مستشار خامنئي: إسرائيل بعثت رسائل تهديد لمسؤولين إيرانيين
تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT
أعلن علي لاريجاني مستشار المرشد الأعلى الإيراني أن إسرائيل بعثت رسائل تهديد مباشرة إلى عدد كبير من المسؤولين السياسيين والعسكريين والأمنيين الإيرانيين، مع بدء العدوان الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو/حزيران الجاري.
وقال لاريجاني، في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي مساء الأحد، إن الهجوم الإسرائيلي لم يستهدف فقط المنشآت العسكرية، بل كان يسعى إلى تفكيك هيكل الدولة الإيرانية بسرعة عبر استهداف القيادة العليا، بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي.
وأضاف أن "العدو كان يعتقد أنه يمكنه اغتيال كبار المسؤولين خلال اجتماع قيادي، وكانت الخطوة التالية تهديد قائد الثورة مباشرة"، مشددا على أن الرهان الإسرائيلي والأميركي على انهيار الجبهة الداخلية في إيران قد فشل.
صمود الشعب الإيرانيوأكد لاريجاني أن صمود الشعب الإيراني ووحدته الداخلية أربكا حسابات تل أبيب وواشنطن، وأجبر إسرائيل على إعادة النظر في أهدافها.
وتابع أن "كل جهود نتنياهو كانت تهدف إلى إخضاع الشعب الإيراني، لكن قوة إيران الصاروخية كانت عاملا حاسما في قلب المعادلة".
ووفقا للمسؤول الإيراني، فقد بدأ وسطاء من أطراف ثالثة التدخل في 21 يونيو/حزيران بعد أن فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية.
وكانت إسرائيل قد شنت هجوما واسع النطاق على إيران بدعم أميركي في 13 يونيو/حزيران، استمر 12 يوما، وشمل قصف مواقع نووية وعسكرية، إضافة إلى اغتيال قادة بارزين في الحرس الثوري وعلماء نوويين.
وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة استهدفت مقار استخباراتية وعسكرية داخل الأراضي الإسرائيلية.
وفي 22 يونيو/حزيران، انضمت الولايات المتحدة إلى التصعيد بقصف منشآت نووية إيرانية، مدعية أنها "أنهت" البرنامج النووي الإيراني.
وردت طهران حينها بقصف قاعدة العديد الأميركية في قطر، قبل أن تعلن واشنطن في 24 يونيو/حزيران وقفا لإطلاق النار.
إعلانوفي حين تصر واشنطن وتل أبيب على أن الضربات ألحقت ضررا بالغا بالبنية النووية الإيرانية، كشف تقرير استخباراتي أميركي مسرّب أن البرنامج تأخر لبضعة أشهر فقط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات یونیو حزیران
إقرأ أيضاً:
صمود إيران وارتباك إسرائيل: سؤال عن المنتصر!
من المبكر جدًّا الحديث عن المنتصر في الحرب بين إيران والكيان الصهيوني التي استمرت اثني عشر يومًا، فهي لم تنتهِ بعد، ولا تزال في بداياتها الأولى، حتى وإن كان طرفاها - إيران و«إسرائيل» - أعلن كلّ منهما الانتصار. وفي السؤال عن المنتصر والمهزوم؛ فإنّ مشجّع كل طرف ينظر إلى الصورة من زاوية واحدة فقط هي زاويته العاطفية؛ لذا نجد من يرى أنّ إيران انتصرت، وله حجته في ذلك، وهناك من يرى أنّ «إسرائيل» هي التي انتصرت، وله أيضًا حجته في ذلك. وفي ظني أنّ أهم نقطة لتقييم ذلك تعتمد على تحقيق الأهداف المعلنة من الحرب. كانت إسرائيل هي المعتدية، ودخلت الحرب ولديها عدة أهداف أهمها إسقاط النظام الإيراني في ليلة واحدة مستخدِمةً كلّ أوراق القوة والتضليل والحرب النفسية؛ إذ كان المخطط أن تقضي على القيادات الإيرانية كلها، لاسيما المرشد الأعلى للثورة، ورئيس الجمهورية، وكلّ القيادات العسكرية والمدنية؛ استعدادًا لتنصيب رضا بهلوي - نجل الشاه السابق - ملكًا بديلًا، الذي لمّعته أمريكا وإسرائيل مؤخرًا، لكنه خُذِل كما أعلن ذلك بنفسه حين قال: «إن ترامب خذلني في تغيير النظام وإسقاطه من خلال الحرب». وعبّر عن غضبه وخيبة أمله بإلغاء متابعة صفحتَيْ ترامب ونتنياهو. وقد فشلت إسرائيل كذلك في القضاء على برنامج إيران النووي وعلى قدرات إيران العلمية، وظنّت خطأ أنّ الشعب الإيراني - الذي حرّضته على الانتفاض ضد النظام - سيتحرك مثيرًا زوبعة، لكنها اصطدمت بواقع مختلف تمامًا؛ فلم تنهَر طهران، ولم تُكسر إرادتها، ولم يستقبل الشعب الإيراني طائرات العدوان بالزهور كما تمنّت إسرائيل وروّجت. بل حدث العكس؛ فبدلًا من انتفاض الداخل الإيراني توحّد الشارع - بمن في ذلك منتقدو النظام - تحت راية السيادة الوطنية في وجه ما اعتُبر عدوانًا خارجيًّا واضحًا.
