وسط أجواء مبهجة وإقبال كبير، شهد قصر ثقافة روض الفرج بالقاهرة، حفلا فنيا بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، ونظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، وذلك في إطار برنامج "وفرحت مصر" الذي أطلقته وزارة الثقافة احتفاء بذكرى النصر العظيم.

شهد الحفل المهندس حسام فوزي نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية، الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف مستشار رئيس الهيئة للشئون الفنية والثقافية، والفنان د. هاني كمال، والمهندس حمادة رزق رئيس حي روض الفرج، والمستشار محمد عبد الوهاب رئيس حي الساحل، والفنان محمد حجاج، ومحمد الشحات مدير القصر، وبحضور عدد من القيادات البرلمانية والمجتمعية إلى جانب لفيف من قيادات المجتمع المدني والتربية والتعليم.

بدأت فعاليات الحفل بعزف السلام الوطني، أعقبه عرض الأوبريت الغنائي الفني "مصر على مر العصور"، بمشاركة فرق: القاهرة للموسيقى العربية، القاهرة للفنون الشعبية، القاهرة للإنشاد الديني، وفرقة طلائع روض الفرج للفنون الشعبية.
تضمّن الأوبريت مجموعة من الاستعراضات الوطنية المبهجة من تصميم عربي محمد وعاطف عبد الله، منها: مصر يا غالية، الحدود، بلدي التاريخ، خلي السلاح، الربابة، عاش، مصانع رجال، مصر التي، ماينتهيش الدرس، صورة.

 

وتواصلت الفعاليات بندوة تثقيفية بعنوان "حرب أكتوبر.. الدروس والعبر" تحدث فيها أشرف كمال أستاذ الجغرافيا والتاريخ بإدارة روض الفرج التعليمية، متناولا أسباب الحرب ونتائجها، ومؤكدا أهمية إحياء ذكرى النصر لتعريف النشء والشباب بتضحيات أبطال القوات المسلحة من أجل الحفاظ على تراب الوطن.

كما أقيمت ورشة رسم وتلوين عن حرب أكتوبر، وورشة رسم على الوجه نفذها الفنان تامر أحمد بمشاركة واسعة من الأطفال، حيث عبروا من خلال رسوماتهم عن مشاعر الفخر والاعتزاز بالوطن.

واختُتم الحفل بتكريم والدة الشهيد أحمد الخولي الملقب بـ"أسد سيناء"، والعقيد محمد عبد العزيز، تقديرا لتضحياتهم وبطولاتهم في الدفاع عن الوطن.

نفذ الحفل ضمن برنامج إقليم القاهرة الكبرى وفرع ثقافة القاهرة برئاسة د. ابتهال العسلي، في إطار احتفالات الفرع بذكرى نصر أكتوبر، والتي تقام خلال الفترة من 5 حتى 11 أكتوبر الجاري، ضمن فعاليات الهيئة العامة لقصور الثقافة التي تتضمن أكثر من 500 فعالية ثقافية وفنية في مختلف محافظات الجمهورية، احتفاء بالنصر وتأكيدا على قيم الانتماء والفداء في الوجدان المصري.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: حرب اكتوبر إقليم القاهرة الكبرى روض الفرج

إقرأ أيضاً:

في ذكرى ميلاده.. «نجيب محفوظ» رجل صاغ القاهرة من طين الحكايات وصنع للروح العربية مرآتها الحقيقية

في كل ذكرى لميلاد نجيب محفوظ، تُفتح نافذة سرّية على وجدان الأمة؛ كأننا نتذكّر فجأة أن هذا الرجل لم يكن مجرد روائي، بل كان «ذاكرة جماعية» تمشي على قدمين، كان يمسك بالقلم كما يمسك العازف بوترٍ حساس، يضربه برفقٍ مرة، وينفجر منه اللحن مرة أخرى، ليرسم من خلاله ملامح الإنسان في ضعفه وقوته، خضوعه وتمرده، خطيئته وخلاصه.

لم يكن محفوظ يكتب روايات بقدر ما كان يكتب خريطة الروح، يقتفي أثر الإنسان في شوارع القاهرة، يلتقط تنهيدتها، يلاحق صمتها، ويعيد تشكيلها في نصوصٍ تشبه المدن القديمة: صلبة، معقدة، لكنها مسكونة بالدفء والدهشة، في يوم ميلاده، يعود السؤال الأبدي: كيف تحوّل ابن الجمالية الهادئ إلى الأب المؤسس للرواية العربية الحديثة، وإلى الاسم الذي هزّ المؤسسة الأدبية العالمية حتى فتحت له أبواب نوبل؟

من الجمالية إلى العالم.. رحلة طفل مفتون بالأسئلة

وُلد نجيب محفوظ عام 1911 في قلب القاهرة الفاطمية، بين الأزقة التي ستصبح لاحقًا وطنًا كاملاً لأبطال رواياته. لم يكن طفلاً صاخبًا؛ كان مراقبًا، ينصت أكثر مما يتكلم، يجمع التفاصيل الصغيرة مثل مقتنيات أثرية، ليعيد صياغتها في ذاكرته بحسّ فلسفي مبكر.

طموحه الأول كان الفلسفة، وقرأ بشغف لابن خلدون وتوفيق الحكيم واليونانيين، لكنه اكتشف سريعًا أن المقال لا يسعه، وأن الرواية هي الوسيط الأقدر على حمل أسئلته الوجودية، هكذا وُلد الروائي من رحم الفيلسوف.

بدأ محفوظ بكتابة الرواية التاريخية عن مصر القديمة، قبل أن يقفز إلى الحاضر بقوة، ليُطلق أكبر مشروع روائي عرفه الأدب العربي: الثلاثية. لم تكن الثلاثية مجرد حكاية عائلة، بل كانت وثيقة حية لبنية المجتمع المصري بين الحربين، وصورة عميقة لتحولات الطبقة والسلطة والوعي.


كاتب يكتب بالانضباط قبل الإلهام.. وسر الساعة الواحدة

كان نجيب محفوظ نموذجًا نادرًا في الانضباط: يكتب ساعة واحدة فقط في الصباح، في الموعد نفسه، وبالهدوء نفسه، وكأنه موظف في محراب الكتابة.
لم يؤمن بالكتابة المزاجية، وكان يرى أن “الإبداع الحقيقي يحتاج نظامًا صارمًا، وإلا ضاع العمر في محاولات لا تكتمل”.

الغريب أن هذا الانضباط لم يُنتج نصوصًا جامدة، بل أعمالًا مليئة بالروح، مشتعلة بالحياة، وكأن تلك الساعة الواحدة كانت نافذته الوحيدة على الخلود، ورغم شهرته الطاغية، كان يتجنب الأضواء، وينفر من الكاميرات، ويعيش حياة شديدة البساطة. حتى جائزة نوبل لم يذهب لاستلامها، وبقي وفيًّا لمقهاه وأصدقائه وطقوسه الصباحية.

«أولاد حارتنا».. الجرح الذي لم يندمل

من بين كل أعماله، تبقى رواية “أولاد حارتنا” هي الأكثر إثارة للجدل، والأقرب إلى قدره الشخصي، عندما نُشرت في الأهرام عام 1959 انفجرت معركة ثقافية كبرى، ووُجهت إليها اتهامات قاسية دون أن يقرأها معظم من هاجموها.

حُوصرت الرواية لسنوات ومنعت من النشر في مصر، وأصبح محفوظ هدفًا للغضب وسوء التأويل، حتى جاءت محاولة اغتياله عام 1994 على يد شاب لم يرَ الرواية في حياته.

ومع ذلك، بقي محفوظ ثابتًا: «أنا أكتب عن الإنسان.. وليس عن العقائد»، كان يؤمن أن الأدب لا يعادي أحدًا، بل يكشف الظلم أينما كان، ويبحث عن العدالة داخل النفس البشرية قبل أن يبحث عنها في العالم.

حكيم الحارة المصرية.. الذي عرف سرّ الإنسان

يقول مقربوه إنه كان قادرًا على سبر النفوس بنظرة واحدة.
لم يكن يرفع صوته، ولم يكن ساخرًا بطبعه، لكنه كان يرى ما لا يراه الآخرون: يقرأ القلق على الوجوه، ويتتبع الشهوات الصغيرة، ويُمسك بين السطور بما يختبئ خلف الأقنعة.

ولهذا أحب الناس أعماله.. لأنهم وجدوا أنفسهم فيها، كان محفوظ يكتب عن البسطاء، لكنه في الحقيقة كان يكتب عن البشرية كلها.


ما بعد نوبل.. العالم يكتشف القاهرة من جديد

عندما مُنح محفوظ جائزة نوبل للآداب عام 1988، تغيّر مكان الأدب العربي في العالم، أصبح اسم القاهرة مرتبطًا بالرواية، وأصبحت الحارة المصرية رمزًا عالميًا للدهشة الإنسانية، ترجمت أعماله إلى لغات العالم، وتحوّلت إلى أفلام ومسلسلات قاربت الوعي الجماهيري العربي لعقود.

وبعد محاولة اغتياله، ومع ضعف يده، لم يتوقف عن الكتابة. كان يملي “أحلام فترة النقاهة” بصوت خافت، كأنها رسائل أخيرة يبعثها من على حافة الألم، وتحوّلت تلك الأحلام القصيرة إلى واحدة من أهم وأغرب تجارب السرد العربي الحديث.

في ميلاده.. نعود إلى الرجل الذي كتب ليحيا

في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ، نعود إلى الرجل الذي لم يكتب ليشتهر، بل كتب ليعيش، الذي حوّل الحياة العادية إلى ملحمة، والمقهى إلى صالون فلسفي، والحارة إلى كونٍ كامل.

نجيب محفوظ لم يكن صوت جيل، بل صوت الإنسان في رحلته القلقة نحو الحقيقة، وبين ميلاده ورحيله، بقي شيء واحد ثابتًا: «أن الأدب يمكنه أن يغيّر العالم… حين يكتبه رجل يعرف سرّ الروح».

طباعة شارك نجيب محفوظ ذاكرة جماعية خريطة الروح شوارع القاهرة الجمالية

مقالات مشابهة

  • "القاهرة الإخبارية" تعرض أول صورة لمنفذ إطلاق النار في احتفالات عيد الحانوكا اليهودي بسيدني
  • جنوب سيناء تحتفي بحقوق الإنسان وذوي الهمم في ليلة ثقافية نابضة بالتراث والإبداع
  • بإقبال كبير.. انطلاق عرض سيمبا.. الأسد الملك علي مسرح 23 يوليو بالمحلة
  • سيف بن زايد يكرم داعمي صندوق الفرج
  • في ذكرى ميلاده.. أعمال درامية استلهمت أحداثها من روايات نجيب محفوظ
  • "بين القاهرة وفلسطين".. أمسية ببيت الشعر العربي الأحد
  • يوم ثقافي فني للطلاب في أبوقرقاص بالمنيا
  • بالصور.. انطلاق ماراثون مؤسسة مصر الخير يضيء احتفالات الأقصر بمناسبة يوم التطوع العالمي
  • وزير الثقافة يعلن موعد انطلاق فعاليات مؤتمر أدباء مصر الدورة الـ37
  • في ذكرى ميلاده.. «نجيب محفوظ» رجل صاغ القاهرة من طين الحكايات وصنع للروح العربية مرآتها الحقيقية