لبنان بين عدوان مستمر وانهيار السيادة وشبح الحرب الأهلية
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
#لبنان بين عدوان مستمر وانهيار السيادة و #شبح_الحرب_الأهلية
#محمود_ابو_هلال
منذ 27 تشرين الثاني 2024 وحتى صباح 5 آب 2025، سجل الجيش الإسرائيلي أكثر من أربعة آلاف خرق لاتفاق وقف الأعمال العدائية على الجبهة اللبنانية، أسفرت عن سقوط 230 شهيدا و477 جريحا، في ظل غياب أي رد فعل حقيقي من الدولة اللبنانية. هذه الاعتداءات المتواصلة لم تُقابل بسياسات وطنية جدية تضمن حماية الأرض والشعب، بل جاءت جلسة مجلس الوزراء في 5 آب الجاري بمثابة تتويج لانكشاف السيادة الوطنية أمام الضغوط الإقليمية والدولية.
في تلك الجلسة التي انعقدت في قصر بعبدا، ناقشت الحكومة ما بات يُعرف بـ”ورقة الشروط” التي صيغت بإملاء مباشر من الولايات المتحدة ودولة خليجية و”إسرائيل”، وأُعلن عنها رسميا على لسان رئيس الحكومة نواف سلام، الذي كلف الجيش اللبناني بإعداد خطة لحصر السلاح قبل نهاية العام، على أن تُعرض على مجلس الوزراء خلال شهر آب.
مقالات ذات صلةالخطير في هذا المسار، لا يقتصر على مضمون الورقة بحد ذاته، بل يتعداه إلى سلسلة من التنازلات السياسية التي خرقت التزامات دستورية ووطنية سابقة. فقد تنكر رئيس الجمهورية جوزيف عون لما ورد في خطاب القسم بشأن تبني سياسة دفاعية متكاملة كجزء من استراتيجية أمن وطني، ورضخ لضغوط دولية في لحظة كان يُفترض أن يثبت فيها استقلالية القرار اللبناني.
كما أن الورقة اللبنانية التي كان عون قد قدمها للجانب الأميركي في 31 تموز، والتي اشترطت وقف الاعتداءات الإسرائيلية وانسحاب الاحتلال من الأراضي اللبنانية قبل بحث أي مسألة تتعلق بالسلاح، تم تجاوزها بالكامل، ما يُظهر بوضوح أن الإرادة الخارجية لا تزال هي التي ترسم مسار القرار السيادي في البلاد.
من جهة أخرى، بدا أداء رئيس الحكومة أقرب إلى التنفيذ الحرفي لإملاءات خارجية، بعيدا عن أي اعتبار للمصلحة الوطنية أو التوازنات الداخلية. هذا التوجه يقترن بتقاطع واضح بين سلام ورئيس
هذا التوجه يقترن بتقاطع واضح بين سلام ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في الدفع نحو صدام سياسي وأمني مع قوى المقاومة، ما يضع البلاد أمام خطر انقسام داخلي لا تُحمد عقباه.
في موازاة ذلك، لم تُبادر الحكومة إلى أي خطوة ملموسة تجاه وقف الاعتداءات الإسرائيلية، أو تحرير الأراضي المحتلة، أو إعادة إعمار المناطق المتضررة. بل إن تصريحات نُسبت إلى سلام نفسه، تؤكد جهله بوجود أسير من بلدة شبعا، في مؤشر واضح على حجم التراجع الرسمي في متابعة القضايا الوطنية الأساسية.
جلسة الخامس من آب لم تكن مجرد محطة إدارية، بل شكلت نقطة تحول خطيرة في مسار السيادة اللبنانية. فقد كرّست خضوعا رسميا موثقا لإملاءات الخارج، وفتحت الباب أمام مواجهة داخلية لا مبرر لها، في الوقت الذي كان يمكن فيه استثمار مرونة حزب الله لإطلاق مسار تسوية تحفظ الوطن وتحقق توازنا سياديا فعليا.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: شبح الحرب الأهلية محمود ابو هلال
إقرأ أيضاً:
في ختام جلسة استثنائية.. الحكومة اللبنانية توكِل إلى الجيش مهمة إعداد خطة لحصر السلاح بيد الدولة
عقد مجلس الوزراء اللبناني، اليوم الثلاثاء، جلسة استثنائية برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام لمناقشة خارطة طريق لنزع سلاح "حزب الله"، وسط تصاعد الضغوط الأمريكية ومخاوف من تصعيد إسرائيلي وشيك في حال عدم اتخاذ خطوات ملموسة. اعلان
وأعلن وزير الإعلام بول مرقص بعد الجلسة أن مجلس الوزراء قرر تحديد مهلة حتى نهاية العام الجاري لتوحيد السلاح بيد الدولة اللبنانية، على أن يُقدّم الجيش اللبناني خطة تنفيذية لتحقيق ذلك.
وأوضح أن النقاش في بند "حصر السلاح" لم يُستكمل، وسيتواصل في الجلسة المقبلة، وربما يمتد إلى جلسات لاحقة إذا اقتضت الحاجة.
وأشار مرقص إلى انسحاب وزراء الثنائي الشيعي اعتراضًا على هذا القرار، مؤكدًا في المقابل أن الحكومة "تقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين"، وتعمل على حماية الأمن والاستقرار، مع الالتزام بالقرار الدولي 1701، والتشديد على حق لبنان في الدفاع عن نفسه في حال التعرض لأي عدوان.
تحذيرٌ من حزب اللهفي وقت سابق من اليوم، أدلى الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم بتصريحات شديدة اللهجة رفض فيها أي اتفاق جديد خارج إطار التفاهم القائم بين لبنان وإسرائيل، محذرًا من أن "أي جدول زمني لنزع السلاح يُطرح تحت سقف العدوان الإسرائيلي لن يُقبل به".
وأضاف: "إذا قررت إسرائيل خوض الحرب، فإن المقاومة ستدافع، والجيش سيدافع، والشعب سيدافع، وستسقط الصواريخ على الكيان الإسرائيلي، وهذا ليس في مصلحة إسرائيل"، في أبرز تصريح له منذ توليه المنصب عقب مقتل سلفه حسن نصر الله في الحرب الأخيرة.
Related الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف وسائل قتالية "استراتيجية" لحزب الله خلال غارات على لبنان لبنان على مفترق حاسم حول ملف السلاح.. وزير العدل: لن نسمح لحزب الله بجرّ البلاد للانتحاروسط دعوات حصر السلاح.. ما هي القدرات العسكرية للجيش اللبناني وهل يمكنه مواجهة التهديدات الخارجية؟وشدّد قاسم على أن "المقاومة" جزء من اتفاق الطائف، وبالتالي لا يمكن طرح أمر دستوري للتصويت بل يجب أن يُناقش بالتوافق الوطني، معتبرًا أن أي مسعى لحل مسألة السلاح يجب أن يتم بتوافق داخلي شامل. وقال: "هذا البلد قدّم تضحيات ودماء، وما يتعلّق بلبنان نناقشه في لبنان"، محذرًا من أن تغليب بعض الأطراف لمصالح خاصة تتقاطع مع المصلحة الإسرائيلية يجعلهم مسؤولين عن أي ضرر قد يلحق بلبنان.
وذكّر بأن اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، والذي تم بوساطة أمريكية، أظهر تعاونًا وثيقًا بين الدولة اللبنانية و"المقاومة" التي سهّلت تنفيذ بنود الاتفاق، إلا أن إسرائيل "انقلبت عليه ولم تلتزم به"، بحسب تعبيره. واعتبر أن الضغوط الأمريكية الحالية هدفها نزع قدرة لبنان وحزب الله، خدمةً لمصلحة إسرائيل الرامية إلى إضعاف لبنان والتحكم بمساره.
وبُعيد خطابه، خرج عشرات الشبان على دراجات نارية يحملون أعلام حزب الله في استعراض شعبي من الضاحية الجنوبية لبيروت، في رسالة تعبّر عن توتر الشارع الموالي للحزب.
تجري واشنطن وبيروت منذ حزيران/ يونيو مفاوضات حول خارطة طريق أمريكية تقضي بنزع سلاح "حزب الله" بشكل كامل، مقابل وقف الضربات الإسرائيلية، وانسحاب القوات الإسرائيلية من خمس نقاط حدودية لا تزال تحتلها في جنوب لبنان، بالإضافة إلى تأمين تمويل لإعادة إعمار المناطق التي دمّرها القصف الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة.
لكن مع تعثّر مسار نزع السلاح، بدأ صبر واشنطن ينفد، فمارست ضغوطًا مباشرة على الوزراء اللبنانيين لتقديم تعهد علني سريع، بهدف إبقاء المحادثات قائمة. ويبدو أن الجلسة الحكومية الأخيرة جاءت في هذا الإطار، كمحاولة داخلية لترجمة هذا الضغط إلى خارطة طريق سياسية.
Related رافضًا وضع جدول زمني لتسليم سلاحه.. أمين عام حزب الله: لا يجب تقديم المزيد من التنازلات"اليوم قبل الغد".. الرئيس اللبناني يدعو حزب الله لتسليم سلاحه للجيش ويحذر من حروب الآخرين "العبثية""بمن فيهم حزب الله".. مسؤول سوري: سنلاحق بشار وماهر الأسد وكل من أجرم بحق شعبناويتزامن الجدل الداخلي حول مصير سلاح الحزب مع مرحلة حرجة تمر بها البلاد، فوقف إطلاق النار الذي رعته الولايات المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر أنهى أشهرًا من القتال العنيف بين حزب الله وإسرائيل، والذي أدى إلى مقتل عدد من قادة الحزب، بينهم أمينه العام السابق، وتدمير أجزاء واسعة من ترسانته العسكرية.
وبين التصعيد الخارجي والضغوط الدولية والتجاذبات الداخلية، يبدو أن لبنان يدخل مرحلة دقيقة من إعادة تعريف العلاقة بين الدولة وحزب الله، وهي مرحلة قد تعيد رسم توازن القوى داخل البلاد، وعلى حدودها الجنوبية أيضًا.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة