زنقة20| العيون

سلط الباحث في المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية، د. حسن رامو الضوء على تورط الجزائر في تقويض الأمن والاستقرار في جارتها الشرقية تونس، وكشف د.حسن رامو، ضمن دراسة تحليلية تفاصيل مثيرة حول الدور الذي لعبته الجزائر في زعزعة استقرار تونس، مستعرضًا ما وصفه بـ”الترابط الوثيق بين تصعيد الإرهاب في البلاد والتوجهات السياسية للسلطات التونسية، خاصة إبان فترات التقارب مع المغرب”.

ويأتي إصدار هذه الدراسة الأكاديمية عن المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية، في وقت تتصاعد فيه الاتهامات الدولية الموجهة للنظام الجزائري بشأن تورطه في رعاية الإرهاب بمنطقة شمال إفريقيا والساحل، حيث تزايدت الدعوات، بما في ذلك من داخل الكونغرس الأمريكي، لتصنيف جبهة “البوليساريو” كمنظمة إرهابية، وسط تلميحات متكررة إلى دور الجزائر في تأجيج بؤر التوتر وتمويل الحركات المسلحة.

وبالاستناد إلى قاعدة بيانات الإرهاب الدولية (جامعة ميريلاند)، ومعطيات المؤشر العالمي للإرهاب، توصل الباحث إلى معطى لافت يتمثل في تزامن تصاعد العمليات الإرهابية في تونس ما بين 2013 و2019، مع فترات رئاسة منصف المرزوقي والباجي قايد السبسي، بينما سجل توقف شبه تام لهذه العمليات منذ تولي قيس سعيد الحكم في 2019، عقب زيارة رسمية للجزائر.

ويطرح هذا المعطى تساؤلات عميقة حول احتمال استخدام النظام الجزائري للإرهاب كأداة ضغط سياسي، خصوصًا بعد سلسلة من مؤشرات التقارب التونسي-المغربي خلال عهد المرزوقي، مثل زيارة الملك محمد السادس لتونس عام 2014، والتي تزامنت مع تصاعد كبير في وتيرة الهجمات الإرهابية داخل البلاد.

وتشير الدراسة إلى أن طبيعة العمليات الإرهابية خلال هذه الفترة ركزت بشكل غير مسبوق على استهداف قوات الأمن والجيش التونسي، بنسبة بلغت 80% من مجمل الهجمات، في تحول نوعي عن النمط السابق للهجمات الإرهابية.

وأما على المستوى الجغرافي، فقد تركزت أغلب هذه العمليات في المناطق الغربية المحاذية للجزائر، خاصة ولايات القصرين وجندوبة، وهو ما يعزز فرضية تسلل الجماعات المسلحة من الأراضي الجزائرية، واستفادتها من دعم لوجستي ومخابراتي عبر الحدود.

وفي خضم هذا المسلسل الدموي، سلطت الدراسة الضوء على التضحية التي أقدم عليها النظام الجزائري بإقالة وسجن الجنرال عبد القادر آيت واعرابي المعروف بـ”الجنرال حسان” سنة 2015، وذلك بعد تزايد الضغط الأوروبي والأمريكي على الجزائر عقب مقتل مواطنين غربيين في هجمات بتونس. وقد وُجهت للجنرال حسان تهم “تكوين جماعة إرهابية” و”حيازة أسلحة”، ما أثار انتقادات من محاميه الذي أكد أن موكله كان ينفذ أوامر رؤسائه، في إشارة إلى الجنرال توفيق مدين وزير الدفاع الأسبق.

وبحسب رامو، فإن حل جهاز المخابرات الجزائرية المعروف بـ”دائرة الاستعلام والأمن (DRS)” في مطلع 2016، أدى إلى تراجع كبير في مستوى التهديد الإرهابي في تونس، قبل أن يعاود الارتفاع مجددًا بعد إعادة هيكلة الجهاز سنة 2017.

كما ألمحت الدراسة إلى أن التقارب السياسي التونسي مع الجزائر في عهد الرئيس قيس سعيد، وما تبعه من مواقف داعمة لأطروحات الجزائر بشأن ملف الصحراء المغربية، مثل استقبال زعيم “البوليساريو” إبراهيم غالي، ودعوة الجبهة إلى قمة اليابان-إفريقيا، يعكس ضغوطًا جزائرية عميقة دفعت تونس إلى تغيير بوصلتها الدبلوماسية.

واختتمت الدراسة بتحذير من أن تعيين الجنرال حسان مجددًا على رأس المخابرات الجزائرية، في مايو 2025، قد يمثل عودة وشيكة لاستراتيجية “توظيف الإرهاب كأداة جيوسياسية”، ما يهدد أمن المنطقة ويطرح تحديات خطيرة أمام الأمن الإقليمي والدولي.

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: الجزائر فی

إقرأ أيضاً:

هل يمكن لـتشات جي بي تي أن يكون مبدعًا حقًا؟ دراسة جديدة تكشف

في خضم الجدل العالمي حول حدود استخدام الذكاء الاصطناعي، هل يمكن للآلات أن تنافس البشر في المجالات الإبداعية؟

أظهرت دراسة أسترالية جديدة أن تشات جي بي تي، بكل ما يملكه من قدرة على محاكاة النصوص والصور والألحان، يظل عاجزًا عن بلوغ مستوى الإبداع البشري الحقيقي، مهما تطورت تقنياته أو اتسع نطاق تدريبه.

