غزة بعد عامين من الشتات .. أسرٌ مكسورة ومجتمعات تولد من الخيام
تاريخ النشر: 6th, October 2025 GMT
في أحد المخيمات الرملية بمنطقة المواصي غرب خان يونس، تنصب عائلة أبو يوسف صلاح الخيمة المصنوعة من قماش مهترئ. يروي الرجل الخمسيني حكايته وكأنه يسرد تاريخًا طويلًا من الترحال القسري.
يقول: «نزحنا أول مرة من بيتنا في الشجاعية بعد القصف العنيف، لجأنا إلى مدرسة تابعة للأونروا في غزة، لكن ازدحام المكان وضيق الغرف أجبرنا على البحث عن بديل».
من المدرسة، انتقلت العائلة إلى بيت قريب في حي الزيتون، ظنّوا أنه سيكون ملجأ مؤقتًا، غير أنّ القصف طال المنطقة مجددًا، فاضطروا إلى تركه بعد أقل من أسبوعين. حملوا ما تبقى من أمتعة متناثرة، وتوجهوا جنوبًا مع آلاف النازحين إلى رفح. هناك أقاموا عدة أشهر في خيمة قرب معبر رفح، يتقاسمون الطعام القليل مع جيران غرباء أصبحوا أشبه بالأقارب.
لكن النزوح لم يتوقف عند رفح، فبعد الاجتياح الواسع في المدينة، في شهر مايو من عام 2024، أُجبرت العائلة على المضي أكثر نحو المواصي.
يوضح أبو يوسف لـ«عُمان»: «لم نعد نملك القدرة على العدّ، كم مرة نزحنا؟ كأننا نسير في دائرة لا تنته».
داخل الخيمة، تحاول زوجته أم يوسف أن تحافظ على ما تبقى من ملامح البيت المفقود؛ فعلّقت صورة قديمة للعائلة على قطعة من الخشب المكسور، ووضعت أواني الطعام بعناية على الأرض لتبدو وكأنها طاولة. تقول بحزن لـ«عُمان»: «كل ما أريده أن أستيقظ يومًا في بيتنا الحقيقي، لا في خيمة تخترقها الرياح».
أما أطفالهم، فقد اعتادوا لعبة النزوح أكثر مما اعتادوا المدرسة. يوسف الصغير (9 أعوام) يضحك وهو يروي أنه صار يعرف «جغرافيا غزة من كثرة التنقل»، فيما أخته آية تبكي لأنها لم تذهب إلى صفها منذ عامين. هذه الحكاية تعد نموذجًا متكررًا في غزة التي يعيش سكانها في دوامة نزوح لا تنتهي.
النزوح كقدرٍ جديد
منذ اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة قبل عامين، لم يعد النزوح حدثًا استثنائيًا في غزة، بل صار جزءًا من الحياة اليومية. نحو مليوني غزي جُرّدوا من بيوتهم، وانتقلوا من مكان إلى آخر مرارًا، حتى تحوّل الشتات إلى مكوّن أساسي في المجتمع.
المشاهد التي تتكرر يوميًا تكشف عن تحول اجتماعي عميق: آلاف الخيام تصطف على الشواطئ، في الأراضي الزراعية والصحراوية، وحتى بين أنقاض البيوت المدمرة والمقابر. كل خيمة باتت عالمًا صغيرًا، يضم عائلات تقاطعت مصائرها رغم اختلاف أصولها وأحيائها.
بدورها، ترصد جريدة «عُمان» هذه التحولات التي لم تقف عند فقدان المنازل، بل امتدت إلى النسيج الاجتماعي نفسه. ففي المخيمات، وُلدت علاقات جديدة، وتشكّلت زيجات لم تكن ممكنة لولا النزوح، كما التقى أقارب تفرقوا لعقود. وفي المقابل، تفككت أسر لم تتحمل وطأة الشتات، فاختفى بعض أفرادها أو انقطع تواصلهم.
النزوح المتكرر هنا لم يخلق فقط معاناة إنسانية آنية، بل أفرز «مجتمعات موازية» باتت تتطور داخل المخيمات، يصعب تفكيكها حتى لو توقفت الحرب فجأة. إنها تحولات اجتماعية ستبقى أثرًا طويل الأمد في وجدان الناس وعلاقاتهم، وفقًا لخبيرة علم الاجتماع الفلسطينية، ميسر عطياني.
