جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-14@11:51:24 GMT

خريف الغرب يبدأ من النيجر!

تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT

خريف الغرب يبدأ من النيجر!

 

حمد بن سالم العلوي

ما كان لإفريقيا أن تبدأ التحرر من الاستعمار الغربي المقيت، لو لا التهيئة العظيمة التي تقوم بها "روسيا البوتينية" في أوكرانيا، وذلك من خلال العملية العسكرية الخاصة، لترويض أداة أمريكا في الجوار الروسي، ووكر الأمراض البيولوجية، وكان آخرها وباء "كورونا" الخطير، إذن؛ فهذه التهيئة هي التي أسست طريقًا سالكًا أمام الشعوب المُستضعفة، وخاصة في القارة الأفريقية التي تحوي الكنوز والثروات الثمينة والنادرة، والتي يتنعّم بها هذا الغرب الظالم، ولكن الشعوب الأفريقية ظلت تعيش كل أصناف الذل والفقر والتشرد.

الهيمنة الغربية على مقدرات الشعوب الأفريقية، ما كان لها أن تفك قبضتها من أعناق الأفارقة وخنقهم، نظير التخلي عن ثرواتهم الرهيبة، لولا التهيئة الروسية بقوة السلاح، الأمر الذي جعل الشعوب الأفريقية تفكر في قدرتها على التحرر من ربق استعمار غربيّ بغيض ونتن، وليس له أية ذرة من الأخلاق.. أو الإنسانية، فقد أذلت تلك الدول وشعوبها الفقيرة في مآلاتها، والغنية في واقعها، وذلك نتيجة لنهب خيراتها عنوة، وأمام أعين شعوبها المستضعفة، وهي ليست مستضعفة من الغرب وحده، وإنما حتى من الحكام العملاء الذين يدينون بالولاء للغرب، ويعملون علنًا ضد شعوبهم وأوطانهم.

وقد اتضح ذلك جليًا من خلال حركة التحرر التي قام بها مجموعة من كبار الضباط الوطنيين بقيادة قائد الحرس الوطني الجنرال عبدالرحمن تياني، والذي قاد انقلابًا مُحقًا ضد عميل فرنسا محمد بازوم في النيجر، وذلك بهدف السيطرة على الثروات الوطنية للبلاد، وتحرير تلك الثروات لصالح الوطن والمُواطنين، فانقسم الزعماء الأفارقة إلى فُسطاطين؛ فسطاط الأغلبية من الحكام الأفارقة، وهو الفسطاط الذي يقف ضد التحرر وفي صف فرنسا والغرب، ويهددون بالتدخل العسكري، وهذا فعل مُشين، يشبه ما يفعله الديوث في إرغام أخته على الخضوع للغريب، وفسطاط الأقلية ذات التوجهات الوطنية، ويمثل بوركينافاسو ومالي والنيجر ذاتها، ومعهم الجزائر الدولة العربية، فهم يرفضون إجبارهم على الخضوع من جديد لفرنسا.

إذن.. المُراهنة على نجاح الانتفاضة التي يقوم بها وطنيو النيجر والمساندون لها، يتكئ على الزخم الروسي الجديد، وذلك نتيجة للحرب الناجحة في أوكرانيا، وقد يخالفني على هذه القناعة، أولئك الذين يصيخون السمع فقط للدعاية الغربية، ولكن واقع الحال يقول إن تآكل القوة الأوكرانية، رغم الدعم الغربي اللامحدود، أكان بالمال أو الأسلحة والذخائر، ثم إن انعكاس ذلك على الحالة الاقتصادية في الغرب، ومظاهرات الشعوب الغربية، نتيجة ارتفاع الأسعار في الأسواق، أو شح السلع في المحلات التجارية، حيث ينعدم عرض الكثير من المواد في المحلات التجارية، ويمنع الناس هناك عن شراء الأشياء إلا بقدر يسير، وإذا استمر الوضع هكذا، سينتج عنه ثورة شعبية عارمة، ولكن الجانب الروسي محافظ على وضع اقتصادي متوازن، ونمو اقتصادي معقول، والفائدة الكبرى لدى الروس اليوم، هو التوجه إلى الصناعات المحلية، والاعتماد على الذات، كما فعلت إيران قبلهم، عندما حولت نقمة الحصار إلى الانتصار.

