وعاين المليكي على الأرض مشاهد الرعب الممنهج الذي مارسه النظام على مدى سنوات، ووثق جرائم وصفت بأنها الأشد فظاعة في تاريخ الدولة الحديثة، واستعرض جانبا من ذلك في حلقة جديدة من برنامج "بودكاست مشارق" التي بثت عبر منصتي أثير والجزيرة 360 (رابط الحلقة كاملة).

وقال الصحفي الاستقصائي إن القصص في سوريا لا تحتاج إلى من يطاردها، بل هي التي تطارد الصحفي في كل زاوية، من صور المفقودين على الجدران إلى نظرات الأطفال في مراكز الرعاية.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4"المُتحرّي" يكشف بالأدلة تورط آل الأسد في تجارة الكبتاغونlist 2 of 4"قيصر" يكشف هويته ويروي تفاصيل مروعة عن جرائم الأسدlist 3 of 4"النجاة من سجون سوريا" فيلم وثائقي يكشف فظائع سجون الأسدlist 4 of 4"المتحري" وخفايا تجارة المخدرات في سوريا.. آل الأسد على رأس الهرمend of list

وأوضح أن كل حكاية تروي حقيقة واحدة: كان هناك نظام لا يمكن تصور مدى شرّه إلا عند معاينة نتاجه الفعلي.

وأكد المليكي أن دخوله إلى سوريا لم يكن بحثا عن بطولة، بل باعتبارها بيئة خصبة لأي صحفي استقصائي، واصفا لحظة وصوله إلى دمشق بعد شهر من سقوط النظام بأنها أكبر من توقعاته وأكثر قسوة مما قرأه عن الشمولية.

واعتبر أن ما فعله نظام الأسد لا يمكن اختزاله في مصطلحات مثل "الاستبداد" أو "الدكتاتورية"، واصفا تلك المفردات بأنها "رومانسية" مقارنة بواقع الجرائم المنهجية.

سلسلة الموت

ورأى المليكي أن ما يميز بشاعة النظام السوري هو أنه لم يقتل فقط، بل "أسّس نظاما إداريا دقيقا لإنتاج الموت"، مشيرا إلى أن كل مؤسسة رسمية تحولت إلى حلقة في سلسلة الموت، وأبرز مثال على ذلك -بحسبه- هو تحويل المستشفيات إلى مكاتب أمنية تشرعن الموت ولا تسعى إلى إنقاذه.

وذكر أنه حصل خلال عمله على الفيلم الاستقصائي المرتقب بعنوان "صناعة الموت" على وثائق رسمية تُظهر كيف كان الأطباء يُملون أسباب الوفاة من قبل ضباط الفروع الأمنية، وتُسجل أسماء القتلى بأرقام مجهولة، في حين يمنع على الضحايا النطق حتى في لحظاتهم الأخيرة داخل المستشفى.

وكشف المليكي عن وجود أكثر من 5900 صورة لجثث معتقلين جرى توثيقها بأدلة طبية دقيقة، وظهر فيها الضحايا وقد قضوا إما خنقا بأدوات بلاستيكية أو بطلقات مباشرة في الرأس.

إعلان

وقال إن هذه الصور تخضع لتحليل دقيق ضمن الفيلم، مؤكدا أن توثيق الجريمة كان جزءا من سلوك النظام، لا بدافع الخوف من المحاسبة، بل لتأكيد سطوته.

وأفاد بأن فريق "المتحري" حصل أيضا على قاعدة بيانات أمنية تضم معلومات عن أكثر من مليون معتقل تشمل محاضر التحقيق وبصمات المعتقلين، مما يمكّن عائلات المفقودين من تتبع مصير أبنائها بدقة، واصفا هذه البيانات بأنها "كنز إنساني" سيجري توظيفه، ليس فقط للكشف، بل أيضا لإنصاف الضحايا.

لحظات صادمة

وفي واحدة من أكثر اللحظات صدمة تحدّث المليكي عن زيارته لمراكز رعاية الأطفال الرضع الذين نقلتهم الفروع الأمنية إلى دور الدولة.