زواج على أنقاض النزوح
في مخيم المواصي، التقت ليلى (22 عامًا) بزوجها الحالي محمود، الذي نزح مع عائلته من بيت لاهيا شمال القطاع. تقول وهي تبتسم رغم قسوة الظروف: «لم أكن أعرفه من قبل، لكن الحرب جمعتنا في خيمتين متقاربتين. صار يزورنا يوميًا ليساعد أبي على جلب الماء والحطب، ومع الوقت صار جزءًا من العائلة».
حين قرر محمود التقدم لخطبتها، لم يكن هناك قاعة أفراح ولا فستانا أبيض. احتفلوا بزواج بسيط داخل الخيمة، بحضور الجيران النازحين الذين زغردوا بأصوات عالية غطت على دوي الطائرات وخضبوا أيادي العروسين بالحناء. «لم يكن لدي فستان، ارتديت ثوبًا قديمًا، لكني كنت سعيدة لأنني بدأت حياة جديدة وسط الموت»، تضيف ليلى.
اليوم، أنجبت ليلى طفلًا أسمته «صامد»، كرمز لحياتهما التي تحدّت الظروف. لكنها تدرك أن مستقبل ابنها مجهول، وأن خيمتها قد لا تصمد أمام الشتاء القادم. ومع ذلك، تعتبر كما تقول: إن «الحرب سرقت منا الكثير، لكنها أعطتني عائلة جديدة».
لقاء بعد غياب طويل
إذن، لم يكن النزوح فقط عنوانًا للخسارة، بل كان أيضًا فرصة لإعادة وصل خيوط عائلية تقطعت عبر العقود، وإن كان في ظروف قاسية.
في خيمة قرب دير البلح، يجلس الحاج عبد الرحمن (67 عامًا) إلى جانب شقيقه الأكبر الذي لم يره منذ أكثر من ثلاثين عامًا. يقول: «تفرقنا منذ الثمانينيات، هو عاش في خان يونس وأنا بقيت في غزة. لم نلتقِ إلا بعد أن أجبرتنا الحرب على النزوح إلى المكان ذاته».
اللقاء كان مشحونًا بالدموع والذكريات، إذ جلس الإخوة يحكون عن طفولتهم في القرية التي هُجرت عام 1948، وعن أحلام الشباب التي تلاشت تحت ثقل الاحتلال والحصار. «الحرب جمعتنا من جديد، لكنها أيضًا حرمتنا من البيت الذي كنا نتمنى أن نستقبل فيه أحفادنا»، يضيف عبد الرحمن.
النازحون من حولهم يشاهدون المشهد بدهشة، وكأنهم يرون في هذه القصة امتدادًا لحكاياتهم الخاصة. كثيرون اكتشفوا أقارب بعيدي الصلة خلال النزوح، وصاروا يتقاسمون الخيمة معهم. «صرنا كعائلة كبيرة، رغم أن بعضنا لم يكن يعرف الآخر»، تقول الجارة أم إبراهيم.
أسر تتفكك على الطريق
على النقيض من قصص اللقاء والزواج، هناك قصص عن التفكك والفقدان. تعكس الوجه المظلم للنزوح، حيث لا تقتصر الخسارة على التشريد وضياع الممتلكات، بل تصل إلى تفتت الروابط الأسرية وضياع معنى الأسرة ذاته.
فاطمة (34 عامًا) نزحت مع أطفالها الأربعة من جباليا إلى رفح، لكن زوجها اختفى منذ أشهر ولم يعد. تقول بصوت متقطع: «كنا معًا في البداية، ثم انفصلنا بسبب الفوضى أثناء القصف، حاولنا البحث عنه في كل مكان ولم نعثر له على أثر».
اليوم، تعيش فاطمة في خيمة صغيرة بمنطقة المواصي، تحاول أن تؤمّن لأطفالها لقمة الخبز، بينما يلازمها هاجس الغياب. ابنها الأكبر لا يتوقف عن السؤال: «متى سيعود أبي؟» لكنها لا تملك جوابًا.
في بعض الأحيان، يهمس لها الجيران أنّ زوجها قد يكون عبر إلى مصر أو أنه فقد حياته تحت الركام، لكنها ترفض التصديق. «النزوح لم يسرق منا البيت والأمان فقط، بل سرق عائلتي»، توضح وهي تحتضن طفلها الصغير.
