حصلت شركة "deepeye Medical GmbH" الألمانية المتخصصة في التقنيات الصحية على موافقة الجهات التنظيمية الأوروبية لاستخدام خوارزمية ذكاء اصطناعي تساعد أطباء العيون في علاج التنكس البقعي "الرطب" المرتبط بالتقدم في العمر (nAMD).
وتُعد أداتها (deepeye TPS) "دعم تخطيط العلاج" أول أداة تنبؤية تُعتمد سريرياً لإدارة علاجات أمراض العيون في الدول الغربية.


وقال الدكتور آدم دوبس، الباحث في مركز "John A. Moran" لطب العيون والمشارك في تأسيس الشركة: "يمثل هذا تطوراً مهماً في الجهود العالمية لتوفير البيانات للأطباء بطريقة أخلاقية تُسهم في توجيه العلاج وتحسين جودة الرعاية"، مضيفاً أنه يعمل على اختبار الأداة في عيادات المركز هذا العام، تمهيداً للحصول على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية (FDA).

- اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقاً جديدة لأبحاث الأمراض النادرة

علاج مخصص
يُعد التنكس البقعي من أبرز أسباب فقدان البصر بعد سن 55، ويتميز الشكل "الرطب" منه بنمو غير طبيعي للأوعية الدموية داخل العين، ما قد يؤدي إلى تلف الشبكية. ويُعالج بحقن أدوية تُبطئ هذا النمو، مع متابعة الحالة باستخدام التصوير الشبكي.
وتختلف الاستجابة للعلاج من مريض لآخر، ما يتطلب خططاً مخصصة. فالمواعيد المتباعدة قد تؤدي إلى فقدان البصر، بينما الإفراط في الزيارات قد يثني المرضى عن الاستمرار.
ولتطوير أداة "deepeye TPS"، حلل دوبس وفريقه آلاف صور الشبكية وسجلات المرضى لتحديد أنماط تطور المرض.
وتساعد الخوارزمية الأطباء في اتخاذ قرارين رئيسيين:
- هل يحتاج المريض إلى تقديم موعد الحقن المقبل أم يمكن تأجيله؟
- كم عدد الجرعات المتوقعة خلال العام؟
ويؤكد دوبس أن الهدف هو الحفاظ على بصر المرضى وتقليل زيارات العيادة غير الضرورية، إضافة إلى دعم الأطباء في اتخاذ القرار، وتحسين سير العمل، وتوعية المرضى أو تبرير تغيير العلاج.

- انظر أيضاً: الذكاء الاصطناعي يسلّح جهاز المناعة بـ"صواريخ" لمهاجمة الخلايا السرطانية

نتائج التجارب
بحسب موقع "ميديكال إكسبريس"، خضعت الأداة لاختبارات سريرية شملت أكثر من 300 مريض في أكثر من 2000 زيارة ضمن مجموعة دولية.
واعتمد الأطباء في البداية على الصور فقط لاتخاذ قراراتهم، ثم قارنوها بتوصيات الأداة لتقييم مدى التطابق، وأسباب الاختلاف عند حدوثه.
وفي التجربة التي أُجريت بعيادة جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ، وافق الأطباء على تعديلات الأداة في 56% من الحالات التي اختلفت فيها قراراتهم معها.
وترى الدكتورة إيلين هوانغ، الباحثة في مركز موران والمتخصصة في جراحة الشبكية، أن الأداة تحمل إمكانات لتحسين دقة العلاج، خاصة في تحديد الفواصل الزمنية بين الحقن بشكل أسرع وأكثر أماناً.
لكنها تحذر من اعتبار الذكاء الاصطناعي حلاً سحرياً، قائلة: "لا شيء يصل إلى دقة 100%، فالذكاء الاصطناعي يقدم تنبؤات قد تخطئ، تماماً كما يحدث مع القرارات البشرية".

- طالع أيضاً: هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الأطباء؟.. رئيس "ChatGPT" يجيب

مبادرات أخرى
تشكل الأداة جزءاً من مشاريع يقودها الدكتور دوبس، الخبير في تحليل الصور والبيانات، والذي انضم إلى مركز موران عام 2024 ويقدّم استشارات دولية في سياسات وتقنيات الصحة.
وأسس دوبس قاعدة بيانات "PHIAT"، وهي منصة ذكاء اصطناعي تحافظ على خصوصية المرضى من خلال إزالة بياناتهم التعريفية، وتتيح للباحثين دراسة أمراض العيون، كتوقع مخاطر اعتلال الشبكية السكري أو تحديد توقيت تغيير العلاج.
ويشدد على أهمية جمع البيانات بشكل أخلاقي، مع حماية صارمة للخصوصية، مشيراً إلى أن PHIAT تتميز عن غيرها بمرونتها وسعة نطاقها البحثي.

