الأسبوع:
2025-10-08@00:54:24 GMT

صورة بكين.. ولادة عالم جديد متعدد الأقطاب

تاريخ النشر: 4th, September 2025 GMT

صورة بكين.. ولادة عالم جديد متعدد الأقطاب

في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث، وتتشابك فيه خطوط الجغرافيا والسياسة، يتبدّى للعالم مشهد يختزل تحوّلًا تاريخيًا. لم يعد الأمر مجرد لقاء دبلوماسي عابر، بل صورة مكثّفة تختصر مسارًا دوليًا جديدًا يفرض نفسه على قواعد اللعبة القديمة.

أربعة زعماء في قلب بكين: شي جين بينج، فلاديمير بوتين، كيم جونغ أون، ومسعود بزشكيان.

الصورة تبدو كأنها لوحة تأسيسية لنظام عالمي آخر، نظام يتحدى إرث الهيمنة الغربية، ويعيد توزيع مراكز القوة، ويفتح الطريق أمام عالم متعدد الأقطاب.

الصين في مركز العالم

وقوف الرئيس الصيني في المنتصف، بزيه الرمادي البسيط، لم يكن تفصيلًا بروتوكوليًا، بل إعلانًا رمزيًا بأن بكين لم تعد مجرد «مصنع العالم»، بل صارت مركزًا قياديًا يرسم خرائط المستقبل.

الصين اليوم تتجاوز الاقتصاد إلى الجيوسياسة، تؤسس لشراكات استراتيجية، وتنسج تحالفات تتحدى نموذج الهيمنة الأحادية الذي ساد منذ نهاية الحرب الباردة.

جناحا الردع

إلى جانبه يقف بوتين وكيم جونغ أون، أحدهما غارق في حرب أوكرانيا التي صارت ساحة استنزاف للقوة الغربية، والآخر محاصر بالعقوبات لكنه يملك مفاتيح الردع النووي.

وجودهما ليس ديكورًا سياسيًا، بل تثبيت لتحالف يستند إلى قوة الردع وشرعية المقاومة في وجه الضغوط الأميركية والأوروبية.

إيران في الصف الأمامي

أما الظهور الإيراني خلف بوتين، فليس تفصيلًا ثانويًا، بل إشارة إلى أنّ طهران باتت جزءًا من المعادلة الجديدة. من خلال قمة شنغهاي ودعم الصين لحقها النووي السلمي، تدخل إيران إلى المشهد كصوت إضافي ضمن الاصطفاف الشرقي، وتكسب شرعية رمزية في مواجهة محاولات العزل الغربية.

من الأحادية إلى التعددية

هنا يكتمل المشهد: لا وجود لأي زعيم غربي، ولا محاولة لفرض حضورهم على المسرح. إنها رسالة صامتة بأن زمن الأحادية القطبية قد انتهى، وأنّ التعددية الشرقية في طور التبلور. لحظة تؤسس لسردية جديدة تمتد من موسكو إلى طهران، ومن بيونغ يانغ إلى بكين.

أين العرب من هذه الصورة؟

يبقى السؤال المؤلم: في خضم هذا التحول، أين يقف العرب؟

هل نكتفي بموقع المتفرّج الذي يقرأ الصور في الصحف، أم نملك القدرة على تموضعٍ استراتيجي يحمينا من أن نكون مجرد أوراقٍ في صراع الكبار؟

العالم يعيد رسم خرائطه، بينما تظل منطقتنا ممزقة بين تحالفات متناقضة، تارة تبحث عن حماية أميركية، وتارة تتطلّع نحو الشرق.

محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية الملفات العربية بين المطرقة والسندان

في سوريا: كل قوة إقليمية أو دولية تحاول أن ترسم وجودها على الجغرافيا السورية، بين نفوذ روسي وإيراني، وظل أميركي-تركي، وصمت عربي لا يملك سوى مراقبة الخرائط وهي تُعاد صياغتها.

في غزة: الحرب تفتح جرحًا إنسانيًا وسياسيًا على حد سواء، كاشفة هشاشة الموقف العربي في ظل غياب مشروع استراتيجي جامع. ما يجري هناك ليس مجرد صراع محلي، بل اختبار حقيقي لموقع العرب في معادلة الصراع بين الغرب والشرق.

في غاز شرق المتوسط: تحوّل إلى ساحة سباق كبرى بين أوروبا الباحثة عن بدائل للطاقة الروسية، وتركيا الطامحة لفرض دورها، وإسرائيل التي تسعى لتثبيت موقعها كلاعب إقليمي. بينما يقف العرب في موقع المتردد، منقسمين بين مصالح متضاربة ورؤى قصيرة المدى.

