لجريدة عمان:
2025-08-13@19:12:15 GMT

قمة ألاسكا.. فرصة نادرة لإنعاش النظام العالمي

تاريخ النشر: 13th, August 2025 GMT

قمة ألاسكا.. فرصة نادرة لإنعاش النظام العالمي

يلتقي في ألاسكا غدا قائدا دولتين تمثلان طرفي المعادلة الجيوسياسية الأخطر منذ نهاية الحرب الباردة: الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب، وروسيا بقيادة فلاديمير بوتين. اللقاء الذي تصفه الإدارة الأمريكية بأنه «جلسة استماع» أكثر منه مفاوضات نهائية، ينعقد في لحظة تتشابك فيها الحسابات الاستراتيجية، ويتضاءل فيها هامش المناورة أمام القوى الكبرى لتجنّب الانزلاق نحو مواجهة ممتدة.

ولا تنعقد قمة ألاسكا في وقع عادي أو في لحظة هدأت فيها الحرب أو أنها ذهبت نحو التطبيع، فقد صعّدت موسكو عملياتها الميدانية قبل أيام، في ما يشبه إعادة رسم لخطوط التفاوض بالنار، بينما واصلت كييف التعبير عن قلقها من استبعادها من المحادثات المباشرة. وتضغط أوروبا، التي تدفع ثمن الحرب اقتصاديا وأمنيا، لتكون حاضرة في صياغة أي تفاهم، لكنها لا تملك أدوات الحسم بين واشنطن وموسكو. هذا المشهد يجعل القمة اختبارا لقدرة النظام الدولي على إنتاج حلول سياسية قابلة للتنفيذ، في وقت فشل فيه هذا النظام عن وقف المجازر في غزة أو وقف هذه الحرب نفسها التي تسير في عامها الرابع.

ويمكن أن يقاس نجاح اللقاء بقدرة الطرفين على وضع أسس عملية لوقف التصعيد، والأولوية هنا واضحة: وقف إنساني لإطلاق النار، بمراقبة مشتركة، وفتح ممرات دائمة للإغاثة، وتفعيل اتفاق أمني خاص بمحطة زابوريجيا النووية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. هذه الخطوات تتجاوز بعدها الإنساني لتكون بمثابة اختبارات أولية لمدى استعداد موسكو وواشنطن لتحويل تفاهمات مبدئية إلى التزامات قابلة للتحقق.

لكن هناك تحديات جوهرية عميقة جدا تتمثل في أن روسيا تسعى إلى تثبيت مكاسبها الميدانية، والولايات المتحدة، رغم خطابها الداعم لكييف، تبدو راغبة في تقليص التزاماتها العسكرية طويلة المدى، وأمام هذا المشهد يتزايد القلق في كييف وفي العواصم الأوروبية من أن يتحول اللقاء إلى تثبيت للوضع الراهن بدل تغييره، أو إلى منصة تمنح الشرعية لمكاسب روسيا في أوكرانيا، ما يهدد مبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وهي إحدى ركائز القانون الدولي.

لكن الرهان الأكبر يتجاوز أوكرانيا نفسها، فإذا فشلت القمة، فإن الرسالة إلى القوى الطامحة إقليميا ستكون واضحة وهي أن استخدام القوة يمكن أن يثمر، والمفاوضات لا تأتي إلا بعد فرض الأمر الواقع. هذا النمط، إذا ترسخ، سيعيد صياغة سلوك الدول في مناطق أخرى، من بحر الصين الجنوبي إلى الشرق الأوسط، حيث تترقب أطراف عدة كيف ستتعامل واشنطن وموسكو مع معضلة بحجم الحرب الأوكرانية.

من منظور استراتيجي، فإن قمة ألاسكا تمثل نافذة نادرة لبدء عملية سياسية متعددة المسارات: أمنية لترتيب الانتشار على خطوط التماس، واقتصادية لتأمين الغذاء والطاقة للأسواق العالمية، وسياسية لوضع جدول زمني لمفاوضات الوضع النهائي، مع ضمانات دولية للطرفين. مثل هذا الإطار، إن وُضع بدقة، يمكن أن يحوّل الحرب من أزمة مفتوحة إلى ملف قابل للإدارة.

