البحرين تطلق شعار "القمة الخليجية" لترسيخ وحدة الصف واستشراف المستقبل المزدهر
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
المنامة- (موفدة الرؤية) مدرين المكتومية
كشفت مملكة البحرين عن الشعار الرسمي للقمة الخليجية السادسة والأربعين المقررة في المنامة غدًا الأربعاء، والذي يعكس روح الانتماء الخليجي ووحدة البيت المشترك لدول الخليج العربي الشقيقة.
وجاء الشعار بتصميم دائري يبرز فيه شعار مجلس التعاون لدول الخليج العربية مُحاطًا بأعلام الدول الأعضاء، في رسالة واضحة تعكس وحدة الصف الخليجي وتماسكه نحو مستقبل أكثر ازدهارًا وأمنًا لأبناء المنطقة.
وأصدرت مملكة البحرين الدليل الإعلامي الرسمي الخاص بتغطية أعمال القمة والذي يتضمن المعلومات الأساسية للوفود الإعلامية وبرامج المركز الإعلامي وإرشادات التغطية، إضافة إلى تعريف شامل بأبرز المعالم الوطنية والتاريخية في منطقة الصخير؛ حيث موقع انعقاد القمة.
ويستعرض الدليل- الذي أعده مركز الاتصال الوطني البحريني- جهود المملكة لتعزيز الاتصال الحكومي وتوفير بيئة إعلامية داعمة لنقل فعاليات القمة بصورة احترافية تعكس قيم التعاون الخليجي. ويهدف مركز الاتصال الوطني إلى توحيد الخطاب الإعلامي الحكومي وإرساء دعائمه بطابع مؤسسي وفق منهجية واضحة وخطط وبرامج محددة واستراتيجيات حديثة، وإتاحته للمعنيين على المستويين المحلي والدولي، كما ويسعى المركز إلى تحقيق التميز في الاتصال عبر كافة الجهات الحكومية، والتعريف بأولويات وبرامج ومبادرات ومشاريع الحكومة.
ويتضمن الدليل تعريفًا بمملكة البحرين وتاريخها الحضاري إضافة إلى إبراز أبرز المواقع التي تحيط بمقر انعقاد القمة مثل قصر الصخير، الذي شهد العديد من الأحداث التاريخية المُهمة، من أبرزها زيارات الدولة التي قام بها أصحاب الجلالة والسمو من ملوك ورؤساء وأمراء الدول الشقيقة والصديقة، إضافة إلى اجتماعات مهمة مثل اجتماع المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته السابعة والثلاثين التي استضافتها مملكة البحرين عام 2016، كما احتضن القصر الزيارة التاريخية لفضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف عام 2022، واتفاقيات التعاون بين مملكة البحرين والمملكة المتحدة في عام 2021 إلى جانب العديد من الاجتماعات التنسيقية واللقاءات الرفيعة التي جمعت الشرق بالغرب لتعزيز الحوار الدولي، ومن بينها استضافة القمة العربية الثالثة والثلاثين "قمة البحرين" في عام 2024.
فعاليات مصاحبة
ويتضمن البرنامج الإعلامي المصاحب للقمة مجموعة من الفعاليات التي تنطلق اليوم الثلاثاء الثاني من ديسمبر الجاري؛ حيث تبدأ بافتتاح المركز الإعلامي في فندق الدبلومات، تليه جلسة حوارية مع معالي جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومن زيارة مهرجان ليالي المحرق، وزيارة متحف البحرين الوطني.
ويؤكد الدليل الإعلامي على الالتزام بميثاق العمل داخل المركز الإعلامي بما في ذلك احترام القوانين المحلية وضوابط التغطية الى جانب الالتزام بشروط التصوير، والعمل على توفير بيئة عمل مهنية وآمنة لجميع الصحفيين.
وتأتي هذه الترتيبات الشاملة لتؤكد حرص مملكة البحرين على إنجاح أعمال القمة وترسيخ دور الإعلام كشريك أساسي في نقل رسالة التكامل الخليجي ودعم تطلعات دول المجلس نحو مزيد من الازدهار والأمن والاستقرار.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"قمة المنامة".. فرصة لترسيخ التكامل وتجديد الثقة
عبدالنبي الشعلة **
بعد يومين، تستقبل البحرين أصحابَ الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون الخليجي- حفظهم الله ورعاهم- ضيوفًا على صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين- حفظه الله ورعاه- للمشاركة في الدورة السادسة والأربعين للمجلس الأعلى. والبحرين، قيادةً وحكومةً وشعبًا، ترحّب بالضيوف الكرام وتتمنى لهم كل النجاح والتوفيق في أعمالهم.
وحين تفتح المنامة أبوابها لقادة دول الخليج، فإنها لا تستقبل وفودًا رسمية رفيعة المستوى فحسب؛ بل تحتضن آمال شعوب، وتطلعات أجيال، ورغبة صادقة في أن يكون هذا الكيان الخليجي أكثر قوة وتماسكًا في مواجهة عالم شديد الاضطراب وسريع التغير. فالقمة القادمة ليست مناسبة بروتوكولية على جدول السياسة؛ بل محطة تُختبر فيها إرادتنا الجماعية، ويُقاس فيها مدى تصميم دول المجلس على المضي نحو المستقبل بثقة وشجاعة.