الإبداع.. سقف لا يمكن تجاوزه

تكشف الدراسة، التي أعدّها ديفيد كروپلي، أستاذ هندسة الابتكار في جامعة جنوب أستراليا ونُشرت في دورية "سلوك الإبداع"، أن النماذج اللغوية الضخمة مزودة بسقف يقيّد قدرتها الإبداعية. وتخلص النتائج إلى المستوى الإبداعي الأقصى لهذه النماذج يصل إلى 0.25 على مقياس من 0 (انعدام الإبداع) إلى 1 (أقصى درجات الإبداع).

اعتمد كروپلي في حسابه على مبادئ معيارية، ليبيّن أن الذكاء الاصطناعي، رغم قدرته على محاكاة السلوك الإبداعي بشكل قد يبدو مقنعًا، إلا أنه لا يرتقي إلى مستوى الابتكار الحقيقي: "قدرة هذه النماذج لا تتجاوز مستوى الإنسان العادي، ولا يمكن أن تبلغ مستوى المحترفين أو الخبراء وفق مبادئ التصميم الحالية"، يقول.

تطبيق "تشات جي بي تي" Canva

ويشير إلى أن نتائج الدراسة تكشف الخلل الأساسي في الاعتقادات السائدة حول قدرات الذكاء الاصطناعي، وتمنح وضوحًا ضروريًا في نقاش عالمي يختلط فيه الواقع بالمبالغة والتوقعات غير الدقيقة، فإنتاج القصص أو القصائد أو الصور لا يعني الإبداع بذاته، لأن النماذج اللغوية تتدرّب على محتوى موجود مسبقًا، وتستجيب للمطالبات وفق أنماط تعلّمتها، فتنتج مخرجات متوقعة وغير مفاجِئة.

ويضيف: "للأسف، يخلط كثيرون بين الإبداع وبين مجرد إنتاج شيء ما. إنّ الإبداع الحقيقي هو ابتكار جديد وأصيل وفعّال". ويشرح أن الأداء الإبداعي ليس متساويًا بين الناس، إذ إن نحو 60% من الأفراد يقعون دون المتوسط إبداعيًا، ما يجعل شريحة واسعة ترى أن النماذج اللغوية مبدعة، بينما يكتشف أصحاب القدرات الإبداعية العالية سريعًا مواطن ضعف الذكاء الاصطناعي التوليدي.

Related ارتفاع استخدام تشات جي بي تي في وسائل الإعلام الأوروبية يثير القلق حول المصداقيةمراهق في فلوريدا يواجه الاعتقال بعد أن سأل "تشات جي بي تي" كيف يقتل صديقه"أوبن إيه آي" تواجه دعاوى قضائية جديدة تتهم "تشات جي بي تي" بالتسبب في حالات إيذاء نفسي وانتحار "العالم ما زال بحاجة إلى المبدعين"

يشرح الباحث أن الكاتب أو الفنان أو المصمم المتمرس قادر على إنتاج شيء أصيل وفعّال بحق، بينما يبقى النموذج اللغوي محكومًا بإنتاج ما هو متوسط بطبيعته. ويحذّر من أن الاعتماد المفرط على هذه النماذج في الصناعات الإبداعية سيؤدي في النهاية إلى أعمال نمطية ومتكررة.

ويؤكد كروپلي أن بلوغ الذكاء الاصطناعي مستوى الإبداع الاحترافي يتطلب بنية جديدة بالكامل، قادرة على توليد أفكار غير مستندة إلى أنماط إحصائية سابقة.

وفي خلاصة الدراسة، يرى الباحث أن النتائج مشجعة لكل من يقدّر قيمة الابتكار البشري، قائلاً: "يبين هذا البحث أن العالم ما زال بحاجة إلى البشر المبدعين، وربما أكثر من أي وقت مضى".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • الشاشات تترك أثرًا واضحًا على أدمغة الأطفال: دراسة تكشف ارتباطًا مباشرًا بارتفاع أعراض فرط الحركة
  • كيف تتجاوز متحورات كوفيد-19 جهاز المناعة؟.. دراسة موسعة تكشف الآلية
  • بعثة تقصي الحقائق تكشف تورط مرتزقة أجانب في جرائم الدعم السريع
  • دراسة تحذّر: استخدام الهاتف ليلاً يزيد من حدة «الأفكار الانتحارية»
  • دراسة تكشف رابطًا غير متوقع بين فقدان الوزن في منتصف العمر وصحة الدماغ
  • هل يمكن لـتشات جي بي تي أن يكون مبدعًا حقًا؟ دراسة جديدة تكشف
  • الجوية الجزائرية: تخفيضات جد مغرية من وإلى تونس 
  • دراسة: سيجارتان يومياً ترفعان خطر فشل القلب 60%
  • دراسة: آلاف المواقع الخطرة في الولايات المتحدة مهدَّدة بالفيضانات مع ارتفاع مستوى البحر
  • الإحصاء: إعلان الملخص التنفيذي تمهيدا لإطلاق دراسة جديدة حول الفقر المتعدد الأبعاد