جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-13@16:19:01 GMT

وفرة الموارد وضيق المعيشة

تاريخ النشر: 13th, August 2025 GMT

وفرة الموارد وضيق المعيشة

 

 

علي العايل

 

تزخر عُمان بكل المقومات التي تؤهلها لتكون من الدول الأكثر استقراراً ورفاهية في المنطقة: موارد نفطية وغازية، ثروات طبيعية، موقع جغرافي استراتيجي، وعدد مواطنين لا يتجاوز ثلاثة ملايين نسمة. كل هذه العوامل كافية من الناحية الاقتصادية، لأن تضمن لكل مواطن حياة كريمة، بلا ديون تثقل كاهله، وبلا بحث مرهق عن فرص العمل.

لكن الواقع الذي يعيشه المواطن العُماني مختلف تماماً. البطالة تتزايد عاماً بعد عام، الرواتب لا تكفي لتغطية أبسط احتياجات الحياة، كما إن الضرائب تتزايد، والديون أصبحت واقعاً يومياً للكثيرين.

هذا الوضع الاقتصادي الصعب ترافقه تحديات اجتماعية، أبرزها انتشار المخدرات والمؤثرات العقلية بين الشباب وحتى الكبار، ما يهدد النسيج الاجتماعي ويقوّض مستقبل الأجيال القادمة.

ورغم هذه التحديات، يظل المواطن العُماني متمسكاً بقيمه ومبادئه، مؤمناً أن التغيير ممكن إذا وُجدت إرادة حقيقية تتبنى إصلاحات شجاعة، تبدأ بتحسين الرواتب، وتوفير فرص عمل حقيقية، وتطوير الخدمات، وتخفيف الأعباء المعيشية؛ فالوطن الذي يحمي كرامة أبنائه ويوفر لهم أسباب الحياة الكريمة، هو الوطن الذي يظل عامراً بهم، قوياً بقدراتهم، وغنياً بعطائهم قبل أن يكون غنياً بثرواته.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السودان الذي يسكننا… وما يخسره العالم إن غاب

