بيتنا الآمن.. رؤية ممتدة نحو بناء أسر متماسكة ومجتمع مزدهر وآمن
تاريخ النشر: 9th, July 2025 GMT
أكدت وزارة التنمية الاجتماعية على أن الأسرة الواعية والمتماسكة هي أساس المجتمع الآمن والمستقر، مشيرة إلى السعي الحثيث بالتعاون مع الجهات المعنية لتحقيق هذه الرسالة عبر تقديم برامج توعوية عملية ومبتكرة في مختلف محافظات سلطنة عُمان، تعزز من قدرة الأسر العُمانية لمواجهة التحديات المتسارعة وبناء بيئة تربوية صحية ومستدامة، وتمكين أفرادها بمهارات ترتكز على القيم، والوعي، والتواصل الفعّال، وفي هذا الاتجاه أطلقت الوزارة مبادرة توعوية "بيتنا الآمن" خلال الفترة من 1 إلى 10 يوليو والتي تهدف إلى تعزيز قدرة الأسرة العمانية على مواجهة التحديات المتزايدة.
وقالت حوراء بنت شرف الموسوية مديرة دائرة الإرشاد و الاستشارات الأسرية: جاءت مبادرة "بيتنا الآمن" استجابة للتحديات الحديثة التي تواجه الأسرة، ومنها تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الترابط الأسري ومنظومة القيم، مشيرة بأن المبادرة تهدف إلى تحقيق أهداف رئيسية منها رفع وعي الأسرة بالتحديات التربوية المعاصرة، وتزويدها بمهارات التعامل التربوي الإيجابي لتعزيز القيم السليمة، بالإضافة إلى تمكين الشباب والمقبلين على الزواج من اتخاذ قرارات أكثر وعيًا في الحياة الزوجية، ورفع وعي المختصين وتعريفهم بخريطة الإنذار المبكر في التعامل مع المشكلات النفسية والسلوكية لدى الطلبة والمراهقين.
الفئات المستهدفة
وحول المساهمة المرجوة من المبادرة في رفع الوعي المجتمعي، أوضحت الموسوية أن المبادرة تعزز الاستقرار الأسري والاجتماعي من خلال رفع الوعي المجتمعي بالقضايا الأسرية المعاصرة، حيث تستهدف أربع فئات أساسية وهي الأسرة، والمختصون أو مقدمو الرعاية، والمقبلون على الزواج، وجيل "زد" (الأطفال والمراهقون).
ففي الجانب الأسري، ركزت المبادرة على تزويد أفراد المجتمع بمهارات التواصل الفعّال، وحل الخلافات الأسرية، وتمكينهم بمهارات التعرف على مؤشرات الخطر وآليات التعامل معها، إضافة إلى أساليب التدخل الأولي، أما فيما يتعلق بالمختصين ومقدمو الرعاية، فقد ركزت المبادرة على تزويدهم بآليات رصد المؤشرات الأولية، ووضع خطة تدخل عملية لتجنب تفاقم المشكلات النفسية والسلوكية للأبناء، وفيما يخص جيل "زد"، فقد تم تسليط الضوء على هذا الجيل والتعرف على سماته وخصائصه ومميزاته والتحديات التي قد يواجهها في ظل العالم الرقمي المتسارع والمقارنات الاجتماعية وتم تزويدهم بمهارات وآليات التغلب على هذه التحديات، أما فئة المقبلين على الزواج، فقد صُمم لهم برنامج توعوي خاص بآلية اختيار شريك الحياة، بوصفه الأساس لتكوين أسرة سليمة ومتماسكة.
وأشارت مديرة دائرة الإرشاد و الاستشارات الأسرية إلى أن المبادرة استهدفت فئات متعددة، منها الآباء والأمهات لتزويدهم بأساليب تربوية معاصرة، وكذلك فئة الشباب من عمر(15–30 سنة)، نظرًا لما يواجهونه من تحديات في مرحلة بناء الهوية واتخاذ القرارات المصيرية.
برامج متنوعة
وقد اعتمدت الوزارة استراتيجية إعلامية وتوعوية متعددة الوسائط، تشمل المحاضرات الميدانية واللقاءات المباشرة وحلقات العمل في كافة المحافظات، بالإضافة إلى إنتاج محتوى رقمي متكامل يُنشر في الحسابات الرسمية للوزارة، لاستهداف أكبر شريحة ممكنة من المجتمع.