الفرصة إذن قائمة، لكنها مشروطة: إرادة سياسية تتجاوز منطق «الانتصار الكامل»، وإدراك أن الحرب في أوكرانيا لم تعد صراعا إقليميا محدودا، بل عقدة مركزية في معادلة الأمن العالمي. إذا استطاعت ألاسكا أن تُنتج مسارا، ولو أوليا، نحو التسوية، فستكون قد أعطت النظام الدولي جرعة تنعشه وتبث في أدواته بعضا من الحياة، أما إذا اكتفت القمة بالصور والبيانات الفضفاضة، فإنها ستضيف إلى سجل النظام الدولي فصلًا جديدًا من عجزه عن إنهاء الحروب التي تهدد الجميع.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

هل يعيد لقاء ترامب وبوتين المرتقب تشكيل النظام العالمي؟

أنقرة (زمان التركية) – رصدت تقرير لوكالة سبوتنيك الروسية آراء عدد من الخبراء بشأن اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الجمعة القادم.

وأفاد تيبيريو غراتسياني، رئيس معهد Vision & Global Trends للتحليل العالمي ومركزه إيطاليا، أن ترامب اختار ألاسكا للقاء بوتين استنادا على سببين، مشيرا إلى أن ترامب بهذا يؤكد على نيته لتعزيز دور البيت الأبيض كعنصر دبلوماسي أمريكي.

وأوضح غراتسياني أن السبب الآخر يرجع إلى أن المنطقة تعكس التاريخ والموقع المشترك مع كل من الولايات المتحدة وروسيا والتقارب بين ترامب وبوتين والمساقبة بين ترامب والاتحاد الأوروبي.

وذكر غراتسياني في تصريح لوكالة سبوتنيك أن القمة لا تركز فقط على أوكرانيا، بل في الوقت نفسه ستتناول خطة الميراث الأمني الذي سينهي مخاوف روسيا الوجودية بشان نوايا بروكسيل ولندن، وستعترف بمصالح أمريكيا في القارة الأوروبية.

وأكد غراتسياني أن ترامب وبوتين يعملان على إعادة تشكيل النظام العالمي، مشيرا إلى اختلاف أهداف كل من ترامب وبوتين وأن ترامب يرغب في حماية سيادة الولايات المتحدة في المنظومة الدولية متعددة الاقطاب الجديد في حين يهدف بوتين بتعريف النظام الدولي الجديد بإشراك الدول الجنوبية العالمية في عملية النقاش واتخاذ القرار.

على الصعيد الآخر، صرح نجوين مينه تام، المدير السابق لمركز المعلومات والتوثيق التابع لوزارة الأمن العام في فيتنام، أن ترامب يسعى لتحميل الناتو والاتحاد الأوروبي مسؤولية أوكرانيا، قائلا: “الولايات المتحدة ستحمل الناتو ودول الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص مسؤولية حل الأزمة عبر التفاوض مع روسيا. وسيلعب الأمريكان فقط دور داعم”.

وأفاد نجوين أن روسيا لن تقدم أية تنازلات فيما يتعلق بنزع السلاح النازي ومنح كييف وضع الحياد قائلا: “الهدف النهائي للعملية العسكرية الخاصة التي تشنها روسيا في أوكرانيا  ان يتغير مهما قدم الأمريكان لروسيا من أجل التفاوض”.

 

Tags: الاتحاد الأوروبيالحرب الروسية الأوكرانيةالناتوالنظام العالمي الجديددونالد ترامبفلاديمير بوتينلقاء ترامب وبوتين

مقالات مشابهة

  • الضرائب: النظام المبسط فرصة دائمة لدعم المنشآت الصغيرة وتحقيق الاستقرار الضريبي
  • الشيباني: سوريا تمر بوقت دقيق بعد سنوات الحرب التي أثرت على كل بيت في البلاد ولا يمكننا الحديث عن المستقبل دون الحديث عما جرى في عهد النظام البائد والدمار والمعاناة التي لحقت بملايين السوريين
  • قبل قمة ألاسكا.. زيلينسكي: أوكرانيا لن تتخلى عن دونباس
  • قبيل قمة ألاسكا.. مخاوف من صفقة بين ترامب وبوتين تُقوّض أوكرانيا
  • قمة أمريكية روسية مرتقبة في ألاسكا لبحث إنهاء حرب أوكرانيا
  • كيف سيبدو لقاء ألاسكا؟.. هذا ما سيحاول بوتين فرضه على أوكرانيا
  • "محادثات ألاسكا" بين تفاؤل ترامب ومخاوف أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين
  • هل يعيد لقاء ترامب وبوتين المرتقب تشكيل النظام العالمي؟
  • محادثات ألاسكا المرتقبة.. هل يعترف العالم بسيطرة روسيا على أجزاء من أوكرانيا؟