الجزيرة:
2025-08-14@07:29:21 GMT

ما المتوقع من لقاء ترامب وبوتين في ألاسكا؟

تاريخ النشر: 14th, August 2025 GMT

ما المتوقع من لقاء ترامب وبوتين في ألاسكا؟

موسكو- تتجه أنظار العالم غدا الجمعة إلى حدث دبلوماسي يوصف في الأوساط السياسية الروسية بأنه الأكثر أهمية منذ سنوات على خط الأزمة المشتعلة بين موسكو وكييف، إذ يستعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب لعقد محادثات ثنائية مباشرة في ولاية ألاسكا الأميركية يوم الجمعة المقبل.

هذا التطور جاء بعد أن أكد يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي ما كان ترامب قد أعلنه قبل أيام عن القمة المرتقبة، مشيرا إلى أن أجندة المباحثات ستركز بشكل أساسي على بحث جميع الخيارات المطروحة للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة وطويلة الأمد للحرب الروسية الأوكرانية تنهي حالة النزاع المسلح وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة، وربما إعادة صياغة التوازنات في أوروبا الشرقية.

وبخلاف التقارير الإعلامية السابقة التي رجحت انعقاد اللقاء في إحدى العواصم الأوروبية المحايدة تم الاتفاق على أن يكون في ولاية ألاسكا، الإقليم الذي كان خاضعا للسيادة الروسية حتى بيعه للولايات المتحدة عام 1867.

وتاريخيا، لم تشهد ألاسكا سوى حدث دبلوماسي رفيع واحد خلال العقود الماضية، وهو اللقاء الأميركي الصيني الرفيع في مارس/آذار 2021 في عهد الرئيس السابق جو بايدن، مما يمنح القمة المرتقبة رمزية خاصة من الناحيتين السياسية والتاريخية.

زيارة استثنائية

وإذا تم اللقاء كما هو مخطط له فستكون هذه أول زيارة للرئيس بوتين إلى الأراضي الأميركية منذ عام 2007، باستثناء زياراته للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ويأتي هذا التطور بعد زيارة ستيف ويتكوف المبعوث الخاص لترامب إلى موسكو في الأيام الماضية، حيث حمل رسالة مباشرة من ترامب للرئيس الروسي.

واللافت أن خطاب ترامب تجاه الكرملين شهد تحولا ملحوظا في الآونة الأخيرة، إذ وصف عمليات القصف الروسي للمدن الأوكرانية بأنها "مقززة وغير مبررة"، مما فهم على أنه ضغط علني على موسكو للقبول بخطوط تسوية جديدة.

إعلان

وكان ويتكوف قد ألمح إلى إمكانية عقد اجتماع ثلاثي يضم بوتين وترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لكن الرد الروسي جاء متحفظا، مما يعكس تفضيل الكرملين التركيز على قمة ثنائية مع واشنطن أولا قبل إشراك الأطراف الأخرى.

معرض بالهواء الطلق في كييف للمسيّرات الروسية التي دمرها الجيش الأوكراني (الأوروبية)ملامح اتفاق غير معلن

بدوره، يرى الخبير في النزاعات الدولية فيودور كوزمين في حديث للجزيرة نت أن مجرد الإعلان عن القمة مؤشر على أن الطرفين توصلا مبدئيا إلى تفاهمات أساسية، أو على الأقل وضع خطوط عريضة لاتفاق محتمل.

ويضيف كوزمين أن عدم فرض عقوبات جديدة على موسكو عقب زيارة ويتكوف والاكتفاء بالإعلان عن لقاء القمة يعكسان رغبة واشنطن في اختبار إمكانية التوصل إلى صفقة سياسية، ربما تتضمن تجميد خطوط القتال الحالية، وقبول أوكرانيا بالتنازل عن بعض أراضيها، مع التراجع عن مطلب الانضمام إلى حلف الناتو، مقابل رفع تدريجي للعقوبات المفروضة على روسيا.

