لا أميل للاعتراف بأن الحسد ظاهرة سودانية سلالية مثلا
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
لا أميل للاعتراف بأن الحسد ظاهرة سودانية سلالية مثلا، وأتحفظ على مقولات مرسلة لا أعرف مدى صحتها وأشك فيها، من قبيل أن البروفسير فلان أو الأستاذ فلان قال بأن القبائل التي جاءت للسودان مشهورة بالحسد، على أي حال هي مقولة تحتاج لمراجعة في كل فكرة تدل عليها وأهمها فكرة الهجرة هذه.
عموما الحسد الاجتماعي ليس ظاهرة متجذرة في الشخصية السودانية إذا استخدمنا وتذكرنا مفهوم ووصف أبو سليم مثلا، لكنه بدأ في جيوب فئة النخبة والمتعلمين المبكرين، ثقافة التحاسد صنعها الانجليز حين منحوا امتيازات للمتعلم حين ينال الوظيفة، ومساحات التوظيف محدودة جدا لذلك كانت المنافسة حادة، شريفة وغير شريفة والتسابق لتحقيق نتائج في فصول الدراسة مرضي وشديد الحساسية، ومع انغماس الأسرة في هذا التنافس بتشجيع أبنائهم وكلهم من البرجوازية الصغيرة وفقراء الحضر، كل هذا كرس لهذا التحاسد في جيوب النخبة والمتعلمين.
وقتها مساحات كبيرة من أبناء الريف البعيد _ ليس مقصودا أبناء مشروع الجزيرة لأن ملاك المشروع كانوا جزء من حالة التنافس هذه_ المهم جزء كبير من أبناء الريف البعيد والبوادي كانوا بعيدين عن هذه الحالة، لكن الحسد الاجتماعي شاع وبتنافسية حادة بين زعماء القبائل أيضا والطوائف والقصص كثيرة جدا حتى بين السيد الميرغني والسيد عبدالرحمن المهدي وأحيانا بطفولية خصوصا قصة الشريف الهندي حين زيارة الوفد لبريطانيا.
إذن السلطة هي مصدر التحاسد بين الأفندية منذ الانجليز، واستمرت هذه الثقافة حتى حين فقدت السلطة كثير من امتيازها، لكن الظاهرة الثقافية والاجتماعية تبقى حية ومستمرة حتى في نفوس الناضجين، ثمة طاقة عجيبة من الكراهية والصراع الصفري المفتقد للكوابح الأخلاقية يتفجر مع صراع وهمي مصدره السلطة، ثم بعد حين تهدأ النفوس وذلك بعد أن يخربوا (سوبا الصغيرة) التي في مخيلتهم.
هشام عثمان الشواني
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً: