لجريدة عمان:
2025-08-13@20:45:29 GMT

المرجفون في الأرض

تاريخ النشر: 13th, August 2025 GMT

فـي عالم تتصارع فيه العقول، وتتسابق فيه الدول للوصول إلى الكمال، ويعج فيه الناس لفتح أبواب العلم والمعرفة، وتتعاون فيه الهيئات، والمنظمات العالمية لجعل حياة البشر أسهل، وأفضل، يبقى بعض العرب على حالهم، يبحثون عن نقاط الاختلاف، ويسارعون لزرع الفتن، ويعيدون كتابة التاريخ على هواهم، ويسعون في الأرض فسادا، ولا يعرفون فضل غيرهم، ولا يعترفون بخطئهم، حتى ابتليت الأمة بهم، وظهرت جماعات كثيرة في العالم الإسلامي همّها الوحيد كيف تخرج الناس من الجنة؟ وكيف تستحوذ وحدها دون غيرها برحمة الله؟ لا يهمها من أمر المسلمين أي شيء، ولا يوقفها عقل، ولا يردعها فكر، ولا رأي.

هؤلاء الذين يدّعون العلم يقومون ساعة الكوارث التي تهب على الأمة، ويقطعون عليها حبل تواصلها، ويفتّون عضد المجاهدين، ويرون من الكأس نصفها الفارغ، ولا يلتفتون إلى ما هو أبعد من أنوفهم، ويخلطون السياسي بالديني، والاجتماعي بالتاريخي، والصواب بالخطأ، لا يبحثون عن الحقيقة، قدر بحثهم عن نقاط الخلاف، ولا ينتصرون للحق، قدر انتصارهم لفكرتهم الرافضة لكل شيء يخالف اعتقادهم، ويجعلون من الدين مطية يركبونها للوصول إلى مبتغاهم، لا يحركهم في ذلك إلا إلهاء الناس بموضوعات بلهاء، ولفت نظرهم إلى ما يرون أنه وسيلة لتحقيق غاياتهم، ونيل أهدافهم.

وفي زمن وسائل التواصل الاجتماعي بات مثل هذا النوع من الناس أسرع انتشارا من النار في الهشيم، وأضحت أفكارهم خطرا يهدد عقول المجتمع، ويبتز عواطفهم، ويوجههم إلى الوجهة التي يريدون، دون أن يكترثوا لنتائج عبثهم الفكري، وفتاواهم التي كشفت عن جهل غريب بأمور الدنيا، والدين، وأصبحت أفكارا بائدة، عفا عليها الزمن، وتناولتها الأقلام، والأحلام، وماتت منذ زمن، وما أحياها إلا طالب فتنة، أو باحث عن شهرة، أو متطرف قليل فكر، عديم رأي، لا ينظر إلى مصلحة الأمة، بقدر نظرته القاصرة إلى أمور تافهة، زرعها في عقله، عفا عليها الدهر، وأكل عليها البشر، وأصبح الناس يبحثون عن أمور أكثر أهمية لحياتهم، وأعظم منفعة لمعاشهم، وأكبر من حجم تلك العقول الصغيرة، المتكلسة.

يظهر مثل هؤلاء القوم، في الوقت الخطأ، والزمان الخطأ، والمكان الخطأ، ففي وقت تصارع الأمة العربية من أجل وجودها، ويقاتل المرابطون في فلسطين من أجل شرف الأمة، وتتداعى الأمم فيه على العرب والمسلمين كتداعي الأكلة على قصعتها، يطل بعض المرجفين في الأرض ليقولوا كلمة باطلة، يثبطون بها عزائم المجاهدين، ويعينون عدوهم عليهم، ويتراخون عن نصرة الملهوف، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، لا يهمهم إلى أين تقودهم كلمتهم الضالة، ولا يعيرون للفتنة بالا، ولا يشغلون أنفسهم بما ينفع الناس، ولذلك ظهرت جماعات مثل «داعش» وغيرها، تبيح قتل المسلمين، وتستحل أعراضهم، وتسبيح حرماتهم، ولم يسلم منهم كبير، ولا صغير، ولا عالم ولا جاهل، ولا مسلم، ولا غير مسلم، فاختلطت الرؤية، وتشكّلت تلك الغوغاء الذين يهتدون بضلالة مثل هؤلاء المتباكين على الدين!!.

إن الاختلاف في الرأي، أو الفكر لا يعني التطاول على الطرف الآخر، ومناقشة الفكرة لا تعني مهاجمة صاحب الفكرة، بل أن هناك متسعا للحوار الفكري الذي يسعى للوصول إلى «الحقيقة»، وليس إلى التعصب للفكرة ذاتها، وفي مقولة الإمام الشافعي: «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب».. قاعدة فكرية عميقة للباحثين عن الحق، ولا شيء غير الحق، أما أولئك الباحثون عن التكفير، والفتنة، والتطرف، وتفرقة الأمة فهذا الزمن ليس زمانهم، والمكان ليس مكانهم، فليصمتوا فإن في الصمت حكمة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

منظمة الصحة تسعى لإدخال مزيد من الإمدادات إلى غزة قبل سيطرة إسرائيل عليها

منظمة الصحة تسعى لإدخال مزيد من الإمدادات إلى غزة قبل سيطرة إسرائيل عليها

مقالات مشابهة

  • المصباح ده قائدهم وأخوهم وكبيرهم ومربيهم
  • هيئة بلا صوت.. من قيود الأمن إلى نبض المخيمات
  • إلى وعد الآخرة أيها النتن
  • حبس وغرامة 2 مليون جنيه.. عقوبة الخطأ الطبي الجسيم وفق المسؤولية الطبية
  • هل حُذفت صورك عن طريق الخطأ على هاتف سامسونج؟ إليك كيفية استعادتها
  • هل السرطان مرض معدٍ؟
  • منظمة الصحة تسعى لإدخال مزيد من الإمدادات إلى غزة قبل سيطرة إسرائيل عليها
  • مباهاة
  • دُعاة الفتن..