- اقرأ أيضاً: أداة ذكاء اصطناعي جديدة لتشخيص ورعاية فشل القلب

الاستثمار في المستقبل
أعرب الدكتور راندال أولسون، الرئيس التنفيذي لمركز موران، عن دعمه لتعزيز دور البيانات والذكاء الاصطناعي في تطوير طب العيون.
وأشار إلى أن مركز هانتسمان للسرطان يحتضن قاعدة بيانات سكان يوتا، من بين الأغنى عالمياً، وتضم معلومات عن أكثر من 11 مليون شخص تُستخدم في أبحاث الجينات والصحة العامة.
وأكد أولسون أن طب العيون يعتمد بشكل كبير على التصوير، ومع تطور تقنياته في العقد الأخير، بات الذكاء الاصطناعي أداة واعدة لربط صور العين بتطور المرض وتوجيه العلاج، قائلاً: "هذا هو المستقبل، ونحن نستثمر فيه بجدية".

أمجد الأمين (أبوظبي)

أخبار ذات صلة تطوير طريقة لتعليم الذكاء الاصطناعي كتابة تقارير أشعة سينية بدقة "أوبن إيه.آي" تطلق جي.بي.تي-5

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الأمراض التنكسية الرعاية الصحية نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الأبحاث العلمية مكافحة أمراض العيون خوارزمية ذكاء اصطناعي الأبحاث الطبية أمراض العيون الذكاء الاصطناعي العيون الذکاء الاصطناعی ذکاء اصطناعی

إقرأ أيضاً:

المستشفيات الميدانية.. آخر الحصون الصحية في غزة الجريحة

في غزة، حيث كانت الحياة تدب في أربعين مستشفى وأكثر من ثمانين مركزًا صحيا، حل الدمار، ومحت الآلة العسكرية الإسرائيلية كلَّ شيء، تاركة خلفها فراغًا صحيا هائلًا أدى إلى خروج المنظومة الصحية عن العمل، واقعٌ مريرٌ برزت معه المشافي الميدانيةُ كطوق نجاة، بديلًا مؤقتًا ومناسبًا للرعاية الصحية في أحوال قاسية يعيشُها سكان غزة.

ومع حاجة المرضى والجرحى الملحة إلى العلاج والرعاية يضطرُّ الأهالي إلى التكيف مع واقعهم المرير، يتلقون خدْماتِهم العلاجية الشحيحة مع تفشي الأمراض ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات، كل ذلك نتيجة إغلاق إسرائيل للمعابر، في خطة متقنة تستهدف خنق الحياة في غزة، وتزيد من معاناة الغزيين يومًا بعد يوم.

بين ركام البيوت المهدمة وصدى الصواريخ الذي لا يغيب عن سماء غزة، تنبثق خيام المستشفيات الميدانية كشرايين أمل هشّة تحاول مقاومة الموت الذي يحاصر الأرواح. هذه المساحات المؤقتة، التي نصبت على عجل فوق أراضٍ خاوية أو بين أطلال مدارس مدمرة، باتت الملاذ الأخير للجرحى والمرضى بعد أن انهارت المستشفيات الكبرى تحت نيران الحرب.

خيام طبية

في إحدى هذه الخيام، جلست إيمان أبو ضاحي، 50 عامًا، متكئة على وسادة ممزقة، تحاول التقاط أنفاسها بينما يتصبب العرق من جبينها تحت حرارة الشمس اللاهبة.

تقول بصوت واهن خلال حديثها لـ«عُمان»: «لم يعد أمامنا سوى هذه الخيام، فقد دُمرت المستشفيات التي كنت أراجعها منذ سنوات، واليوم أجد نفسي هنا أبحث عن علاج يخفف من ألم صدري، ويضبط ضغطي المرتفع». عيناها تترقرقان بالدموع وهي تتابع خطوات الممرضين الذين يتنقلون بسرعة بين الأسرة، في مشهد يختصر المعاناة التي تعيشها آلاف العائلات.

