بوابة الوفد:
2025-08-14@20:05:38 GMT

"ندبة الوطن"

تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT

من بين ثمار الإبداع المتناثرة هنا وهناك، تطفو على السطح قطوف دانية، تخلق بنضجها متعة تستحق التأمل، والثناء، بل تستحق أن نشير إليها بأطراف البنان قائلين: ها هنا يوجد إبداع..
هكذا تصبح "قطوف"، نافذة أكثر اتساعًا على إبداعات الشباب في مختلف ضروبها؛ قصة، شعر، خواطر، ترجمات، وغيرها، آملين أن نضع عبرها هذا الإبداع بين أيدي القراء، علّه يحصل على بعض حقه في الظهور والتحقق.


"سمية عبدالمنعم"

 


النهار يجرُّ أذياله، يشيّع كاتبًا من الضوء، إيذانًا بأن القلم الذي اعتاد أن يشقَّ الظلام قد وضع آخر نقطة له
صنع الله إبراهيم

رحيلك؛ هزّ أوصال اللغة، وترك فجوة في مكتبة الوطن!
تيتم الورق، وتعثر الحرف في البحث عن يدكَ التي رتّبته على السطر كما يرتّب الملاح خرائط البحر.

باب الغياب انفتح كأرشيف قديم، دخلتَ تحمل دفاترك المصفّرة ووجوه أبطالك الذين لم يجدوا مكانًا في نشرات الأخبار، مررت على المدينة التي رافقتك نصف قرن بخطوات هادئة، الأرصفة مالت نحوك، تمسك بطرف معطفك الأخير، تستبقيك للحظة قبل أن يغلق الليل أبوابه.

القاهرة تمشي حافية في شوارعها، تقتفي ظلّك بين أكوام الجرائد القديمة، وتسأل مقاعد المقاهي عن رجل غرس فوقها رائحة الحبر واليقظة، المكتبة المهجورة احتضنت رفوف أعمالك، تطفئ المصابيح وتودّع الأصدقاء، حتى بقي الضوء فوق كتاب واحد - "حياتك" - كتاب لا يقرأه إلا من عرف أن الحقيقة لا تُشترى، والكلمة سلاح ومنفى في آن.

أيها العابر بين الحروف، كنتَ سفينة ورق تمخر بحر الحقيقة بلا بوصلة، ونهرًا يحمل الممحوين إلى بحر الحرية.
أيها المسافر إلى رفوف الغياب، حيث لا قمع ولا حراس، تحمل حقيبة الوثائق وأسماء حيّة من الهامش إلى المتن، وتترك الباب مواربًا لنطلّ منه على عالم بلا خوف.

نم الآن في سطر لا يبلغه الزمن، دع لنا الهامش لنكمل وصيتك :
أن تبقى الكلمة أكبر من الطغيان، أعمق من الغياب، وأمضى من رصاص الصمت، سنحمل حبرك كراية في العواصف، إذا سألتنا الأجيال عنك، أشرنا إلى الفراغ الذي خلّفته وقلنا :
هنا؛ كان يقف رجل بحجم الحقيقة، يكتب حتى آخر نبض فيه، ليحرس ذاكرة وطنه من المحو، ويعلّم اللغة كيف تمشي منتصبة الرأس، ويخلّد في قلب كل قارئ جرحًا مضيئًا، كلما حاول أن يندمل، ازداد وهجًا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: خرائط البحر

إقرأ أيضاً:

اغتيال صحفيي الجزيرة.. هل تنجح إسرائيل في إسكات الحقيقة؟

لم يكن استهداف مراسلي الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع وزملائهما مجرد امتداد لسلسلة طويلة من الانتهاكات بحق الصحفيين، بل خطوة محسوبة في إطار إستراتيجية أوسع -حسب محللين- تهدف إلى إسكات الكاميرات التي وثّقت المأساة في قطاع غزة، وتهيئة المشهد لمجازر بلا شهود.

ويأتي الاغتيال الذي استهدف خيمة إعلامية أمام مستشفى الشفاء الطبي في سياق أرقام صادمة كشفها مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح، إذ بلغ عدد الصحفيين الذين قُتلوا منذ بدء الحرب 238، وهو رقم غير مسبوق حتى في الحروب العالمية التي امتدت لسنوات.

ولم يكن هذا الرقم، حسب حديث الدحدوح لبرنامج "مسار الأحداث"، حصيلة قصف عشوائي، بل يعكس سياسة ممنهجة لإبادة الصوت الصحفي الفلسطيني، بما يحمله من قدرة على فضح جرائم الاحتلال وكسر الحصار الإعلامي المفروض على القطاع.

غير أن صدى هذه الجرائم في الساحة الدولية، كما يصفه الدحدوح، ما زال أدنى بكثير من مستوى الحدث.

فبينما شهد العالم تضامنا واسعا في قضايا أقل حجما من "شارلي إيبدو" في باريس إلى استهداف صحفيين في أوكرانيا، اكتفى جزء كبير من المؤسسات الإعلامية والاتحادات الدولية ببيانات وتصريحات خجولة، في حين التزم كثيرون الصمت أو مالوا إلى تبني رواية الاحتلال.

هذا الصمت، كما يضيف الدحدوح، كان أشد وطأة على الصحفيين في قطاع غزة من وقع القصف نفسه، لأنه يبدد إحساسهم بأنهم جزء من جسد مهني واحد عابر للحدود.

اغتيال

أما على الساحة الأوروبية، فيرى الأمين العام لاتحاد الصحفيين الأوروبيين ريكاردو غوتيريش أن ما جرى ليس مجرد استهداف لمراسلين، بل "عملية اغتيال" اتخذ قرارها على أعلى المستويات السياسية والعسكرية في إسرائيل.

ويؤكد أن غالبية الصحفيين الأوروبيين لا يصدقون مزاعم الاحتلال حول صلة الضحايا بحركة حماس، لكن بعض وسائل الإعلام الغربية لا تزال تكرر هذه الدعاية عن وعي أو جهل، مما يستدعي مواجهة قانونية وسياسية.

إعلان

غوتيريش أشار إلى أن هناك تحولا ملموسا في المزاج الشعبي الأوروبي، حيث باتت الأعلام الفلسطينية مشهدا مألوفا في المظاهرات والمهرجانات، وازدادت الضغوط على الحكومات لاتخاذ إجراءات ملموسة مثل وقف صادرات السلاح وتعليق الاتفاقيات التجارية مع تل أبيب.

لكنه شدد على أن الإدانة اللفظية لم تعد كافية، وأن اللحظة تستدعي خطوات عملية توقف الإفلات من العقاب وتضع حدودا لسياسة القتل الممنهج ضد الصحفيين والمدنيين في غزة والضفة الغربية.

هذا القلق من التحول الدولي ينعكس مباشرة في الحسابات الإسرائيلية، كما يوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى، الذي يرى أن الإعلام العالمي بدأ يتبنى "الحقائق على الأرض" بدلا من الرواية الرسمية لتل أبيب.

أزمة غير مسبوقة

ويضيف أن إسرائيل تواجه اليوم أزمة غير مسبوقة في صورتها الخارجية، إذ بدت أدوات دعايتها باهتة وعاجزة أمام الشاشات الدولية، في وقت يتحدث فيه أنصار القضية الفلسطينية، من فلسطينيين وأجانب، بلسان قوي يوظف خطاب العدالة والإنسانية ويكسب تعاطف النخب والطلاب والمجتمع المدني في الغرب.

ويربط مصطفى هذا التراجع في النفوذ الدعائي بمحاولة الاحتلال إسكات الصحفيين الميدانيين الذين يشكلون مصدرا مباشرا للمعلومات والصور التي تتحدى السردية الإسرائيلية.

ومن هذا المنظور، فإن اغتيال كوادر مهنية ومرموقة مثل أنس الشريف هو استثمار في "الفراغ الإعلامي" الذي تحتاجه إسرائيل لتنفيذ سياساتها على الأرض دون رصد فوري من كاميرات مستقلة.

ويتجاوز المشهد حدود القتل الفردي إلى إستراتيجية متكاملة تقوم على إفراغ الميدان من الشهود، وفتح الطريق أمام عمليات عسكرية قد تشمل اجتياحات أو توسعا في سياسات التهجير والتجويع، بعيدا عن أعين العالم.

لكن، ورغم فداحة الثمن، يؤكد الدحدوح أن روح الفداء لدى الجيل الجديد من الصحفيين الفلسطينيين ما زالت متقدة، وأن الإرادة التي دفعتهم إلى العمل تحت القصف والحصار لن تُطفأ بسهولة حتى لو دفعوا حياتهم ثمنا لنقل الحقيقة.

هذا النمط من التصعيد الإعلامي الميداني يتقاطع -وفق محللين- مع ما ترسمه إسرائيل لمرحلة "اليوم التالي" للحرب، فإسكات الشهود المستقلين يتيح لها إعادة صياغة المشهد وفق روايتها، وتبرير أي ترتيبات سياسية أو أمنية جديدة في غزة، سواء تمثلت في مناطق عازلة أو فرض وقائع ديمغرافية جديدة.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل والحرب على الحقيقة.. إبادة ممنهجة للصحفيين في غزة
  • لن يطمسوا صوت الحقيقة
  • شقيق أنس الشريف: كان صوت المظلومين وعدسة الحقيقة (شاهد)
  • إلى وعد الآخرة أيها النتن
  • نجوى كرم: لما بقابل جمهور قرطاج بحس إني متفردة.. و«ميهمنيش الـ 9 سنين الغياب» |فيديو
  • اغتيال الصحفيين في غزة لا يعني اغتيال الحقيقة
  • الحقيقة الجلية امامنا أن المصباح ما زال رهن الإحتجاز (حتي الآن)
  • اغتيال صحفيي الجزيرة.. هل تنجح إسرائيل في إسكات الحقيقة؟
  • الفرح: قتل الصحفيين في غزة محاولة لطمس الحقيقة وإخفاء الجرائم