انتخابات تحت ظلال النفوذ: كيف تفقد الدولة حيادها في موسم التنافس السياسي؟
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
7 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة: ارتفعت حدة التحذيرات في محافظة الأنبار مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، لتكشف عن أزمة تتجاوز التنافس الطبيعي بين الكتل، إلى ما يشبه استغلال مؤسسات الدولة في توجيه مزاج الناخبين والتأثير في مسار العملية الديمقراطية.
وانطلقت تصريحات القيادي في تحالف الأنبار، طارق الدليمي، لتسلط الضوء على ما وصفه بـ”تسخير أجهزة الدولة” من سيارات رسمية ومؤسسات أمنية وخدمية لصالح مرشحي “حزب السلطة”، في إشارة واضحة إلى حزب تقدم والقوائم المرتبطة به.
وتكرّس هذه الصورة نمطاً انتخابياً مشوهاً يقوض مبدأ تكافؤ الفرص بين القوى السياسية، ويفتح المجال أمام منطق “السلطة الانتخابية” لا “الشرعية الانتخابية”، وهي ظاهرة لطالما أرّقت الديمقراطيات الناشئة، حيث تُستخدم أدوات الدولة لخدمة المشروع السياسي الحاكم، لا الدولة نفسها.
وارتكز الدليمي في تحذيره إلى دعوة مباشرة لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وكذلك لرئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ووزير الداخلية عبد الأمير الشمري، مطالباً إيّاهم باتخاذ مواقف حاسمة لضمان حيادية الأجهزة التنفيذية، والحدّ من انزلاق الدولة إلى طرف في معادلة التنافس الانتخابي.
ويحمل هذا الطرح أبعاداً أوسع من مجرد نزاع محلي، إذ يعيد فتح النقاش حول علاقة السلطة بالانتخابات، والتحديات التي تواجه “حيادية الدولة”، وهو المفهوم الذي يُفترض أن يكون حجر الزاوية في أي ممارسة ديمقراطية. فحين تتحول الدولة من حكم بين المتنافسين إلى حليف لطرف دون آخر، تنتقل العملية الانتخابية من ساحة للتعددية السياسية إلى مشهد للهيمنة المقنّعة.
وتكشف هذه التصريحات أيضاً عن شعور متزايد لدى بعض الأطراف بغياب الضمانات، لا في نتائج الانتخابات فحسب، بل في عدالة شروط التنافس نفسه. وهو ما يتطلب استجابة عاجلة من السلطات الثلاث ومؤسسات الرقابة، لتأمين مناخ انتخابي نزيه لا يشوبه استخدام المال العام أو النفوذ الإداري.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
أقل من نصف ساعة.. البرلمان العراقي يسجّل أقصر جلسة مشبعة بالصراخ
5 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة: ما إن بدأ مجلس النواب العراقي جلسته يوم الثلاثاء، حتى انفرط عقدها بعد خمس وعشرين دقيقة فقط، في مشهد يعكس عمق الانقسام داخل المؤسسة التشريعية، ويفضح التنازع الخفي على الصلاحيات داخل هرم البرلمان ذاته.
وما أفصح عنه النائب محمد الزيادي من أن التداخل بين سلطتي رئيس المجلس محمود المشهداني ونائبه محسن المندلاوي، كان سببًا مباشرًا لرفع الجلسة، ليس تفصيلاً إدارياً عابراً، بل هو مؤشر واضح على صراع مراكز قوى داخلية لم تعد تُخفي نفسها. فقد تحولت الجلسة التي وُصفت بأنها دستورية إلى ساحة نزاع سياسي مفتوح، تراكمت فيها الأجندات المتضاربة، وتقاطعت فيها الإرادات المتناقضة، حتى انفجرت، ولو لفظياً، بين النواب.
وما يُثار عن اشتباكات لم تصل إلى الأيدي، بحسب تصريح الزيادي، يقابله حديث مصادر برلمانية عن عراك حاد بلغ العنف الجسدي، ما يشير إلى بيئة برلمانية تتآكل فيها أدوات الحوار السياسي، ويعلو فيها صوت الفوضى على القانون.
وما كان يفترض أن يكون نقطة انطلاق لقرارات جوهرية تخص التصويت على رئيس وأعضاء مجلس الخدمة الاتحادي، ورئيس مجلس الدولة، وتعديل قانون وزارة التربية، انقلب إلى تراجع مريع عن الحد الأدنى من الانضباط البرلماني. ولعل ما زاد المشهد تعقيدًا هو طرح ملف “هيئة الحشد الشعبي” للتداول، مدعومًا بجمع 120 توقيعًا، ما عمّق التوترات في توقيت حساس سياسيًا وأمنيًا.
وما يشهده البرلمان العراقي ليس مجرد سوء إدارة جلسات، بل هو صورة مكثفة لانقسام بنيوي يعصف بجسد الدولة. فعندما تتقاطع الشرعيات داخل البيت التشريعي، وتتصادم مراكز القرار دون حسم مؤسسي، تصبح الجلسات مناسبات للتعطيل، لا أدوات للتشريع.
وما يثير القلق أن شلل البرلمان لا يعني فقط تعطيل قوانين، بل يعني بالمقام الأول تعطيل التوازن بين السلطات، وهو ما يفتح الباب لتغوّل التنفيذي، أو صعود نفوذ لا دستوري على حساب الدولة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts