غايات الصهيونية في تفكيك الدول
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
اليوم نحن نعيش واقعا جديدا شئنا أم أبينا، فالحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا تسير وفق أهوائنا وطموحاتنا ولكنها اليوم تصنع عكس مجرى التاريخ وقانونه، الإنسان المعاصر امتلك من العلوم والمعارف ما لم يمتلكه الإنسان القديم الذي كان يدير شأنه العام بما يتوفر له من معارف وكانت الأخلاق هي المعيار العام في ذلك، أما اليوم فكل شيء في حياتنا أصبح مصنوعا، فالمعرفة هي من تدير الشأن العام .
ما يحدث في وطننا العربي منذ عام 2007م إلى اليوم لم يكن حركة اجتماعية رافضة للواقع وباحثة عن الأفضل بقدر ما كانت حركة مصنوعة تهدف لبلوغ غايات وأهداف بدليل أن الواقع تراجع إلى الخلف، ونتائج الواقع نتائج غير مرضية، إذ لم يشهد الواقع تطورا ملحوظا في الحياة ولا في المفاهيم، ولكننا شهدنا تفكيكا لمفهوم الدولة ولمفهوم الوطن، وقد كانت الغاية من كل حركة الاضطرابات التي شهدتها الدول المستهدفة مثل سوريا، والعراق، وليبيا، والسودان، هي فصل فكرة الدولة – ككيان سياسي جامع وناظم من خلال مصفوفة التشريعات والقوانين والدساتير ومن خلال المؤسسات الدستورية التي تشكل بعدا نفسيا مستقرا ومطمئنا للجماعات والكيانات والأحزاب والنخب – عن البعد الاجتماعي، حيث يعتبر البعد الاجتماعي ركنا أساسيا من أركان الدولة، وحين ينهار هذا البعد تنهار الدولة، فالعلاقة هنا علاقة تلازم واحتياج، وضرورة، فالمجتمع متعدد، وكل كيان فيه يشعر بالخوف من غيره من الكيانات التي تماثله، وحين تضطرب حركة الواقع تحتمي الكيانات بالجغرافيا وبالتاريخ وبالتجانس الثقافي، وبذلك تتجزأ الهوية الكلية الجامعة، وتصبح هويات متنازعة ومتناحرة ومتصارعة – يمكن قراءة ما يحدث في سوريا بين نظام الشرع والدروز كمثال – وعند هذه النقطة تبدأ فكرة الوطن بالتلاشي ليضيق المفهوم العام للوطن ليصبح عدما، ينعكس هذا على الوجدان العام فيجد جيل الشباب نفسه ضائعا وباحثا عن نفسه في الهجرة كملاذ وحيد للشعور بالوجود، وهذا أمر ندركه ونقرأ تفاصيله في الدول التي أصابتها موجة الربيع العربي، وقد ترك ذلك أثرا مباشرا وغير مباشر على قضايا الأمة المصيرية مثل قضية فلسطين، وموقفا غير موحد مما يحدث في غزة، بعكس العقود الخوالي حين كانت الدولة حاضرة، والمجتمع موحدا تحت رايتها وعلمها .
بقراءة قصيرة تحليلية مثلا للتعليقات التي تصاحب بعض منشورات السياسيين نجد كل معلق مثلا لا يبحث إلا عن مصالحه كفرد ضاربا عرض الحائط كل التفاصيل المهمة في القضية، أو الفكرة، أو في الموقف، فالفرد في مثل هذه الحالة يبحث عن مصلحته فقط، وهو يعبر بكل وضوح عن عدم قدرته على التضحية من أجل الأمة والوطن، وتلك نتيجة طبيعية لاختلال العلاقة بين المجتمع والدولة، وهي ثغرة إذا لم نقرأ رسائلها بدقة وتمعن نجد أنفسنا خارج سرب الحياة، وبالتالي يجد العدو نفسه قد حقق هدفه من تفكيك مفهوم الدولة، ومفهوم الوطن حتى يصبح العرب أمة غير منتظمة تشكل خطرا على الحضارة الإنسانية المعاصرة ولا بد من عودة احتلالهم، هذا الهدف معلن وليس جديدا، وهو يقول : ” سنصنع لهم إسلاما يناسبنا، ثم نجعلهم يقومون بالثورات، فيتم انقسامهم على بعض لنعرات تعصبية ومن بعدها قادمون للزحف وسننتصر”. (رئيس وكالة المخابرات الأمريكية) .
ويقول برنارد لويس في مقابلة : ” إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون لا يمكن تحضيرهم، وإذا تُركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات، ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفى حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربتين البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة لتجنب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان.
إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعى لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك «إما أن نضعهم تحت سيادتنا أو ندعهم ليدمروا حضارتنا»، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقوم أمريكا بالضغط على قيادتهم- دون مجاملة ولا لين ولا هوادة- ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها.” المصدر (وكالة الإعلام مع «لويس»، في 20- 5- 2005،) .- وبرنارد لويس لمن لا يعرفه هو فيلسوف يهودي أمريكي، وهو صاحب نظرية الفوضى الخلاقة وصاحب خطة تقسيم الشرق الأوسط وكان أحد دعاة الحرب على العراق وأحد المؤثرين في السياسة الأمريكية) .