تتابع سلمى: «حين جئت وجدت عشرات المرضى ينتظرون، منهم من يفترش الأرض، ومنهم من يستند إلى جدار الخيمة. لا أدوية تكفي، ولا أجهزة تساعدنا على مواجهة المرض». ثم تشير إلى رف خشبي عليه بضع عبوات دواء: «هذه كل ما تبقى من العلاج هنا، ونحن نتقاسمه مثلما نتقاسم الخبز». بين كلماتها صمت ثقيل يقطعه بكاء طفلة صغيرة على السرير المجاور، فيما يكتفي الأطباء بهز رؤوسهم أمام هذا العجز القاسي.

وتضيف وهي تنظر نحو الخارج حيث الدمار يحيط بالمكان: «الحرب لا تقتل بالصواريخ فقط، بل تقتل حين تمنع الدواء، حين يتركني الألم ينتظر الشفاء الذي لا يأتي».

بديل قسري

قبل الحرب كان القطاع يمتلك نحو 40 مستشفى وأكثر من 80 مركزًا صحيًا، تشكل شبكة متكاملة للرعاية الطبية. اليوم، وبعد شهور من القصف، أغلقت معظم هذه المؤسسات أبوابها، إما لأنها دُمّرت، أو لأن القذائف طاردتها حتى شلّت عملها بالكامل. هذا الفراغ القاتل فرض ولادة المستشفيات الميدانية، التي لم تكن خيارًا بل ضرورة فرضتها الظروف المأساوية.

هنا، تحت خيام بسيطة، يحاول الأطباء إعادة ما تبقى من نبض الحياة. يستخدمون أدوات بدائية، يعتمدون على مولدات مهددة بالتوقف في أي لحظة، ويجرون عمليات بسيطة على ضوء الهواتف. كل دقيقة تمضي في هذه الخيام تحمل قصة صراع مع الموت، حيث لا أحد يملك رفاهية الانتظار.

ورغم الدور الحيوي لهذه المستشفيات، فإنها تواجه ذات التحديات التي قضت على سابقاتها: نقص حاد في الدواء، انقطاع الكهرباء والوقود، إغلاق المعابر أمام الإمدادات الطبية والبعثات الإنسانية. إنها حرب أخرى موازية للحرب العسكرية، حرب استنزاف ضد كل محاولة لإنقاذ الأرواح.

صراع مع المستحيل

في المستشفى الميداني التابع للهلال الأحمر الفلسطيني بخان يونس، يتحدث الطبيب محسن زيد بينما يراقب زملاءه يسعفون مصابًا ينزف بشدة: «لدينا الآن 11 مستشفى ميداني تعمل بشكل يومي، لكنها لا تكفي لاستيعاب أعداد الجرحى والمرضى المتزايدة. نفتقر إلى المعدات والأدوية، ومع كل غارة جديدة يزداد العبء فوق طاقتنا».

يشير إلى رفوف شبه فارغة ويضيف لـ«عُمان»: «نحن نقتسم ما تبقى من المسكنات والمحاليل بين المرضى، ونعرف أن الكثيرين قد لا يحصلون على ما ينقذ حياتهم».

في خيمة أخرى، تروي الطبيبة حنين الأسطل مأساة الأيام الأخيرة: «نضطر لإجراء عمليات جراحية بسيطة في ظروف بدائية، أحيانًا نستخدم أدوات معقمة بوسائل يدوية، ونعمل تحت ضوء المصابيح الصغيرة. ومع ذلك، نحاول أن نحافظ على شريان الأمل هذا حيًا، حتى لو كان ضعيفًا». صوتها ينخفض وهي تضيف: «لكن كل شيء هنا مهدد بالتوقف، من المولدات إلى الإمدادات، وحتى نحن الأطباء أصبحنا أهدافًا مباشرة».

تعلو أصوات الأنين من حولها، ويمر ممرض يحمل آخر عبوة من دواء حيوي إلى مريض يحتضر، فيما يحدّق الأطفال بعينين ممتلئتين بالخوف. هذه المشاهد باتت يومية في المستشفيات الميدانية التي تحولت إلى حصون ضعيفة تحارب الموت بأسلحة متهالكة.