وذكرت الموسوية أن المبادرة ركزت على موضوعات محددة في المحاضرات وحلقات العمل حيث اهتمت بموضوع الضغوط النفسية التي يواجهها الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمساعدتهم على بناء هوية مستقلة وواعية، إضافة إلى التركيز على موضوع الإشارات التحذيرية في العلاقات عير الصحية مثلا في الخطوبة والزواج: وهو محور توعوي للمقبلين على الزواج والتنشئة الرقمية في ظل عالم متسارع، حيث يتم تقديم إرشادات عملية للآباء والأمهات حول التربية في بيئة رقمية، وكيفية إيجاد توازن صحي بين الحياة والواقع الافتراضي.
وفي هذا الجانب اعتمدت وزارة التنمية الاجتماعية برنامج الإرشاد الزواجي كبرنامج وطني، يُقدَّم برنامجا تدريبيا للمقبلين على الزواج والمتزوجين حديثًا، وتم تدريب 57 مدربًا معتمدًا في كافة المحافظات، بما في ذلك مدرب مختص بلغة الإشارة لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة،وقد صُمم المحتوى العلمي بما يناسب كل فئة.
العلاقة بين الأجيال
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجهها الأسر في سلطنة عمان اليوم، أفادت: تواجه الأسر العمانية تحديات مثل التغير في الهيكل الأسري، وضغوط الحياة الحديثة الذي يسهم في ضعف التواصل العاطفي داخل الأسرة وتعرّض الأسر إلى قيم ثقافية مختلفة وفتور في العلاقة بين الأجيال ما نتج عنه ظهور القلق وعدم الرضا، خاصة بين الشباب والفتيات،حيث أثرت التغيرات المتسارعة في المجتمع على نمط الأسرة التقليدية من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية والتي تتسم بنوع من الخصوصية والانعزال عن المشاركات المجتمعية العامة، وهناك تغير في الأدوار الأسرية حيث تداخلت أدوار الأب والأم مما أدى إلى حدوث بعض الصراعات والغموض في الأدوار الأساسية لكل فرد، وكثرة المتطلبات المادية في الحياة الحديثة أدى إلى سعي كل من الأب والأم للبحث عن مصادر الدخل؛ فبالتالي فإن قضاء الوالدين لساعات عمل طويلة خارج المنزل أدى إلى قلة وضعف الوقت النوعي داخل الأسرة وهذا نتج عنه لجوء أفراد الأسرة لاستخدام وسائل التواصل للتخفيف من ضغوط الحياة والاستمتاع والذي بدوره أدى إلى انقطاع التواصل العاطفي أو التفاعل الإنساني الحقيقي داخل الأسرة.
وتابعت: رغم هذه التحديات، تبذل المؤسسات المعنية كوزارة التنمية الاجتماعية، جهودًا متواصلة لدعم الأسر من خلال مبادرات إرشادية وتوعوية، وبرامج الدعم الاقتصادي والنفسي، إلا أن الأمر يتطلب تكاتفًا أكبر من جميع الأطراف، من خلال ترسيخ مفهوم الشراكة الأسرية، وتطوير المهارات التربوية، وتعزيز الثقافة المجتمعية حول أهمية استقرار الأسرة كنواة أساسية للمجتمع.
حيث تقف الأسرة العمانية اليوم أمام مفترق طرق يتطلب وعيًا جماعيًا بالتحديات المحيطة بها، واستجابة مرنة وقادرة على التكيف مع المستجدات؛ فالاستثمار في استقرار الأسرة هو استثمار في مستقبل المجتمع العماني، وقاعدة أساسية لتحقيق "رؤية عمان 2040" الطامحة إلى بناء مجتمع مزدهر ومتوازن ومستدام.
