كتب ـ يوسف بن سالم الحبسي - 

جمع البنك المركزي العماني بين دوره الرقابي على القطاع المصرفي وبين حماية الاقتصاد والمجتمع في الظروف غير الاعتيادية؛ إذ شهدت الفترة «2018 ـ 2025» تنفيذ 4 مراحل تضمنت تدابير تحفيزية وعلاجية شملت تأجيل سداد القروض للمخفّضة رواتبهم عام 2018؛ نتيجة انخفاض أسعار النفط، فيما جاءت المرحلة الثانية خلال جائحة كوفيد-19 ، في فبراير 2020 بتأجيل سداد الأقساط مع وقف احتساب الفوائد أو الأرباح وأية رسوم إدارية إضافية.

كما أصدر البنك في مارس 2020 حزمة من الإجراءات التحفيزية؛ لمعالجة التداعيات الاقتصادية للجائحة بتأجيل سداد أقساط القروض، والفوائد والأرباح لمدة ستة أشهر للقطاعات المتضررة، مع إمكانية التمديد، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة المتأثرة بالجائحة؛ للحفاظ على استمرارية أعمالها. وفي المرحلة الثالثة خلال عام 2021 أصدر البنك المركزي تعميمًا يوسّع نطاق الحماية ليشمل المواطنين الذين أنهيت خدماتهم منذ يناير 2018؛ إذ شملت الإجراءات وقف احتساب الفوائد والأرباح، وعدم فرض رسوم إضافية مع ضمان عدم التأثير سلبًا على التصنيف الائتماني للمقترض، أو ملاحقته قانونيًا. بينما قام في المرحلة الرابعة بالتمديد السنوي لذات البرنامج للفترة (2022 - 2025)، وأدخل تعديلات إضافية لتشمل إعادة جدولة القروض بما يتناسب مع الرواتب الجديدة؛ بهدف تشجيع المواطنين على قبول وظائف برواتب أقل من وظائفهم السابقة.

وقالت هاجر بنت قمبر بن عوض العجمية تنفيذية تطوير قطاع مصرفي في البنك المركزي العماني لـ«عمان»: في أوقات الاضطراب الاقتصادي حين تتراجع المؤشرات، ويزداد الضغط على أسواق العمل، وتضطرب حركة النشاط التجاري تتجه الأنظار إلى المؤسسات الوطنية القادرة على اتخاذ قرارات مصيرية تحفظ استقرار المجتمع، وتحد من تداعيات الأزمات. وفي سلطنة عمان برز البنك المركزي العُماني كأحد أهم هذه المؤسسات جامعًا بين دوره الرقابي التقليدي على القطاع المصرفي، وبين دوره الاستثنائي في حماية الاقتصاد والمجتمع في ظروف غير اعتيادية.

تدخُّل سريع وفعال

وأوضحت أن الطريق لم يكن ممهداً؛ فقد واجهت سلطنة عمان منذ عام 2018 كغيرها من دول العالم تحديات اقتصادية؛ نتيجة تراجع أسعار النفط الأمر الذي انعكس على النمو الاقتصادي، وتسبب في ضغوط على سوق العمل، لاسيما مع تقلص فرص التوظيف، وتباطؤ النشاط التجاري. ثم جاء عام 2020 بجائحة كوفيد-19 التي فرضت واقعًا اقتصاديًا واجتماعيًا غير مسبوق على العالم ككل؛ إذ تعطلت أنشطة الأعمال، وتراجعت الإيرادات، ووجد كثير من الأفراد والشركات أنفسهم أمام أعباء مالية متزايدة، ما استدعى تدخلًا سريعًا وفعالًا يوازن بين حماية الأفراد، ودعم المؤسسات، والحفاظ على استقرار النظام المالي.