وقال إنه دخل غرفة تضم نحو 20 رضيعا لا يُعرف لهم نسب، بعضهم أبناء معارضين سياسيين اعتُقلوا، والبعض الآخر نتاج اغتصاب داخل المعتقلات، وجميعهم سُجّلوا مجهولي الهوية.

وأضاف أن المشهد داخل الغرفة كان كافيا لـ"إسقاط كوكب"، على حد تعبيره، إذ تكدس الأطفال على الأرض وفي الأسرّة، بعضهم يضحكون، وآخرون يبكون، في حين كانت عيونهم تلاحق الداخلين في صمت محمّل بالتساؤلات، وقال "كنت عاجزا عن التصوير، فجلست في السيارة لنصف ساعة أحاول استيعاب ما رأيت".

وأشار المليكي إلى أن هناك وثائق تؤكد أن هؤلاء الرضّع سُجّلوا عمدا بدون ذكر اسم الأب أو الأم رغم معرفتهما، واصفا ذلك بأنه "جريمة هوية" قد تُستخدم لاحقا لتجنيدهم أو تبرير سلوك النظام القمعي في المستقبل.

وقال إن هذه السياسات تكشف أن النظام لم يكن يقتل فقط، بل كان يخطط لمستقبل قائم على الطمس والإنكار، وأوضح أن هناك حالات موثقة لسيدات تم سجنهن مع أحفادهن، فقط لأن أحد أبنائهن كان معارضا سياسيا.

وذكر قصة امرأة سجنت مع أحفادها، في حين كان الطفل الأكبر منهم يسمع صوت أمه وجدته تحت التعذيب، فيحاول رفع صوته ليمنع أشقاءه من سماع ما يحدث، وهي حادثة تبرز عمق التدمير النفسي الذي مارسه النظام.

المقابر الجماعية

وفي حديثه عن المقابر الجماعية، أشار المليكي إلى زيارته موقع دفن جماعي، حيث عثر على مستطيل بطول عشرات الأمتار دُفن فيه المئات من الضحايا، في حين لم يُكمل الجزء الباقي بسبب سقوط النظام.

وقال إن "الموت كان عملا جاريا حتى آخر لحظة، والمقابر كانت تنتظر المزيد من الجثث لولا التغيير السياسي".

وأبرز أن العاملين في المقابر العامة كانوا يدركون أن مشاهدة عملية الدفن تضعهم في خطر، إذ اختفى اثنان من زملاء القيّم على المقبرة بعدما حاولا التلصص على عملية دفن ليلية.

واعتبر أن كل موظف سوري في ظل هذا النظام تحوّل -شاء أم أبى- إلى شريك في الجريمة أو ضحية محتملة لها.

وحين سُئل عن كيفية التوازن بين الدوافع الإنسانية والعمل المهني، قال المليكي إن الاستقصاء لا يطلب من الصحفي أن يكون بلا ضمير، بل أن يجمع الوثائق ببرود منهجي، حتى وإن كان الدافع عاطفيا، مضيفا "العاطفة تمنح الفيلم روحه، أما الوثيقة فهي ما يبقيه حيا في أرشيف الحقيقة".

وكشف أن الفيلم الجديد سيكون باكورة سلسلة من الأفلام التي تحقق في الكيماوي والأموال المنهوبة وملفات الاغتيالات، إضافة إلى مشاريع توثيق واسعة تسعى إلى فضح النظام من خلال العمل الميداني والمقارنة بين المصادر.

إعلان

وشدد المليكي على أن توثيق هذه الجرائم ليس ترفا صحفيا، بل واجب أخلاقي وتاريخي، وقال إن من مصلحة السوريين توثيق ما حدث حتى لا يعود القتلة ولا يفسدوا المستقبل، مشيرا إلى أن الصحافة الحقيقية توسّع هامش الحرية وتحاصر الاستبداد، حتى لو كانت بالوثيقة لا بالبندقية.

21/6/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

حبس وغرامة.. عقوبة استعمال علامة غير مسجلة وفقا لقانون الملكية الفكرية

وضع قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، عقوبات محددة، تمثلت في الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ لمن يرتكب المخالفات الواردة بالمادة 114 منه.

حبس 3 أشهر بقانون الملكية الفكرية مع الغرامة .. تفاصيلبعد إحالة واقعة سرقة اللوحات للنيابة.. كيف حمى القانون حقوق الملكية الفكرية؟الملكية الفكرية على طاولة «التجارة الحرة الإفريقية».. مصر تقود المشاورات في جيبوتيالقرصنة الرقمية.. أبرز تحديات حماية الملكية الفكرية في مصر

وحدد المادة 114 من القانون، من تنتطبق عليهم العقوبات:

1 - كل من وضع بياناً تجارياً غير مطابق للحقيقة على منتجاته أو محاله أو مخازنه أو بها أو على عناوينها أو على الأغلفة أو الفواتير أو المكاتبات أو وسائل الإعلام أو على غير ذلك مما يستعمل في عرض المنتجات على الجمهور.

2 - كل من ذكر بغير حق على علاماته أو أوراقه التجارية بياناً يؤدي إلى الاعتقاد بحصول تسجيلها.

3 - كل من استعمل علامة غير مسجلة.

4 - كل من ذكر ميداليات أو دبلومات أو جوائز أو درجات فخرية من أى نوع كان على منتجات لا تتعلق بها أو على أشخاص أو أسماء تجارية لم يكتسبوها.

5 - كل من اشترك مع آخرين فى عرض منتجات واستعمل لمنتجاته الخاصة المميزات التى منحت للمعروضات المشتركة ما لم يبين بطريقة واضحة مصدر تلك المميزات ونوعها.

6 - كل من وضع على السلع التى يتجر بها - فى جهة ذات شهرة خاصة فى إنتاج سلعة معينة - مؤشرات جغرافية بطريقة تضلل الجمهور بأنها نشأت فى هذه الجهة.

7 - كل من استخدم أى وسيلة فى تسمية أو عرض سلعة ما توحى بطريقة تضلل الجمهور بأنها نشأت فى منطقة جغرافية ذات شهرة خاصة على خلاف المنشأ الحقيقي لها.

8 - كل منتج سلعة فى جهة ذات شهرة خاصة فى إنتاجها وضع مؤشراً جغرافياً على ما ينتجه من سلع شبيهة فى مناطق أخرى يكون من شأنها أن توحى بأنها منتجة فى الجهة المشار إليها.

ووفقا للقانون حال العود تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن شهر والغرامة التي لا تقل عن أربعة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه.

طباعة شارك حقوق الملكية الفكرية قانون حماية عقوبة الحبس عقوبات عرض المنتجات السلع المميزات

مقالات مشابهة

  • غزة من الهجوم إلى الاحتلال| خطة شريرة ضد القطاع المحاصر.. وخبير يكشف جرائم إسرائيل
  • تعز.. وقفة إحتجاجية حاشدة تنديدًا باستمرار مجازر الإبادة في غزة
  • توفيق زيد العليوي قاضٍ ثوري يحاكم النظام السوري المنشق عنه
  • العدل السورية تنشر مشاهد لتحقيقات مع 4 شخصيات بارزة بنظام الأسد
  • سيدة تقتل أزواجها الـ11 بخطط شيطانية
  • من ألبانيزي إلى المقاومة.. شواهد التغيير في النظام الدولي
  • طاقة أبوظبي تطبّق أول نظام خزانات رأسية للغاز البترولي المسال في المنشآت الغذائية بأبوظبي
  • تعلن المحكمة التجارية الابتدائية بالأمانة بأنها قامت بإيقاع الحجز التنفيذي على العقر التابع لتوفيق سران
  • حبس وغرامة.. عقوبة استعمال علامة غير مسجلة وفقا لقانون الملكية الفكرية
  • مستشار تعليمي: نظام الفصول الثلاثة تسبب بضغط أكاديمي على الطلاب.. فيديو