نداء للعرب

إنّ صورة بكين ليست مجرد مشهد سياسي، بل مرآة كاشفة لزمنٍ يتشكل أمام أعيننا. فيها تتقاطع الجغرافيا مع الفلسفة، والرمزية مع القوة الصلبة. إنها صورة تقول ببساطة: «العالم لم يعد كما كان».

لكن الأهم من ذلك: كيف سنقرأ نحن العرب هذه الصورة؟

هل نملك شجاعة الانتقال من الهامش إلى المركز، أم سنظل خارج إطار الكاميرا، نكتفي بالتعليق بينما تُعاد صياغة التاريخ دوننا؟

إنها دعوة صريحة للقيادة العربية أن تدرك أنّ اللحظة تاريخية، وأنّ الفرصة قائمة للتموضع في قلب عالم متعدد الأقطاب، بدل أن نُترك أسرى لخيارات الآخرين.

ومع ذلك، يظل السؤال العميق مطروحًا:

أليست أميركا والغرب ما زالت مفاصل اللعبة في أيديهم؟

اقرأ أيضاًتواصل توافد رؤساء العالم إلى بكين لحضور فعاليات إحياء الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

بكين: سيادة الصين على تايوان نتاج الانتصار في الحرب العالمية الثانية وتؤكدها الوثائق

وول ستريت جورنال: الاقتصاد الصيني يُظهر علامات تباطؤ.. وبكين تعاني من زيادة الضغوط

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: إسرائيل سوريا فلاديمير بوتين إيران بكين الرئيس الصيني غزة شي جين بينغ مسعود بزشكيان الهيمنة الغربية الجغرافيا السورية

إقرأ أيضاً:

صورة: صورتان تظهران كيف مسحت إسرائيل مدينة غزة

أظهرت صورتان التقطهما الأقمار الصناعية مشاهد لمدينة غزة يوم السابع والعشرين من شهر سبتمبر عام 2023 ، أي قبل أسابيع قليلة من معركة طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس ضد إسرائيل.

في الصورة الثانية، التقطت الأقمار الصناعية مشاهد من يوم 11 سبتمبر 2025 تكشف حجم الدمار الهائل الذي حل بقطاع غزة بعد ما يقارب عامين على الحرب.

كان المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أعلن أمس الأحد أن 90 في المائة من قطاع غزة دُمر تماماً بعد عامين من الحرب الإسرائيلية.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي إن 80 في المائة من مساحة القطاع باتت تحت سيطرة إسرائيل عبر الاجتياح والتهجير، مضيفاً أن إسرائيل ألقت أكثر من 200 ألف طن من المتفجرات على غزة منذ اندلاع الحرب.


 

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين المكتب الإعلامي :  قرار الصليب الأحمر تعليق عمله في غزة خطير وغير إنساني شرم الشيخ: انطلاق جلسات المباحثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل حماس: تنكيل الاحتلال بناشطي أسطول الصمود توثيق جديد لوحشيته الأكثر قراءة قيادي في حماس: ما تم الإعلان عنه في خطة ترامب فضفاض وغير مضمون قطر: مستعدون لمواصلة العمل للوصول لنهاية حرب غزة النخالة يعقب على الخطة الأمريكية لإنهاء حرب غزة سعر صرف الدولار مقابل الشيكل اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • مصر تودع أحمد عمر هاشم والسيسي ينعيه: عالم جليل وداعية كبير
  • 12 عالمًا من أبناء جامعة أسوان ضمن قائمة أفضل 2% من علماء العالم لعام 2025
  • عالم فذ من أعمدة الأزهر.. المؤسسات الدينية تنعى الدكتور أحمد عمر هاشم
  • مفتي الهند ينعي عمر هاشم: عالم فذ وأحد أركان الدعوة والعلم
  • زعيم كوريا الشمالية يهنئ رئيس روسيا بعيد ميلاده
  • صورة: صورتان تظهران كيف مسحت إسرائيل مدينة غزة
  • الصين تكشف عن أكبر توربين رياح عائم في العالم
  • المغرب ممثل العرب الوحيد.. مواجهات ثمن نهائي كأس العالم للشباب
  • بكين تتحدى العقوبات.. بنية تحتية إيرانية مقابل النفط
  • حسام حبيب وشيراز يتصدران التريند بعد انتشار صورة مثيرة.. من هي الفنانة اللبنانية؟