ذكرت مقالة في صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم السبت، أن أحد أبرز الدروس المستفادة من حروب إسرائيل المتواصلة يتمثل في المفارقة بين أدائها في الساحات الإقليمية مثل إيران ولبنان، وبين فشلها في قطاع غزة، مرجحا أن ذلك يعود إلى الإخفاق في المواءمة بين الأهداف المعلنة للحرب والواقع الميداني.

وفي مقالة للباحث الإسرائيلي والضابط السابق مايكل ميلشتاين، ذكر الكاتب أنه رغم الإنجازات الخارجية المزعومة لإسرائيل في لبنان وإيران من خلال توجيه ضربات أفشلت ما كانا يعتقدان أنه فرصة تاريخية لتقويض إسرائيل على خلفية أزماتها الداخلية، إلا أنها لم تحقق إنجازا في غزة.

ويقول إن إسرائيل لا تزال "عالقة في المستنقع الغزّي"، حيث لم تحقق هدفي الحرب المعلنين: القضاء على البنية العسكرية والسلطوية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واستعادة جميع المحتجزين، ويقدم 3 تفسيرات لهذا الفشل.

تفسيرات ثلاثة

ويشرح مايكل ميلشتاين أن فجوة تعريف الهدف تعد السبب الأول لهذا الفشل، متابعا أن إسرائيل، في تعاملها مع إيران أو لبنان، تبنت أهدافا واضحة ومحددة يمكن قياسها، مثل تحييد التهديد العسكري لحزب الله أو إنهاء البرنامج النووي الإيراني.

في المقابل، فإن شعار "الانتصار الكامل" في غزة بقي غامضا وغير محدد، مما أدى إلى حرب مفتوحة دون أفق، تُعلن فيها إسرائيل بين الحين والآخر أنها باتت على أعتاب النصر، دون أن يتجسّد ذلك على الأرض.

ورغم أنه تجنب الإشارة إلى استمرار المقاومة الفلسطينية في غزة، ودورها في منع إسرائيل من تحقيق أهدافها، فإنه رأى أن هذه الضبابية في الهدف تُنتج خيبة أمل دائمة، وتُغذّي الانطباع بغياب إستراتيجية متكاملة.

كما أشار إلى بُعد آخر يزيد من تعقيد المواجهة في غزة، وهو الطابع الأيديولوجي والديني الذي يميّز العدوان الإسرائيلي هناك.

إعلان

فمنذ بداية الحرب، رُفعت شعارات تتعلّق بضرورة ضم أراضٍ من القطاع وإعادة الاستيطان فيها، وهي شعارات لا تُرفَع في ساحات الصراع الأخرى مثل لبنان أو إيران.

ويعتقد الباحث أن هذا البعد الأيديولوجي يُغذي الشكوك والانقسام الداخلي بشأن أهداف الحرب، في مقابل إجماع إسرائيلي عادة ما يرافق المواجهات مع حزب الله أو إيران.

أما عن السبب الثاني، فيقول الباحث الإسرائيلي إن شكل القتال والمناورة البرية منعتا إسرائيل من تحقيق النصر.

ويوضح أن طبيعة الحرب في غزة، وبخلاف إيران ولبنان، تتسم بمستويات عالية من التعقيد والمخاطر بسبب المناورة البرية واسعة النطاق، والاحتكاك المباشر مع السكان المدنيين، وتكلفة السيطرة الأمنية والبشرية على القطاع.

ويضيف أن إسرائيل تمتص خسائر متواصلة، وأن الحرب تتحول شيئا فشيئا إلى حرب استنزاف غير منتجة.

ويلفت إلى أن ملف المحتجزين كان السبب الثالث لهذا الفشل، قائلا إن "وجود العشرات من الأسرى الإسرائيليين في قبضة حماس يضعف قدرة إسرائيل على المناورة، ويقيّد صانع القرار، كما أن الأسرى يشكّلون تذكيرا دائما بفشل 7 أكتوبر، ويجعلون من كل تقدم عسكري قابلا للتراجع تحت ضغط المجتمع الإسرائيلي".

أوهام واستنزاف

ويخلص الكاتب إلى أن الفجوة بين الأهداف المعلنة والواقع أدت إلى انزلاق إسرائيل إلى أوهام وخطط غير واقعية، مثل "تطوير حكم عشائري في غزة، أو استيراد نماذج نزع التطرف، أو محاولة شراء الولاءات عبر مساعدات غذائية أو دعم مليشيات محلية، وصولا إلى الحلم القديم بتطبيق "صفقة القرن" وإقامة مشروع "ريفييرا غزة" الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب".

ويصف هذه التصورات بأنها أوهام سياسية تنتج تعقيدا متزايدا وتعيق تحقيق الأهداف، وتؤدي إلى حرب استنزاف طويلة.

ويحذر الضابط السابق من أن إصرار القيادة الإسرائيلية الحالية، التي تتحمل فشل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على تغيير الواقع في غزة يترافق مع غياب أي تفكير جدي في كلفة الاحتلال الكامل للقطاع أو تبعاته.