تدابير علاجية وتحفيزية

وأشارت إلى أن البنك المركزي العُماني أدرك أن مواجهة هذه الأزمة تتطلب تحركًا مزدوج المسار؛ مسار مباشر (تدابير علاجية) يستهدف الأفراد المتضررين بشكل فوري، ومسار غير مباشر (تدابير تحفيزية) يساند المؤسسات والشركات التي تمثل عصب الاقتصاد. ففي فبراير 2020 أطلق البنك برنامجًا استثنائيًا؛ لتأجيل سداد أقساط القروض للمواطنين الذين خُفضت رواتبهم، أو فقدوا وظائفهم لمدة تصل إلى 12 شهرًا مع وقف احتساب الفوائد أو الأرباح أو الرسوم الإدارية الإضافية طوال فترة التأجيل، وحث المصارف وشركات التمويل والتأجير التمويلي على الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات قانونية بحق المستفيدين من البرنامج طوال فترة الاستفادة مشيرة إلى أن البنك عزز هذا التوجه في مارس 2021 بتوسيع نطاق الحماية ليشمل المواطنين المسرحين منذ يناير 2018 إضافة إلى أية حالات مستقبلية لفقدان الوظيفة، مع استمرار تمديد البرنامج سنويًا حتى نهاية ديسمبر 2025، أو حتى حصول المستفيدين على عمل جديد أيهما أسبق. وجاء هذا التمديد امتدادًا لخيار استراتيجي مدروس فرضته متطلبات المرحلة، وتداعيات الأزمة، واستند إلى مراجعات دورية دقيقة يجريها البنك المركزي لرصد المستجدات، وإلى التنسيق المستمر مع الجهات المعنية؛ لضمان فاعلية الإجراءات، ووصول الدعم إلى أوسع شريحة ممكنة من المستحقين، وامتد ذلك ليشمل أيضًا المواطنين الذين لم يسبق لهم الاستفادة من التسهيلات في المراحل السابقة؛ تأكيدًا على شمولية النهج وعدالته في معالجة آثار الأزمات على الأفراد والأسر، وهو ما مكّنها من ترتيب أوضاعها المالية دون أن تتفاقم ديونها، أو تتعرض لخطر التعثر. ورغم أن هذا الإجراء انعكس على ربحية المصارف في المدى القصير؛ فإن البنك المركزي دعمها عبر تخفيف المتطلبات الرقابية، ومنحها إعفاءات من تكوين المخصصات، أو إعادة تصنيف القروض المؤجلة مع توفير السيولة اللازمة لاستمرار أنشطتها دون أن تتأثر قدرتها على الإقراض.

الاستقرار الوظيفي

وأضافت: وفي إطار ربط الحماية المالية بالاستقرار الوظيفي وجّه البنك المركزي المصارف وشركات التمويل إلى إعادة جدولة القروض للمواطنين الذين التحقوا بوظائف جديدة بعد فقدان وظائفهم السابقة بما يتناسب مع رواتبهم الجديدة، وظروفهم المعيشية المستجدة. وقد أسهم هذا التوجيه في تمكين المستفيدين من الوفاء بالتزاماتهم المالية دون ضغوط مفرطة مع الحفاظ على سجلهم الائتماني، وهو ما شكّل عنصر دعم إضافي لتعزيز استدامة فرص العمل الجديدة، وتفادي عودة حالات التعثر المالي ما يربط بين مسار التعافي الاقتصادي، واستقرار سوق العمل.

الحفاظ على الوظائف

وأكدت أن بقاء المؤسسات والشركات على قيد النشاط أمر جوهري؛ للحفاظ على الوظائف، وضمان دوران عجلة الاقتصاد؛ ولهذا فقد اتخذ البنك حزمة من الإجراءات التحفيزية شملت حث المصارف وشركات التمويل على تعليق سداد أقساط القروض المستحقة على الشركات المتضررة لفترة زمنية، وتسهيل إعادة هيكلة مديونياتها، وضخ سيولة إضافية في القطاع المصرفي، وخفض أسعار الفائدة، وتوسيع نطاق التسهيلات الائتمانية. وقد أتاح ذلك متنفسًا مهمًا للشركات لإعادة ترتيب أوضاعها التشغيلية والمالية، ومكّن العديد منها من الاستمرار في السوق، وهو ما خفف من موجة الإغلاقات والإفلاسات التي شهدتها اقتصادات أخرى حول العالم مضيفة: ولضمان فاعلية هذه السياسات وضع البنك آليات رقابية دقيقة لمتابعة تنفيذ التعليمات على أرض الواقع شملت مراقبة دورية للمصارف وشركات التمويل والتأجير التمويلي، وإلزامها بفتح قنوات تواصل مباشرة مع الزبائن؛ لشرح حقوقهم وخياراتهم، وتلقي الشكاوى ومعالجتها بسرعة بالتنسيق مع الجهات المعنية. وهذا الحرص على الشفافية والمتابعة المستمرة كان عاملًا حاسمًا في تحقيق التوازن بين حماية المستفيدين، والحفاظ على متانة النظام المالي.