رصاص على الأطباء

لم يتوقف الاستهداف الإسرائيلي عند حدود منع الإمدادات، بل امتد ليشمل الأطباء أنفسهم. قبل نحو أسبوعين، اعتقلت قوات الاحتلال الدكتور مروان الهمص، مدير المستشفيات الميدانية في غزة، أثناء توجهه إلى مستشفى الصليب الأحمر غرب خان يونس. لم يعرف أحد وجهته بعد اعتقاله، لكن الجميع أدرك أن الرسالة واضحة: إنقاذ الأرواح بات جريمة في هذه الحرب.

الدكتور منير البرش، مدير عام وزارة الصحة في غزة، علّق بحزن وغضب: «نحمّل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن سلامة الدكتور الهمص». موضحًا: «هذا الاعتقال جزء من استهداف منظم للقطاع الصحي. أكثر من 360 كادرًا طبيًا تم اعتقالهم، وما يزيد عن 1589 شهيدًا من الطواقم الطبية منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة وحتى الآن».

ثم أضاف: «سيارات الإسعاف تُقصف، الأطباء يُقتلون أو يُختطفون أمام أعين المرضى. هذه حرب على الطب، على الحياة نفسها». وكشف البرش تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل الاعتقال: «سيارة الدكتور الهمص تعرضت لقصف مباشر قبل دقائق من اختطافه في محيط منطقة فش فرش في خان يونس، أصيب سائقه واستُشهد مواطنان كانا برفقته، أحدهما صحفي».

صرخة بلا صدى

قبل اعتقاله بأيام، ظهر الدكتور مروان الهمص أمام وسائل الإعلام ليطلق صرخة استغاثة من قلب الأزمة: «فقدنا 60% من مخزون الأدوية، و80% من المستلزمات الطبية. نحن نعيش الساعات الأخيرة من القدرة على إنقاذ الأرواح، وإذا لم تدخل المساعدات فورًا، سيموت أبناء الشعب الفلسطيني بلا علاج ولا دواء».

نداءاته لم تلقَ أي استجابة، ومع اختفائه بات قطاع الإنقاذ الميداني في غزة بلا قائد، والمستشفيات الميدانية معلقة بخيط رفيع فوق هاوية الموت.

اليوم، ما زالت كلمات الهمص عالقة في أذهان كل من سمعها، تذكّر بأن هذه الحرب لا تكتفي بهدم الحجر، بل تستهدف الحياة ذاتها. وبينما يواصل الأطباء الباقون صراعهم المستحيل، تبقى المستشفيات الميدانية آخر حصون الأمل، رغم أن الموت يزحف نحوها من كل اتجاه.

تزداد المخاوف مع مرور الوقت من أن تتحول هذه الخيام الطبية إلى شاهد صامت على مجزرة صحية بطيئة، حيث تتناقص الموارد يومًا بعد يوم، وتبقى أرواح المرضى معلقة بانتظار قرار دولي قد لا يأتي أبدًا، فيما يواصل العالم إدارة ظهره لهذه المأساة الإنسانية الفادحة.

في حرب غزة حيث تحوّلت المشافي إلى ذكرى، باتت الخيام الميدانية الملاذ الأخير للقلوب المكلومة كمشافٍ بديلةٍ، هنا يتصارع الأطباء ببسالة مع شح الإمكانات ومعابر أغلقها القهر؛ ليقدموا جرعات أمل وسط يأس مطبق، وجحيم لا يطاق.

مقالات مشابهة

  • المستشفيات الميدانية.. آخر الحصون الصحية في غزة الجريحة
  • لأول مرة منذ 6 سنوات.. OpenAI تطلق نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر
  • M42  تُحقق نتائج عالمية في فحص السل باستخدام أداة ذكاء اصطناعي متقدمة
  • أدوات ذكاء اصطناعي مجانية من جوجل لطلبة الجامعات الأميركية
  • مستشفى خولة ينجح في تأسيس برنامج جراحي متكامل لعلاج انحراف العمود الفقري
  • تأسيس برنامج جراحي متكامل لعلاج الجنف بمستشفى خولة
  • مستشفى خولة ينجح في تأسيس برنامج جراحي متكامل لعلاج "الجنف"
  • أوبن ايه آي تطلق نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة توفر إمكانات متقدمة
  • هل سيبقى دور الأطباء محورياً في عصر الذكاء الاصطناعي؟