الحقيقة المؤكدة الوحيدة في هذه الحرب أنّ إسرائيل وجّهت ضرباتٍ موجعةً لإيران، وأفشلت دفاعاتها الجوية تمامًا، ودمرت منصات إطلاق المسيّرات، ونجحت أيّما نجاح في اختراق إيران من العمق، ما يدلّ على أنّ الاختراق لم يكن فقط فيمن أُعلِن الكشف عنهم، بل إنّ هناك مستويات عُليا من العملاء لم يُكشَفوا حتى الآن. ولا يمكن للمرء أن يصدّق أنّ تغلغل الموساد في إيران وصل به الحدّ إلى بناء مصنع من ثلاثة طوابق لإنتاج الطائرات بدون طيار في قلب طهران! ومع ذلك يمكننا القول في المقابل: إنّ إيران لم تكتفِ بالتصدي، بل قلبت المعادلة بصمود مؤسساتها، وتماسك جبهتها الداخلية، واحتفاظها بقدراتها النووية، رغم الضربات الجوية الأمريكية والإسرائيلية. وأظهرت طهران قدرة صاروخية ومسيّرة أربكت العمق الإسرائيلي، واخترقت منظومات الدفاع التي لطالما افتخرت بها تل أبيب، ولكن ما يُحزِنُ قوله هو أنّ بعض الدول العربية كانت هي «القبة الحديدية» الحقيقية للتصدي لهذه الصواريخ والمُسيَّرات.
لقد أبرز الصمود الإيراني حقيقة طالما ردّدناها كثيرًا هي أنّ «العالم لا يحترم إلا القوي». ومن هنا يمكننا فهم لماذا اضطر نتنياهو إلى قبول إيقاف الحرب، قبل أن يحقق حلمه الذي استعدّ له أكثر من عشرين عامًا، وهو تدمير قدرات إيران العلمية والنووية. إنّ هذا القبول لا علاقة له بالانتصار، بل هو اعتراف ضمني بأنّ استكمال الحرب مكلف، وأنّ الرهان على انهيار إيران من الداخل كان خاسرًا.
كانت معركة الاثني عشر يومًا المرة الأولى التي تواجه فيها تل أبيب خصمًا مباشرًا على هذا المستوى، وتُجبَر على التراجع دون تحقيق أهدافها المعلنة. وفي رأيي أنّ هذه المعركة -وهي فعلا معركة ضمن حرب طويلة نعيش بداياتها فقط- مؤشر كبير على التحولات الكبيرة في المنطقة التي بدأت مع «طوفان الأقصى»، والتي كشفت هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وأوهام الحصانة الأمنية المطلقة، ثم جاءت الضربات الإيرانية؛ لتؤكد أنّ الكيان الإسرائيلي أوهن من بيت العنكبوت، وأنّ زواله ليس مستحيلًا كما حاول البعض إقناع شعوب المنطقة، بل ممكنٌ لولا خذلان بعض الأنظمة العربية، وتخليها عن القضية الفلسطينية.
في ظلّ هذا المشهد فإنّ ما يُقلِق ليس انتهاء الجولة، بل ما بعدها؛ فالكيان الإسرائيلي لن يهدأ له بال طالما بقيت إيران قوية متمسكة بقرارها السيادي ومشروعها النووي، وقادرة على ضربه في العمق دون وسطاء. وربما كانت أبرز النقاط في تلك المعركة أنّ الكيان الصهيوني فشل في تغيير النظام حسبما هو مخطط، وأنّ القوة النووية الإيرانية - رغم ما أصابها من ضربات - ما زالت صامدة على عكس ما خطط له نتنياهو، وأنّ الشعب الإيراني بكافة توجهاته توحّد مع حكومته، رغم أنّ هناك تيارًا قويًّا داخل إيران، يؤمن بأنّ عليها أن تهتم بشؤون الداخل. ورغم أنّ المعركة أثبتت أنّ إيران قادرة على الرد بعنف؛ إلا أنها أظهرت فشل الأمن الداخلي في إيران؛ لكثرة الاختراقات والجواسيس، وهذه النقطة من الخطورة بمكان. فالكيان الصهيوني تمكن في إيران من اغتيال إسماعيل هنية الرئيس الأسبق للمكتب السياسي لحركة حماس في غرفة نومه! وهناك لغز سقوط طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي، واغتيالات العلماء الإيرانيين، إضافة إلى مصانع تصنيع المسيرات في الداخل الإيراني! فهل هناك اختراق أكبر من هذا؟!
