د. علي بن حمدان بن محمد البلوشي **

يُعد تقييم المستوى المعرفي والمهاراتي للطالب الجامعي إحدى الركائز الأساسية لضمان جودة التعليم وتحقيق مخرجات تعلم حقيقية تتوافق مع متطلبات سوق العمل وتطلعات المجتمع. فالتقييم ليس مجرد أداة لقياس التحصيل الدراسي؛ بل هو وسيلة لتقويم أداء المؤسسات التعليمية ومدى فاعلية البرامج الأكاديمية والمناهج وأساليب التدريس.

ومن هنا تبرز أهمية بناء منظومة تقييم شاملة وعادلة تتيح الفرصة لجميع الطلبة لإبراز قدراتهم، وتحفّزهم على تنمية معارفهم ومهاراتهم بشكل متوازن ومستمر.

وتقوم عملية التقييم العادل على مجموعة من المعايير التي تضمن الشفافية والمصداقية في قياس كفاءة الطلبة بمختلف المستويات والتخصصات.

ويرى الباحثون أن معايير التقييم لطلبة البكالوريوس ينبغي فيها التركيز على مدى فهم الطالب للمفاهيم الأساسية، وقدرته على تطبيقها في مواقف عملية، إضافة إلى تقييم مهارات التفكير النقدي، والعمل الجماعي، والاتصال الفعّال. كما يجب أن تتنوع أدوات التقييم بين الاختبارات التحريرية، والمشاريع، والعروض التقديمية، والتقارير البحثية. أما معايير التقييم لطلبة الماجستير فيُراعى في تقييمهم مدى عمق الفهم والتحليل، وقدرتهم على البحث العلمي المستقل، وإنتاج معرفة جديدة أو تطبيق مفاهيم متقدمة في تخصصاتهم. كما يجب أن تشمل عملية التقييم تقويم الرسائل العلمية، والمناقشات البحثية، ومهارات العرض الأكاديمي والنقد العلمي.

ويُعد منسقو البرامج ودوائر الجودة الأكاديمية، حجر الزاوية في متابعة تطبيق معايير التقييم وضمان اتساقها مع مخرجات التعلم المحددة؛ فهُم يتابعون تصميم أدوات التقييم، ويعملون على مراجعتها بشكل دوري لتتوافق مع أحدث الاتجاهات التعليمية. كما يحرصون على تدريب أعضاء هيئة التدريس على أساليب التقويم الفعالة، وضمان التوازن بين التقييم النظري والعملي. أما دوائر تطوير المناهج، فتسعى إلى تحديث المقررات الدراسية بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل، وتربط بين المعارف الأكاديمية والمهارات التطبيقية.

ويقع على عاتق المحاضرين دور جوهري في خلق بيئة تعليمية محفزة تدفع الطلبة نحو الإبداع والاجتهاد. ويتوجب عليهم تنويع أساليب التدريس لتشمل التعلم القائم على المشروعات، والمناقشات التفاعلية، ودراسة الحالات الواقعية. كما يجب أن يشجعوا الطلبة على البحث المستقل، والمشاركة في الأنشطة العلمية، وتطبيق ما يتعلمونه في مواقف حياتية ومهنية. وإلى جانب ذلك، ينبغي للمحاضر أن يقدم تغذية راجعة بنّاءة تساعد الطالب على تطوير أدائه وتحديد نقاط قوته وضعفه.

وتتحمل إدارات الجامعات والكليات مسؤولية كبرى في تحقيق التوازن بين أهدافها الأكاديمية والاقتصادية. فبينما تسعى بعض المؤسسات إلى جذب أعداد أكبر من الطلبة من خلال تخفيض الرسوم الدراسية، إلّا أن هذا لا يجب أن يكون على حساب جودة التعليم أو التهاون في معايير التقييم. إن التهاون في التقييم يؤدي إلى تخريج طلبة يفتقرون للمهارات الأساسية المطلوبة في سوق العمل؛ مما ينعكس سلبًا على سمعة المؤسسة، ويؤدي إلى هدر الوقت والمال لكل من الطالب والمجتمع؛ بل ويُضعف ثقة أصحاب العمل بمخرجات التعليم العالي.