إنّ ما تقوم به القوة الروسية اليوم من تحطيم للغطرسة الغربية، سوف يكون له الأثر البالغ ماديًا ومعنويًا على الشعوب، والتي ظلت تعتقد اعتقادًا راسخًا، أن الغرب وعلى رأسه أمريكا قدر واقع ولا مهرب منه، حتى بدأت معركة تكسير العظام في أوكرانيا، فتغيرت القناعات 180% درجة، إذن؛ هذا هو الزمن الذي يحفظ للأحرار كبرياءهم، ويهيء لهم بيئة النجاح؛ فثوار اليوم أحسن حظًا من أيام الزعيم جمال عبد الناصر، أو الزعيمين صدام حسين ومعمر القذافي، فزمن أولئك القادة كان زمن طغيان أمريكا وأوروبا معًا، أما هذا الزمن فهو زمن انقلاب الصورة، فلا قوة مُطلقة بيد الغرب، وإنما هناك من ينازعهم عرشهم، وبقوة حقيقية جديدة صاعدة، ألا وهي قوة روسيا والصين خاصة، وقوة تجمع دول البريكس عامة، إذن؛ فهذا الغرب لم يعد القوة المحورية الوحيدة حول العالم، ويكاد نجمه يقترب من الأفول إلى الأبد، وهذه أمنية كل دول العالم، عدا دول القهر والظلم الاستعماري.

كما إن الخطوات التي تتخذها دول "بريكس" ستقوض الغطرسة الغربية، وذلك من خلال السعي إلى إصدار عملة موحدة، وستسقط الدولار واليورو الغربي معًا، وما يؤجل هذا الإجراء، هي مدخرات والاستثمارات المليارية الصينية بالدولار، وهي بلا شك تسعى إلى تكون خسائرها من التغيير باهظة، إذن؛ فإنَّ التغيير قادم لا محالة، ويأتي ذلك معززًا بالنصر الروسي على الغرب في أوكرانيا، وهنا فإنَّ التشبث الغربي لن يصمد طويلًا، وهو الوحيد الذي يخسر أمام الروس اليوم، ولكن الجرة الأمريكية التي ظلت بمنأى عن خسائر الحروب السابقة، لن تسلم من الضرر هذه المرة، هي وأم الخبائث بريطانيا.

إذن؛ الدول الأفريقية، وكل دول العالم النامي، تتوق إلى نيل حريتها، واستقلالها في كافة قارات العالم، وحتى اليابان، وكوريا الجنوبية اللتين ترزحان تحت نير الاستعمار الغربي، وهي غير مستقلة من خلال القواعد العسكرية الأمريكية، لذلك ستكون النيجر بداية النهاية للاستعمار الغربي الظالم، إن هي صمدت في وجه التهديدات الفرنسية، وأدواتها من دول "إيكواس" وربما تكتشف الدول الأكثر حماسًا للتدخل في النيجر، أنها هي الأقرب إلى الدور في التغيير القادم، لذلك يدفعها الخوف من التغيير، للوقوف بشدة ضد المجلس العسكري في النيجر، وهؤلاء يشبهون بمواقفهم تلك، ثورة الزنج في أمريكا، حيث وقف عبيد البيوت ضد زملائهم من عبيد المزارع، خوفًا على اللقمة المجانية التي كانوا يحصلون عليها من فضلات طعام أصحاب البيوت، وكذلك كانوا يحصلون على منافع أخرى، كالملابس البالية والأحذية المستبدلة، وربما بعض المشروبات من بقايا الحفلات التي تُقام في المنازل، فالعقليات الضعيفة، ترضى بالقليل دائمًا.

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تصعيد خطير في بحر الفلبين الغربي.. سفن صينية تهاجم قوارب صيد وتوقع جرحى

أعلن خفر السواحل الفلبيني، يوم السبت ، عن إصابة ثلاثة صيادين بجروح بعد أن أطلقت سفن صينية خراطيم المياه وقامت بمناورات خطيرة ضد قوارب صيد فلبينية في بحر الفلبين الغربي.

