آخر تحديث: 9 غشت 2025 - 12:45 مبقلم:مسار عبدالمحسن راضي الجواز الدبلوماسي في العراق رغم السمنة المُفرِطة في الأعداد الصادرة منه – تجاوزت الـ35 ألفاً – لكنه نحيف القيمة الدولية. ترتيب هذه الوثيقة عالمياً هو 104. وبحسب هذا الترتيب فإن الدبلوماسي العراقي يستطيع زيارة خمسين دولة فقط بدون تأشيرة مسبقة. 173 دولة تفرض على العاملين في السلك الدبلوماسي العراقي الحصول على “فيزا” قبل زيارة بلدانهم، للحديث عمّا يحتاجهُ عمود إنارة السياسات الخارجية من طاقةٍ دولية.

الجواز الدبلوماسي يتفوَّق على نظيره العادي بسبع مراتب فقط، حيثُ يقع الأخير في الترتيب الـ97 بحسب المؤشِّرات العالمية. العادي يُتيح للمواطن العراقي السفر إلى ثلاثين دولة دون فيزا مُسبقة، أو الحصول عليها عند الوصول أو بشكلٍ إلكتروني. إذاً، الفرق بين الأحمر (الدبلوماسي) والأزرق (العادي) لا يعدو سوى عشرين دولة، لكنهما قريبان معاً من قاع الترتيب الأسوأ عالمياً. ما السبب إذاً وراء ضجة إقرار تمتع البرلماني العراقي وعائلته بجوازٍ دبلوماسي مدى الحياة وبأثرٍ رجعي؟ دعاية انتخابية أم مكافأة نهاية الخدمة؟

تثبيت سمة مدى الحياة في الجواز الدبلوماسي العراقي، يعني وجود شعبين يعيشان على الأرض العراقية. شعب سوبر أو “قوم نوح” أمّا الآخر فهو الشعب العادي الذي يتمتع بكهرباء وكرامة طيلة 24 ساعة في اليوم