دور جوهري
وأوضحت أن المبادرة تسعى إلى بناء أسر أكثر وعيًا واستقرارًا، قادرة على مواجهة تحديات العصر. وتلعب الأسرة، بصفتها النواة الأولى للمجتمع، مشيرة بأن الأسرة تلعب دورًا جوهريًا في إنجاح هذه المبادرة وتحقيق أهدافها على أرض الواقع، حيث تعد المؤسسة الأولى التي يتعلم فيها الفرد المبادئ الأساسية للحياة مثل الاحترام، الصدق، التعاون، والتسامح. وفي إطار المبادرة تُسهم الأسرة في نقل هذه القيم وترسيخها في نفوس الأبناء، مما يؤدي إلى بناء أجيال متزنة، قادرة على التفاعل الإيجابي مع محيطها، مبينة أن أحد أهداف المبادرة هو تعزيز ثقافة الحوار الأسري وتشجيع التواصل المفتوح بين أفراد العائلة، حيث تلعب الأسرة هنا دورًا فاعلًا في فتح مساحات للنقاش البنّاء، مما يسهم في تقوية العلاقات العائلية والتقليل من المشكلات التي قد تؤدي إلى التفكك أو سوء التفاهم. وبهذا، تصبح الأسرة نموذجًا في ممارسة القيم داخل نطاقها الصغير، لينعكس ذلك إيجابًا على المجتمع الأوسع.
ومن خلال الوعي الذي تبثه المبادر تتمكن الأسرة من مواجهة التحديات المعاصرة مثل ضغط المقارنات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والانفتاح غير المنضبط على ثقافات قد تتنافى مع القيم العمانية. وهنا يأتي دور الأسرة في التوجيه، والموازنة بين الانفتاح والتشبث بالهوية الوطنية، بحيث تحافظ على توازنها في زمن التحولات.
كما تلعب الأسرة دورًا أيضًا كمصدر لنشر الوعي المجتمعي من خلال مشاركتها الفاعلة في المبادرات التوعوية، والأنشطة الإرشادية، والدورات التي تنظمها الجهات المختصة ضمن المبادرة. وتتحول بذلك من متلقٍ إلى شريك في بناء مجتمع أكثر ترابطًا وقيمًا.
واختتمت الموسوية حديثها بالقول: نهدف من خلال هذه المبادرة إلى إيجاد بيتٍ آمن، واعٍ، ومتزن، يشعر أفراده بالدعم والحب والاهتمام. "بيتنا الآمن" ليست مبادرة عابرة، بل رؤية ممتدة لبناء مجتمع يبدأ من الأسرة، فحين تكون الأسرة هي الحاضن الأول للقيم، والموجه الأول للأبناء، والمساهم الفاعل في التوعية المجتمعية، فإن المجتمع بأكمله يمضي بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر استقرارًا وأمانًا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وسائل التواصل أن المبادرة على الزواج من خلال أدى إلى
إقرأ أيضاً:
صلاح نجم يكتب العنف ضد الأطفال " أبشع الجرائم الأنسانيه "
براءة تُغتال عندما يصبح الطفل ضحية مجرم بلا ضمير”
الإساءة أو انتهاك أو سوء معاملة الأطفال أو إيذاء الأطفال
أو الاعتداء على الأطفال أي اعتداء جسدي، أو جنسي،
أو سوء معاملة، أو إهمال يتعرض له
له الطفل وللأسف الشديد زداد في الآونة الأخيرة حوادث الاعتداء على الأطفال، وهي جرائم لا تهدد طفولة فرد فقط، بل تهدم جزءًا من أمن المجتمع كله. فالطفل الذي يُفترض أن يعيش في أمان، يجد نفسه ضحية لأشخاص تجردوا من الإنسانية، مستغلين براءته وضعفه.
ما يجعل هذه الجريمة أكثر قسوة أنها تحدث غالبًا من أشخاص قريبين من الطفل، ممن يملكون ثقة الأسرة أو نفوذًا عليه. وهنا تبرز أهمية وعي الأهل، فالحماية تبدأ من البيت: متابعة سلوك الأطفال، تعليمهم حدود أجسادهم، وتشجيعهم
على الكلام دون خوف أو إحراج.
الدولة بدورها تلعب دورًا مهمًا عبر تشديد العقوبات، وتوفير خطوط ساخنة للإبلاغ، ودعم الضحايا نفسيًا ليتمكنوا من تجاوز الصدمة. أما المجتمع، فعليه كسر حاجز الصمت وعدم التستر على أي متحرش مهما كان موقعه، لأن السكوت مشاركة
فى الجريمة اغتصاب الأطفال ليس خبرًا عابرًا، بل مأساة تستحق المواجهة. وحماية الصغار ليست مسؤولية الأسرة وحدها، بل مسؤولية مجتمع كامل يرفض أن تُسرق طفولتهم أو تُدفن براءتهم تحت خوف وصمت