وتطوير قدراتها بما يعزز من استقلال اليمن اقتصاديًا.

خاتمة

القبيلة اليمنية، في عهد المسيرة القرآنية، لم تعد مجرد موروث اجتماعي، بل تحولت إلى قوة جامعة، ومصدر فاعل للثبات والبناء، ومنظومة أخلاقية وروحية تستمد قوتها من الإيمان، وتعبّر عن الذات اليمنية الأصيلة.

لقد وجد المشروع القرآني في القبيلة اليمنية سندًا صلبًا، ووجدت القبيلة فيه امتدادًا نقيًا لقيمها التاريخية، فكان التحام الطرفين عنوانًا لمرحلة جديدة في تاريخ اليمن: مرحلة العزة، والتحرر، والبناء.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المسیرة القرآنیة الهویة الإیمانیة القبیلة الیمنیة السید القائد بناء الدولة

إقرأ أيضاً:

لجنة شؤون التعليم تناقش بيان الحكومة بشأن "تعزيز القيم والهوية الوطنية"

عقدت لجنة شؤون التعليم والثقافة والرياضة والإعلام بمجلس الشورى اجتماعًا اليوم، برئاسة سعادة السيد خالد بن أحمد العبيدان، رئيس اللجنة.
وقامت اللجنة خلال الاجتماع بمناقشة بيان الحكومة الموقرة بشأن المقترحات برغبة التي أبداها مجلس الشورى حول تعزيز القيم والهوية الوطنية في المجتمع، والمحال إليه من المجلس، وقررت اللجنة في نهاية الاجتماع رفع تقريرها المتضمن رأيها حول البيان المشار إليه إلى المجلس.

مقالات مشابهة

  • لجنة شؤون التعليم تناقش بيان الحكومة بشأن "تعزيز القيم والهوية الوطنية"
  • عاجل | الملك : السلام الدائم يبنى على القيم لا القوة
  • القبيلة اليمنية ودورها في حماية النسيج الاجتماعي والحفاظ على التماسك الوطني
  • استعراض مُنجزات التنفيذ العملي للهوية الترويجية لسلطنة عمان
  •  خلال أسبوع.. «مسام» ينزع 1.317 لغمًا في الأراضي اليمنية
  • القيم والأخلاق.. صراع البقاء في عالم القوة
  • مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة “مسام” ينزع (1.317) لغمًا في الأراضي اليمنية خلال أسبوع
  • مداها 1500 كيلومتر.. الحرس الثوري الإيراني يعلن دخول طائرة شاهد 107 المسيرة الخدمة
  • بسمة جميل: مبادرة مصر معاكم رسالة عرفان وتجسيد لتقدير وإنصاف أسر الشهداء