وخلال سالف الأيام أعلن نتنياهو رئيس وزراء الكيان الغاصب أنه يحمل رسالة تاريخية وروحانية وأنه ماض في تحقيق الحلم الذي تتوارثه الأجيال في تحقيق دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات وكشف عن أبعادها في خريطة معدة وقد سبق لي تناول هذه الفكرة في أكثر من مقال وبيانها بشكل كامل قبل أشهر ومن قبل سنوات أيضا.
وإعلان نتنياهو جاء في مرحلة وصل العرب أو أكثر العرب إلى مرحلة اللادولة، ويبدو أنه كان مطمئنا جدا لبلوغ الغاية التي بدأت مقدماتها منذ وقت مبكر، وهو اليوم يجني نتائجها ويعلن دون خوف من أحد، فالدول التي كان يتوقع الخطر منها تلاشت وتنازعت واضطربت وسوف يسهل عليه ابتلاع الدول المتبقية لأنه يتأبطها اليوم من خلال التماهي مع مشروعه .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
رئيس الوطنية للانتخابات يشكر عضو قضايا الدولة التي أصيبت بجرح في القرنية خلال عملها بانتخابات مجلس الشيوخ
توجه القاضي حازم بدوي رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، ونائب رئيس محكمة النقض اليوم الثلاثاء، خلال اعلان النتيجة الرسمية للجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ 2025، بالشكر للمستشارة ميادة السعيد السيد قريش من هيئة قضايا الدولة والمشرفة على لجنة 340 قسم ثاني المحلة الكبرى والتي أصيبت بجرح في عينيها ما أحدث جرح في القرنية أثناء عملها لاستقبال الناخبين للتصويت في انتخابات مجلس الشيوخ والتي أدلى فيها ما يقرب من 11 مليونا و650 ألف ناخب بأصواتهم، بنسبة مشاركة بلغت 17.1%.
أعلن أن عدد المواطنين المقيدين بقاعدة بيانات الناخبين، والتي وصلت نحو 69 مليونا و333 ألفا و138 ناخبًا.
أكد المستشار حازم بدوي رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات أن عدد الذين الأصوات الصحيحة التي قامت بالتصويت في انتخابات مجلس الشيوخ 11 مليون و321 ألف و70 صوتا من إجمالي الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم وعددهم 11 مليون و837 ألف ناخب في انتخابات مجلس الشيوخ خلال حديثة بمؤتمر الهية الوطنية لإعلان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ.
وقال القاضي أحمد بنداري مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، إن إعلان نتائج انتخابات مجلس الشيوخ لعام 2025، تأتي في لحظة وطنية بالغة الأهمية، والتي تمت وسط أجواء من الانضباط والشفافية، وفي مناخ آمن مكن المواطنين من ممارسة حقهم الدستوري بكل حرية ومسؤولية.
وأكد على أن ما تحقق في الانتخابات هو نتاج عمل مؤسسي منظم، وخبرة تراكمية اكتسبتها الهيئة الوطنية للانتخابات في إدارة الاستحقاقات الدستورية، وفق أعلى درجات الشفافية والحيادية، والانضباط القانوني ومواكبة التطور التقني، حتى أصبحت الهيئة نموذجا يُحتذى به في التنظيم المحكم، الإدارة الرشيدة، حسن الإشراف.
وأوضح القاضي أحمد بنداري، أن أهمية هذا الإنجاز تزداد إذا وضعناه في سياقه الإقليمي، إذ جرت هذه العملية الديمقراطية في منطقة تفتقر في كثير من أجزائها إلى الاستقرار والأمن، وهو ما يعزز من رصيد الدولة المصرية، ويؤكد قدرتها على ترسيخ مؤسساتها الوطنية ويثبت احترامها لحقوق مواطنيها، والتزامها بمسارها الدستوري أمام ذاتها وأمام شعبها، بل وأمام العالم أيضاً، مشيرا إلى ان ما نشهده اليوم ليس مجرد ختام لعملية انتخابية، بل هو تتويج لمسيرة عمل وطني جاد، شاركت فيه مؤسسات الدولة، واحتضنه وجدان هذا الشعب العظيم، إيمانًا بأهمية ترسيخ دعائم الديمقراطية، وتعزيزاً لمسار المشاركة السياسية، وترجمة حقيقية لإرادة الناخبين.
ووجه مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات الشكر لكل من القوات المسلحة المصرية الممثلة فى وزارة الدفاع، على ما قدمته من دعم لوجستي وأمني رفيع المستوى، كما ثمن الجهود الكبيرة التي قامت بها وزارة الداخلية بمسؤولياتها في تأمين اللجان والمقار الانتخابية بكل كفاءة واقتدار، وأيضاً وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج لما قدموه من جهد وعمل يليق بمصر والمصريين.