حياة جديدة وسط الخراب
ما بين الزواج الجديد، واللقاءات العائلية المفاجئة، والتفكك القاسي، يظهر أن النزوح المتكرر أنتج مجتمعات كاملة داخل المخيمات. هناك نظام جديد ينشأ: جيران صاروا بمثابة أقارب، أطفال يلعبون في الرمال على الشواطئ كما لو كانت أحياء جديدة، نساء يتشاركن في الطبخ والغسيل، ورجال يتقاسمون مهام جمع الحطب ونقل عجين الخبز إلى الأفران القريبة.
هذه المجتمعات الموازية لها قوانينها الخاصة. فلكل مجموعة خيام زعيم غير معلن يتولى تنظيم شؤونها، ولكل مخيم تقاليد جديدة بدأت بالتشكل، مثل حفلات الزفاف البسيطة، أو طقوس استقبال المواليد. حتى العزاءات باتت تُقام تحت الخيام بأشكال مبتكرة، تعكس قدرة الناس على التأقلم.
لكن في الوقت ذاته، يترسخ شعور بأن العودة إلى ما كان عليه الوضع سابقًا باتت صعبة. فالأطفال الذين نشأوا في هذه المخيمات قد يعتبرونها موطنهم الطبيعي، فيما تضعف الروابط مع الأحياء الأصلية التي تهدمت. هذا التحول يفتح باب التساؤل حول مستقبل غزة إذا ما استمر النزوح لسنوات أخرى.
وعن ذلك، تقول الباحثة الفلسطينية في الشأن الاجتماعي، ميسر عطياني: إن النزوح المتكرر خلال العامين الماضيين شكل واقعًا اجتماعيًا غير مسبوق في غزة.
توضح: «نحن لا نتحدث عن نزوح مؤقت كما حدث في حروب سابقة، بل عن حالة شتات ممتدة شكّلت مجتمعات بديلة. هذه المجتمعات أفرزت علاقات جديدة، وأعادت صياغة مفهوم العائلة والبيت».
ترى عطياني أنّ الزواج داخل المخيمات هو أحد أبرز المظاهر، حيث يجد الشباب والفتيات أنفسهم في بيئة جديدة تسمح بعلاقات لم تكن ممكنة في ظروفهم السابقة. «لكن هذه الزيجات تظل هشة لأنها نشأت في ظروف استثنائية».
كما تشير إلى أن لقاء الأقارب بعد عقود من الانقطاع يعيد إحياء الذاكرة الجمعية للعائلات، لكنه أيضًا يعكس حجم التشرذم الذي فرضته الحروب والهجرة.
أما على الجانب الآخر، فإن التفكك الأسري يهدد البنية الاجتماعية، حيث يُترك كثيرا من النساء وحدهن لتحمل أعباء النزوح.
تحذّر الباحثة من أن هذه التحولات لن تزول بسهولة مع وقف إطلاق النار. تقول: «حتى لو توقفت الحرب اليوم، فإن المجتمعات الموازية التي نشأت لن تختفي، بل ستظل تؤثر على شكل العلاقات العائلية والاجتماعية لعقود قادمة».
ما بعد النزوح: سؤال المستقبل
في هذا الصدد، يقول الناشط الحقوقي بسام زقوت، من قطاع غزة: إنّ مرور عامين على النزوح المستمر أوجد معضلة وجودية لأهالي القطاع: «الناس يسألون أنفسهم كل يوم: كيف يمكن أن نعود إلى حياتنا السابقة؟ وهل بالإمكان إعادة بناء النسيج الاجتماعي كما كان؟ الواقع أن الإجابة ليست سهلة على الإطلاق».
ويضيف: «الكثير من العائلات تأقلمت مع حياة الخيام، حتى صارت وطنًا مؤقتًا له ملامحه الخاصة. الأطفال كبروا في هذه الأجواء، والشباب وجدوا صداقات وزيجات داخلها، وكبار السن التقوا أقارب لم يعرفوهم منذ عقود. هذه الحياة الجديدة مرشحة للاستمرار حتى مع أي عملية إعادة إعمار، لأنها لم تعد مجرد مأوى، بل غدت مجتمعًا بديلًا فرضته الحرب».
لكن زقوت يحذر من أنّ هذا الواقع يحمل في طياته مخاطر كبيرة على وحدة المجتمع: «التفكك الأسري، وانقطاع الروابط مع الأحياء الأصلية المدمرة، قد يترك آثارًا نفسية واجتماعية عميقة، تستمر لعقود إذا لم تُعالج بشكل ممنهج».
ويختم حديثه قائلًا: «نحن أمام معادلة صعبة بين الأمل بالعودة إلى البيوت، وبين الاعتياد على حياة النزوح. الغزيون يدفعون ثمنها يوميًا بأحلامهم المكسورة وذاكرتهم المثقلة، وهذا ما يجعل المستقبل غامضًا ومفتوحًا على احتمالات قاسية ما لم يكن هناك تدخل حقيقي يعيد للناس حقهم في السكن والحياة الكريمة».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی خیمة فی غزة لم یکن
إقرأ أيضاً:
بين مفاخرة ترامب بإنهاء 8 حروب ونتائج وساطاته الفعلية.. ماذا تقول الوقائع الميدانية؟
رغم تكرار الرئيس الأميركي تأكيده أنه أنهى ثماني حروب حول العالم، تُظهر مراجعة الأزمات التي تدخّل فيها أن معظم هذه النزاعات لم تتوقف فعليًا، أو أن اتفاقات وقف القتال المرتبطة بها لم تصمد على أرض الواقع.
يكرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أكثر من مناسبة أنه أنهى ثماني حروب في مناطق مختلفة حول العالم، ويقدم ذلك على أنه حصيلة وساطاته وتحركاته السياسية خلال الفترة الماضية. لكن عند التدقيق في النزاعات التي يشير إليها، يتبين أن بعض هذه الحروب لم يتوقف فعليا، وأن أربع نزاعات فقط شهدت هدنا أو خفوتا للقتال خلال الأشهر الأخيرة، بينما بقيت تسويات أخرى هشة أو مؤقتة أو عادت المواجهات فيها بعد فترة قصيرة. فهل تعكس هذه الصورة فعلا ما يصفه ترامب بأنه "إنهاء ثماني حروب"؟
غزة: الهدنة الأبرز والأكثر هشاشةيمثل وقف إطلاق النار في غزة أبرز الملفات التي ارتبطت بدور ترامب. فقد اندلعت الحرب عقب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وبفعل ضغوط أميركية ووساطة قطرية ومصرية، دخلت الهدنة حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/أكتوبر، ما سمح بانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة وعمليات تبادل للرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
لكن أعمال العنف لم تتوقف بالكامل. فقد أدت الضربات الإسرائيلية اللاحقة إلى مقتل أكثر من 370 فلسطينيا، فيما قُتل ثلاثة جنود إسرائيليين أيضا. ومنذ الأربعاء، لم يبق في غزة سوى جثمان رهينة إسرائيلي واحد، بينما تطالب إسرائيل بإعادته لبدء المرحلة الثانية من خطة تثبيت وقف إطلاق النار.
لا يزال النزاع في أوكرانيا مستعرا رغم تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل وصوله إلى البيت الأبيض أنه قادر على إنهائه "في يوم واحد".
وحتى الآن، لم تتمكن الجهود الأميركية من تحقيق أي تقدم تفاوضي واضح، فيما تتواصل العمليات العسكرية على مختلف الجبهات بلا تغيير يذكر. وقبل يومين، قال ترامب إنه "لا يريد إضاعة الوقت على أوكرانيا"، في وقت لم ينجح فيه حتى اليوم في وقف الحرب أو تغيير مسارها الميداني.
في 4 كانون الأول/ديسمبر، وُقّع في واشنطن اتفاق بين الكونغو الديموقراطية ورواندا قدّمه ترامب كإنجاز كبير. لكن الواقع الميداني بقي على حاله، إذ لم يُحدث الاتفاق أي تغيير في شرق الكونغو الديموقراطية، وهي المنطقة التي تشهد نزاعات مستمرة منذ أكثر من 30 عاما. ودخلت مجموعة "أم 23" المتمردة، المدعومة وفق خبراء أمميين من ستة إلى سبعة آلاف جندي رواندي، مدينة أُفيرا الاستراتيجية. واعتبرت بوروندي، التي تقع عاصمتها الاقتصادية بوجومبورا على بعد 20 كيلومترا فقط من أُفيرا، أن هذا التطور يشكل "صفعة" لواشنطن.
