الرواية الغائبة.. تقرير بريطاني يُدين بي بي سي لتجاهلها ضحايا غزة
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
تحوّلت جلسة برلمانية في لندن، الثلاثاء، إلى محاكمة علنية غير معلنة لأداء هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، بعد أن فجر تقرير صادر عن "مركز رصد التغطية الإعلامية" التابع للمجلس الإسلامي البريطاني جدلًا واسعًا بشأن انحياز الشبكة في تغطية الحرب الإسرائيلية على غزة.
"التوازن المفقود".. جلسة تتهم وتكشف
في إحدى القاعات البرلمانية، جلس ريتشارد بورجس، مدير تحرير الأخبار في الـ"بي بي سي"، تحت أضواء النقد والتشكيك، وهو يحاول باستماتة الدفاع عن سياسات مؤسسته التحريرية.
وفي قلب الجدل كان التقرير الصادر حديثًا عن مركز رصد التغطية الإعلامية، الذي قام بتحليل أكثر من 35 ألف مادة صحفية نشرتها أو بثّتها الـ"بي بي س"ي بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و6 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، وهو تحليل وصفه المشاركون بأنه "مرآة صادمة لحجم الانحياز البنيوي" في سردية الشبكة.
"تحريف وتحيّز ممنهج".. شهادات من الداخل
من بين أبرز الأصوات التي ارتفعت في الجلسة، كانت الصحفية كاريشما باتيل، التي قدمت شهادة شخصية نادرة من داخل غرف التحرير في الـ"بي بي سي"، حيث قالت: "رأيت كيف تُقصى الرواية الفلسطينية عن قصد، ويُطلب منا حذف كلمات مثل ‘احتلال’ و’حصار’. كأننا نعمل في قسم العلاقات العامة لدولة الاحتلال".
شهادتها ألقت بظلال ثقيلة على دفاع بورجس، الذي أصرّ على أن الشبكة "تواجه صعوبات معقدة في تغطية صراع حساس"، وأنها تبذل جهدها لـ"الحياد والموضوعية". لكن هذا الخطاب لم يصمد أمام مداخلات لاحقة وصفته بأنه "محاولة فاشلة لتبرير الفشل الأخلاقي والمؤسسي".
البرلمان يصعّد: "تواطؤ إعلامي لا تغطية"
النائب آندي ماكدونالد اعتبر أن ما جاء في التقرير يتجاوز حدود الانحياز ليصل إلى "التواطؤ في تزييف الحقيقة وتشويه الضحايا". وقال بلهجة غاضبة: "عندما تطغى رواية طرف بهذه الفجاجة، فنحن أمام مشكلة أخلاقية لا مهنية فقط. ما جاء في التقرير مخيف، ويهز الثقة في مؤسسة إعلامية وطنية كنا نعتبرها مرجعًا".
الانتقادات لم تقف عند الحدود السياسية، بل امتدت إلى الحقل الإعلامي، حيث علّق الصحفي المخضرم بيتر أوبورن بقوله: "ما كشفه التقرير ليس مفاجئًا. البي بي سي منحازة مؤسسيًا لصالح إسرائيل، وقد لاحظنا هذا منذ سنوات. الجديد فقط هو أن هناك الآن توثيقًا رقميًا يُحرج الجميع".
"أرقام لا يمكن إنكارها".. حقائق صادمة من التقرير
التقرير كشف اختلالًا فادحًا في التوازن الإعلامي لصالح الرواية الإسرائيلية، وأورد أرقامًا تؤكد ذلك:
الضحايا الإسرائيليون نالوا تغطية تفوق تغطية الضحايا الفلسطينيين بـ33 ضعفًا
استخدمت الـ"بي بي سي" مصطلحات عاطفية تجاه الإسرائيليين أربع مرات أكثر مما استخدمتها مع الفلسطينيين.
وصفت القتلى الإسرائيليين بـ"المجزرة" 18 مرة أكثر من وصفها لضحايا الغارات على غزة.
