من هم "المُقنطرون"؟.. دار الإفتاء تكشف سر الثواب العظيم لقارئ ألف آية
تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT
أوضح الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى أن الحديث الوارد عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، يقول فيه النبي ﷺ:«من قام بعشر آيات لم يُكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كُتِبَ من القانتين، ومن قام بألف آية كُتِبَ من المقنطرين»(رواه أبو داود وابن خزيمة)
وأشار أمين الفتوى إلى أن معنى الحديث واضح وصريح: فكل مرتبة من هذه المراتب مرتبطة بعدد الآيات التي يقرؤها المسلم في قيامه بالليل، وأن من يقرأ ألف آية ينال مرتبة “المقنطرين”، وهي من أعلى مراتب الثواب.
من هم “المُقنطرون”؟.. ثواب يعادل قناطير من الأجر
بيّن ممدوح أن لفظ «المُقنطرين» مشتق من كلمة القنطار، وهو كناية في اللغة عن الثواب العظيم والكبير جدًّا، سواء قُدّر بالمال أو الحسنات.
والمقصود بالحديث: أن من قام من الليل فقرأ ألف آية، كتب الله له ثوابًا جزيلًا يبلغ القناطير، وهو تعبير عن عطاء يفوق الوصف.
وذكر العلماء — ومنهم الإمام الخطابي وابن حجر — أن القنطار يطلق على مقدار كبير من الأجر لا يُحصى، للدلالة على عظمة الثواب للمُداومين على قراءة القرآن في الليل.
قيام الليل.. عبادة الخشوع وصفاء القلب
انتقل الدكتور ممدوح لبيان فضل قيام الليل، مستشهدًا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما، حيث قال:«كان النبي ﷺ إذا قام من الليل يتهجد قال: اللهم لك الحمد، أنت قيّم السماوات والأرض ومن فيهن…»، (رواه البخاري ومسلم)، وأكد أن هذا الدعاء يُظهر روحانية القيام، وما فيه من خضوع وتذلل لله عز وجل.
لماذا شُرع قيام الليل؟.. الحكمة الروحية والعلمية
بيّنت دار الإفتاء أن قيام الليل ليس مجرد عبادة اختيارية، بل مدرسة إيمانية لها آثار عميقة، ومن أبرز حِكم تشريعه:
1. الخشوع الكامل بعيدًا عن صخب الحياةيتميز الليل بالهدوء والسكون، مما يساعد المسلم على الإقبال على الصلاة والذكر بصفاء قلب وتركيز عميق.
قال تعالى:
﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾
(سورة المزمل: 6)
قيام الليل من أكثر العبادات التي يخلص فيها القلب لله؛ لغياب أعين الناس، مما يزيد من أثرها وروحانيتها.
3. تثبيت الإيمان ونيل التأييد الربانيذكر المفسرون أن قيام الليل من أسباب تثبيت اليقين في القلب وجلب التأييد الإلهي، وبه يُرزق العبد الطمأنينة والسداد.
4. وقت مثالي لمراجعة القرآن الكريمصفاء الذهن في هذا الوقت يجعل القلب أكثر قدرة على الحفظ والمراجعة، وهو ما كان يحرص عليه السلف الصالح.
الثواب الأعظم ينتظر من يُداوم على القرآن
اختتمت دار الإفتاء توضيحها بالتأكيد على أن باب الثواب مفتوح للجميع، وأن الوصول إلى مرتبة “المقنطرين” لا يحتاج إلا إلى مجاهدة النفس ومداومة قراءة القرآن. فكل آية يتلوها المسلم في الليل ترفع درجته وتقربه إلى الله.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القرآن قيام الليل الليل النبي الفتوى قیام اللیل من قام
إقرأ أيضاً:
أستاذ بالأزهر: حفظُ الله للقرآن نور لا يُطفأ.. وتَلَقِّيه سماعًا هو الضمان ضد التحريف
أكد الدكتور أحمد الرخ، أستاذ بجامعة الأزهر الشريف، أن وصف القرآن الكريم بأنه نور يحمل دلالة عظيمة على حفظ الله له، موضحًا أن معنى النور يشير إلى أن أحدًا – أيًّا كان – لا يستطيع طمس هذا النور أو أن يأتي بظلام يطفئه.