إقرار تمتع حامل الجواز الدبلوماسي وعائلته بمزايا هذه الوثيقة الرسمية مدى الحياة، كان في يناير الماضي من عام 2025. نائبان طعنا قانونياً بهذا الامتياز في مارس ونهاية يوليو 2025. المحكمة الاتحادية حكمت ببطلان الدعوة بحجة عدم امتلاك المُدَّعي لـ”الأهلية القانونية.” الدعايات السياسية من أجل التحضير لانتخابات نوفمبر القادمة بدأت مُبكِّرة – تقريباً منذُ مارس الماضي – عكس السنوات السابقة، حيثُ تنطلق قبل 90 يوماً كمُعدَّل. أهم الأسباب وراء الاستيقاظ الدعائي المُبكِّر هو الضغط الأميركي، الراغب بتصفية الأذرع الإيرانية في المنطقة سواء بالتشريعات المحليَّة للدولة التي تتواجد فيها تلك الأذرع، أو التصفية الجسدية. واشنطن عبَّرت كذلك عن جديَّة نهجها التصفوي، برفضها الشديد لمأسسة الميليشيات العراقية بالتشريعات النيابية – قانون الحشد الشعبي تحديداً – الذي جاء في مكالمةٍ هاتفية ساخنة بين ماركو روبيو وزير الخارجية الأميركي ومحمد شياع السوداني رئيس الحكومة العراقية في 22 يوليو 2025. بعد أربعة أيام كانت هناك مكالمة أخرى لتبريد أثر الأولى إعلامياً. في الـ31 من يوليو الماضي رفضت المحكمة الاتحادية النظر بسمة مدى الحياة لحامل الجواز الدبلوماسي. العملية السياسية في العراق تستعد كما يبدو للقيام بإخراج مسرحي كبير على الأقل إن لم يكن جذرياً. الحِفاظ على مستقبلها يحتاجُ إلى مغادرة عدد كبير من السياسيين الحاليين وإبدالهم بآخرين. الراحلون عن خشبة المسرح يجب أن يضمنوا عدم مطاردتهم من قبل الصاعدين الجُدُد. هنا تأتي أهمية حمل جواز دبلوماسي مدى الحياة فهذه الوثيقة تُحصِّن حاملها في الخارج بحسب ميثاق فيينا للعلاقات الدبلوماسية. كذلك إن أراد القادمون إلى اللعبة السياسية مُطاردة مسؤول فاسد فلن يستطيعوا ما دام مُتمتِّعاً بالحصانة الدولية و بالقوانين العراقيَّة. أهمية الجواز الدبلوماسي لبعض السياسيين في البلاد، تنبع بحسب الباحث الأميركي مايكل روبن من إمكانية “نقل البضائع المُهرَّبة والأموال المسروقة بطرقٍ غير مشروعة.” روبن وجد أيضاً أن العراق يحتاج إلى “500” جواز دبلوماسي لتأدية مهام السياسة الخارجية، لا 15 ألفاً بحسب مقالٍ له في عام 2022. وزارة الخارجية العراقية أصدرت من 2019 وإلى حد مايو 2023 “عشرة آلاف جواز دبلوماسي لغير العاملين في السلك الدبلوماسي.” المفارقة اللطيفة أن العراق كان لديه قبل العام 2022، عدد بعثات دبلوماسية تصِلُ بالكاد إلى ربع عدد دول العالم تقريباً، ولم تصِل نسبة “الثُلث” إلَّا في سبتمبر العام نفسه إذا اعتمدنا كلام روبن. وظيفةُ كثير أو قليل من هؤلاء العشرة آلاف تتعلَّق بغسيل الأموال وتهريبها إضافة إلى التهرُّب الضريبي. بحسب سوابقٍ دولية فإنَّ هذه الجرائم هي الأكثر شيوعاً بين الحاملين لجوازٍ دبلوماسي على طريقة العشرة آلاف العراقية. البلاد عموماً تمتلكُ تقييماً بدرجة (20) في مؤشر ضرائب يستخدم عالمياً لتقييم جوازات السفر للدول. تلك الدرجة تعني “السماح للمواطنين بالتهرُّب الضريبي من خلال تغيير مكان إقامتهم.” مؤثِّرةً على الترتيب الدولي لجواز السفر العراقي وإبقائه في أسفل القوائم. طبعاً، وظيفة غسيل المال وجعله نظيفاً ستختفي مع منح سمة مدى الحياة لحامل الجواز الدبلوماسي. أموال المسؤولين العراقيين للأمانة نظيفة جدّاً وشرعيَّة بحكم القوانين الساريَّة. لهذا أنا لا استطيع تفسير سبب اعتراف (68 في المئة) من العراقيين بالانتماء إلى الطبقتين الدنيا والوسطى الدنيا، أو لماذا لا يثق 54 في المئة منهم بسُلطة القضاء – كانت 70 في المئة عام 2021 – بحسب استطلاع “المجموعة المستقلة للبحوث”عام 2022. تثبيت سمة مدى الحياة في الجواز الدبلوماسي العراقي، يعني وجود شعبين يعيشان على الأرض العراقية. شعب سوبر أو “قوم نوح” على حدِّ تعبير أحد الدبلوماسيين العراقيين. ذكر لي هذا الدبلوماسي الذي فضَّل عدم ذِكر اسمه بسبب تعقيدات عمله الحالي “لا توجد حالة مثل حالة العراق التي منحت جوازا دبلوماسيا للبرلمانيين بقانون مدى الحياة، لهم ولعوائلهم.” أمّا الآخر فهو الشعب العادي الذي يتمتع بكهرباء وكرامة طيلة 24 ساعة في اليوم. إعطاء الامتياز نوح إذا جاز التعبير، يتعارض مع المادة الـ14 في الدستور العراقي التي تضمن “المساواة بين العراقيين وعدم التمييز بينهم.” لذا أنصحُ ذلك القيادي في إحدى الأحزاب العراقية بعد مُباركتي له بإمكانية حصوله على جوازٍ دبلوماسي – إن لم يكُن قد حصل عليه – ألاّ ينتظر حتى عمر الـ49 ، ليرى إن كان ترتيب الجواز العراقي سيتحسن بمعجزة ما بعد عشرين عاماً. عبَّر عن تلك الأمنية عام 2023 عندما كان بعمر التاسعة والعشرين. أعتذر له أيضاً باسم الشعب العادي عن “الصُدفة الجغرافية” التعسة التي جعلتهُ مواطناً عراقياً، وصعَّبت عليه مباهج السفر. أقترحُ كذلك على الشعب العادي تقييم ما كتبت كرسالة مزعجة وردت إلى صندوق Spam في بريده الإلكتروني، لأن مؤشِّر الحريات المعتمد أيضاً في تقييم جواز سفره يعطي العراق الدرجة (10)؛ أي أنكَ أيها العادي تتمتع بحرية محدودة ساهمت بفوز جوازك عالمياً بلقب الأسوأ – بين المرتبة الثانية والثالثة – طيلة العشرين عاماً الماضيَّة. ملاحظة: لم تستجب رئاسة الحكومة، المحكمة الاتحادية، ولا وزارة الخارجية للأسئلة التي أرسلتها إليهم إلى حين ساعة النشر. وعليه أتمنى من حامل الجواز العادي أن يؤمن بأنَّ مؤسسات العراق الرسمية تتعامل بمهنيَّة عالية ومسؤولية عظيمة فأنا لم أنتظر سوى خمسة أيّام والله خلق الدنيا في ستة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: الدبلوماسی العراقی الجواز الدبلوماسی مدى الحیاة

