وقف الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي اليوم الإثنين على أعتاب عامه الثمانين، لا ليودّع مرحلةً أو يندب شبابًا ولى، بل ليحتفل بزخم الحياة التي عاشها بصدق، كما وصفها، وليقدّم خلاصات التأمل، والتمرد، والتجربة الإنسانية الممتدة لعقود، عبر كلمات مكثفة، عميقة، وعصية على الابتذال.

بأسلوب يمزج بين الأدب والفلسفة، استدعى المرزوقي بيتًا شهيرًا لزهير بن أبي سلمى:

"سئمتُ تكاليف الحياة ومن يعش *** ثمانين حولا لا أبا لك يسأم"

ثم ردّ عليه قائلاً بجرأة ذات طابع وجودي:

"آسف يا زهير: دفعتُ تكاليف الحياة، وكم كانت باهظة، فلم -ولن- أسأم يوما.

"

ويمضي في دحض استبطاني لشكوى الشعراء من المشيب، مخاطبًا أبا العتاهية:

"كم كنتُ أودّ أن أقرأ لك: ألا ليت الشباب يعود يوما *** ليَطمئنَّ لِما فعل المشيبُ"

هكذا يعلن المرزوقي، لا عن انكسار، بل عن مصالحة عميقة مع العمر والتجربة، ويضع في متناول من أحبوه خلاصة نادرة: "الرحلة"، وهي سيرته المكتوبة منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وأخيرًا يقدمها اليوم بنسختها النهائية والمحدّثة كـ "هدية وداع"، على حدّ تعبيره.



كتاب "الرحلة"

يحمل كتاب "الرحلة" بين صفحاته ليس فقط تفاصيل حياة المرزوقي، بل أيضًا سردًا تأمليًا لمسيرته الإنسانية والنضالية والفكرية، كطبيب، ومناضل حقوقي، وسجين سياسي، ثم رئيس لتونس في واحدة من أدق المراحل الانتقالية في تاريخها الحديث.

الكتاب يتكوّن من:  تجارب السجن والمنفى، وتأثيرها في صقل مفاهيمه عن الكرامة، والحرية، والانتصار على الخوف،  مشاهد من العمل الحقوقي الدولي، والمواجهات ضد الاستبداد في تونس بنظام بن علي، مرحلة الرئاسة (2011-2014)، التي يرى فيها أنها لم تكن تتويجًا لمسيرته بقدر ما كانت امتدادًا طبيعيًا لنضاله من أجل العدالة والحرية، تأملات فكرية وروحية، تعكس تطور وعيه حيال مفاهيم السلطة، والنجاح، والفشل، والموت، والعمر،  دعوة صريحة لجيل جديد من الأحرار للاستمرار في حمل الشعلة، بعيدًا عن وهم الزعامات أو انتظار الخلاص من الخارج.

في إهدائه الأخير، كتب: "هذا النص الذي أكتب منذ ثلاثة عقود هدية وداع لمن غمروني بمحبّتهم وشرّفوني بثقتهم وغضّوا الطرف عن نواقصي وعيوبي.. على أمل أن يجدوا فيه ما يعينهم على مواصلة الطريق لا يَخشون شيئا ولا يرهبون أحدا."

حصاد الثمانين عامًا في كلمات

في تأملاته الختامية، قدّم المرزوقي جردة عقلانية وعاطفية لما تعلمه:

ـ السعادة هي راحة الضمير لا رفاه الجسد

ـ الفشل أن تتخلى عن حلمك، لا أن تخسره مؤقتًا

ـ النجاح هو التحرر من الخوف والطمع، لا حصد المال والسلطة

ـ القائد الحقيقي هو من يعطي المثال لا الأوامر

ـ أسمى درجات الحرية: ألا تخضع لمستبدّ، وأسمى درجات المسؤولية: ألا تستبدّ بأحد

وفي زمن بات فيه الكثيرون يستسلمون بعد أول هزيمة أو يُغرَون بمكاسب زائلة، يصرّ منصف المرزوقي أن يقدّم ما يشبه وصية أمل ونور لمن يأتي بعده: "لا تخشَ شيئًا، ولا ترهب أحدًا."


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية التونسي منصف المرزوقي تونس منصف المرزوقي موقف المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

السكك الحديدية تُسيّر الرحلة الرابعة والعشرين ضمن مبادرة العودة الطوعية للأشقاء السودانيين

في إطار الجهود المصرية المبذولة لدعم الأشقاء من جمهورية السودان وتأمين عودتهم لبلادهم عبر مبادرة  الطوعية، وتنفيذًا لتوجيهات الفريق مهندس كامل الوزير، وزير النقل - نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، قامت الهيئة القومية لسكك حديد مصر بتسيير الرحلة الرابعة والعشرين من القطارات المخصصة لهذه المبادرة، والتي انطلقت صباح اليوم الثلاثاء الموافق 7 أكتوبر 2025 من محطة مصر برمسيس الي محطة السد العالي باسوان وبهذه الرحلة يصل إجمالي عدد الأشقاء السودانيين الذين تم نقلهم ضمن هذه المبادرة إلى نحو ٢٢,٨٢٤ راكبًا.

السكة الحديد: نقل أكثر من 21 ألف سوداني ضمن مبادرة العودة الطوعيةسكك حديد مصر تعزز الطاقة الاستيعابية لقطارات العودة الطوعية للسودانيين


ومن المقرر أن يصل القطار  في تمام الساعة 23:40 مساءً، على أن يعود القطار ذاته لخدمة جمهور الركاب من محطة أسوان في تمام الساعة 11:30 صباح اليوم التالي.
تؤكد الهيئة القومية لسكك حديد مصر حرصها علي تقديم كافة اوجه الدعم بالتعاون والتنسيق مع كافة الجهات المعنية ، لضمان أفضل الخدمات المقدمة للاشقاء العائدين الي دولة السودان الشقيقة.

طباعة شارك كامل الوزير السودان مجلس الوزراء

مقالات مشابهة

  • السكة الحديد تُسيّر الرحلة 24 ضمن مبادرة العودة الطوعية للأشقاء السودانيين لوطنهم
  • السكك الحديدية تُسيّر الرحلة الرابعة والعشرين ضمن مبادرة العودة الطوعية للأشقاء السودانيين
  • نصر أكتوبر.. فرحة العمر وكرامة وطن
  • دعاء بالرحمة والمغفرة في وداع الدكتور أحمد عمر هاشم
  • هدية من ربنا.. غادة عادل تعلق على دورها في "فيها إيه يعني"
  • غادة عادل: دوري في فيها إيه يعني؟ هدية من ربنا ليا
  • الرحلة نحو غزة مستمرة رغم تهديدات إسرائيل
  • حماس تُحيي الذكرى الثانية لمعركة طوفان الأقصى في صور… جشي: الوقوف إلى جانب قضايا الحق والحرية واجب
  • جماهير العنابي عنوان الرحلة الحاسمة نحو المونديال.. مــدرجــنا «غــير»
  • إشبيلية يضرب برشلونة برباعية ويهدي ريال مدريد صدارة “الليغا”