وفيات غامضة بسجون تونس ومطالب بتحقيقات مستقلة
تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT
تونس- دفعت سلسلة وفيات غامضة داخل السجون التونسية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى دق ناقوس الخطر، وإدانة الحقوق الأساسية للمساجين، مطالبة وزارة العدل والهيئة العامة للسجون والإصلاح بفتح تحقيق جدي مستقل ومحايد.
هذه ليست المرة الأولى التي تتناقل فيها وسائل الإعلام أخبارا عن وفيات غامضة لشبان داخل السجون، ولعل أبرزها واقعة حازم عمارة، العامل في أحد المقاهي والمصاب بأمراض القلب والسكري، الذي فارق الحياة قبل أيام وهو مكبل الساقين في أحد مستشفيات محافظة نابل، أثناء قضائه عقوبة السجن 3 أشهر.
وقد أثارت المناشدات المؤثرة لوالدته حياة الجبالي التي وجهتها للرئيس التونسي قيس سعيد غضب الشارع وزادت من حدة الجدل حول هذه القضية.
وحازم هو ثالث شاب يتوفى في السجون التونسية في المدة الأخيرة، إذ تزامنت وفاته مع وفاة محمد أمين الجندوبي الذي كان يقضي عقوبة في سجن برج العامري بمحافظة منوبة، وتوفي بمستشفى الرابطة بالعاصمة بعد نقله من السجن، وسط أنباء لم تؤكد رسميا وفاته قبل 10 أيام من إبلاغ عائلته.
أما الحالة الثالثة فهي وفاة الشاب وسيم الجزيري الذي كان يعاني اضطرابات نفسية حادة، وأثارت وفاته بدورها جدلا واسعا في الشارع التونسي.
وقالت حياة الجبالي والدة السجين المتوفى حازم عمارة إنها راسلت وزارات العدل والداخلية والصحة، وقدمت طلبا مباشرا لرئاسة الجمهورية للاستفسار عن ملابسات وفاة ابنها وحقيقة التقصير في رعايته، لكنها لم تتلقّ ردا سوى من الأمن العمومي الذي أبلغها بفتح تحقيق من قبل النيابة.
واتهمت حياة، في حديث للجزيرة نت، الجهات التي أوقفت ابنها بعدم مراعاة وضعه الصحي، واستغربت عدم إرفاق ملفه الطبي إلى إدارة السجن، مؤكدة أن محاميته قدمت نسخة كاملة منه للجهات القضائية.
إعلانوسردت حياة تفاصيل الأيام الأخيرة قبل الوفاة، مشيرة إلى أن حازم تدهورت حالته الصحية بشكل ملحوظ في الأسبوع الأخير، ونقل مرتين إلى المستشفى من دون أن يتلقى علاج السكري أو القلب، متهمة إدارة المستشفى أيضا بالتقصير ومطالبة بمحاسبة كل من أهمل رعاية ابنها أو تأخر في إسعافه.
ومن جهتها، نفت وزارة العدل على لسان الناطق باسم الهيئة العامة للسجون والإصلاح، رمزي الكوكي، تعرض السجين حازم عمارة لأي إهمال طبي أو سوء معاملة.
وأكد الكوكي أن حازم خضع لفحص طبي أولي منذ إيداعه السجن، وتلقى أدويته منذ اليوم الأول، كما التزم بالمواعيد الطبية، مشيرا إلى أن كل الإجراءات موثقة في تقرير طبي رسمي.
غير أن هذه الرواية تتناقض مع ما صرحت به العائلة، وتثير -بحسب متابعين- أسئلة عن غياب الشفافية في التعامل مع هذه الملفات.
وبدوره، قال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بسام الطريفي، للجزيرة نت، إن الوفيات الغامضة داخل السجون "حدثت في عهدة الدولة"، ومن ثم تتحمل وزارة العدل والهيئة العامة للسجون المسؤولية، في ظل ضعف الرعاية الصحية والاكتظاظ الحاد، إضافة إلى النقص الفادح في الأدوية.
وأكد الطريفي تواصل الرابطة مع عائلات المساجين، ورفضها تحديد أسباب الوفاة قبل نتائج التحقيقات، لكنه شدد على أن ظروف نقل بعض السجناء إلى المستشفى "غير لائقة" وتحتاج إلى مراجعة عاجلة.
وأوضح الطريفي أن الطاقة الاستيعابية للسجون تجاوزت بكثير عدد الموقوفين، داعيا لتعويض عقوبات الإيداع بالسجن بالعقوبات البديلة، ومشيرا إلى وجود نوايا لتحسين الأوضاع، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية وتشريعية واضحة.
معركة مستمرةمن جانبه، أكد الكاتب العام للهيئة الوطنية للمحامين حسان التوكابري، للجزيرة نت، أن الهيئة تتابع هذه الملفات بالتنسيق مع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، وتدين أي انتهاك لحقوق السجناء.
واعتبر أن اكتظاظ السجون معركة مستمرة، وأن الحكومات المتعاقبة لم تتخذ خطوات إصلاحية جادة، داعيا إلى مراجعة التشريعات التي وصفها بـ"المكبلة".
وأضاف التوكابري أن "كرامة السجين يجب أن تصان، لكننا نسمع كثيرا عن حقوق الإنسان ونرى في المقابل رفضا لرد اعتبار السجين".
ورغم الخلافات حول تشخيص الوضع، تتفق منظمات حقوقية والحكومة التونسية على ضرورة تحسين أوضاع السجون، خاصة مع وصول الاكتظاظ في بعضها إلى 200%، وسط دعوات لمراجعة القوانين التي ترفع عدد الموقوفين على ذمة التحقيق، واعتماد إصلاحات تضمن حقوق النزلاء وتحسن ظروف احتجازهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
ساعة من الانتظار.. أسباب غامضة وراء تأخر خطاب ترامب في الكنيست الإسرائيلي
شهد الكنيست الإسرائيلي حالة ترقب غير مسبوقة اليوم، بانتظار الخطاب التاريخي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تأخر عن موعده المقرر لمدة ساعة كاملة دون توضيح رسمي لأسباب التأخير، وسط تساؤلات حول ما إذا كان مرتبطًا بلقاءات مغلقة سبقت ظهوره العلني.
تأخر خطاب ترامب في الكنيست الإسرائيلي وسط ترقب دولي وتساؤلات حول الأسباب
وقالت إعلامية قناة "القاهرة الإخبارية"، خلال تغطية مباشرة من تل أبيب، إن ترامب وصل إلى إسرائيل قبل ساعات، حيث من المنتظر أن يُلقي خطابًا وُصف في الأوساط الإسرائيلية والدولية بـ"التاريخي"، لكونه يتناول وقف الحرب في غزة، وإعادة الإعمار، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين.
وأوضحت المراسلة أن الكنيست انعقد بكامل أعضائه استعدادًا للخطاب، في ظل اهتمام عالمي وأمريكي واسع بالحدث، بينما لم يُكشف حتى الآن ما إذا كان ترامب سيعقد لقاءً ثنائيًا مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أو سيجتمع بعائلات المحتجزين الإسرائيليين الذين أفرجت عنهم حركة حماس ضمن صفقة التبادل الأخيرة.
وفي السياق ذاته، تواصل إسرائيل تنفيذ المرحلة المقابلة من الصفقة، حيث تحركت حافلات تقل أسرى فلسطينيين من سجن عوفر باتجاه بيتونية في رام الله، تمهيدًا لإطلاق سراحهم اليوم، ما يُعد خطوة جديدة نحو استكمال اتفاق وقف الحرب في غزة.