ويقول إن "استنزاف الجيش، خصوصا جنود الاحتياط، وتزايد أعباء التعامل مع مليوني فلسطيني في بيئة معادية، كل ذلك سيشكل قنبلة اجتماعية وأمنية موقوتة داخل إسرائيل نفسها"، وفق تعبيره.

ويختم بأن الدرس الأهم من المواجهة في غزة يتمثل في ضرورة تقليص الفجوة بين الأهداف والوسائل، والاعتراف بأن ما وصفه بـ"النموذج الناجح في مواجهة إيران ولبنان" لا بد أن يتضمن أيضا رؤية سياسية موازية للعمل العسكري، لا سيما إذا أرادت إسرائيل تجنب الوقوع في مستنقع لا نهاية له.

ويختتم ميلشتاين مقاله بالقول إن "النجاح في الساحة الإيرانية -إن حصل- قد يشكّل بوابة للانسحاب المنظم من غزة، بما يتيح إطلاق سراح الرهائن وفتح صفحة جديدة من التعافي في المجتمع الإسرائيلي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی غزة

إقرأ أيضاً:

بسبب الحرب على غزة.. فريق ألماني يتراجع عن التعاقد مع مهاجم إسرائيلي

أعلن نادي فورتونا دوسلدورف الألماني، الناشط في دوري الدرجة الثانية لكرة القدم، تراجعه عن خطط التعاقد مع المهاجم الإسرائيلي شون فايسمان، بعد موجة احتجاجات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بسبب منشوراته السابقة المتعلقة بالحرب علي غزة، وفقًا لما نشرته صحيفة بيلد الألمانية.

وكانت أنباء صفقة انتقال فايسمان من نادي غرناطة الإسباني إلى دوسلدورف قد أثارت جدلًا واسعًا، حيث أطلق مشجعو النادي حملات رفض على الإنترنت، متهمين اللاعب بإطلاق تصريحات عدائية وعنصرية في أعقاب 7 أكتوبر 2023.

ورغم اجتياز اللاعب للفحوصات الطبية ووصوله إلى ألمانيا، إلا أن إدارة النادي أصدرت بيانًا رسميًا أكدت فيه: “درسنا التعاقد مع شون فايسمان بشكل مكثف، لكننا قررنا في نهاية المطاف عدم إتمام الصفقة.”

ولم يذكر السبب المباشر للتراجع في البيان، إلا أن صحيفة بيلد أشارت إلى أن القرار جاء استجابة مباشرة لضغوط من جماهير النادي الغاضبة.

وكان فايسمان قد كتب في منشورات سابقة - تم حذفها لاحقًا - دعوات لـ"محو غزة من على الخريطة" و"إسقاط 200 طن من القنابل عليها"، كما أبدى إعجابه بمنشورات تنفي وجود "أبرياء" في غزة وتقول إن السكان "لا يحتاجون إلى تحذير". وقد اعترف اللاعب لاحقًا بأن تعليقاته كانت "رد فعل عاطفيًا متهورًا"، وقال إنه ندم عليها.

مشجعو دوسلدورف أطلقوا عريضة إلكترونية تطالب بمنع الصفقة، متهمين فايسمان بتصريحات "مسيئة وتمييزية لا تتماشى مع قيم النادي".

تم إعداد بيان اعتذار رسمي بالتنسيق مع النادي، لكنه لم ينشر بسبب إلغاء الصفقة.

وتبرز الحادثة التوتر المتزايد في أوروبا بشأن المواقف العامة من الحرب علي غزة، وسط محاولات الأندية الحفاظ على صورتها أمام جماهيرها المتنوعة.

يذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تلغى فيها صفقات رياضية بسبب مواقف سياسية أو تصريحات مثيرة للجدل مرتبطة بالحرب الإسرائيلية علي فلسطين، في ظل استمرار الحرب وارتفاع أعداد الضحايا في القطاع المحاصر.

طباعة شارك المهاجم الإسرائيلي شون فايسمان غرناطة ألماني درجة تانية غزة الاحتلال

مقالات مشابهة

  • مخصص لكشف الأهداف الجوية.. الجيش الروسي يدمر رادارًا إسرائيلي الصنع في أوكرانيا
  • ما الأهداف الخفية لقرار نتنياهو احتلال غزة؟
  • روسيا تدمر "رادار إسرائيلي".. تفاصيل العملية في أوكرانيا
  • 200 كاتب بريطاني يطالبون بمقاطعة إسرائيل
  • رصد إسرائيلي للخسائر الكامنة من قرار إعادة احتلال قطاع غزة
  • حكومة لبنان توافق على أهداف ورقة واشنطن لتثبيت وقف النار مع إسرائيل
  • استعراض إسرائيلي لثلاث خيارات سيئة لمستقبل الحرب في غزة
  • ينتظرنا تسونامي غير مسبوق.. تحذير إسرائيلي: نخسر أمريكا وسفينتنا تغرق
  • بسبب الحرب على غزة.. فريق ألماني يتراجع عن التعاقد مع مهاجم إسرائيلي
  • روسيا تُحذر إيران من هجوم عسكري (أمريكي-إسرائيلي) قريب .. تفاصيل