الغارديان: سلوك ترامب الغريب يثير تساؤلات حادة حول قدراته العقلية
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرا مطولا يسلط الضوء على سلوكيات متكررة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصفتها بأنها "غريبة ومقلقة"، ما أثار مجددا تساؤلات جدية حول قدراته العقلية في ولايته الرئاسية الثانية، خاصة بعد سلسلة من التصريحات والمواقف التي بدت خارجة عن السياق أو تفتقر إلى الترابط المنطقي.
وبحسب الصحيفة، فإن ترامب، البالغ من العمر 79 عاما، واصل خلال العام الأخير إطلاق مواقف وتصريحات تتسم بالتشوش الذهني وعدم الانضباط في التفكير، سواء في الفعاليات الانتخابية أو المؤتمرات الصحفية أو أثناء الاجتماعات الرسمية، بما في ذلك اجتماعه الأخير بمجلس الوزراء، الذي استغرق فيه 15 دقيقة للحديث عن تفاصيل الديكور، متجاهلا القضايا الجوهرية المدرجة على جدول الأعمال.
طواحين الهواء والحيتان... وغياب التركيز
أبرز ما استرعى الانتباه خلال زيارة ترامب الأخيرة إلى المملكة المتحدة، بحسب الغارديان، كان انحرافه المفاجئ عن الحديث حول سياسات الهجرة إلى شن هجوم غير مبرر على طواحين الهواء، حيث زعم دون دليل أنها "تقتل الطيور"، و"تدفع الحيتان إلى الجنون"، و"تشوه المناظر الطبيعية". وأضاف الرئيس: "لن نسمح ببناء طواحين هواء في الولايات المتحدة. إنهم يقتلوننا. إنهم يقتلون جمال مناظرنا الطبيعية".
الباحث في علم النفس هاري سيغال، المحاضر في جامعة كورنيل وكلية طب وايل كورنيل، علق على هذا النمط قائلا إن ما يظهره ترامب هو "انعدام في التنظيم الذاتي للسرد، وتحولات ذهنية عشوائية دون ترابط فكري"، معتبراً أن هذه الأعراض تمثل علامات أولية مقلقة لتدهور إدراكي.
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب لطالما حاول التقليل من شأن التساؤلات حول قدراته الذهنية، مكتفيًا بوصف نفسه بأنه "عبقري مستقر"، ومتباهياً باجتيازه لاختبارات ذهنية وُصفت لاحقا بأنها "بالغة البساطة"، صُممت لاكتشاف المؤشرات المبكرة لأمراض مثل الخرف.
لكن الأصوات المنتقدة، خصوصا من الديمقراطيين، بدأت ترتفع مجددا. من بين هؤلاء، النائبة جاسمين كروكيت عن ولاية تكساس، وحاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم، اللذان أشارا إلى تكرار مظاهر السلوك غير المتماسك للرئيس، كان آخرها ما قاله عن المساعدات الأمريكية لغزة، حيث زعم ترامب أن الولايات المتحدة قدمت 60 مليون دولار "قبل أسبوعين"، وادعى أن "لا أحد غيرنا قدم شيئا"، في تجاهل واضح لحزم مساعدات قدمتها بريطانيا والاتحاد الأوروبي مؤخرا، فاقت هذا الرقم.
الصحيفة أكدت عدم وجود أي سجل رسمي يدعم تصريحات ترامب بهذا الشأن، موضحة أن آخر منحة أمريكية تم الإعلان عنها في حزيران/يونيو الماضي، كانت بقيمة 30 مليون دولار فقط، وذهبت إلى مؤسسة مثيرة للجدل مدعومة من جهات إسرائيلية وأمريكية، واتُهمت لاحقا بالتواطؤ في العنف وقتل المدنيين الغزيين.
روايات مختلقة وخلط زمني
من بين القصص التي سردها ترامب مؤخرا، حديثه عن عمه الراحل، البروفيسور جون ترامب، الذي قال إنه درّس "أونابومبر" - الاسم الذي اشتهر به المفجر الأمريكي تيد كاتشينسكي - في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
غير أن الغارديان فندت هذا الادعاء، مشيرة إلى أن جون ترامب توفي في عام 1985، في حين لم يُكشف عن هوية كاتشينسكي حتى عام 1996، فضلا عن أن الأخير لم يدرس أصلا في ذلك المعهد.
واعتبر سيغال أن هذا النوع من السرد "لا معنى له"، ويعكس نمطا شائعا لدى المصابين باضطرابات إدراكية، حيث تُروى الأحداث كما لو كانت حقيقية رغم تناقضها مع الوقائع.
خلال الحملة الانتخابية السابقة، أظهر ترامب ميلا ملحوظا للابتعاد عن الموضوعات الجوهرية، وغالبا ما ألقى خطبا مطولة خالية من التسلسل المنطقي.
ومن أبرز الأمثلة التي وثقتها الصحيفة، رده على سؤال بشأن تعهداته الانتخابية المقبلة، إذ انتقل للحديث عشوائيا عن ضغط المياه في الصنابير ورؤوس الدش في المنازل، وكيف "كان عليه الوقوف تحت الدش لمدة 20 دقيقة لإزالة الصابون من شعره"، معتبرا أن "المجانيين" هم من وضعوا هذه القوانين.
وفي أيار/مايو الماضي، أقدم البيت الأبيض على حذف النصوص الرسمية لخطابات الرئيس من موقعه الإلكتروني، في خطوة أثارت شكوكا واسعة، وبررت الرئاسة هذا القرار بأنه جزء من "جهد تنظيمي لحفظ الاتساق".
تقييمات متضاربة
رغم القلق المتصاعد، لا يزال البيت الأبيض يدافع بقوة عن لياقة ترامب العقلية. وقالت المتحدثة الرسمية ليز هيوستن إن "ترامب يعمل على مدار الساعة لتحقيق إنجازات هائلة للشعب الأمريكي"، ووصفت الغارديان بأنها "بوق يساري"، متهمة إياها بمحاولة تشويه صورة الرئيس من خلال "خبراء مشكوك في مصداقيتهم".
من جهته، صرّح عضو الكونغرس الجمهوري روني جاكسون، الذي شغل منصب طبيب البيت الأبيض في إدارات سابقة، بأن "ترامب هو أكثر الرؤساء صحةً في تاريخ الولايات المتحدة"، مؤكدا أنه لا يزال يتابع وضعه الصحي بشكل دوري.
وأصدر طبيب ترامب الحالي، الدكتور شون باربابيلا، تقريرا طبيا في نيسان/أبريل الماضي، قال فيه إن الرئيس "يتمتع بصحة بدنية وعقلية ممتازة"، مؤكدا أن نتائج التقييمات الإدراكية كانت طبيعية.
تحذيرات من أطباء نفسيين
لكن هذه التصريحات لم تبدد القلق في الأوساط الطبية٬ حيث وصف الدكتور جون غارتنر، الأستاذ السابق في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز٬ سلوك ترامب بأنه يحمل "العلامات الكلاسيكية للخرف"، مشيرا إلى أن تراجع قدرة الرئيس على التعبير والفهم مقارنة بأدائه في الثمانينيات، هو "دليل على تدهور إدراكي حاد".
وغارتنر، أحد مؤسسي مجموعة "واجب التحذير" التي تضم أطباء نفسيين متخصصين في تقييم السلوك الرئاسي، قال إنه توقع قبل الانتخابات أن "يسقط ترامب من على حافة الانهيار العقلي قبل نهاية ولايته"، محذرا من أن "الوضع لا يتجه إلا للأسوأ".
وتختتم الغارديان تقريرها بالتساؤل: إذا كان ترامب قد أفلت من اختبار الفحص العقلي خلال حملته الانتخابية، فهل يستطيع أن يواصل تفاديه خلال ما تبقى من ولايته الثانية؟ وهل باتت الولايات المتحدة بحاجة إلى قواعد أكثر وضوحا لضمان أن من يقودها يتمتع بكامل قواه العقلية؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية ترامب قدراته العقلية الخرف أطباء خرف أطباء ترامب قدرات عقلية صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
ترامب: على إسرائيل أن تطعم الناس في غزة
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن على إسرائيل أن تطعم الناس في غزة، مشددا على أن بلاده لا تريد أن يتضور الناس في قطاع غزة جوعا وإن أشياء سيئة تحدث هناك في الوقت الحالي.
وفي تصريحات أدلى بها في ولاية بنسلفانيا مساء الأحد بالتوقيت المحلي، قال ترمب إن بلاده تريد أن يحصل الناس في غزة على الطعام، مؤكدا أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي تفعل ذلك حقا وتوفر المال لهذا الغرض، على حد قوله.
وفي أحدث فصول مأساة التجويع الممنهج، أكدت وزارة الصحة في غزة وفاة ستة فلسطينيين نتيجة التجويع خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ما يرفع عدد ضحايا المجاعة في القطاع الفلسطيني إلى 175 شهيدًا، بينهم 93 طفلًا.
من جانب آخر أفادت مصادر طبية باستشهاد 56 من الباحثين عن غذاء عند مراكز توزيع المساعدات، ليرتفع عدد من استشهدوا بنيران وقصف الاحتلال منذ فجر الأحد إلى 92.
سوء تغذيةوفي مقابلة مع الجزيرة من عمّان، قال سليم عويس المتحدث الإقليمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، إن أكثر من خمسة آلاف طفل في غزة أصيبوا بسوء التغذية خلال النصف الأول من شهر يوليو الماضي. وشدد المتحدث على ضرورة الإسراع في توفير كل الظروف لإدخال المساعدات المتنوعة إلى القطاع.
من جانبه، طالب المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" /عدنان أبو حسنة/، بإدخال 600 شاحنة مساعدات على الأقل إلى قطاع غزة والسماح لموظفي الوكالة بإدارة نقاط التوزيع، وقال للجزيرة، إن إسرائيل تسمح بدخول ثلاثين إلى أربعين شاحنة فقط، وعبر طرق غير آمنة.
وفي بُعدٍ آخر من أبعاد معاناة سكان القطاع، حذرت الأمم المتحدة من أن الأغلبية الساحقة من أهالي غزة غيرُ قادرين على الوصول إلى مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي.
وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن ستة وتسعين بالمئة 96% من الأسر في غزة تواجه انعدام الأمن المائي، وإن 90% من السكان غير قادرين على الوصول إلى مياه الشرب،، فضلا عن أن ثلاثة من كل أربعة غزيين، يواجهون صعوباتٍ في الوصول إلى دورات مياه.
إعلان