سجن وتعذيب المعارضة.. هكذا يحكم بول بيا قبضته على الكاميرون
تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT
في تاريخه السياسي الطويل، انتهج الرئيس الكاميروني بول بيا أساليب القمع والتعذيب ومحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، لتثبيت حكمه وتفرّده بالسلطة والسيطرة على جميع مفاصل الدولة.
وتشير العديد من التقارير إلى أن الرئيس الكاميروني نشأ في السلطة، وكبر وشاب على الاستبداد وإقصاء الخصوم، إذ يصنّف أكبر رئيس في العالم حيث يبلغ من العمر 92 عاما، قضى منها 40 حولا في منصب رئاسة الجمهورية، وشغل في الخمسين الأخرى عددا من المناصب الهامة من بينها رئاسة الوزراء.
ورغم بلوغه هذه السن، فإنه لا يزال ينتظر أن يقضي مرحلة أخرى في منصبه، إذ قرّر الترشح لولاية جديدة، وبدأ في استخدام الملاحقات القضائية، كواحد من أسلحته المعهودة في سحق الخصوم.
ومع تصاعد الخلاف داخل دوائر النظام حول الانتخابات الرئاسية القادمة، وانشقاق وزيرين من أنصاره وإعلانهما الترشح في تحدّ صارخ للسلطة، أعيدت إلى الأذهان آلية تعامل الحكومة مع المعارضين الذين حاولوا إحداث تغيير نحو التبادل السلمي للسلطة وفقا للمبادئ الديمقراطية.
تاريخ من القمعمنذ زمن الحقبة الاستعمارية، مارست ألمانيا جميع أنواع القمع ضد الثوار والمطالبين بالاستقلال، واستخدمت سجن مانوكا، الواقع في جزيرة دوالا، جنوب غربي البلاد كمركز للتعذيب ومعاقبة المناهضين لوجودها في البلاد.
ويُتّهم بول بيا، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيس الأول للبلاد أحمدو أحيجو قبل أن يتسلم الحكم عام 1982، بالحفاظ على إرث القمع الاستعماري كوسيلة للسيطرة على الشعب.
وفي المناطق الشمالية والجنوبية الناطقة باللغة الإنجليزية المصنّفة بأنها مركز للمعارضة، تشن الحكومة حملات من القمع والتعذيب ضدّ المعارضين.
وعام 2016 توسّعت الاحتجاجات التي قادها المعلمون والمحامون ضدّ الحكومة، حتّى تحوّلت إلى نزاع مسلّح راح ضحيته أكثر من 6 آلاف قتيل، بسبب قمع الحكومة القوي للمتظاهرين الذين طالبوا بالإصلاح، وتحسين الأوضاع المعيشية.
إعلانوفي سنة 2019، قادت دولة سويسرا مبادرة لإنهاء أزمة المناطق الناطقة باللغة الإنجليزية وتمت دعوة الحكومة للمشاركة فيها، من أجل الاستقرار والسلام.
ولم تتوقف الحكومة عند ذلك الحد من القمع، ففي أبريل نيسان/الماضي، تمّ اعتقال الناشط عبد الكريم علي، المنحدر من المناطق الناطقة بالإنجليزية، وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبّد من قبل محكمة عسكرية بتهم الدعوة إلى الانفصال والعداء للوطن.
ويقول المعارضون الذين اعتقلتهم السلطات في المناطق الشمالية، إنما تقوم به الحكومة من أعمال اختطاف وسجن وتعذيب يعيد إلى الأذهان أساليب العنف الذي كان يمارس ضد السياسيين في الحقبة الاستعمارية.
سجن كوندوغوي: مأساة المعارضينيمثل سجن كوندوغوي مركزا لحملات القمع التي يقودها بول بيا منذ عقود ضد المعارضة السياسية في البلاد، حيث اعتُقل فيه آلاف الأشخاص وعُذّبوا في إطار المساعي المستمرة من الرئيس لتشديد قبضته على الكاميرون.
وقد بني سجن كوندوغوي عام 1967 في عهد الرئيس أحيجو بطاقة استيعابية تبلغ 1500 سجين، لكنه في عام 2024 أصبح يضم 9 آلاف معتقل، وفقًا لأرقام قدّمها وزير العدل لوران إيسو.
وعند باب مدخل الزوار، يكتشف القادم ملامح الفوضى وغياب القانون، إذ يطلب عناصر الدرك الوطني من كل زائر دفع ألف فرنك أفريقي أي نحو 1.30 جنيه إسترليني مقابل الاحتفاظ بهاتفه.
أما في داخل السجن، فإن وسائل الراحة مثل المراحيض والتلفزيونات ومقاعد الزوار، تم توفيرها بتمويل من السجناء أنفسهم، ومن لا يتلقّى مساعدات من أسرته يحصل على وجبة واحدة في اليوم فقط.
وبالنسبة للنوم في داخل المعتقل، فإنه أمر صعب بسبب كثرة المحتجزين، ولا يتم إلا في العراء بساحة السجن أو في الزنازين المزدحمة.
ووفقا لتقارير صادرة من منظمة العفو الدولية فإن المدنيين يحرمون من الضمانات الأساسية في إجراء المحاكمات، منذ صدور قانون الإرهاب عام 2014.