إنَّ ضمان عدالة وموضوعية تقييم الطلبة يمثل حجر الأساس في بناء منظومة تعليمية قوية تُسهم في إعداد خريجين مؤهلين وقادرين على المنافسة. ويتطلب ذلك التزاماً من جميع الأطراف- من المحاضرين ومنسقي البرامج إلى إدارات الجامعات والجهات الرقابية- بترسيخ ثقافة الجودة الأكاديمية. كما يقع على عاتق الوزارات والهيئات المشرفة على التعليم العالي واجب الرقابة الصارمة وعدم التهاون في تطبيق معايير التقييم، بما يضمن تحقيق المصلحة العامة، وحماية مستقبل التعليم ومخرجاته في خدمة التنمية الوطنية.

** مستشار أكاديمي

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دراسة تحدد معايير جديدة للشفاء من سرطان القولون

دراسة عالمية تحدد ست سنوات كفترة حاسمة لتقييم الشفاء من سرطان القولون، مع انخفاض خطر الانتكاس إلى أقل من 0.5٪. اعلان

أظهرت دراسة دولية أن مرضى سرطان القولون من المرحلة الثانية إلى الثالثة يمكن اعتبارهم قد تم شفاؤهم عمليًا بعد ست سنوات من الجراحة، عندما ينخفض خطر الانتكاس إلى أقل من 0.5٪

وفي دراسة بعنوان "تعريف الشفاء في سرطان القولون"، نشرت في مجلة JAMA Oncology، صمّم الباحثون تحليلًا لفصل الانتكاسات الحقيقية عن الأحداث المنافسة، مثل الوفيات وحدوث أورام أولية ثانية، والتي غالبًا ما تُشوه نسب الانتكاس الظاهرة في الدراسات التقليدية.

منهجية الدراسة

شملت الدراسة 35,213 مريضًا بسرطان القولون من المرحلة الثانية إلى الثالثة، شاركوا في 15 تجربة عشوائية من المرحلة الثالثة بين عامي 1996 و2015. وخضع جميع المشاركين لجراحة جذرية تلتها علاج كيميائي مساعد، مع متابعة متوسطة لا تقل عن ست سنوات.

وأظهرت النتائج أن نسبة الانتكاس بلغت ذروتها عند 6.4٪ بين الشهر السادس والشهر الثاني عشر بعد الجراحة، ثم انخفضت تدريجيًا لتصبح أقل من 0.5٪ من السنة 6.5 وحتى السنة العاشرة. وأكد التحليل أن احتساب الوفيات والأورام الأولية الثانية يضخم نسب الانتكاس، مع تأثير أكبر لدى كبار السن.

Related دراسة: الرياضة ترفع معدلات النجاة من سرطان القولونإيجاد علاج لسرطان القولون وتحديد أنواعه.. من خلال دراسة ملايين العيناتمشروبات السكر تحت المجهر: دراسة تكشف دورها في تسريع انتشار سرطان القولون نتائج حسب الجنس والعمر

سجلت النساء معدل انتكاس أقل عند حساب الوفاة بنسبة خطر بلغت 0.58. أما بالنسبة للعمر، فكانت نسبة الأحداث أعلى لدى المرضى البالغين 40 سنة فما فوق مقارنة بمن هم أقل من 40 سنة، مع نسب خطر متزايدة مماثلة عند 50 و70 سنة. وشهد 9,587 مريضًا أي ما يعادل 27.2٪ من العينة، انتكاسًا موضعيًا أو بعيدًا خلال فترة المتابعة.

ويقدم انخفاض خطر الانتكاس إلى أقل من 0.5٪ بعد ست سنوات معيارًا عمليًا لتعريف الشفاء في سرطان القولون، ما يساعد الأطباء على توجيه المراقبة والمتابعة بشكل أكثر دقة. كما يمكن أن يقلل هذا المعيار من الرقابة الطويلة غير الضرورية ويخفف القلق النفسي لدى المرضى.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • نقابة المهندسين: تحرك قضائي لحماية جودة التعليم الهندسي
  • التعليم العالي: بدء تقديم طلبات القبول الموحد لمرحلة التجسير / رابط + تفاصيل
  • دراسة تحدد معايير جديدة للشفاء من سرطان القولون
  • "التعليم" تطلق مدرستين تعويضيتين لطلبة مدارس قطاع غزة
  • شرط التوازن الحزبي والتعيين النسائي.. معايير اختيار أعضاء الشيوخ 2025
  • عامان على الحرب..العدو الصهيوني يبيد التعليم في غزة
  • الصفدي يبحث مع المسؤول الليبي
  • التعليم العالي تطلق دليلاً إرشادياً لحوكمة التدريب العملي للطلبة
  • التعليم العالي تنشر نتائج امتحان الشامل 2025 في فلسطين