والحقيقة أنّ المعركة الأخيرة بين الكيان الإسرائيلي وإيران تحتاج إلى مقالات كثيرة؛ لأنّ كلّ نقطة فيها تحتاج إلى مقال مستقل، ولا يمكن الحديث عن الحرب بمعزل عن مواقف الدول العربية التي ظهرت غير فاعلة وليس لها وجود، ولا يرجى لها مستقبل. وظهر أنّ الكيان الإسرائيلي قطع شوطًا كبيرًا في اختراق هذه الدول، واستطاع أن يشتّت العرب ويكوّن له أتباعًا. كانوا في السابق إذا بدت عوراتُهم يخصفون عليها من ورق الجنّة، لكنهم الآن يعملون نهارًا جهارًا مفتقدين الشرعية رسميًّا.
الواضح أنّ طلب وقف إطلاق النار جاء بطلب من إسرائيل، بعد أن وصلت إلى قناعة بأنّ استمرار المعركة سيؤدي إلى انهيارها من الداخل. وكلّ الدلائل تشير إلى ذلك؛ فعددُ المهاجرين منها وصل إلى مليونين من مجموع عشرة ملايين. ورغم أنّ إسرائيل اجتهدت في منع الهجرة المعاكسة؛ إلا أنّ هجرة أكثر من مليوني شخص منذ انطلاق طوفان الأقصى يُعَدُّ رقمًا كبيرًا بكل المقاييس. ثم إنّ الاحتقان والغليان الداخلي ضد الحكومة كان قويًّا من قبل أعضاء الكنيست ومن الشعب. ولا يمكن أن ننسى حجم الدمار الذي لحق بتل أبيب؛ فما شاهدناه من دمار رغم الرقابة الإعلامية المشددة لم نشاهد مثله منذ عام 1948. وقد نجحت إيران في استهداف أماكن ذات أهمية إستراتيجية عسكرية أبرزها مقر الموساد في هرتسليا، ومقر وحدة الاستخبارات العسكرية «أمان»، وميناء حيفا، الأمر الذي أسقط الدعاية الإسرائيلية على مدى عشرين عامًا بأنه يمكن ردع إيران بكلّ يسر وسهولة.
يمكننا الآن أن نتساءل: ماذا لو انتصرت إسرائيل، وغيّرت النظام الإيراني في ليلة واحدة؟ وماذا لو قضت على القدرات النووية الإيرانية؟ إنّ ذلك سيكون تأكيدًا لا لبس فيه بأنّ نتنياهو قائدٌ عظيم قضى على المقاومات العربية كلها وعلى إيران وعلى قيادات المقاومة في فلسطين ولبنان وإيران، وأخضع العرب للأجندات الإسرائيلية، ولكن يُحسَب لإيران أنها أوقفت ذلك حتى الآن على الأقل.
وإن كان من دروس مستفادة من العدوان الإسرائيلي الأمريكي على طهران فإنّ أهمها هو عظمة الشعب الإيراني الذي فتح صدره ذات يوم لدبابات الشاه، وتحمّل كثيرًا في سبيل تحقيق حريته. ها نحن نراه اليوم يضع جانبًا كلَّ خلافاته؛ ليكون السبب الرئيسي في حماية النظام من السقوط مُثبتًا أنّ الشرعية تُستمدّ دائمًا من الشعب، وبالتأكيد فإنّ شعبًا مثل هذا جدير بالاحترام.
وأعود لسؤال: من انتصر ومن انهزم؟! الواقع أننا فرحنا بالأداء الإيراني، لكننا لا يمكن أن نتحدّث عن نصر مطلق لإيران، كما لا يمكن أن نتحدّث عن نصر إسرائيلي. ما يمكن التأكيد عليه باطمئنان هو أنّ الحرب لم تنته بعد، بل هي في بداياتها، ولن يهدأ الكيان الصهيوني ما بقيت إيران قوية تهتم بالعلم والعلماء، وما زالت القوة النووية الإيرانية باقية. نحن فقط نعيش هدنة هشة، وقد تنهار في أية لحظة.
زاهر المحروقي كاتب عُماني مهتم بالشأن السياسي الإقليمي