وفي هذا السجن، لا يعامل المعتقلون طبقا لمبادئ العدالة والقانون، إذ أطلق سراح أحدهم مؤخرا بعد أن أمضى 6 سنوات وراء القضبان في حكم لا تتجاوز عقوبته سنة واحدة.
ومن بين نزلاء كوندوغوي العشرات من أنصار حزب حركة النهضة المعارض الأبرز في البلاد، الذي يرفع قادته شعارات علنية ضد الرئيس بول بيا ويطالبون بمغادرته للحكم.
وبعد انتخابات 2018، نظّم الحزب مظاهرات ضد السلطة واتهمها بتزوير نتائج الاقتراع، ما دفع النظام إلى اعتقال رئيس الحزب موريس كامتو وقضى في السجن 9 أشهر.
ومن داخل معتقله، كتب رئيس حزب النهضة رسائل قال فيها إن النظام يعتقد أنه بسجنه للمعارضين يمكن أن يحل المشاكل، لكن الأفكار لا يمكن سجنها، وستبقى قائمة.
تخويف المعارضة في وجه الانتخاباتقبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة والتي قرّر الرئيس بول بيا الترشح فيها رغم أنه بلغ من العمر 92 عاما، بدأ النظام في سلسلة من محاكمات المعارضين، أمام القضاء العسكري.
ومن أبرز السجناء السياسيين حاليًا 6 أكاديميين اعتُقلوا في حديقة أحد الفنادق في العاصمة النيجيرية أبوجا عام 2018، ثم نُقلوا على متن طائرة عسكرية إلى الكاميرون، حيث حوكموا ليلًا أمام محكمة عسكرية، وصدر بحقهم جميعًا حكم بالسجن المؤبد بتهم من بينها تمويل الإرهاب.
إعلانويقول الأكاديميون إن نظام بيا اعتقلهم وحاكمهم أمام القضاء العسكري رغم أنهم مدنيون، ليقدّمهم كقرابين سياسية ، في سعي منه إلى ترهيب كل من يرفع شعار الحرية والاستقلال.
ووفقًا لقادة المعارضة فإن الاعتقالات التي يقوم بها النظام تهدف إلى مسألة واحدة وهي تخويف الناس قبل الانتخابات القادمة، حتى لا يتجرّأ أحد على معارضته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
رقابة مشددة على الدواء.. قانون الصيدلة يحكم السيطرة على السوق
في ظل تزايد القلق المجتمعي بشأن جودة وسلامة الأدوية المتداولة، تتجدد الأسئلة حول من يحمي المريض من المنتجات غير المطابقة أو المغشوشة، خاصة وسط اتساع سوق الدواء وانتشار المستحضرات الصيدلية الخاصة.
الإجابة تأتي واضحة في قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955 وتعديلاته، الذي يشكّل الإطار التشريعي الصارم لضبط تداول الأدوية في السوق المصري، وتحديد ضوابط مزاولة المهنة وشروط دخول المستحضرات للبلاد.
لا مستحضرات خاصة دون موافقة... حتى لو كانت عينات مجانية
المادة 65 من القانون تقطع الشك باليقين: لا يسمح بدخول أي مستحضر صيدلي خاص إلى مصر – حتى لو كان عينة مجانية – دون موافقة مسبقة من اللجنة الفنية لمراقبة الأدوية. وتشترط:
تسجيل المستحضر بوزارة الصحة.
أن يحمل نفس الاسم التجاري المعروف به في بلد المنشأ.
أن يتم استيراده داخل عبوات محكمة الغلق.
الالتزام الكامل ببيانات البطاقة الدوائية المنصوص عليها قانونًا.
ترخيص الصيدليات تحت رقابة الصحة... والتغيير يتطلب إذنًا مسبقًا
القانون لا يترك بابًا مفتوحًا أمام التلاعب في المؤسسات الصيدلية. وفق المادة 15، أي تعديل داخل صيدلية قائمة يتطلب موافقة مسبقة من وزارة الصحة، مع تقديم رسم هندسي دقيق للمكان والالتزام باشتراطات السلامة والرقابة.
ويجب أن تُرفق طلبات الترخيص – بحسب المادة 12 – بمستندات رسمية تتضمن:
شهادة تحقيق الشخصية.
صحيفة الحالة الجنائية.
شهادة ميلاد أو ما يعادلها.
رسوم نظر الترخيص.
3 نسخ من الرسم الهندسي للمكان.
بيانات إلزامية على كل عبوة دواء
وحرصًا على الشفافية، تُلزم المادة 57 من القانون جميع المصانع والصيدليات بوضع بيانات واضحة ومحددة على كل عبوة دوائية، منها:
اسم المستحضر وأسماء المواد الفعالة ومقاديرها.
اسم المصنع أو جهة التحضير وعنوانها.
كيفية الاستخدام والجرعة المقررة.
الكمية داخل العبوة.
الأثر الطبي المتوقع إن كان دواءً خاصًا.
رقابة صارمة لضمان جودة الدواء
تؤكد الدولة من خلال هذه التشريعات أن سلامة المواطن أولوية لا تقبل التهاون، وأن سوق الدواء لن يكون ساحة مفتوحة لتجارب غير محسوبة أو منتجات غير موثقة. فكل دواء يدخل البلاد يجب أن يكون معروف المصدر، مضمون المفعول، وتحت رقابة مستمرة من الجهات المختصة.