لقد باتت الأزمات العالمية والأحداث الإقليمية تتقاطر على منطقتنا بلا انقطاع. تقلبات أسعار الطاقة، والاضطرابات في الأسواق المالية، وتغير خرائط النفوذ، والتوترات الأمنية… كلها تفرض نفسها دفعة واحدة، وكأن الزمن قرر أن يختبر صلابة الخليج وقدرته على الصمود أمام العواصف. وعلى الرغم من ذلك، فقد أثبتت دولنا مرارًا قدرتها على تحويل التحديات إلى فرص، وعلى الوقوف صفًا واحدًا حين تشتد الأزمات.
وتقف دول الخليج اليوم أمام فرص نوعية لإعادة رسم مستقبلها الاقتصادي والسياسي. فمشروعات التحول الوطني والتنويع الاقتصادي تنطلق بوتيرة غير مسبوقة، وقطاعات جديدة تتبلور في مجالات الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي والصناعة والسياحة. فيما يبحث القطاع الخاص عن فضاء خليجي أوسع يساعده على التوسع والابتكار، وتتابع الأسواق العالمية باهتمام دور الخليج في قيادة التحولات الكبرى في الطاقة والاستثمار والاقتصاد الرقمي.
وفي هذا السياق، يصبح لزامًا على القمة القادمة أن تلتفت بجدية إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها الدول الأقل حظًا في المجموعة؛ فهذه الدول قدمت عبر عقود نموذجًا في الالتزام بوحدة الصف والمصلحة الخليجية المشتركة، إلّا أن التحديات المالية التي تواجهها اليوم تتطلب برامج دعم وإسناد سخية، راسخة، وبعيدة الأثر، تُعيد إليها القدرة الكاملة على المشاركة في مشاريع التطور والنمو التي تحتاجها المنطقة؛ إذ لا ينبغي- ولا يصب في مصلحة أحد- أن تتحول هذه الدول إلى حلقات ضعيفة في مسيرة التكامل.
إنَّ الاستثمار في استقرار هذه الدول وقوتها هو استثمار في أمن الخليج كله، كما فعل الاتحاد الأوروبي عندما دعم إسبانيا والبرتغال واليونان بسخاء عند انضمامهما، ثم كرر التجربة مع عدد من دول أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. فقد أثبتت تلك التجارب أن التكامل الحقيقي لا يقوم إلا على مبدأ التوازن بين المركز والأطراف، وأن النهضة الشاملة لا تتحقق إلا حين ينهض الأقوى بالأضعف.
وهنا يبرز دور القمة في المنامة، من خلال الانتقال من مرحلة النوايا الطيبة إلى مرحلة القرارات الجريئة، وتحويل الآمال والطموحات إلى برامج عمل واضحة قابلة للتنفيذ والقياس. نحن بحاجة إلى منظومة اقتصادية خليجية أكثر ترابطًا، وإلى أمن مشترك أكثر صلابة، وإلى صوت إقليمي أكثر حضورًا وتأثيرًا في عالم لا يعترف إلا بالقوة الجماعية.
أما في الجانب الأمني، فقد أصبحت الحاجة إلى رؤية دفاعية مشتركة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. فالتحديات الأمنية الحديثة تتجاوز الحدود، وتفرض على دول المجلس تعزيز التعاون العسكري والأمني، وتطوير القدرات السيبرانية، وإنشاء منظومات إنذار مبكر، وتنسيقا أعمق في مجالات الاستخبارات والدفاع. إن حماية الخليج مسؤولية جماعية، وركن أساس من أركان المصير المشترك.
واستضافة البحرين لأعمال القمة، هو تأكيد لدورها في تعزيز أواصر التعاون الخليجي ودفع الحوار نحو حلول متوازنة. فقد أثبتت المنامة دائمًا أنها صوت الحكمة والاتزان، وأنها قادرة على صوغ مساحات مشتركة تلتقي عندها الرؤى وتتوحد عندها المواقف، بعيدًا عن كل ما يفرق الصف ويشتت الجهود.
ونحن على أعتاب القمة، تتجدد آمال شعوب الخليج في أن تكون هذه القمة قمة للفرص، وقمة لقرارات جريئة ترسخ الثقة وتدفع بمسيرة التعاون خطوات واسعة إلى الأمام. فدول الخليج تمتلك اليوم رصيدًا استثنائيًا من الموارد، ومشروعات كبرى، وقدرات مالية واستثمارية متنامية، وشعوبًا شابة تتمتع بالإبداع والطموح، وتطمح أن ترى غدًا أكثر إشراقًا وتقدمًا.
إنَّ المطلوب اليوم هو التمسك بروح المبادرة، والالتقاء عند نقاط القوة، وتعزيز التكامل في كل المجالات، حتى يصبح مجلس التعاون منصة حقيقية لصناعة المستقبل، لا مجرد إطار للتشاور وتبادل الآراء. فقمة المنامة ليست مجرد اجتماع؛ بل رسالة واضحة بأن الخليج، رغم كل التحديات، لا يزال موحدًا في رؤيته، ثابتًا في مواقفه، مؤمنًا بثوابته، ومُصمِّمًا على مواصلة دوره الفاعل في صياغة مستقبل المنطقة والعالم.
** كاتب بحريني
رابط مختصر