إقرأ أيضاً:

وزير الداخلية ووزير الصحة العراقي يوقّعان مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية وتهريبها

وقّع صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، ومعالي وزير الصحة رئيس اللجنة العُليا لمكافحة المخدرات في جمهورية العراق الدكتور صالح مهدي الحسناوي، في الرياض اليوم، مذكرة تفاهم بين وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية ووزارة الصحة بجمهورية العراق، في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية وتهريبها.

 

حضر توقيع الاتفاقية، صاحب السمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف نائب وزير الداخلية المكلف، ومعالي وكيل وزارة الداخلية الدكتور خالد بن محمد البتال، ومعالي وكيل وزارة الداخلية للشؤون الأمنية الأستاذ محمد بن مهنا المهنا، ومدير عام مكتب الوزير للدراسات والبحوث اللواء خالد بن إبراهيم العروان، ومدير عام الشؤون القانونية والتعاون الدولي أحمد بن سليمان العيسى، ونائب المدير العام لمكافحة المخدرات اللواء حمد بن محمد العماري.

 

فيما حضره من الجانب العراقي، سفيرة جمهورية العراق لدى المملكة صفية طالب السهيل، وعدد من كبار المسؤولين.

مقالات مشابهة

  • أبشر.. 3 خطوات لتنفيذ خدمة إلغاء تأشيرة خروج وعودة المنتهية
  • فاروق القاسم.. العقل العراقي وراء السياسات النفطية بالنرويج
  • العراق يحقق أول فوز ببطولة مصر الدولية للناشئين بالاسكواش
  • أكثر من (8) ملايين برميل نفط الصادرات العراقية لأمريكا خلال الشهر الماضي
  • خبير اقتصادي: ضربة أمريكية قاصمة لقطاع الطاقة العراقي
  • الأمير عبدالعزيز بن سعود ووزير الصحة العراقي يوقّعان مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الاتجار بالمخدرات
  • عبدالعزيز بن سعود ووزير الصحة العراقي يوقّعان مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية
  • وزير الداخلية ووزير الصحة العراقي يوقّعان مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية وتهريبها
  • بين الشراكة والشك: البرلمان العراقي يحاصر الاستثمار السعودي داخل قاعة الجد