السودان الذي يسكننا… وما يخسره العالم إن غاب
بقلم: عبدالعزيز يعقوب – فلادلفيا
[email protected]
٩ اغسطس ٢٠٢٥
(١)
في إحدى الأمسيات البعيدة، قلت لأصدقاء من زملاء الدراسة ونحن نتداول الأفكار ونرسم خرائط السياسة والتاريخ: “تخيلوا… ماذا لو اختفى السودان من الخريطة السياسية؟ لا اسم، لا لون، لا خط حدود… فقط فراغ صامت.”
ابتلعنا الفكرة بصمت ثقيل، ليس لأنها مستحيلة، بل لأنها باتت ممكنة في عالمٍ لا يُحسن الإصغاء إلى من يتألم في صمت.
لكن حين أغلقت الخرائط وعدت إلى نفسي، أدركت الحقيقة؛ حتى لو غاب السودان عن الورق، فلن يغيب عن الذين أحبوه. لأن السودان لم يكن يومًا مجرد وطن نعيش فيه، بل وطن يسكننا.
ليس مجرد مساحة بين نهرين، بل ذاكرة طينية لازبة هي أصل الخلق. ليس علمًا يُرفع، بل حكاية تُروى من جيل إلى جيل.
ليس نشرة جوية عابرة، بل دفء شمس على ظهر قفة، ورائحة بنّ على نار هادئة. ليس دولة فقط… بل وجدان عميق يشبه الحنين الذي لا يُفسَّر.
(٢)
السودان الذي فينا لا تمحوه الحروب، ولا تفككه النزاعات، ولا تطفئه نيران الأطماع. هو صورة الجدة حين تروي عن سيف أبيها الذي قاتل “الفرنجة”، وعن الكرامات لدرويش في القرية.
هو صوت الكاشف ووردي والعطبراوي حين يغنون للمستقبل.
هو لهجة أم تدعو في الفجر لأولادها الغائبين، ودمعة مغترب تتسلل خفية حين يشاهد “توتي” وجروف النيل عند الشروق في صورة عابرة.
وإن كانت ثمة خريطة تُمحى وتزول، فهي خريطة العقل السياسي والنخب الفاشلة، لا خريطة القلب.
(٣)
لكن… ماذا عن العالم؟
ماذا يخسر العالم لو غاب السودان، أو نُفي من الذاكرة الجغرافية الكبرى؟
سيخسر أكثر مما يظن.
سيخسر سلة غذائية لم تُستثمر، ونيلًا عذبًا فراتًا كان يمكن أن يكون شريانًا للحياة لا ساحةً للخصام.
سيخسر مخزونًا نادرًا من الذهب، والنحاس، واليورانيوم، والمعادن النادرة التي تبني المستقبل.
وسيفقد معبرًا لا بديل له بين البحر الأحمر وعمق إفريقيا.
لكن الخسارة الأكبر ليست في الأرض… بل في الإنسان.
سيخسر العالم إنسانًا سودانيًا فريدًا، بطاقته التي تمشي بين البساطة والنباهة، بروحه التي تصبر وتغفر وتقاوم، بكرمه الذي لا يُنسى، وبأدبه الذي يجاور الكبرياء دون أن يعلو عليه.
سيخسر العالم ثقافةً لم تُكتشف،
وأغانٍ لم تُترجم،
وأشعارًا لم تُنشر،
وحكاياتٍ ما زالت تُروى في قرى لا تعرف الكهرباء، لكنها تعرف الله، واللوح، والدواية، والإنسان.
السودان هو النموذج الذي فشل العالم في أن يراه، وفشل أبناؤه في أن يُعرّفوا العالم به.
شعبٌ جريح لم يتحول إلى قاتل، ووطنٌ مُنهك لم يفقد الأمل، وصوتٌ خافت لو أُصغي إليه، لعلّم البشرية كيف يُبنى الحُلم وسط الركام والألم.
(٤)
أخيرًا… نحن الشعب السوداني نراهن على الأمل والإنسان لا الجغرافيا.
في خضمّ هذا الألم الذي يكاد يطغى على كل شيء، يبقى السودان ليس كمساحة متنازع عليها، بل كإمكان هائل لم يُفعّل بعد.
بلدٌ لم يعجزه الفقر، بل أعاقه سوء التدبير وسوء الفهم. وما يزال، رغم العثرات، يحتفظ بمخزون بشري فريد، وبثروات طبيعية قلّ نظيرها.
الرهان الحقيقي اليوم ليس على استقرار زائف تفرِضه معادلات الخارج، بل على نهضة داخلية قوامها الإنسان، لا سيما الشباب، أولئك الذين خبروا الألم فلم يتعلموا منه اليأس، بل الصبر والإبداع.
وعلى الأطفال الذين ينبغي ألا نُسلّمهم أمة ممزقة، بل فرصة ليكونوا صُنّاعًا للمستقبل وعالمًا جديدًا.
إن السودان – بمن فيه وما فيه – قادر أن يتحول من ضحية الأجندة والأطماع إلى محرّك للإنتاج الكثيف في الغذاء، والمعادن، والطاقات النظيفة، إذا ما أُعيد تصميم العقد الاجتماعي والسياسي على أساس العدالة، والكفاءة، والكرامة الإنسانية.
ولن يكون هذا ممكنًا دون إعادة الاعتبار للقيم التي شكّلت جوهر هذا البلد؛ المروءة، والكرم، والتسامح، والتعاضد، والتكافل، والحكمة العميقة من بسطائه.
العالم لا يخسر السودان لأنه فقير أو هش، بل لأنه لم يمنحه حقه في أن يكون كما يريد،
والسودان لا ينهار لأنه ضعيف، بل لأن أبنائه الأقوياء لم يؤمنوا بعد بقوّته ولم يتوافقوا ليعملوا معًا للسودان والسودانيين.
إن كان للسودان أن يُولد من جديد، فسيولد من قلب شعبه، من جذور أرضه، ومن الأمل والحلم الصامد في عيون شبابه.
(٥)
أيها العالم، إن خسارتكم للسودان ليست مجرد فقدان مساحة جغرافية على الخريطة، بل خسارة إنسان بكيانه وروحه. إنها فقدان ثقافة فريدة من نوعها، تراث متراكم عبر آلاف السنين، يحكي قصة الإنسان في أعماق إفريقيا، في تمازج بين البساطة والعبقرية، بين الصبر والإبداع.
إنكم تخسرون إنسانًا قادرًا على الصمود في وجه المحن، ومثالًا للكرم والتسامح رغم كل الألم. تخسرون ثروة طبيعية هائلة من معادن ثمينة ونهر خالد، طاقة كامنة كانت يمكن أن تشكل رافدًا للتنمية الإقليمية والدولية.
إن غياب السودان يعني غياب جسر يربط بين ضفتي إفريقيا، ويقطع الطريق على مستقبل مزدهر قائم على التعاون والتنمية. وخسارتكم للسودان تعني تخليكم عن فرصة عظيمة لصناعة السلام والنهضة في قلب القارة.
لا تدعوا السودان يختفي… فبغيابه، يختفي جزء لا يُعوّض من الإنسانية نفسها.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أوكيو للاستكشاف والإنتاج تسجل أرباحًا بـ317.4 مليون ريال عُماني
  • السودان الذي يسكننا… وما يخسره العالم إن غاب
  • شاهد..حالة “عمي موسى” المواطن الذي تعرض للسرقة و الضرب بعين فكرون
  • كريستيانو رونالدو يتصدر قائمة أعلى 10 لاعبين أجرًا في الدوري السعودي
  • 28.5 مليون ريال عُماني إجمالي قيمة أذون الخزانة الحكومية المخصصة لهذا الأسبوع
  • "رؤية 2040" وبوصلة إدارة الموارد
  • أنس الشريف .. صوت غزة الذي فضح جرائم الاحتلال
  • الزمالك بالنسبة لي هو الحياة.. جمال العدل: هناك دراسة لإنشاء فرع جديد للنادي بالتجمع
  • عدن تتحضر لاستضافة مؤتمري المانحين والاقتصادي بآمال تحسين المعيشة والاستقرار