هجمات حماس ذُكرت في 40% من المقالات، بينما لم يُذكر الاحتلال الإسرائيلي إلا في 0.5%.
استضافت الـ"بي بي سي" 2,350 ضيفًا إسرائيليًا، مقابل 1,085 فلسطينيًا فقط.
الرواية الإسرائيلية تكررت 2,340 مرة مقابل 217 مرة فقط للرواية الفلسطينية.
في 38 مقابلة طُلب من الضيوف إدانة حماس، بينما لم يُطلب من أي ضيف إدانة الانتهاكات الإسرائيلية.
وربما كانت الفقرة الأكثر إثارة في التقرير ما كشفه عن "رقابة ذاتية" داخلية، حين قررت إدارة الشبكة تأجيل عرض فيلم وثائقي بعنوان "غزة: أطباء تحت النار" رغم اكتماله وموافقة القسم القانوني عليه، وهو ما اعتُبر محاولة متعمدة لكبح أي سرد إنساني للرواية الفلسطينية.
"نزع الإنسانية عن الفلسطينيين"
السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة، حسام زملط، اختصر النقد بكلمات قاسية، فقال: "البي بي سي تحرم الفلسطينيين من إنسانيتهم. لا تُخصّص دقيقة واحدة لفهم معاناة من فقدوا عائلاتهم أو من قضوا تحت القصف وهم يؤدون واجبهم الطبي".
كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني، أشار من جانبه إلى أن ما نراه ليس مجرد "أخطاء تحريريّة"، بل "اختلال وظيفي في فهم دور الإعلام، الذي يجب أن يبحث عن الحقيقة لا أن يعيد تدوير بيانات الجيش الإسرائيلي".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية انحياز الإسرائيلية البرلمانية بي بي سي بريطانيا إسرائيل البرلمان بي بي سي انحياز المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بی بی سی
إقرأ أيضاً:
200 كاتب بريطاني يطالبون بمقاطعة إسرائيل
وأدى تدمير الاحتلال الإسرائيلي لغزة إلى ترك الفلسطينيين الجائعين لا يحصلون إلا على 1.5% من الأراضي الزراعية المتاحة والصالحة للزراعة، وفقًا لأرقام جديدة من الأمم المتحدة، وهذا أقل من 4% مما يشير إلى أن إسرائيل استمرت في استهداف الأراضي الزراعية الفلسطينية منذ فرض حصار كامل أوائل مارس، ما أدى إلى تقييد شديد للمساعدات من دخول القطاع.
وأِشارت الصحيفة الى ان غزة قبل الحرب كانت مركز زراعي مزدهر، حيث كان المزارعون والفلسطينيون العاديون يزرعون مجموعة واسعة من الفواكه والخضراوات والمكسرات والحبوب للاستهلاك المحلى ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة، شكلت الزراعة حوالى 10% من اقتصاد قطاع غزة، وكان أكثر من 560 ألف شخص، أو ربع السكان، يعتمدون جزئيًا على الزراعة وصيد الأسماك على الأقل.
واستهدف الاحتلال الإسرائيلي مصادر الغذاء - البساتين والصوبات الزراعية والأراضي الزراعية والصيادين - منذ بدء حصارها لغزة في أكتوبر 2023 وبحلول 28 يوليو 2025، كانت إسرائيل ألحقت أضرارًا بنسبة 86%، أى ما يعادل حوالى 32000 فدان، من الأراضي الزراعية في قطاع غزة وبينما لا يزال الوصول الفعلي إلى أقل من 9% من الأراضي الزراعية ممكنًا، فإن 1.5% فقط 537 فدان يمكن الوصول إليها ولم تتضرر جراء الهجوم الإسرائيلي.
وفى شمال غزة، دمرت الدبابات والقنابل الإسرائيلية أو ألحقت أضرارًا بـ 94% من الأراضي التي كانت تعتبر من أكثر الأراضي خصوبة وإنتاجية في القطاع، وفى الأسبوع الماضي، هدمت قوات الاحتلال لإسرائيلي جزئيًا بنكًا للبذور في الخليل بالضفة الغربية