واستشهد، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأحد، بقول الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾، مبينًا أن الله تكفّل بحفظ القرآن بخلاف الكتب السابقة التي قال فيها: ﴿بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ﴾، أي أن حفظها وُكِل إليهم فلم يكونوا كحفظة القرآن.
وأوضح الدكتور الرخ أن حفظ الله للقرآن لا يعني عدم الثقة في المسلمين، بل هو تكريم لهم، فالله سبحانه وتعالى يرفع شأن أمة القرآن ويصفها بقوله: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾، فهي أمة لا تضيع كتابها.
وأضاف أن تكفّل الله بحفظ القرآن هو تشريف للكتاب وللأمة، وأن الله يحكم آياته فلا يدخلها تحريف ولا تبديل.
ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: الإبل منظومة إعجازية متكاملة مسخرة للإنسان
الأزهر عن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد: صاحب الحنجرة الذهبية الذي جاب بلاد العالم
وأشار إلى قول الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ... ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ﴾، مؤكدًا أن إحكام الآيات يعني عصمتها من التحريف.
وذكر أن الإمام الشاطبي أشار في كتاب الموافقات إلى أن أي تغيير في القرآن – ولو حرف واحد – كفيل بأن يرده آلاف الأطفال قبل كبار القراء، وذلك لوصول القرآن إلينا بالإسناد المتصل من النبي ﷺ إلى الأمة.
وبيّن الدكتور الرخ أن هذا الاتصال المتقن في النقل يجعل تغيير حرف أو تشكيل في القرآن أمرًا مستحيلًا، فالأمة تلقّت القرآن لفظًا ومعنى كما نزل على النبي ﷺ.
وأضاف أن السنة النبوية أكدت أيضًا هذا المعنى، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ في صحيح مسلم: «وأنزلتُ عليك كتابًا لا يغسله الماء، تقرؤه نائمًا ويقظان»، أي أنه كتاب محفوظ لا يجري عليه تغيير مهما حاول الناس.
وأشار إلى أن تغيير التشكيل قد يؤدي إلى تغيير كامل في المعنى، ضاربًا مثالًا بقوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ﴾، ولو غُيِّرت التشكيلة لانقلب الفاعل والمفعول، مما يفتح باب التحريف، ولذلك كان السماع والتلقي هما الأصل في ضبط القرآن الكريم.
وأكد الدكتور الرخ أن علماء الأمة شددوا على ضرورة تلقّي القرآن من أفواه المشايخ، لا من المصاحف وحدها، مشيرًا إلى مقولة الإمام مالك: «لا تأخذوا القرآن من مصحفي، ولا العلم من صحفي»؛ لأن للقرآن أحكامًا في الأداء لا تُعلَم إلا بالسماع. وأضاف أن كتب التجويد تعطي القواعد، أما “التحريرات” الدقيقة مثل الإشمام والروم وضبط المخارج فلا تُؤخذ إلا شفهيًا.
وأوضح أن التحديات الحديثة في التلقي يمكن تجاوزها بوجود إذاعة القرآن الكريم في مصر، والتي تُعَد نعمةً لا مثيل لها في العالم الإسلامي؛ إذ توفر تلاوات مرتلة بأعلى درجات الدقة، خاصة تلاوات الشيخ الحصري والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ عبد الباسط وغيرهم، مما يمنح المستمع إمكانية تعلم الضبط والأداء الصحيح.
ولفت إلي أن المصحف المرتّل كما يُذاع من بدايته إلى نهايته يمثل مدرسة كاملة في التعليم القرآني، وأنه لا عذر اليوم لأحد في عدم ضبط القراءة، فالحفظ والسماع ووسائل التلقي موجودة ومتاحة للجميع.