هل يشتعل القرن الإفريقي؟
بقلم الجنرال / الصوارمي خالد سعد
لماذا تطلب أثيوبيا من السودان المساعدة السلبية، بالتزام الصمت أو الحياد في قضاياها؟!
وماذا تستفيد أثيوبيا من مجرد الحياد في قضاياها؟
ولماذا لا تطلب الدعم الإيجابي بعد أن تطرح نفسها إيجابيا؟
أليس هنالك ملفات إيجابية ضخمة بين السودان وأثيوبيا؟ لماذا تعجز أثيوبيا عن مجرد المطالبة بالتعاون فيها؟ مثلا الملف العسكري (بشأن الجماعات المسلحة التي تصارعها وتتمدد ما بين أرتريا وأثيوبيا والسودان) ؟ تحتاج الإجابة لتحليل الموقف العام.
ما كانت اثيوبيا في يوم من الأيام محتاجة لسد النهضة ولكن يبدو ان هنالك خيوطا للمصالح العالمية تشابكت حول إنشاء هذا السد المريب جدا والمثير لشكوك مصر والسودان على حد سواء. فاثيوبيا تسبح في بحار من المياه المتدفقة. وهى هضبة تقبع في السماء فتجود عليها بفيوض من المطر الهطول والغمام المشبع بالرطوبه مما يجعلها لا تحتاج لمزيد من المياه ابدا. والسد ما كان الهدف منه توفير المياه.
فوق كل ذلك فإن هذه الهضبة قد حباها الله تعالى بكل انواع الثروات الطبيعية من الذهب والبوتاس والتنتالوم (معدن ثقيل درجة إنصهاره عالية) والفحم والحديد. كما توجد معادن صناعية مثل الجير والفلسبار، الكوارتز والدولوميت. اضافة الى ثروات حيوانية ضخمة جدا من كل انواع الثروة الحيوانات. فهي تمتلك أكبر عدد من الماشية في القارة التي يبلغ عددها حوالي سبعين مليون رأس. وأكثر من تسعين مليون رأس من الأغنام. وحوالي ثمانية مليون رأس من الأبل.
إضافة إلى موقع جغرافي مميز يجعلها حبل وصل بين كثير من الدول إضافة الى مجموع بشري قدر عام ٢٠٢٤ بمائة اثنين وثلاثين مليون فاصل واحد نسمة (132.1) هذه الصفات الغنية جدا تجعل من اثيوبيا غير محتاجة للفتات الذي يمكن ان يجود به سد النهضة من دخل يدره توليد الكهرباء. أثيوبيا لا حاجه لها في تنظيم المياه فهي منظمة طبيعيا. كما ان السد يقع على الحدود السودانية الأثيوبية بمعنى أن اثيوبيا لا تستفيد كثيراً من بحيرته في الداخل ولا من مائها التي هي اصلا في غنى عنها ولكن اثيوبيا ما زالت تحافظ على هذا السد تنفيذاً لمصالح عالمية تقاطعت حول هذا الإنشاء الذي مولته أمريكا بمليارات الدولارات ورعته إسرائيل رعاية كاملة ونظرت اليه الدول الأوروبية بعين الرضا. فماذا يجري خلف هذا السد الذي لا يستفيد منه اهله ولا دول المجرى والمصب.
لا شك إذاً أن الأمن والسياسة العالمية ضد مصر والسودان هي التي تحرك خيوط اللعبة في هذا السد الذي كما اسلفت ليس من الأولويات لدى أثيوبيا التي تعيش حرباً باردة بينها وبين اريتريا، فجيشا الدولتين يعيشان حالة استعداد دائم وتنتشر قوات الدولتين في الحدود في مواجهة بعضهما البعض. بل هنالك حالة حرب معلنة تنشط حيناً وتخفت حيناً آخر.
ترجو أثيوبيا أن يكون السودان طرفاً سلبياً اذا نشبت حرب بينها وبين إريتريا وقبائل التيغراي، والأرومو والأمهرا. ولكن يبدو ان حياد السودان لن يكون مضمونا ولا كاملا جراء التحامل الأثيوبي خلال الفترات السابقة على الحكومة السودانية وعلى الجيش السوداني في منطقة الفشقة، فاثيوبيا قبل أشهر معدودة كانت تخوض حربا في منطقة الفشقة السودانية ضد السودان، ثم نشبت الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع فاستضافت اثيوبيا كثيراً من الفعاليات التي تعتبرها حكومة السودان عداء صارخا ضدها مثل استضافتها لمؤتمرات صمود ومؤتمرات قحط واستقبالها للروبوت محمد حمدان دقلو بعد ان تحدث السودانيون عن وفاته.
في المقابل نجد ان أريتريا وقفت بكل قوه وبكل شهامة مع السودان في حربه ضد قوات الدعم السريع وفتحت اراضيها للجوء إلى أرتريا وقدمت الكثير جدا من المشاريع والدعم المادي والمعنوي للقوات المسلحة السودانية والمجموعات المسلحة المساندة لحكومة البرهان وكانت تعلن باستمرار انها لن تستضيف أي مجموعة تجاهر بالعداء ضد حكومة السودان.
عليه لا تستطيع حكومة السودان في هذا الامتحان الواضح والعسير ان تقف مكتوفة الأيدي اذا جرت حرب بين اثيوبيا عدو الامس صديق اليوم واريتريا الصديق الدائم للسودان علما بأن اثيوبيا اذا نشبت حرب بينها وبين أرتريا فان العامل الحاسم فيها سيكون هو مجموعات التيغراي وجبهة تحرير أرومو – القومية الأكبر في أثيوبيا. ومجموعات فانو الأمهرية ومجموعات اخرى تخشى اثيوبيا من أن تستفيد من إنشغال الجيش الفيدرالي الاثيوبي في الحرب ضد أرتريا فتتمرد على السلطه في اثيوبيا، فأثيوبيا بها حوالي ثمانين قومية معظمها يختلف مع الحكومة ومع غيره من القوميات.
يجرنا هذا الحديث الى ان نتذكر ان اثيوبيا لها تدخل كبير جداً في جمهورية الصومال وأنها تضع يدها الآن على جمهورية أرض الصومال لعدة اسباب أولها وأهمها أن اثيوبيا ليس لها منفذ بحري، وبالتالي فإن وضع يدها على جمهورية أرض الصومال هو ضرورة تفرضها عليها مصالحها الإقتصادية حتى لا تصبح مقفولة تماماً. يضاف إلى ذلك أن القوات الأثيوبية كانت في يوم من الأيام تفرض سلطانها بصورة كاملة على كل جمهورية الصومال بإيعاز من الغرب والولايات المتحدة الأمريكية تحديداً، وهذا يجعل من أثيوبيا دولة كثيرة الحركة كثيرة الأعداء في الداخل والخارج، وفي القرن الإفريقي تحديداً فهي لها عداواة مع كل دول الجوار التي تجاورها تقريبا وبالتالي هذا يجعل موقفها حرجاً جداً أمام أي حرب تحاول أن تخوضها بصورة شاملة في المنطقة ويجعل كل دول الجوار لا يمكنها الحياد في أي معارك أثيوبية، سواء كانت داخلية أو خارجة. بسبب التداخل القبلي وتمدد القبائل الأثيوبية في دول الجوار. وحتى دولة جنوب السودان فإن أثيوبيا لن تسلم منها بحكم وجود قبيلة النوير الجنوب سودانية في أثيوبيا كقبيلة تداخل تعيش بأثيوبيا منذ فترات طويلة. نسبة لكل تلك الأسباب فإن أثيوبيا لا سلامة لها إلا عبر التعاون الإيجابي السلمي مع جيرانها.
جنرال / الصوارمي خالد سعد
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: هذا السد حرب بین
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: أدارة أصول الدولة " المنسية !! "
مرة ثانية وثالتة وليست الأخيرة أتحدث عن إيجاد ألية لإدارة أصول الدولة المنسية إدارة أقتصادية هذا هو الحل الأخير أمامنا كمصريون وكأمة أمام تحديات كثيرة أهمها هو نقص الموازنه العامة للدولة المستمر وتناقص الوارد وزيادة المنصرف أمام تغير سريع في معدلات الأسعار العالمية لمنتجات حيوية لانعمل علي أنتاجها إستهتارًا، وتباطؤا، وسلبية إتخاذنا لقرارات حاسمة في إتجاه رفع إنتاجية بلادنا في الزراعة والصناعة والخدمات والتي نمتلك كل أدواتها (خبرة وأراضي وطقس وبشر ) لا ينقصنا شييء سوى أن نختار آلية الإدارة ونأخذ القرار!
أنني أتخيل أمام ماطرحناه سابقا تحت عنوان مثلث الفشل في سياسات الحكومه المصرية وحددناها في "التعليم وفي الآدارة وفي إستغلال أصول الدولة إستغلالًا إقتصاديًا" يدفعنا اليوم أن نقترح بأهمية أن نأخذ عدة قرارات منها قصير الأجل ومنها بعيد الأمد وليس بعيد لأكثر من عدة سنوات لاتزيد عن الخمس !!
أنا لا أتصور أبدًا أن يكون موقع وزارة الزراعة في مصر، بميدان الدقي وسط عواصف بشرية في العاصمة ونحن نواجة تحدى في شرق العوينات وتوشكي وإمتدادات بحيرة السد العالي لايمكن أبدًا أن أتصور مسئول علي بعد أكثر من الف كيلومتر في مكتب مكيف الهواء وآلياته وأدواته وطموحات شعب
مصر كله موجود في الجنوب !! لماذا لا يأخذ رئيس الوزراء ووزير الزراعة قرار بنقل الوزارة إلي أسوان أو إلي الوادي الجديد أسوة بما تم في وزارة صدقى سليمان حينما بدأنا تحدي بناء أكبر مشروع هندسى في حينه وهو
( السد العالي ) وإنتقلت الوزارة إلي أسوان، وإنتهي دورها ببناء السد العالي أي أننا ننشيء وزارة لهدف وبعد أتمامه ينتهي دورها وتختفي لننشيء وزارة أخري أمام تحدي أخر !!
وهل أمامنا تحدي أكبر من أننا نستورد غذائنا تقريبًا كله..؟
هل أمامنا تحدي أكثر من أننا نتبع نظم ري عقيمه !! تفقدنا كل مانمتلكه من مياة علي رقعة أرض غير كافية الإنتاج والإنتاجية لإحتياجات سكانها؟
لماذا لا نفكر في تقسيم مصر إلي أقاليم إقتصادية ؟ ويصبح كل أقليم له مسئول إقتصادي لا علاقة له بالسياسة أو الأمن أو غيره توصيف وظيفته هو تشغيل هذا الأقليم بما يحتويه من أرض ومياة وثقافة وطرق ومواني وبشر وثروات معدنية وضخ قيمة أجمالية للموازنة العامة للدولة تحدد مركزيًا ( حيث السياسة مركزية، والتنفيذ لا مركزى ) وقد تحدثت في هذا في مقال سابق وعلي إستعداد لمناقشته آلاف المرات حينما يطلب ذلك أي مسئول معنى يهتم بمصر ومستقبلها من الحكومة المصرية!! هذا الملف يحتاج من زملائى أصحاب الرأى المشاركة فإدارة أصول الدولة تحتاج من الجميع عناية خاصة كل فى تخصصه حتى ولوكان التخصص (كاتب رأى) !!
[email protected]