هجوم صيني ضد الفلبين

وصرح المتحدث باسم خفر السواحل الفلبيني، العميد جاي تارييلا، بأن الحادث وقع يوم الجمعة 12 ديسمبر، بينما كان نحو 20 قارب صيد فلبيني يبحرون قبالة شعاب إسكودا، التي تقع على بعد 75 ميلاً بحرياً فقط، أي حوالي 140 كيلومتراً، من جزيرة بالاوان، ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلاد التي تمتد لمسافة 200 ميل بحري، بحسب ما أفادت به وكالة رويترز للأنباء.

أرحلوا حالًا... الولايات المتحدة تنهي الوضع القانوني المؤقت للإثيوبيينالكشف عن صور جديدة من أرشيف إبستين تضم ترامب وكلينتون

وأضاف تارييلا أن الصيادين تعرضوا للمضايقة من قبل سفن تابعة لخفر السواحل الصيني تحمل الرقمين "21559" و"21562"، بالإضافة إلى عدد من زوارق الميليشيا البحرية الصينية.

أسفرت رشقات مدافع المياه عالية الضغط عن إصابة ثلاثة صيادين بكدمات وجروح مفتوحة، كما لحقت أضرار بقاربي صيد. 

وأضاف مسؤول في خفر السواحل الفلبيني أن زوارق مطاطية صغيرة صلبة الهيكل تابعة لخفر السواحل الكندي قطعت حبال مراسي عدة سفن فلبينية، مما عرّضها للخطر وسط تيارات قوية وحالة بحرية مضطربة.

وبعد تلقي بلاغات عن الهجوم المستهدف، أرسل خفر السواحل الفلبيني سفينتي الاستجابة متعددة المهام "مالاباسكوا" (MRRV-4403) و"كيب إنجانو" (MRRV-4411) إلى المنطقة لمساعدة الصيادين المتضررين.

استشهاد فلسطيني بنيران جيش الاحتلال في جباليا شمال قطاع غزةأمين مفتاح كنيسة القيامة لـ صدى البلد: بيت لحم تعود لتضيء الميلاد رغم الجراح

ومع ذلك، قال تارييلا إن سفن خفر السواحل الفلبيني نفسها تعرضت لعرقلة متكررة ومناورات قريبة المدى من قبل سفن خفر السواحل الكندي 21559 و21562، وسفينة ثالثة تحمل الرقم "5204" في مقدمتها، أثناء توجهها إلى الموقع.

وقال تارييلا: "يدعو خفر السواحل الفلبيني خفر السواحل الصيني إلى الالتزام بالمعايير الدولية المعترف بها للسلوك، وإعطاء الأولوية لحماية الأرواح في البحر على التظاهر بإنفاذ القانون الذي يُعرّض حياة الصيادين الأبرياء للخطر".

طباعة شارك الفلبين إصابة صيادين اعتداءات صينية البحر الجنوبي بحر الفلبين الغربي بحر الصين الجنوبي سفن صينية هجوم صيني ضد الفلبين

مقالات مشابهة

  • افتتاح نصب تمثالي الملك امنحتب الثالث في البر الغربي بالأقصر ..اليوم
  • جامعة القاهرة تبحث حقوق الشعوب الإفريقية والتعويضات بعد حقبة الاستعمار والرق في ندوة علمية
  • البيت الإبراهيمي.. من دخله كان خائناً
  • شاهد / جديد المبدع عيسى الليث .. مساعي الغرب
  • تصعيد خطير في بحر الفلبين الغربي.. سفن صينية تهاجم قوارب صيد وتوقع جرحى
  • حفل زفاف في سوريا يتحول إلى مأساة كبرى في ريف درعا الغربي.. ماذا حدث؟
  • 33 إصابة بجروح جراء انفجار وقع خلال حفل زفاف في ريف درعا الغربي
  • 10 غارات إسرائيلية تستهدف الجنوب والبقاع الغربي في لبنان
  • تطبيقات جديدة تحوّل الحروب إلى سلع.. ومصير الشعوب إلى مقامرة رقمية
  • كواليس مثيرة| كيف يتم تقسيم سوريا وفق خرائط دولية؟