ويتوقع كوزمين أن تسيطر موسكو بشكل كامل على مناطق خيرسون وزاباروجيا وجمهورية دونيتسك الشعبية، في حين تحتفظ كييف بمناطق سومي وخاركيف ودنيبروبيتروفسك، مع ضرورة حسم مسألة الاعتراف بشرعية زيلينسكي كقائد قادر على ضمان تنفيذ أي اتفاقات يتم التوصل إليها.

كما يلفت إلى أن اختيار ألاسكا مكانا للقمة يحمل بعدا رمزيا عميقا، فهي أرض كانت روسية حتى النصف الثاني من القرن الـ19، وشكلت خلال الحرب العالمية الثانية جسرا جويا بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، حيث تم تزويد موسكو بالطائرات الحربية عبرها.

قضايا تمتد لما وراء أوكرانيا

من جانبه، يرى مدير مركز التنبؤات السياسية دينيس كوركودينوف أن القمة المرتقبة لن تكون محصورة في بحث الملف الأوكراني فحسب، بل ستتطرق إلى ملفات إستراتيجية أخرى، مثل الوضع في الشرق الأوسط، ومستقبل الأزمة السورية، والتوترات مع إيران، وقضية منع انتشار الأسلحة النووية، إلى جانب التعاون في مجال الفضاء.

ويشير كوركودينوف في حديث للجزيرة نت إلى أن أي وقف لإطلاق النار سيكون مجرد خطوة أولى نحو سلام شامل، لكنه لن يكون كافيا لحل جذور النزاع ما لم ترافقه معالجة مسائل أوسع، مثل توسع الناتو شرقا والسياسات العدائية الأوروبية تجاه روسيا.

كما يعتقد أن استبعاد زيلينسكي من القمة قد يثير قلقا واسعا في كييف وعواصم أوروبية خشية إبرام صفقة على حساب المصالح الأوكرانية.

ويضيف أن اختيار ألاسكا أيضا له مزايا لوجستية واضحة، إذ لن تحتاج روسيا لعبور أجواء دول أوروبية فرضت قيودا صارمة على رحلاتها منذ فبراير/شباط 2022، فضلا عن أن المكان يرسل رسالة ضمنية بعدم إشراك الحلفاء الأوروبيين مباشرة في المفاوضات الكبرى بين موسكو وواشنطن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

قمة ألاسكا بين بوتين وترامب… هل تضع «الحرب الأوكرانية» على طريق النهاية أم تفتح جولة جديدة من الصراع؟

بين أوراسيا والشرق الأوسط… هل تمتد صفقات الكبار لتشمل وقف الحرب على غزة؟

في عالم يزداد اضطرابًا، تلتقي الملفات الساخنة على طاولة واحدة، من ميادين أوكرانيا المشتعلة إلى شوارع غزة المدمرة. يوم الجمعة القادم، تتجه أنظار العواصم إلى ألاسكا، حيث سيجلس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجهًا لوجه، في لقاء يصفه البعض بالتاريخي، ويراه آخرون مجرّد عرض سياسي يخدم صور الحملات الانتخابية أكثر مما يخدم فرص السلام. وبين التفاؤل الحذر والتشاؤم الواقعي، يظل السؤال: هل يمكن أن تغير هذه القمة مسار الأحداث؟

منذ بداية ولايته الثانية، ظل ترامب يبحث عن فرصة لجمعه ببوتين، غير أن الظروف السياسية والأمنية أبقت هذه الفكرة مؤجلة. ومع تصاعد الحرب الأوكرانية واقترابها من دخول عامها الرابع، لجأ ترامب إلى لغة الإنذارات، مانحًا موسكو مهلة أولى من خمسين يومًا لوقف الحرب، قبل أن يخفضها فجأة إلى اثني عشر يومًا، في خطوة فسرها البعض بأنها ضغط متعمد لإجبار الروس على قبول لقاء مباشر.

لكن ما بين الطموح الأمريكي والحسابات الروسية، تتبدى الحقائق القاسية. ترامب رجل الصفقات الذي يسعى دائمًا لاقتناص أكبر قدر من المكاسب مقابل أقل قدر من التنازلات، ولن يقبل بأي اتفاق إلا إذا خرج منه بمشهد يستطيع تقديمه للداخل الأمريكي على أنه انتصار. في المقابل، يدرك بوتين أن أي تنازل عن شروطه في أوكرانيا يعني اهتزاز موقع روسيا الاستراتيجي وفتح الباب أمام تراجع نفوذها، وهو سيناريو لا يمكن القبول به في الكرملين.

