ضريبة الدخل في عُمان خطوة نحو الاستدامة المالية أم تحد جديد؟
تاريخ النشر: 28th, June 2025 GMT
مسقط– في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، أقرّ السلطان هيثم بن طارق قانون ضريبة الدخل على الأفراد، بموجب المرسوم السلطاني رقم 56/2025، لتصبح سلطنة عُمان أول دولة خليجية تقدم على هذا التحول الضريبي المباشر.
ويتضمن القانون الجديد 76 مادة موزعة على 16 فصلا، ومن المقرر أن يدخل حيّز التنفيذ مطلع عام 2028.
يمثل فرض ضريبة الدخل جزءا من خطة شاملة لتحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040″، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على العوائد النفطية، والتي لا تزال تُشكّل ما بين 68% و85% من إجمالي الإيرادات العامة، تبعا لتقلبات أسعار النفط العالمية.
ويهدف القانون، بحسب جهاز الضرائب العُماني، إلى:
دعم الاستقرار المالي. إعادة توزيع الثروات بما يعزز العدالة الاجتماعية. تخصيص جزء من عائداته لتمويل منظومة الحماية الاجتماعية.وأكد وزير الاقتصاد العماني الدكتور سعيد بن محمد الصقري أن القانون يمثل خطوة إستراتيجية لتعزيز وتنويع الإيرادات العامة. وقال إن "الضريبة تعد رافدا جديدا لتنويع مصادر الإيرادات العامة وتجنب المخاطر المرتبطة بالاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات، مع الحفاظ على استمرارية مستويات الإنفاق الاجتماعي والخدمي، وضمان الاستقرار المالي والاقتصادي الذي تحقق خلال السنوات الماضية".
وأضاف الصقري أن أكثر من 190 دولة حول العالم تطبق هذا النوع من الضرائب، وغالبا ما تُشكّل ضرائب الدخل الجزء الأكبر من إيرادات تلك الدول، مما يجعل هذه الخطوة منسجمة مع التوجهات الاقتصادية العالمية.
إعلانوأشار إلى أن تطبيق هذه الضريبة في عُمان يحمل في طياته فوائد اقتصادية عديدة، من أبرزها دعم الإستراتيجية الوطنية لتنويع مصادر الدخل، وتحقيق الاستقرار المالي طويل المدى كإحدى ركائز النمو الاقتصادي، فضلا عن استمرار ثقة المستثمرين في الاقتصاد العُماني.
كما تُعد الضريبة مصدرا مستداما للإيرادات الحكومية، يُسهم في الحفاظ على متانة المركز المالي للدولة وجودة تصنيفها الائتماني، إلى جانب دعم الإنفاق الاقتصادي، وزيادة القدرة الشرائية للفئات المستفيدة من إيراداتها، مما ينعكس بشكل مباشر وإيجابي على حجم الطلب الكلي ونمو الاقتصاد.
وحسب الوزير، سيساعد تطبيق القانون في تعزيز قدرة الدولة على الاستمرار في تمويل القطاعات الحيوية، وعلى رأسها الصحة، والتعليم، والحماية الاجتماعية. وقد خُصص في ميزانية العام المالي 2025 أكثر من 5 مليارات ريال عُماني (13 مليار دولار) للقطاعات الاجتماعية، منها 39% للتعليم، و24% للصحة، و28% لمنظومة الحماية الاجتماعية التي يستفيد منها قرابة مليوني شخص شهريا.
بحسب جهاز الضرائب، فقد استند القانون إلى دراسة موسعة لقياس الأثرين الاقتصادي والاجتماعي، وتم اعتماد حد إعفاء سنوي قدره 42 ألف ريال عُماني، وهو ما يعني أن 99% من المواطنين لن تشملهم الضريبة. كما تضمّن القانون إعفاءات اجتماعية، من بينها الزكاة، والتبرعات، والنفقات الصحية والتعليمية، والمساكن الأساسية.
وأكدت مديرة مشروع الضريبة على دخل الأفراد كريمة بنت مبارك السعدية أن جهاز الضرائب أكمل جميع التجهيزات المطلوبة لتطبيق القانون، بما في ذلك النظام الإلكتروني المخصص، ودليل إرشادي شامل، بالإضافة إلى تدريب الكوادر البشرية المعنية. وأوضحت أن اللائحة التنفيذية للقانون ستصدر خلال عام من تاريخ نشره.
دعم وتحفظاتأثارت الخطوة الجديدة نقاشا واسعا وتباينا في الآراء داخل المجتمع العُماني. ففي حين يرى البعض أنها ضرورة لتعزيز العدالة المالية، يعبّر آخرون عن مخاوف تتعلق بتوقيت التطبيق وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية.
وقال الشاب غالب بن علي الزيادي للجزيرة نت إن "ضريبة الدخل ليست عبئا، بل انعكاس لنضج الاقتصاد والمشاركة المجتمعية في بناء الدولة. من المهم أن ننظر إلى ضريبة الدخل بوعي يتجاوز الفكرة التقليدية بأنها مجرد اقتطاع مالي".