وقالت: مع استمرار البرنامج حتى نهاية ديسمبر 2025 يواصل البنك المركزي تقييم أثر هذه الإجراءات؛ ليتأكد من أنها تحقق أهدافها من تخفيف الأعباء المالية على الأسر، والحفاظ على استقرار واستدامة القطاع المصرفي الذي يعد العمود الفقري للنشاط الاقتصادي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القطاع المصرفی وشرکات التمویل البنک المرکزی المرکزی ا

إقرأ أيضاً:

القومي لحقوق الإنسان يشارك في لقاء إقليمي بالأردن لتعزيز حماية حقوق المرأة ومنع العنف

 شارك  المجلس القومي لحقوق الإنسان في اللقاء الإقليمي للمؤسسات الوطنية العربية لحقوق الإنسان حول حقوق المرأة ومنع العنف، والذي نظمه المركز الوطني لحقوق الإنسان بالأردن بالتعاون مع المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، خلال الفترة من 26 إلى 27 نوفمبر 2025 بالعاصمة الأردنية عمّان ، تأكيداً لدور المجلس في دعم الجهود الإقليمية الهادفة إلى تمكين المرأة وتعزيز آليات الحماية في مواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي.

ويأتي ذلك في إطار التعاون الإقليمي وتبادل الخبرات بين المجلس ونظرائه من المؤسسات الوطنية العربية.
وناقش اللقاء على مدار يومين تطورات ملف حقوق المرأة في المنطقة العربية، والجهود الوطنية المبذولة للحد من العنف القائم على النوع الاجتماعي، إضافة إلى استعراض تجارب المؤسسات الوطنية في التعامل مع حالات العنف ودور الآليات الوطنية في تعزيز الحماية والتمكين. وشهدت الجلسات حوارات موسعة حول تحديات مشاركة المرأة في الحياة العامة والسياقات السياسية، والفرص المتاحة لتعزيز قدرتها على ممارسة حقوقها بشكل كامل وآمن.
ومثّل المجلس في هذا الحدث الإقليمي وفد من الأمانة العامة شارك في أعمال الجلسات وطرح رؤية المجلس بشأن تطوير السياسات والبرامج الداعمة لحقوق المرأة، وتفعيل الأدوار الموكلة للمؤسسات الوطنية في مراقبة أشكال العنف والتصدي لها، ودعم الإطار القانوني الضامن لحقوق النساء والفتيات.
ويُعد هذا اللقاء خطوة لتعزيز التنسيق بين المؤسسات الوطنية العربية وتطوير أدوات العمل المشترك في مجال حماية حقوق المرأة، الأمر الذي يرسخ التزام المجلس بالمساهمة الفاعلة في الجهود الإقليمية لبناء بيئة أكثر عدالة وأمانًا للنساء والفتيات في المنطقة العربية.

مقالات مشابهة

  • اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة دولارية وصكوكا سيادية
  • ستاندرد آند بورز تتوقع تخفيض البنك المركزي أسعار الفائدة بنسبة 6% وتراجع التضخم لـ 7.8%
  • محافظ البنك المركزي: توافر المُكون الدولاري لتنفيذ خطة الدولة بالمنتجات البترولية وسداد مستحقات الشركاء الأجانب
  • تراجع سعر الدولار في البنك المركزي بختام تعاملات اليوم الأحد
  • البنك المركزي: طرح أذون خزانة بقيمة 950 مليون دولار غدًا الإثنين
  • سعر الفائدة في مصر: قرارات البنك المركزي وأفضل شهادات الادخار والذهب
  • القومي لحقوق الإنسان يشارك في لقاء إقليمي بالأردن لتعزيز حماية حقوق المرأة ومنع العنف
  • البنك المركزي يجرى ثلاث طروحات على أذون خزانة وصكوك سيادية بالجنيه والدولار يومي الأحد والاثنين
  • تفاصيل توجيه البنك المركزي للجهاز المصرفي بدعم الشمول المالي والإبتكار
  • الجمعيات التعاونية الزراعية: لماذا يجب دعمها؟ وما هو دورها في دعم الاقتصاد والمجتمع