الخيار الآخر أمام ترامب هو محاولة فصل روسيا عن الصين، وهو هدف استراتيجي للإدارة الأمريكية الحالية، لكنها مهمة شبه مستحيلة، فالعلاقة بين موسكو وبكين باتت اليوم تحالفًا وجوديًا يواجه العقوبات والحصار الغربي معًا، وأي تراجع فيه سيكون بمثابة خسارة للطرفين في آن واحد.

الملف الأوروبي يمثل بدوره عقدة لا تقل أهمية، فمهما تباينت المواقف بين واشنطن والعواصم الأوروبية، تبقى الهيمنة الأمريكية على القارة العجوز عنصرًا جوهريًا في إحكام السيطرة على أوراسيا. التخلي عن الأوروبيين أو تقليص المظلة الأمنية لحلف شمال الأطلسي قد يدفعهم لتطوير قوة عسكرية مستقلة، وهو ما قد يهدد النفوذ الأمريكي على المدى الطويل. ولهذا، فإن أي صفقة مع روسيا لن تمر دون مراعاة لحسابات الحلفاء الأوروبيين وحفظ ماء وجههم.

وعليه، يبدو أن قمة ألاسكا قد تنتهي دون اختراق حاسم في أوكرانيا، لكنها ستمنح بوتين مكسبًا سياسيًا يتمثل في كسر جزئي لعزلة بلاده وتوجيه ضربة رمزية لمذكرة الاعتقال الدولية بحقه، فيما يحصل ترامب على المشهد الذي يبحث عنه («صورة مع خصم استراتيجي» يبرهن بها على أنه «رجل الفرص القادر» على الحديث مع الأعداء قبل الأصدقاء).

ويبقى التساؤل الإقليمي حاضرًا: هل تمتد صفقات الكبار من أوراسيا إلى الشرق الأوسط، فيشهد الجمعة القادمة بادرة لوقف الحرب على غزة، أم أن الصراع هناك سيظل خارج حسابات هذه الطاولة، بانتظار تسوية أخرى قد لا تأتي قريبًا؟

في النهاية، تعكس قمة ألاسكا طبيعة الصراع الجيوسياسي المعاصر، حيث تتقاطع خطوط النار من شرق أوروبا إلى شرق المتوسط، وتتشابك رهانات القوى الكبرى مع حسابات الداخل، في سباق مفتوح على إعادة رسم خرائط النفوذ لما بعد أوكرانيا.. .!!

(كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية.. !!)

اقرأ أيضاًقمة ألاسكا: ترامب وبوتين وجهاً لوجه لبحث إنهاء حرب أوكرانيا

ترامب ينفذ تهديده.. تفاصيل تغيير اسم خليج المكسيك رسميا

مقالات مشابهة

  • قمة ألاسكا بين بوتين وترامب… هل تضع «الحرب الأوكرانية» على طريق النهاية أم تفتح جولة جديدة من الصراع؟
  • النفط يستعيد قوته قبل اجتماع ترامب وبوتين بشأن التسوية الأوكرانية
  • موسكو تقلل من أهمية التحركات الأوروبية.. زيلينسكي في برلين لبحث القمة الأمريكية – الروسية
  • واشنطن تلوح بعقوبات على موسكو: الأمر مرهون بلقاء ترامب وبوتين
  • الخارجية الروسية تكشف ملامح لقاء بوتين وترامب المرتقب
  • الخارجية الروسية: قمة بوتين وترامب ستتناول القضايا الدولية وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية
  • وزيرا الخارجية الروسي والأمريكي يبحثان الاستعدادات لاجتماع ترامب وبوتين
  • البيت الأبيض: لقاء ترامب وبوتين سيعقد في مدينة "أنكوريج" بولاية ألاسكا
  • وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يتباحثون حول الملف الأوكراني قبل لقاء ترامب وبوتين