في المقابل، عبّر المحلل الاقتصادي خلفان الطوقي عن بعض التحفظات، مشددا على ضرورة أن توازن الحكومة بين العائد المالي والآثار المحتملة على المجتمع والاقتصاد. وقال إن "تطبيق الضريبة يتطلب دراسة دقيقة للخصوصية العُمانية وتوقّع ردود الفعل المجتمعية".
وأشار الطوقي إلى أن الاستعانة باستشاريين دوليين قد لا يراعي بالضرورة الخصوصيات المحلية، داعيا إلى الاستفادة من الكفاءات الوطنية في إعداد دراسات أكثر واقعية. وتساءل: "هل نحن مستعدون لتحمّل تبعات هذه الضريبة دون وجود ضمانات كافية لعدالتها وشفافيتها؟"، كما طرح تساؤلات مهمة، منها: "هل سيدفع المواطن ضريبة مقابل تمثيل سياسي أوسع؟ وهل ستُترجم هذه الضريبة إلى خدمات ملموسة؟"، وشدد على أهمية ضمان العدالة والشفافية في التطبيق، دون استثناءات.
إعلانوحذّر من احتمالات التهرب الضريبي، خاصة من الفئات ذات الدخل المرتفع، مؤكدا أهمية الرقابة الفعالة على تطبيق القانون لضمان نجاحه.
من جهته، قال الكاتب الاقتصادي يحيى العوفي إن القانون يمس فقط 1% من المواطنين، وقد راعى الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحلية. لكنه أضاف أن على الحكومة التوسع في خلق فرص استثمارية، لتجنب الاعتماد المفرط على الضرائب كمصدر للدخل.
أما المواطن أحمد الشبلي، فقد أعرب عن دعمه للقانون، قائلا: "فرض ضريبة على أصحاب الدخل المرتفع يعزز مبدأ العدالة المالية. هذا القانون لا يؤثر على الطبقة المتوسطة، بل يسهم في تقوية الاقتصاد الوطني".
نقطة تحول ماليمع اقتراب نهاية الخطة الخمسية العاشرة، تُعد ضريبة الدخل على الأفراد نقطة تحوّل في مسار السياسات الاقتصادية العُمانية، إذ تنسجم مع تطلعات رؤية "عُمان 2040" التي تضع في صميم أهدافها تحقيق الاستدامة المالية، والتوزيع العادل للثروات، وتعزيز ثقة المجتمع والمستثمرين في الدولة.
ورغم استمرار الأسئلة المطروحة بشأن توقيت التنفيذ ومجالات إنفاق العائدات، فإن الجهود المبكرة للتحضير للقانون، إلى جانب وضوح المعايير وآليات التطبيق، يُعدان عاملين أساسيين لكسب ثقة المجتمع وضمان نجاح الانتقال إلى نظام ضريبي أكثر عدالة واستدامة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإیرادات العامة جهاز الضرائب ضریبة الدخل الع مانی ع مانی
إقرأ أيضاً:
بالتفاصيل.. خطة زمنية لتسريع تشجير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة
عقدت الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة اجتماعًا تنسيقيًا مع فريق فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة، ممثلًا بإدارة البيئة ومكتب الوزارة بالعاصمة المقدسة، بمشاركة شركة كدانة للتطوير.
ويستهدف الاجتماع أعمال التشجير في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، بهدف وضع خطة زمنية لتسريع وتيرة العمل استعدادًا لانطلاق موسم التشجير القادم في أكتوبر.مشاريع التشجير في مكةوبحث الاجتماع التنسيقي ما أُنجز من تقدم في مشاريع التشجير، وناقش سبل معالجة أي تحديات قد تواجهها، لضمان سير العمل وفق المستهدفات الرامية إلى زيادة الرقعة الخضراء في العاصمة المقدسة.
أخبار متعلقة عاجل: علماء سعوديون يقودون مبادرة عالمية لوقف تدهور الأراضي1,8 مليار ريال.. "المياه الوطنية" تنفذ 22 مشروعًا استراتيجيًا في جدة .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } بالتفاصيل.. خطة زمنية لتسريع تشجير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة - اليوم
وأوضح رئيس فريق فرع الوزارة، المهندس عبدالله الصبحي، أن اللقاء ركز على متابعة الخطط والاستراتيجيات الهادفة لتعزيز المساحات الخضراء بالتعاون الوثيق مع الهيئة الملكية، لما لذلك من أثر مباشر في تحسين البيئة المحيطة ودعم الاستدامة في أطهر بقاع الأرض.تحقيق أهداف الاستدامة البيئيةوأكد مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة، المهندس ماجد الخليف، حرص الوزارة على تعزيز التكامل والتعاون مع كافة الشركاء في القطاع البيئي.
وأشار إلى أن نجاح هذه الجهود المشتركة سيسهم بشكل ملموس في تحقيق أهداف الاستدامة البيئية، والحد من آثار الإجهاد الحراري، وتحسين جودة الهواء في المشاعر المقدسة، مما يعود بالنفع على السكان وضيوف الرحمن.