من أزمة السيولة وتأخر الرواتب إلى خطر طباعة العملة.. هل يكون الدفع الإلكتروني هو الحل؟
تاريخ النشر: 6th, October 2025 GMT
انضم إلى قناتنا على واتساب
شمسان بوست / د. أحمد بن إسحاق
تأخر صرف رواتب موظفي القطاع العام لعدة أشهر في المحافظات المحررة، كشف عمق أزمة السيولة النقدية التي تعانيها البلاد، في ظل تراجع الإيرادات وتباطؤ حركة التداول المالي. ومع استنفاذ أغلب الوسائل التقليدية لمعالجة العجز النقدي، لم تعد طباعة عملة جديدة خيارًا آمنًا، لما تحمله من مخاطر تضخمية واهتزاز في قيمة العملة الوطنية.
في المقابل، يمكن للحكومة أن تتجه نحو إصلاح نقدي ذكي يقوم على التحول إلى نظام الدفع الإلكتروني، بحيث تُصرف المرتبات عبر بطاقات مصرفية أو محافظ رقمية، تُستخدم في عمليات الشراء داخل الأسواق والمتاجر في المدن والأرياف على حد سواء.
هذا التحول لا يعالج فقط نقص السيولة الورقية، بل يحقق جملة من الفوائد الاقتصادية والإدارية، أبرزها:
تقليل تكاليف طباعة العملة وما يصاحبها من نفقات النقل والحراسة والتوزيع.
الحد من تلف العملة الوطنية وتسريع تداولها بشكل رقمي آمن.
تسهيل تنقل الأموال بين المحافظات دون الحاجة إلى نقل نقد فعلي.
تعزيز الشفافية والرقابة على الإنفاق العام والرواتب.
إعادة الثقة بالجهاز المصرفي وتشجيع المواطنين على التعامل البنكي المنتظم.
فتح الباب أمام خدمات مالية حديثة، مثل القروض الصغيرة، وسداد الفواتير إلكترونيًا، والمساعدات الرقمية المنظمة.
ومن الناحية الاقتصادية، يُعد إنشاء منظومة الدفع الإلكتروني استثمارًا منخفض التكلفة وعالي العائد، إذ إن تجهيز البنية التحتية من أجهزة نقاط البيع (POS) والأنظمة البنكية الحديثة أقل كلفة بكثير من إصدار نقد جديد، بينما يدفع المواطن رسومًا رمزية لا تتجاوز ما ينفقه حاليًا على التحويلات النقدية التقليدية. كما أن البنوك وشركات الاتصالات ستحقق عوائد تشغيلية مستدامة من الخدمة، مما يجعل النظام قادرًا على تمويل ذاته دون عبء على ميزانية الدولة.
ولضمان نجاح هذه المنظومة، يمكن للحكومة إصدار قرارات تنظيمية ذات طابع إلزامي — وهي بمثابة قوانين تنفيذية في المرحلة الراهنة — تُلزم المؤسسات الحكومية بصرف المرتبات عبر البنوك أو المحافظ الإلكترونية، وتشجع البنوك والمحلات التجارية على اعتماد نقاط البيع الإلكترونية من خلال حوافز ضريبية وتشجيعية مؤقتة.
كما يُستحسن أن يتولى البنك المركزي إنشاء وحدة متخصصة للتحول الرقمي المالي، تنسق بين البنوك وشركات الاتصالات وتشرف على مراحل التطبيق تدريجيًا، بدءًا من المحافظات المحررة كميدان تجريبي. ويواكب ذلك برنامج توعية مجتمعية لتبسيط فكرة الدفع الإلكتروني وطمأنة المواطنين إلى أمانه وسهولة استخدامه.
إن تجاوز أزمة السيولة في اليمن لا يتطلب طباعة المزيد من النقود، بل تبنّي فكر مالي حديث يوجّه التعاملات نحو الشفافية والكفاءة، ويعيد الثقة بالعملة الوطنية والقطاع المصرفي، ويضع الاقتصاد اليمني على طريق التحول الرقمي المستدام.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: الدفع الإلکترونی
إقرأ أيضاً:
تحسّن السيولة النقدية في السلطنة مع نمو العرض الواسع بـ4.3%
مسقط - العُمانية
شهد عرض النقد بمعناه الواسع في سلطنة عُمان نموًّا بنسبة 4.3 بالمائة على أساس سنوي ليبلغ 25.7 مليار ريال عُماني بنهاية شهر سبتمبر 2025م.
وأشارت الإحصاءات الصادرة عن البنك المركزي العُماني إلى أن هذه الزيادة جاءت نتيجة ارتفاع النقد بمعناه الضيق بنسبة 13 بالمائة، وشبه النقد بنسبة 1 بالمائة ويتكون من مجموع ودائع التوفير وودائع لأجل بالريال العُماني زائد شهادات الإيداع المُصدرة من قبل البنوك بالإضافة إلى حسابات هامش الضمان وجميع الودائع بالعملة الأجنبية لدى القطاع المصرفي.
وخلال الفترة ذاتها، انخفض النقد لدى الجمهور بنسبة 2.13 بالمائة بينما شهدت الودائع تحت الطلب ارتفاعًا بنسبة 16.2 بالمائة.
وفيما يتعلق بهيكل أسعار الفائدة لدى البنوك التجارية التقليدية، فسجل المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على الودائع بالريال العُماني انخفاضًا من 2.679 بالمائة في شهر سبتمبر 2024م إلى 2.568 بالمائة في شهر سبتمبر 2025م، كما انخفض المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على القروض بالريال العُماني من 5.604 بالمائة إلى 5.479 بالمائة خلال الفترة نفسها.
أما متوسط أسعار الفائدة في سوق الإقراض ما بين البنوك لليلة واحدة، فبلغ 3.815 بالمائة في سبتمبر 2025م مقارنة مع 4.896 بالمائة في سبتمبر من عام 2024م.
وجاء ذلك نتيجة لانخفاض المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على عمليات إعادة الشراء ليصل إلى 4.892 بالمائة مقارنة مع 5.790 بالمائة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، تماشيًا مع سياسات الاحتياطي الفدرالي الأمريكي.