قدّم ترامب الاتفاق الحدودي بين كمبوديا وتايلاند الموقع في 26 تشرين الأول/أكتوبر بوصفه "اتفاقا تاريخيا" لإنهاء نزاع متجذر يعود إلى الفترة الاستعمارية الفرنسية. وسبق ذلك في تموز/يوليو وقف لإطلاق النار أسهمت فيه الولايات المتحدة والصين وماليزيا بعد خمسة أيام من القتال أودت بحياة 43 شخصا على الأقل وتسببت بإجلاء أكثر من 300 ألف مدني.
لكن الاتفاق انهار بعد أسبوعين فقط. ففي 10 تشرين الثاني/نوفمبر، علّقت تايلاند العمل به بعد انفجار لغم أرضي قرب الحدود. وفي ما بعد، اندلعت اشتباكات جديدة خلّفت ما لا يقل عن 19 قتيلا، بينهم 10 مدنيين كمبوديين وتسعة جنود تايلانديين، وفق حصيلة رسمية. وأُجبر أكثر من 500 ألف شخص على إخلاء مناطق القتال، في تصعيد وصفه سكان محليون بأنه أكثر عنفا من مواجهات تموز/يوليو.
نفذت إسرائيل في 13 حزيران/يونيو هجوما غير مسبوق على إيران، معلنة أن الهدف منه هو منع طهران من امتلاك السلاح النووي. وخلال ليلة 21–22 حزيران/يونيو، انضمت الولايات المتحدة إلى العملية عبر قصف ثلاثة مواقع نووية إيرانية.
وبعد 12 يوما من القتال، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى "وقف تام لإطلاق النار". غير أن استمرار التوتر حول البرنامج النووي الإيراني، إلى جانب تأكيد المرشد الايراني خامنئي أن بلاده لن تتراجع في ملف تخصيب اليورانيوم، يجعل مستقبل هذه الهدنة غير مضمون.
الهند وباكستان: ما دور ترامب؟اندلعت في أيار/مايو مواجهة عنيفة بين الهند وباكستان استمرت أربعة أيام، وأسفرت عن أكثر من 70 قتيلا في الجانبين. أعلن ترامب بشكل مفاجئ عن وقف لإطلاق النار بين البلدين، وقد شكرت باكستان واشنطن على "تسهيل ذلك". لكن الهند أكدت أنها لم تتلق أي طلب من أي قائد أجنبي لإنهاء القتال، وأن التفاوض كان مباشرا بينها وبين إسلام آباد، وفق ما قاله رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
رغم أن البلدين لا يخوضان حربا، فإن التوتر بلغ مستويات عالية بسبب السد العملاق الذي بنته إثيوبيا على نهر النيل. وتعتبر مصر السد "تهديدا وجوديا" لأنها تعتمد على النهر لتوفير 97 بالمئة من مياهها. وتم تدشين السد في 9 أيلول/سبتمبر من دون أي دور مؤثر لترامب في تخفيف التوترات. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إن المفاوضات وصلت إلى "طريق مسدود تماما".
Related رغم دعوة مصر ومقترح ترامب لانضمامها إلى اتفاقات أبراهام.. إيران أبرز الغائبين عن قمة شرم الشيخإنفانتينو أمام شكوى لدى محققي أخلاقيات "الفيفا" بسبب جائزة السلام الممنوحة لترامبقمة شرم الشيخ.. قادة الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا يوقعون وثيقة بشأن الاتفاق بين إسرائيل وحماس أرمينيا وأذربيجان: مشروع اتفاق لا يزال معلقافي البيت الأبيض، وُقّع في آب/أغسطس مشروع اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان لإنهاء عقود من النزاع حول إقليم ناغورني قره باغ، الذي استعادته باكو في عام 2023. لكن التوقيع النهائي للاتفاق لا يزال غير مضمون بسبب شروط تطرحها أذربيجان وتعتبرها يريفان محرجة.
في الولاية الأولى لدونالد ترامب عام 2020، جرى في البيت الأبيض توقيع اتفاق للتطبيع الاقتصادي بين صربيا وكوسوفو، في خطوة اعتُبرت آنذاك محاولة لتهدئة التوتر بين الطرفين. غير أن الاتفاق لم يكن بمثابة اتفاق سلام، ولم يغيّر من طبيعة الخلاف القائم منذ سنوات. فصربيا ما زالت ترفض الاعتراف باستقلال كوسوفو الذي أعلنته بريشتينا عام 2008، فيما تستمر التوترات السياسية والأمنية رغم وجود قوات دولية لحفظ السلام، ورغم جولات الحوار المتكررة التي أخفقت في معالجة إرث حرب 1998–1999.